يمكن ملاحظة عبقرية طفلك وذكائه من خلال علامات العبقرية التي سوف تجعل منه فرداً مميزاً بين أقرانه بلا شك؛ حيث تظهر العبقرية (Geniusness) على شكل قدرات فكرية أو إبداعية استثنائية، سواء كانت فطرية منذ ولادة الطفل، أو مكتسبة عبر محيطه وتجاربه (أو كليهما).
العبقرية
بدأت دراسة العبقرية من قِبل علماء النفس في أوائل القرن العشرين، ولا زالوا مستمرين؛ وذلك بقياسها ووصفها بناءً على بعض نتائج اختبارات الذكاء التي تم تطويرها لفهم حالات الأطفال الأكثر ذكاءً أو الموهوبين، ولفهم العبقرية بشكل أفضل؛ إلّا أن ذلك لم يوجد لنا تعريفاً واحداً للعبقرية يمكن الاتفاق عليه. وتعرّف العبقرية بين بعض العلماء على أنها ثروة من الأصالة والإبداع والقدرة على التخيل أو التفكير بطرق ومجالات جديدة. فعلى سبيل المثال، وبغض النظر عما يشوب دراسة العبقرية من تحفظات فلسفية واختلافات نظرية؛ كانت أول درجة يحصل عليها إنسان ذو ذكاءٍ عبقري حوالي 140 - أي بمعدل واحد من كل 250 شخصاً؛ لكن أحد الباحثين البارزين في الأربعينيات من القرن الماضي اقترح أن يكون معدل ذكاء العبقري أكثر من 180 - أي أن يصبح ذلك مقارب لحوالي شخص واحد من كل مليوني شخص.
أسباب العبقرية
هل يمكن لطفلك أن يتمتع بسلوكيات ومهارات ذكاء عبقرية أو فوق المتوسط؟ فيما يلي بعض سمات الذكاء العالي للغاية التي يجب مراقبتها.
لا يعرف العلماء بالضبط ما الذي يجعل شخصاً ما عبقرياً؛ لكنهم يتفقون على احتمالية وجود مكوّن جيني لمستوىً يساهم في ظهور سمات العبقرية لدى طفلك، وهذا أيضاً بجانب احتمالية ظهور العبقرية بسبب بيئة طفلك المحيطة. فعلى سبيل المثال؛ أظهرت دراسة بعنوان "جينات النجاح" (The Genetics of Success)، أن الأطفال الذين أظهروا درجات مرتفعة من حيث عدد الجينات التي لديهم وافتراض ارتباطها بالذكاء، كانوا قد ولدوا لوالِدين أصحاب مرتبة اجتماعية عالية (Socioeconomic Status)، وكانوا أكثر قدرة على اكتساب مهارات القراءة في عمر مبكر، وكانوا أسرع أيضاً من حيث نطق كلماتهم الأولى. وبالمجمل، فمن المحتمل أيضاً وجود تأثير لأنواع معينة من الجينات الموروثة على مقدار القدرة الفكرية لدى طفلك بحيث تساهم بعض الجينات في مدى الدافع أو الحافز على فعل شيء ما والثقة التي يتحلى بها الطفل وبعض السمات الأخرى؛ ما ينعكس على مدى أدائهم في المدرسة أو في الاختبارات التي تتحدى قدراتهم المعرفية والفكرية.
علامات العقل العبقري
هناك بعض السمات الجسدية التي تشترك فيها عقول الأشخاص العباقرة أو الذين يتمتعون بذكاء شديد مثل:
- حجم الدماغ الكبير؛ حيث تُظهِر لنا عمليات مسح الدماغ أن الأشخاص الموهوبين أو العباقرة لديهم مادة رمادية أكثر في الدماغ، ويُعتبر هذا الجزء من دماغ الإنسان مسؤولاً عن حوسبة المعلومات ومعالجتها. وبالتالي تكمن أهميته في توجيه الانتباه والذاكرة واللغة والإدراك والتفسيرات المنطقية لما حولنا؛ وذلك عكس الخرافات الشائعة التي تتحدث عن عدم ارتباط الذكاء والتفكير بحجم المخ.
- زيادة النشاط العصبي في الدماغ؛ حيث يُظهِر الأفراد الموهوبين أو العبقريين عادةً نشاطاً أكبر في المادة البيضاء المكونة للدماغ. وتعرف المادة البيضاء لأنها مسؤولة عن الاتصال بين أجزاء مختلفة من دماغ الإنسان، ولذلك يبدو أن الأدمغة العبقرية أفضل من حيث قوة نشاط خلاياها العصبية؛ وبالتالي تعمل بنسق سريع ومعقد للغاية.
- زيادة الحساسية الحسية والمعالجة العاطفية؛ حيث يمكن للعقول العبقرية أن تعمل باستمرار تحت ما يُسمى "قدرة التحفّز الفائق" (Superstimulability). فعلى سبيل المثال؛ بعض الأدمغة العبقرية حساسة للغاية لمشاعر الآخرين؛ ما يمكّن أصحابها في التواصل بشكل أفضل مع الآخرين لكنه أيضاً يعرضهم للإجهاد والتعب في بعض الأحيان.
علامات العبقرية لدى الأطفال
هناك العديد من العلامات المختلفة للعبقرية عند الأطفال، ويُطلق عليهم معاً في كثير من الأحيان اسم الموهبة، ومن المهم إدراك عدم وجود عقلين لشخصين متماثلين - حتى التوائم ومن الممكن أن يُظهِر العباقرة الصغار باختلافهم سمات مميزة، وفي ظل عدم وجود قائمة مرجعية رسمية لعلامات العبقرية؛ هنا جمعنا بعض العلامات التي سوف تظهر غالباً على طفلك العبقري:
- حاجة طفلك الماسة إلى التحفيز الذهني والمشاركة الاجتماعية.
- قدرة طفلك على تعلم الموضوعات الجديدة بسرعة فائقة.
- قدرة طفلك على معالجة المعلومات الجديدة والمعقدة في وقت قصير.
- رغبة طفلك في استكشاف مواضيع معيّنة بعمق.
- فضول طفلك الذي لا يمكن إشباعه؛ والذي يظهر في كثير من الأحيان من خلال الكثير من الأسئلة.
- معرفة طفلك للمواد التعليمية في المستويات التي تفوق مستواه.
- عمق عاطفة طفلك وحساسيته الحسية.
- حماس طفلك المتعلق بمواضيع أو اهتمامات فريدة.
- روح الدعابة الناضجة أو الفريدة لدى طفلك.
- إبداع طفلك وقدرته على اكتشاف حلول إبداعية للمشاكل.
- أن يكون طفلك سريع التعلّم.
- وعي طفلك الكبير مقارنةً مع الأطفال الآخرين بالذات، وفضوله تجاه المواقف الاجتماعية والقضايا العالمية.
هل طفلك موهوب؟
كما قلنا سابقاً؛ تقيّم بعض الاختبارات المعيارية ما إذا كان طفلك موهوباً أم يُعتبر عبقرياً. يتضمن التقييم الكامل اختباراً موحداً لقياس قدراته الفكرية وملاحظات حول كيفية تفاعله في بيئة الفصل الدراسي. فعلى سبيل المثال؛ إن كان طفلك موهوباً، فسوف يتم توجيهك ككل أولياء أمور الأطفال الموهوبين لتنفيذ توصيات حول كيفية مساعدة طفلك على الازدهار، مع تقديم النصائح أيضاً لمعلّميه. لذا احرص على التحدث إلى مدرسة طفلك حول الموارد التعليمية المتاحة في مجتمعك الصغير، وما إذا كنت تريد إجراء أي من الاختبارات أو التقييمات السابق ذكرها لطفلك.
في النهاية؛ جدير بالذكر أن هناك أيضاً تداخلات بين طيف التوحد والذكاء الشديد، فكل عقل وكل شخص مختلف بشكل مميز؛ ومن ذلك لا تحمل العبقرية شكلاً واحداً يمكن تعميمه. احرص على أن تتواصل مع النظام التعليمي المحلي، أو الطبيب الذي يشرف على حالة طفلك، للحصول على مزيد من المعلومات إذا كنت تعتقد أن لديه أي من علامات العبقرية المحتملة.