من المدرسة إلى الجامعة: كيف نقوي المرونة النفسية عند الطلبة الجدد؟

3 دقيقة
المرونة النفسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

تنتظر الطلاب مغامرة مثيرة عند انتقالهم من المدرسة إلى الجامعة؛ ولكن هذه الرحلة مليئة بالتحديات والتجارب الجديدة؛ ففي حين يوفر لهم هذا التحول سبلاً للنمو والتعلم، فقد يواجهون بعض الصعوبات المرهقة.

تتضمن جامعات دولة الإمارات العربية المتحدة مزيجاً رائعاً من الثقافات المتنوعة؛ إذ ازداد عدد الطلاب الأجانب في البلاد مع ظهور الجامعات العالمية. وفقاً لأرقام هيئة المعرفة والتنمية البشرية (KHDA)؛ شهدت معاهد التعليم العالي في دبي نمواً سنوياً في معدلات الالتحاق بلغ 8%.

يمكن أن تكون فكرة العيش في بلد أجنبي صعبة على الطلاب، فالتغييرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية التي يمرون بها قد تصيبهم بالتوتر والقلق، بالإضافة إلى أنهم يواجهون أغلب الأحيان صعوبات في التعامل مع بيئات تعليمية جديدة؛ ما قد يشعرهم بالعجز ويصيبهم بتقلبات عاطفية.

تكشف الدراسات التي نشرها موقع ساينس دايركت ( ScienceDirect) أن نحو 25% من الطلاب الجامعيين في الإمارات العربية المتحدة يظهر عليهم أحد أعراض الاكتئاب، ويعاني عدد ملحوظ منهم توتراً مزمناً، ويمكن أن يتفاقم هذا التوتر بسبب الضغوط الدراسية وحالة الاستقلالية غير المألوفة لدى الطالب والضغط الذي يعانيه ليتأقلم اجتماعياً. لذلك؛ من المهم جداً تنمية المرونة النفسية لدى الطلاب حتى يتمكنوا من الازدهار والنجاح في البيئة الجامعية الدائمة التطور.

ما هي المرونة النفسية؟

تعني المرونة النفسية قدرة الفرد على التأقلم مع التوتر والتعامل مع حالات عدم اليقين وتحديات الحياة بفعالية، وتمثل العقلية المرنة ميزة مهمة لأنها تحدد قدرة الفرد على الصمود في الشدائد والنهوض والحفاظ على رفاهته ليتابع العمل على تحقيق أهدافه.

كشفت دراسة حديثة نشرها موقع دوف ميديكال بريس ( Dove Medical Press)، أن اضطرابات القلق هي أهم مشكلات الصحة النفسية التي تصيب طلاب الجامعات في دولة الإمارات العربية المتحدة. علاوة على ذلك، تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع في نسبة الإصابة باضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب بين الشباب على مستوى العالم، وترتفع قابلية الإصابة بهذه الاضطرابات بين طلاب الجامعات.

تدعم مؤسسة ريسيرتش سكوير (ResearchSquare) البحثية حقيقة انتشار اضطرابات القلق بين الطلاب في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ما يؤكد الحاجة الملحة إلى إجراء أبحاث موسعة في هذا المجال، وفي مجال تحديات الصحة النفسية في البلاد عموماً. وينبغي للجامعات والمؤسسات التعليمية وضع استراتيجيات لتعزيز المرونة النفسية بين طلاب الجامعات، وخاصة عند الانتقال من المدرسة إلى التعليم العالي.

كيف ننمي المرونة النفسية لدى الطلاب؟

من المهم تطوير الوعي الذاتي لدى الطالب ليتخذ قرارات عقلانية، يجب أن يعي مكامن ضعفه وعواطفه ومواطن قوته ليتمكن من التعامل مع التحديات التي تواجهه. بالإضافة إلى ذلك، حينما يكون الطالب محاطاً بالداعمين وأفراد الأسرة والمرشدين فإنه يحصل على التشجيع الذي هو بأمس الحاجة إليه، ويتوصل إلى استراتيجيات للتكيف واتخاذ القرارات.

ثمة ممارسات تعزز الرفاهة العامة وتخفف التوتر، مثل التمارين الرياضية واليوغا والتأمل والتنفس العميق، ويعاني الطلاب غالباً مشكلة عدم انتظام النوم في المرحلة الجامعية، لكن تحسين جودة النوم جزء أساسي من تعزيز المرونة النفسية؛ إذ أظهرت الأبحاث أن عدم الحصول على 8 ساعات من النوم في المتوسط ​​قد يؤثر سلباً على العمليات المعرفية؛ ومن ثم ينبغي وضع موعد ثابت للنوم ومنحه الأولوية.

يجب أيضاً أن يقسم الطالب أيضاً أهدافه الأكاديمية والشخصية إلى مهام وجداول زمنية يمكن التحكم بها ليحقق أهدافه، وأن يحتفل بالإنجازات الصغيرة خلال ذلك ويعدّل هذه الأهداف حسب الحاجة ليحافظ على همته وتركيزه. وينبغي ألا يتردد الطالب أبداً في التواصل مع المستشارين الجامعيين أو المتخصصين في الصحة النفسية أو مجموعات الدعم إذا كان يعاني التوتر أو القلق أو أي مخاوف أخرى تتعلق بالصحة النفسية، فطلب المساعدة علامة قوة وليس علامة ضعف.

من الضروري كذلك أن يتعرف الطالب في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الاختلافات الثقافية؛ إذ يمكنه التعلم من أشخاص ذوي خلفيات وثقافات ووجهات نظر متنوعة، والمشاركة في الأنشطة التي تجمع هذه الثقافات. ومن المهم أن يحترم الطالب الثقافات والآراء الأخرى، وأن يكون على دراية بالقواعد الثقافية والعادات المتبعة في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى لو كانت مختلفة عن ثقافته وعاداته.علاوة على ذلك، يجب أن يتحاور الطلاب بانفتاح في حالة وجود أي نزاع وأن يتواصلوا باحترام فيما بينهم.

تنمية المرونة النفسية في سبيل تحقيق النجاح

عندما يبدأ الطلاب رحلتهم من المدرسة إلى الجامعة في الإمارات العربية المتحدة، تصبح تنمية المرونة النفسية أمراً ضرورياً لمواجهة التحديات واغتنام الفرص. المرونة النفسية هي سمة تعود بالنفع على الطلاب ليس فقط في الجامعة، ولكن في كل جانب من جوانب الحياة.

ومن خلال تطوير الوعي الذاتي وبناء شبكة دعم وممارسة تقنيات التأقلم الإيجابية، يمكن للطلاب في الإمارات العربية المتحدة خوض التجارب المثرية التي تقدمها الجامعات وتحقيق النجاح على المستوى الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي. خلاصة القول إذاً هي أن تضافر جهود الأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمع الأوسع يسمح للطالب بشق طريقه نحو تحقيق النجاح على المستوى الأكاديمي والشخصي.