"نحن نتعلم باستمرار من أخطائنا". هذه الحكمة الشهيرة في ميدان التنمية الذاتية تدعونا إلى الاحتفاء بإخفاقاتنا، لكن ألا تؤدي إلى نتائج عكسية؟ فإذا كان بعض الأشخاص يفضل إنكار أخطائه بدلاً من الاعتراف بها، فإن البعض الآخر يجد في المقابل صعوبة في التساهل مع نفسه.
يفتقر هؤلاء الأشخاص المتشبثون بقناعاتهم ومعتقداتهم إلى الفطنة في التعامل مع واقعهم الشخصي. والسبب في ذلك هو أن مجتمعنا المهووس بالكمال لم يعد يسمح بالخطأ. حتّى عندما نفشل نحاول إعطاء تفسير منطقي لهذا الفشل، وقد نعاقب أنفسنا رغماً عن أنوفنا ونعُدّ هذا الخطأ "درساً مفيداً".
محتويات المقال
كيف يساعدك التعاطف مع الذات على التعلم من أخطائك؟
وفقاً للمختصة في علم النفس العصبي برينيه براون (Brené Brown) فإن التشكيك المستمر في الذات ليس هو الحل. تقول في مدونتها الصوتية آنلوكينغ آس (Unlocking Us): "التعاطف مع الذات أساس القوة النفسية، فالأشخاص الأقوياء نفسياً يظلون كذلك لأنهم لا يغرقون بسهولة في الشعور بالعار أو نقد الذات أو كراهيتها".
وقد أكد باحثون في دراسة أجرتها جامعة ستانفورد (Stanford University) هذه الفرضية. وفقاً لهذه الدراسة الأميركية فإن التعاطف مع الذات بديل فعال للنقد الذاتي. يوضح الباحثون: "على الرغم من أن مصطلح التعاطف مع الذات يبدو قريباً من معنى الضعف، فإنه يمثل في الحقيقة سرّ المرونة والقوة في مواجهة الفشل، والقدرة على التعلم من الأخطاء والنهوض من جديد بحماس أكبر". في هذا السياق تنصح المختصة في علم النفس العصبي جودي هو (Judy Ho) في تصريح لقناة سي إن بي سي (CNBC) بممارسة التعاطف مع الذات.
اقرأ أيضاً: طريقة فعالة تمكنك من التعامل مع الانفصال عن مشاعرك في دقائق
3 خطوات تساعدك على ممارسة التعاطف مع الذات
راجع أفكارك: إذا لاحظت أن سلوكك غير متوافق مع إحساسك، فعليك أن تسأل نفسك: ما هي الأدلة التي تؤكد عواطفك السلبية وما هي الأدلة التي تتعارض معها؟ سجل الإجابات في عمودين وقارن بينهما. عادة ما تكون الأدلة المؤيدة أكثر من المعارضة وفقاً للمختصة في علم النفس العصبي.
احرص على اتباع نهج "نعم ولكن": بدلاً من لوم نفسك دون توقف على فشل مشروعك الذي لم يكتمل مثلاً، ركّز على النصف الممتلئ من الكأس. حاول أن تكتم الصوت الداخلي الذي يزعجك واختر خطاباً أكثر تعاطفاً مع ذاتك مفاده: "نعم، كنت أود أن يكتمل هذا المشروع، لكنني استمتعت بالعمل عليه".
صنّف مشاعرك باعتبارها "فكرة": عندما تسيطر عليك أفكارك السلبية فتذكّر أنها ليست دائماً موضوعية. توضح جودي هو: "يغير هذا الأمر علاقتك بأفكارك لأنك ستقول مثلاً: إنها مجرد فكرة في ذهني وليس من الضروري أن تكون حقيقية".
يجب ألّا ننسى في النهاية أن الخطأ جزء من الطبيعة البشرية. يقول المختص النفسي جان فرانسوا فيزينا (Jean- François Vézina): "لو لم ترتكب البكتيريا بعض الأخطاء، لما كنا هنا على الأرجح". ويوضح أن ظهور الحياة هو نتاج حادث في الصمت الكوني العظيم. لذا؛ فإن "زلاتنا" الكبيرة أو الصغيرة ليست خللاً في أدائنا العقلي الذي نفترض أنه يجب أن يكون نموذج خط متواصل ومستمر دون تعثّر، بل هي عكس ذلك تماماً: إن هذه الزلات تمثل جوهر هذا الأداء العقلي والتعبير الخالص عنه.