هل تقع في الحب بسرعة وسهولة؟ ربما تكون مصاباً بالإيموفيليا

4 دقيقة
الإيموفيليا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لديّ هواية سرية تلازمني منذ سنوات الطفولة وامتدت حتى يومي هذا؛ وهي أني أحب جداً مشاهدة الأعمال الفنية الرومانسية وقراءة روايات الحب. ولهذا؛ لديّ معرفة واسعة بالحب الرومانسي، وكيف ينشأ ويتطور، وأيضاً كيف ينتهي؛ لكن ماذا عن الأشخاص الذين يقعون في الحب سريعاً وبسهولة؟ إنهم غالبأ ضحايا الإيموفيليا التي سنتعرف إليها في هذا المقال.

يشغل الحب الرومانسي تفكير الكثير من الأشخاص؛ وهو ما يتجلى بوضوح في الأفلام السينمائية والكتب والروايات الأدبية، ويمكن وصف هذا الحب بأنه عاطفة تستهدف فرداً آخر وتتضمن ميولاً سلوكية ومعرفية تشمل الانجذاب الجسدي والحميمية وتقديم الرعاية. والحقيقة أن الوقوع في الحب يختلف من فرد إلى آخر؛ بعض الأفراد يجدو صعوبة في العثور على علاقة عاطفية؛ وفي المقابل ينجرف بعض الأشخاص في علاقات الحب بصورة سريعة للغاية، وهؤلاء الأشخاص قد يكونون مصابين بالإيموفيليا، فما المقصود بها؟ وكيف تحدث؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هي الإيموفيليا (Emophilia)؟

هل تقع في الحب بسرعة؟ هل سبق أن قابلت شخصاً للمرة الأولى وفكرت أنه توأم روحك؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون مُصاباً بالإيموفيليا. ويؤكد المختص النفسي، طه عبد العزيز، إن الإيموفيليا هي الميل إلى الوقوع في الحب بسرعة وسهولة وبطريقة متكررة، إلى درجة أن المصابين بها يحبون حالة "الوقوع في الحب"، وفي السابق كانت الإيموفيليا تُعرف باسم "الفوضى العاطفية".

وعادة ما ينظر المصابون بالإيموفيليا إلى العلاقات على أنها مصدر للإثارة والبهجة والمتعة؛ ولهذا فإنهم قادرون على الانتقال من علاقة إلى أخرى؛ لكنهم لا يركضون إلى الحب بحثاً عن تعزيز هوياتهم، ولا خوفاً من الوحدة، ولا لأنهم يشعرون بالقلق والفراغ العاطفي؛ إنما يبحثون عن تجارب جديدة تحفزهم رومانسياً. ويمكن القول إن الإيموفيليا ليست اضطراباً نفسياً أو حالة صحية يمكن تشخيصها؛ ولكن المستويات العالية منها يمكن أن تؤدي إلى ممارسة سلوكيات محفوفة بالمخاطر، وخلل في التنظيم العاطفي، واضطراب في العلاقات.

6 علامات للإصابة بالإيموفيليا

توضح الطبيبة النفسية، باتريس لو غوي (Patrice Le Goy)، إن هناك العديد من العلامات التي تؤكد إصابتك بالإيموفيليا؛ ومنها على سبيل المثال:

  1. تظهر لديك مشاعر حب قوية تجاه شخص قابلته للتو.
  2. تتجاهل العلامات التحذيرية التي تخبرك إنك مع شريك سام أو غير مناسب.
  3. تنخرط في ممارسة سلوكيات خطرة. 
  4. تنجذب إلى عدة أشخاص في الوقت نفسه.
  5. تتجاوز حالات الانفصال بسرعة وسهولة.
  6. تخاف البقاء وحيداً.

اقرأ أيضاً: 5 إرشادات تدلك إلى الحب الحقيقي

لماذا يُصاب البعض بالإيموفيليا؟

لا يوجد سبب محدد ومعروف للإصابة بالإيموفيليا؛ لكن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد فرص الإصابة بها؛ مثل:

  • اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ: عندما تقع في الحب، يفرز دماغك هرمون الدوبامين؛ ما يخلق حالة من البهجة والمشاعر القوية. ويمكن القول إن الدوبامين هو المسؤول عن حالة النشوة البهيجة التي تصاحب المراحل الأولى من العلاقة الرومانسية؛ حيث إنه يؤدي إلى مشاعر الإثارة والسعادة والشعور بالطاقة، والأشخاص المصابون بالإيموفيليا لديهم خلل واضح في مستويات الدوبامين بالمخ؛ وهذا ما يجعلهم في حالة بحث دائم وحثيث عن مشاعر الإثارة المرتبطة بالحب، ناهيك بأنهم يكونون مهووسين بقضاء الوقت مع الأشخاص الذين يحبونهم.
  • الاختلافات الثقافية: نشرت مجلة فرونتيرز إن سايكولوجي (Frontiers in Psychology)، دراسة علمية حديثة في أبريل/نيسان 2024، أكدت من خلالها أن الإيموفيليا قد تحدث بسبب الاختلافات الثقافية؛ حيث تختلف طريقة التعبير عن الحب كثيراً بين الشعوب، فهناك شعوب عاطفية يقع أفرادها في الحب بسرعة وهناك شعوب عقلانية.
  • الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة: قد يؤثر الإهمال العاطفي خلال الطفولة في علاقاتك الرومانسية في الكبر، ويمكن تعريف الإهمال العاطفي بأنه الفشل في تلبية الاحتياجات الجسدية أو النفسية الأساسية للأطفال، فحين تكون طفلاً ولا يستجيب أحد إلى حاجتك إلى الحب وتلقي الاهتمام والرعاية، قد تجد صعوبة في التعرف إلى مشاعر الآخرين وفهم مشاعرك.

وغالباً ما يُشار إلى هذا الأمر باسم "خلل التنظيم العاطفي"، وفي هذا السياق، تشرح المختصة النفسية، راشيل كابلان (Rachel Kaplan)، إن الأطفال الذين لا يتلقون الحب في الصغر لا يعرفون التعامل مع مشاعرهم في الكبر؛ وذلك لأن نمذجة السلوك أو تقليد الآخرين إحدى الطرائق الرئيسة التي يتعلم بها الأطفال عن العالم، وبسبب هذا الخلل في التنظيم العاطفي؛ قد يصبح الشخص أكثر عرضة إلى الإصابة بالإيموفيليا. 

كيف تختلف الإيموفيليا عن نمط التعلق القلِق؟

نمط التعلق القلِق هو آلية دفاعية تجعل الأشخاص يشعرون بالقلق الشديد فيما يخص علاقاتهم بالآخرين؛ ومن ثَمّ فهو يرتبط بالشعور بالعوز وانعدام الأمن والخوف العميق من الهجر وانخفاض تقدير الذات، وغالباً ما تكون لدى الأفراد الذين يعانون التعلق القلق حاجة قوية إلى الحب والطمأنينة في علاقاتهم، وقد يسعون دائماً إلى الحصول على الطمأنينة من شركائهم، خوفاً من الرفض والتشكيك في قيمهم الخاصة.

على الجانب الآخر، تنطوي الإيموفيليا على الوقوع السريع في الحب؛ ما يخلق اتصالاً عاطفياً سريعاً ومكثفاً؛ ويمكن أن يؤدي هذا إلى وجود مشاعر رومانسية قوية والتركيز الشامل على الشريك الجديد. وفي حين أن التعلق القلق والإيموفيليا قد يتشاركان في بعض أوجه التشابه مثل الرغبة في الحب والتواصل؛ إلا أن مظاهرهما ودوافعهما الأساسية مختلفة تماماً؛ حيث ينبع التعلق القلق من مخاوف عميقة الجذور وانعدام الأمن في حين أن الإيموفيليا متجذرة في الميل إلى الترابط العاطفي السريع والمكثف والبحث عن المتعة أملاً في الحصول على المكافأة ودفقات الدوبامين.

اقرأ أيضاً: 5 إرشادات فعالة للتغلب على التعلق القلق

4 إرشادات للتعافي من الإيموفيليا

يمكن للإيموفيليا أن تجعل العلاقات الرومانسية مليئة بالمشكلات، وتجعل الشخص يقفز من علاقة إلى أخرى بوتيرة سريعة للغاية؛ وذلك لأن الاندفاع الأولي للمواد الكيميائية التي تساعد على الشعور بالسعادة لا يستمر فترة كافية للحفاظ على علاقة طويلة الأمد. ودون التعافي من الإيموفيليا، يمكنك أن تعيش الحياة وتقع في حب عدد لا نهاية له من الأشخاص، أو تظل عالقاً في علاقات غير صحية. وحتى تتعافى من الإيموفيليا، عليك اتباع الإرشادات التالية: 

  • تقبل مشاعرك: أول شيء عليك أن تفهمه هو أن تتقبل ذاتك كما هي؛ لا داعي للإحساس بالخجل أو الإحراج من ميلك إلى الوقوع في الحب بسرعة. تقبل مشاعرك، وقبل أن تعترف بالحب للطرف الآخر، خذ الوقت الكافي من أجل التعرف إليه أولاً، والأهم من ذلك، لا تخف أن تكون صادقاً بشأن مشاعرك. 
  • اتبع نهجاً عملياً في العلاقات الرومانسية: يقع الشخص المصاب بالإيموفيليا في دوامة من المشاعر العاطفية القوية التي يمكن أن تؤثر في حكمه ونظرته إلى الطرف الآخر؛ ولهذا فور أن تتحرك مشاعرك صوب أحد الأشخاص، طوّر نهجاً عملياً لحياتك الرومانسية من خلال كتابة يومياتك عن اللقاءات والمشاعر الرومانسية التي تنتابك خلال هذه اللقاءات. انتبه إلى كيفية تطور مشاعرك مع مرور الوقت، واحرص على عدم المبالغة في إضفاء صفات مثالية على الشريك، وحاول قدر الإمكان الحفاظ على رؤية واقعية للعلاقة، وتأكد أن هذا الشريك مناسب لك.
  • لا تنسَ الاعتناء بنفسك: وذلك من خلال تخصيص وقت لممارسة الهوايات أو الاهتمامات التي تجعلك سعيداً، وإلى جانب ذلك، مارس تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل، واحصل على قسط وافر من الراحة، وتأكد أن الاعتناء بنفسك سيمكّنك من التعامل مع التحديات المرتبطة بالإيموفيليا على نحو أفضل، وسيسهل عليك إدارة مشاعرك في المستقبل.
  • احصل على الدعم من المقربين: من المهم أن يكون لديك نظام دعم قوي يشمل الأصدقاء المقربين والعائلة، ويمكنك ايضاً طلب المساعدة والمشورة من طبيبك النفسي المختص، وقبل الانخراط في أي علاقة، عليك التحدث إليهم أولاً وذلك حتى لا تنخرط في علاقات غير صحية.