انتهت العلاقة، فهل تتخلص من ذكرياتكما؟ إليك آراء الخبراء

5 دقيقة
التذكارات المشتركة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: عندما تنتهي العلاقة، ما الذي يجب فعله بالتذكارات المشتركة؟ يمكن لهذه الأشياء أن تكون تذكيراً حلواً ومراً بالحب الماضي؛ الأمر الذي قد يثير المشاعر المعقدة. فهل من الأجدى الاحتفاظ بها أم التخلص منها؟ إليك الإجابة العلمية.

تلك الصور الفوتوغرافية ورسائل الحب والهدايا والتذكارات المشتركة. هذه العناصر، التي كانت ذات يوم رمزاً للمودة والذكريات العزيزة، قد تتحول بسرعة إلى محفزات مؤلمة للخسارة ووجع القلب بعد الانفصال. فهل ينبغي الاحتفاظ بها أم التخلص منها؟

في الواقع، ليس الأمر بتلك البساطة كلها، فمن ناحية، قد يبدو التمسك بها تشبثاً بالماضي؛ ما يمنع الشفاء العاطفي. ومن ناحية أخرى، قد يبدو التخلص منها محواً لفصل مهم من حياة المرء. فما الحل؟ حسناً، سنحاول في هذا المقال إجابة هذا التساؤل وفقاً للخبراء في علم النفس، بالإضافة إلى توضيح بعض النصائح الفعالة التي ستساعدك على المضي قدماً بعد الانفصال.

اقرأ أيضاً: تجنب الخلط بين هذين الشعورين بعد الانفصال

هل ينبغي التخلص من ذكرياتكما بعد الانفصال؟

من المهم عند التعامل مع الذكريات والهدايا التذكارية بعد الانفصال، أن تراعي تأثيرها في صحتك العاطفية. ففي حين يجد البعض العزاء في التمسك بالتذكارات، فقد يشعر البعض الآخر بالثقل بسببها. لكن بناءً على الأبحاث، فإن الاحتفاظ بالذكريات المشتركة يؤخِّر عملية الشفاء.

حيث وجدت دراسة منشورة في مجلة العلاقات الاجتماعية والشخصية (Journal of Social and Personal Relationship) عام 2020، أن الاحتفاظ بالصور الفوتوغرافية والرسائل والتذكارات الرقمية يعوق عملية التأقلم بعد الانفصال؛ إذ إنها تصعّب على الأشخاص إدارة الذكريات العلائقية الخاصة بالعلاقة السابقة، من لحظات عاطفية وأحداث مهمة ومحادثات وتفاعلات، والتعامل معها.

وتوضح عالمة النفس في كلية لو ميون في نيويورك (Le Moyne College)، كريستين باتشو (Krystine Batcho)، إنه غالباً ما يكون التخلص من هذه التذكرات أو إخفاؤها مفيداً من أجل تسهيل عملية الشفاء؛ لكن ومع ذلك، قد تكون بعض التذكارات أحياناً أدوات للنمو الشخصي؛ إذ قد تساعد الأفراد على التفكير في ذواتهم الحقيقية والدروس المستفادة من العلاقة.

حيث يمكن لهذا التفكير أن يعزز المرونة العاطفية ويهيِّئ الشخص لعلاقات مستقبلية أكثر صحة. لكنها تعتقد أيضاً أن قرار الاحتفاظ بالتذكارات أو التخلص منها يتعلق بكيفية تأثيرها في الحالة العاطفية والنمو الشخصي، فإذا كانت توفِّر الراحة وتساعد على اكتشاف الذات، فقد تكون مفيدة، أما في حال كانت تثير الألم وتعوق المضي قدماً، فمن الأفضل التخلص منها أو على الأقل وضعها في صناديق وإبعادها عن النظر. فالبعيد عن العين بعيد عن القلب، صحيح؟

اقرأ أيضاً: 5 خطوات للانفصال بلطف

6 نصائح تساعدك على تجاوز ألم الانفصال

بالإضافة إلى التخلص من التذكارات، ثمة بعض الخطوات الأخرى التي قد تساعدك على تجاوز ألم الانفصال والمضي قدماً؛ وإليك أهمها:

1. احترم رغبة الشريك

من المفهوم أن تكون مشاعر الرفض التي تختبرها مؤلمة ومخيفة وكأن الحياة فقدت مغزاها؛ لذا قد تلجأ في البداية إلى إصلاح ما كُسر واستعادة ما فُقد؛ لكن في كثير من الأحيان قد لا تكون المصالحة ممكنة.

في هذه الحالة، عليك أن تقاوِم الرغبة في التوسل إلى شريكك السابق لإعادة النظر في الانفصال؛ إذ إن توسّلك سيخفض احترامك لذاتك، ومن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى علاقة صحية متبادلة. بدلاً من ذلك، فكِّر في الأسباب التي قد تجعل الانفصال مفيداً؛ مثل الاختلاف في القيم أو أنماط الحياة أو عدم التفاهم.

ويوضح هذه النقطة المعالج النفسي، أحمد هارون، قائلاً إن الانفصال قد يكون أفضل من الوجود في علاقة تضر النفس، وإن تفضيل الشخص لمصلحته الشخصية في حال كان الارتباط غير مجدٍ سلوك يسهم في تعزيز صحته النفسية.

اقرأ أيضاً: كيف تحوّل محنة الانفصال إلى منحة؟

2. حاول أن تفهم سبب الانفصال لكن لا تكثر الأسئلة

لا بأس أن تسأل شريكك السابق عن الأسباب الأساسية للانفصال؛ فالحصول على بعض الإجابات قد يكون مفيداً في اكتساب نظرة ثاقبة إلى سلوكك وتحسين علاقاتك المستقبلية. ومع ذلك، تجنب طرح الكثير من الأسئلة، حتى لا تربك نفسك، فقد لا تكون للأسئلة كلها إجابات واضحة.

عموماً، عليك أن تتذكر أن الشفاء العاطفي الحقيقي وإدراك ما حدث يتحقق من خلال تأملك الذاتي ونموك الشخصي؛ إذ وعلى الرغم من أن الشريك السابق قد يقدم بعض الإجابات، فإن التعافي والقبول الأعمق يأتيان من جهودك الخاصة.

3. تجنّب الاتصال

من الأفضل قطع الاتصالات جميعها مع شريكك السابق بعد الانفصال، سواء خارج الإنترنت أو عبره. وهذا يعني حذف أرقامه وبريده الإلكتروني وإلغاء صداقته على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن أي تفاعل بينكما قد يطيل عملية الشفاء.

أما فكرة أن "تصبحا أصدقاء"، فليست فكرة جيدة في الوقت الحالي. ربما من الممكن أن يحدث ذلك مستقبلاً، أما الآن فأنتما بحاجة إلى التعافي والتأقلم على نحو منفصل؛ لأن التسرع في الصداقة سيعقّد عملية الشفاء، وقد يسبب ألماً عاطفياً إضافياً.

اقرأ أيضاً: 3 فترات تزيد بها احتمالية انفصال الزوجين

4. اسمح لنفسك بالحزن

ربما تحاول أن تتجنب الحزن خشية الألم؛ لكن قمع الحزن سيؤدي إلى مشكلات نفسية أعمق؛ مثل الاكتئاب والقلق والهوس وضعف الجهاز المناعي. انظر إلى الحزن بوصفه استجابة طبيعية للخسارة، واسمح لمشاعرك، إن كانت عدم التصديق أو الغضب أو الخوف أو الحزن أو التعب أو التوتر أو التشتت، بأن تتدفق دون قمعها ودون إصدار أحكام. احزن بالطريقة التي تريحك، سواء كانت البكاء أو الصراخ أو الاستلقاء على السرير أو أياً يكن.

يمكن لتمارين التنفس العميق والبطيء واليقظة الذهنية أن تهدئ روعك وتساعدك على التعامل مع هذه المشاعر بفعالية؛ لكن في حال لم تستطع التأمل أو التركيز على اللحظة الحالية بسبب الأفكار المتطفلة، فمن المفيد هنا أن تراقب استجاباتك الجسدية؛ أي أن تنتبه إلى الأحاسيس الجسدية التي تصاحب عواطفك؛ مثل غصّة الحلق أو انقباض الصدر أو تشنج اليدين أو الكتفين أو تلك التقلصات الضعيفة في معدتك التي تشبه رفرفة الفراشة؛ ما قد يساعدك على التحكم في الموجات العاطفية دون السماح للأفكار السلبية بالسيطرة عليها.

تدرب على هذه التقنية؛ أي التركيز على أحاسيسك الجسدية، في كل مرة تظهر فيها موجة عارمة من المشاعر؛ ما قد يخفِّف العبء العاطفي، دون أن نتسى أن الشفاء عملية تدريجية دون مواعيد نهائية محددة.

تذكر أنه من المهم الاعتراف بمشاعرك دون قمع أو إنكار؛ لكن دون الانغماس المفرط فيها أيضاً. فإذا كنت لا تستطيع التوقف عن التفكير في شريكك السابق، حاول أن تعيد ضبط أفكارك عن طريق الخروج من المنزل أو زيارة صديق أو تشغيل الموسيقا أو تنفيذ بعض أعمال التنظيف العميق، وخُذ استراحة من الأغاني الحزينة والرومانسية طوال الوقت، وشاهد ما قد يبهجك من أفلام كوميدية وموسيقا مرحة، أو اقرأ روايات غير رومانسية؛ ما قد يساعد على منع الانغماس في دوامة المشاعر السلبية.

اقرأ أيضاً: هل يساعد تعويض علاقة بأخرى على التعافي من ألم الانفصال؟

5. اكتب رسالة لشريكك السابق لكن دون إرسالها

قد تكون هذه الرسالة تمريناً علاجياً؛ إذ يمكنك من خلالها التعبير عن أفكارك ومشاعرك بشأن الانفصال؛ مثل مشاعر المفاجأة أو الإذلال أو حتى الارتياح. اكتب بصراحة كل ما يدور في ذهنك كما لو كان شريكك السابق سيقرؤه؛ لكن لا ترسله لأن إرسال هذا الخطاب العاطفي قد يُشعرك بالندم لاحقاً، ويجعلك تقضي الكثير من الوقت في التساؤل عما إذا كان قد قرأه، وما رأيه فيه، وإن كان سيستجيب. الغرض من هذه الخطوة هو تقليل مشاعر الضيق واختتام القصة من وجهة نظرك الشخصية، وليس التواصل مع شريكك السابق.

يمكنك أيضاً أن تكتب قائمة بأخطاء شريكك السابق، بدءاً من أكبر الأخطاء وصولاً إلى أصغر الصفات التي تزعجك فيه. قد تساعدك هذه الخطوة على إبقاء الأمور في نصابها الصحيح، وتذكيرك بالأسباب التي تجعل إنهاء العلاقة أمراً أفضل.

6. اعتنِ بنفسك

حاول أن تفعل شيئاً من الأنشطة التي تجلب لك الفرح وتساعدك على الشعور بالتحسن كل يوم؛ مثل ممارسة الرياضة، أو رؤية الأصدقاء الداعمين والايجابيين، أو خوض تجربة جديدة، أو حضور حفلة موسيقية، أو شراء ثوب جديد، أو ما إلى ذلك، مع الحرص على أن تنال قسطاً كافياً من النوم وتتبع نظام غذائي صحي ومتوازن.

باختصار، تذكر أن ما لا يقتلك يجعلك أقوى؛ إذ وعلى الرغم من ارتباط الأحداث المؤلمة بالمشاعر السلبية، فإنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تغيير نفسي إيجابي في حياة الفرد وشخصيته، وهو ما يُدعى بـ "نمو ما بعد الصدمة" (Post-traumatic growth). لا يعني هذا أن نمو ما بعد الصدمة سيقلل وطأة ما تمر به، أو ينفي المعاناة والضيق المرتبطَين بالانفصال؛ وإنما يفترض أن الشدائد في بعض الأحيان قد تؤدي إلى تغييرات في فهم الذات والآخرين والعالم.

ختاماً، تذكر أنه في حال عانيت انخفاض الطاقة أو الدافع على نحو كبير أو مدةً طويلة، أو لم تعد تتلذذ بالأنشطة التي كنت تستمتع بها سابقاً، أو أثّر مزاجك في قدرتك في العمل أو أداء المهام اليومية، فمن المهم أن تطلب المساعدة من المختص النفسي.

المحتوى محمي