كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟

2 دقيقة
ظاهرة المقارنة بالآخرين
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: من منّا لم يقارن نفسه من قبل بالآخرين؟ قد نفعل ذلك أحياناً لا شعورياً فنزيد مشاعر معاناتنا وتعاستنا. لن نستطيع التخلّص من هذا السلوك نهائياً لكن بإمكاننا أن نوجّهه لخدمة أهدافنا وتعزيز مكانتنا الاجتماعية، ويبدأ ذلك أولاً بالفهم السليم لأسباب هذه العادة. يقدّم المقال التالي التفسيرات العلمية الدقيقة حول ظاهرة المقارنة بالآخرين وأسبابها وكيفية التعامل معها على نحو إيجابي. إليك التفاصيل.

وقعنا جميعاً في فخّ مقارنة أنفسنا بالآخرين في لحظة من اللحظات، سواء لتقييم نجاحاتنا أو قياس إخفاقاتنا. لكنّ هذا الميل الفطري إلى المقارنة قد يتحوّل أحياناً إلى منافسة مرهقة مع الآخر.

فما هو مصدر هذا السلوك؟ وكيف يمكننا التعامل معه لاستخلاص الدروس المفيدة منه دون السماح له بالسيطرة علينا؟

تبدأ المقارنة منذ الطفولة

ننشأ منذ الطفولة المبكرة على تقييم مكاناتنا الاجتماعية من خلال تفاعلاتنا مع الآخرين. على سبيل المثال يختار الأطفال تلقائياً الارتباط بالأقران الذين يتمتّعون بقدر من الاحترام والتقدير.

يعكس هذا السلوك الرغبة المبكرة في الاعتراف الاجتماعي. هذا التوجّه نحو المكانة الاجتماعية مترسّخ في طبيعة شخصياتنا، ويبدو أنه يؤدي دوراً حاسماً في بلورة حاجتنا إلى البقاء في المجموعة والاندماج فيها.

الحاجة إلى الاعتراف

تجد الحاجة إلى المقارنة جذورها أيضاً في السعي الأزلي إلى انتزاع الاعتراف بمكاناتنا. تاريخياً كان الاعتراف بالمكانة الاجتماعية للآخرين وتحسين مكانة الفرد أمراً ضرورياً لازدهاره في المجتمعات التي تخضع إلى تنظيم هرمي معقد. ليست هذه المقارنات إذاً مسألة غرور فحسب، بل إنّها تلبّي حاجة أعمق إلى الشعور بالأمان والانتماء.

في هذا السياق طرح فريق من الباحثين بجامعة كاليفورنيا في بيركلي (University of California, Berkeley) "فرضية المكانة" في هذه العمليات النفسية. وفقاً لهذه الفرضية فإنّ كلّ ما يصدر عنّا ينطلق من هذا السعي الدائم وراء الاعتراف بالمكانة باعتباره حافزاً بشرياً كونياً، يوجّه العديد من أفكارنا وسلوكياتنا ويقودنا إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين.

المبالغة في تقدير الذات

نميل في الواقع إلى إسناد مكانة ما إلى الآخرين على نحو سريع وتلقائي بالاعتماد على عدّة مؤشرات اجتماعية. لكن هذه التقييمات التي تصدر عنّا لا تكون دقيقة دائماً وقد تقود إلى تصوّرات خاطئة بما في ذلك تلك المتعلّقة بقيمتنا الشخصية. وقد أظهرت دراسة أجراها باحثون مختصّون في علم النفس من جامعة بيركلي أيضاً أنّ تقييم الفرد لمكانته الاجتماعية يكون في الغالب دقيقاً بما يكفي، ومطابقاً لتقييم من حوله على الرغم من ميله إلى المبالغة في تقدير بعض قدراته.

ومن المهم أن نشير أيضاً إلى أنّ المبالغة في تصوّر القدرات الشخصية قد يرفع مكانتنا أحياناً في نظر الآخرين. وقد يؤثر هذا التصوّر المعزّز لقيمتنا الشخصية إيجابياً في ثقتنا وسلوكياتنا، ويمكن أن يدفعنا إلى تبنّي مواقف تزيد تأثيرنا الاجتماعي.

المقارنة من أجل "مكانة" أفضل

أظهر باحثون من جامعة كولونيا الألمانية (Cologne University) عبر سلسلة اختبارات مكوّنة من 12 تجربة شملت 5,500 مشارك أنّ المقارنات "التنازلية" (التي تنطوي على تشويه سمعة بعض الأشخاص لتعزيز المكانة الشخصية) شائعة ولا سيّما في المجال الأخلاقي. إنّ فهم المقارنة الاجتماعية وحسن التعامل معها نهجان ضروريان إذاً لرفاهيتنا وازدهارنا الشخصي، ويساعدان على تحويل سلوكٍ عادةً ما يكون سامّاً إلى أداة نموّ ذاتي.

اقرأ أيضاً: