كيف تحمي نفسك من الإصابة بالخرف في مرحلة الشباب؟‎

5 دقيقة
الخَرَف المبكّر
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: من المعقول بالنسبة إلى شخص في السبعينيات أو الثمانينيات من العمر يعاني مشكلات في الذاكرة والتفكير أن يقلق بشأن إصابته بالخَرَف أو داء آلزهايمر؛ لكن ماذا عن شخص في الأربعينيات أو الثلاثينيات من العمر؟ هل عليه القلق من أن يكون مصاباً بالخَرَف أو داء آلزهايمر؟ في الواقع، الخَرَف المبكّر مرض نادر لكنه قد يحدث بين الشباب، ويعد تشخيصه مبكّراً أمراً مهماً في إدارته؛ إذ يقول الطبيب النفسي أشرف الصالحي، إنه كلما سارع المريض في التعرّف إلى الأعراض ومراجعة الطبيب، زادت فعالية العلاج والقدرة على إدارة الأعراض.

قد تنسى أين وضعت مفاتيحك أو تجد صعوبة في تذكّر الأسماء أو بعض التفاصيل الأخرى، فتقول لنفسك " يا للآلزهايمر!" أو "لا بُد إني أُصبت بالخَرَف!"؛ لكن كيف تعلم إن كنت مصاباً بخَرف مبكّر أو تعاني مشكلة أُخرى تسبب هفوات الذاكرة هذه؟

حسناً، في الواقع، كثير من أعراض الخَرَف المبكّر تبدو كأنها نتيجة لأحداث الحياة المُجهدة؛ لذلك قد يختلط الأمر ما بين الحالتين؛ لكن ونظراً إلى أنه لا يوجد علاج شافٍ لهذا الداء حتى اليوم، فقد يساعد اكتشاف المرض مبكّراً على تحديد خيارات العلاج وإدارة الأعراض على نحو أفضل. لذلك؛ سنخصص هذا المقال لتوضيح علامات الخَرَف المبكّر، وما مدى احتمالية الإصابة به، وبعض النصائح التي قد تقلل خطر الإصابة به.

اقرأ أيضاً: أهم السمات الشخصية التي تحمي من الخَرَف عند التقدم في السن

ما الخَرَف المبكّر؟

في البداية، تنبغي معرفة أن الخَرَف ليس حالة مرضية محددة؛ إنما هو مصطلح يشير إلى مجموعة من الاضطرابات المعرفية التي تسبب ضعفاً في الذاكرة ومعالجة المعلومات والقدرات اللغوية. وعلى الرغم من أنه أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، فإنه قد يصيب الأفراد الأصغر عمراً (في الخمسينيات أو الأربعينيات أو الثلاثينيات من العمر) ويُدعى في هذه الحالة بـ "الخَرَف المبكّر" أو "الخَرَف الشبابي" (Young onset dementia).

السبب الرئيس للإصابة بالخَرَف المبكّر هو داء آلزهايمر؛ إذ وجدت دراسة منشورة في مجلة داء آلزهايمر (Journal of Alzheimer's Disease) عام 2022، أن 55% ممن أُصيبوا بالخَرَف المبكّر كانوا مصابين بداء آلزهايمر؛ في حين أن 11% أُصيبوا بالخَرَف الوعائي، و3% بالخَرَف الجبهي الصدغي، 3% بالخَرَف الناتج من داء باركنسون، و2% بخرف أجسام ليوي.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف تأثير نمط المعيشة في الإصابة بآلزهايمر

ما أسباب الخَرَف المبكّر أو الشبابي؟

ينتج الخَرَف من تلف الخلايا العصبية في الدماغ، وتتوقف الأعراض على المنطقة المصابة من الدماغ، وتتباين آثار الخَرَف من مريض إلى آخر. وعلى الرغم من أن الخبراء لم يستطيعوا حتى اليوم تحديد السبب الأساسي وراء إصابة بعض الأشخاص بالخَرَف في سن مبكّرة، فإن ثمة بعض الأسباب المحتملة مثل:

  • طفرات وراثية: وجود نسختي العنصر المورّث للمرض (APOE).
  • إدمان الكحول: يسبب تلف أجزاء عديدة من الدماغ.
  • العزلة الاجتماعية: عامل خطر رئيس للإصابة بالخَرَف، وعلى الرغم أن الآلية الدقيقة غير معروفة، فقد يكون السبب ناجماً عن أن أدمغة البشر تطورت إلى حد كبير من أجل التفاعلات الاجتماعية؛ ومن ثَمّ فإن الأفراد الذين يمتلكون تفاعلات اجتماعية أقل، لا يستخدمون أدمغتهم بما يكفي للحفاظ على صحتها.
  • نقص فيتامين د: يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة بمزيد من الالتهابات الفيروسية، وقد وُجد أن بعض أنواع العدوى الفيروسية تزيد خطر الإصابة بالخَرَف.
  • الإصابة ببعض الأمراض: مثل اضطرابات السمع، أو السكتات الدماغية التي تلحق الضرر بالدماغ على نحو مباشر، أو أمراض القلب التي تعد عامل خطر رئيساً للإصابة بالسكتات الدماغية.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تكشف أهم 15 عاملاً يزيد خطر الإصابة بالخَرَف المبكّر

ما علامات الخَرَف الشبابي؟

يُشار إلى أنه لا يوجد شخصان مصابان بالخَرَف المبكّر يعانيان الأعراض نفسها حتى لو كانا في العمر نفسه؛ لكن وُجد أن الأفراد المصابين بداء آلزهايمر المبكّر يعانون في كثير من الأحيان أعراضاً غير نمطية؛ أي أنهم لا يختبرون في البداية فقداناً كبيراً في الذاكرة؛ وهو العرض الكلاسيكي المميز لداء آلزهايمر، ولا يبدأ تطور مرضهم بأعراض النسيان؛ إنما يعاني بعض هؤلاء أعراضاً بصرية؛ أي فقدان الرؤية المحيطية مع الاحتفاظ بما يسمى بـ "الرؤية النفقية"، بالإضافة إلى ضعف إدراك العمق، وعدم القدرة على التعرف إلى الوجوه، وضعف القدرة على التحدث أو صعوبة في إيجاد الكلمات المناسبة في أثناء الحديث.

صورة توضح الرؤية النفقية
shutterstock.com/Tunatura

وتمثّل هذه الأعراض غير العادية أحد أكبر التحديات في عملية التشخيص؛ إذ كثيراً ما يُشخص المريض على نحو خاطئ، خصوصاً التشخيص بأحد الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب؛ ما يؤدي في النهاية إلى عدم حصوله على الرعاية والإرشاد الذي يحتاج إليه. ويُذكر إن مرض آلزهايمر المبكّر يتطور على نحو أسرع بكثير من داء آلزهايمر الذي يحدث في مرحلة الشيخوخة. عموماً، ونتيجة اختلاف الأعراض من شخص إلى آخر؛ فمن المهم التعرف إلى بعض الأعراض التي تميز الخَرَف المبكّر؛ مثل:

  • النسيان المستمر: يظهر ذلك في نسيان التواريخ أو الأحداث المهمة، والأسئلة المتكررة، والحاجة إلى تذكيرات متكررة.
  • صعوبة التخطيط وحل المشكلات: بوجود صعوبة في تنظيم المهام أو إدارة الشؤون المالية أو التعامل مع الأرقام.
  • صعوبة إكمال المهام المألوفة: ومن ذلك صعوبة أداء الأنشطة الروتينية أو المهام التي تتطلب تركيزاً أو تفكيراً نقدياً.
  • صعوبة تحديد الزمان أو المكان: مثل عدم القدرة على تتبع التواريخ، أو سوء فهم مرور الوقت، أو الضياع حتى في الطرق المألوفة.
  • مشكلات في الرؤية: بمعاناة صعوبة القراءة أو الحكم على المسافة أو تحديد الألوان.
  • صعوبة العثور على الكلمات الصحيحة: ومن ذلك صعوبة بدء المحادثات أو الانضمام إليها، أو صعوبة العثور على الكلمات المناسبة، أو إجراء المحادثات ذاتها مراراً وتكراراً.
  • وضع الأغراض في غير مكانها: غالباً ما تُوضع الأغراض في أماكن غير معتادة، وتواجه صعوبة في تذكر أين وضعتها.
  • عدم القدرة على اتخاذ القرارات الرشيدة: تظهر هذه العلامة عند الانخراط في سلوكيات غير آمنة نتيجة عدم القدرة على إدراك الخطر؛ مثل المشي في شارع مزدحم دون الانتظار حتى يصبح المشي ممكناً أو الخروج بملابس شتوية في حر الصيف، وما إلى ذلك. بالإضافة إلى عدم المسؤولية المالية، فالشخص الذي كان حريصاً سابقاً قد ينفق الأموال فجأة لأسباب غير مفهومة.
  • الانسحاب من العمل والمناسبات الاجتماعية: بالانعزال المتزايد وتجنب التفاعلات أو الأنشطة الاجتماعية.
  • تغيرات في الشخصية والمزاج: تظهر على الشخص تقلبات مزاجية شديدة، أو ارتباك، أو اكتئاب، أو قلق، أو سرعة انفعال، خصوصاً عند مواجهة تغيرات في الروتين.

من الضروري استشارة الطبيب عند ملاحظة هذه الأعراض، خصوصاً عند الأفراد في الأربعينيات أو الخمسينيات من العمر.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن دواء الخَرَف "الدونبيزيل"

ما احتمالية الإصابة بالخَرَف الشبابي؟ وكيف يمكن تفسير مشكلات الذاكرة عند الشباب؟

في الواقع، الخَرَف المبكّر الذي يبدأ قبل سن 65 عاماً داء غير شائع، ومن غير المرجح أن تكون مصاباً بداء آلزهايمر المبكّر لمجرد أنك تعاني مشكلات في الذاكرة؛ إذ ثمة العديد من المشكلات الأكثر شيوعاً التي قد تؤثّر سلباً في الذاكرة عند الأشخاص دون الـ 65؛ أهمها: قلة النوم، والآثار الجانبية للأدوية، والقلق، والتوتر، والاكتئاب، وإدمان الكحول أو المخدرات، وإصابات الرأس، ونقص الفيتامينات، واضطرابات الغدة الدرقية، والعلاج الكيميائي، والسكتات الدماغية وغيرها من الاضطرابات العصبية.

اقرأ أيضاً: توقعات بارتفاع مقلق في حالات الخَرَف في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا

كيف تحمي نفسك من الإصابة بالخَرَف المبكّر؟

في الحقيقة، لا يمكن منع الإصابة بالخَرَف المبكّر؛ لكن يمكن تقليل المخاطر، وأهم يمكن فعله من أجل تقليل خطر الإصابة:

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
  • التدريب المعرفي.
  • تعلُّم استراتيجيات إدارة التوتر.
  • الحرص على التعلم مدى الحياة.
  • الحفاظ على حالة نشطة اجتماعياً وعقلياً.
  • عدم شرب الكحول.
  • الحفاظ على وزن الجسم ضمن النطاق الصحي.
  • العمل مع الطبيب من أجل تقليل خطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب والسكري ومعالجة مشكلات السمع حال ظهورها.

المحتوى محمي