ملخص: اليوم هو عطلتك الأسبوعية، اتفقت أخيراً مع أصدقائك على اللقاء بعد طويل غياب، وارتديت أفضل ملابسك وتأكدت من مظهرك الجذاب في المرآة، وانطلقت على فورك إلى المكان المحدد، وقضيت وقتاً سعيداً وجاء أوان التقاط الصور، وفور أن رأيتها أصبت بخيبة أمل كبيرة لأنها لم تكن جيدة، وعلى الرغم من أنك تأكدت من مظهرك المناسب، فإن الصور كان لها رأي آخر، فلماذا نرى أنفسنا في المرآة أجمل من الصور؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
هل سألت نفسك من قبل: لماذا ترى نفسك في المرآة أجمل من الصور؟ الحقيقة أني سألت نفسي هذا السؤال مراراً وتكراراً، ففي كل مرة كنت أخرج فيها لمقابلة أصدقائي، كنت أنظر في المرآة قبل مغادرة المنزل وأجد مظهري جيداً فأقول لنفسي إني سأبدو جميلة في الصور التي سنلتقطها. يمر اليوم بسلام ونقضي وقتاً رائعاً؛ ولكن فور رؤية الصور الجماعية، أشعر بأني مختلفة تماماً، وأن الصور لا تبدو جيدة على الإطلاق، فلماذا نرى أنفسنا في المرآة أجمل من الصور التي نلتقطها بكاميرا الهاتف؟ تُمكنكم معرفة الإجابة من خلال هذا المقال.
لماذا نبدو في المرآة أجمل من الصور؟
قد نشعر بالكثير من الإحباط وخيبة الأمل عند مقارنة أشكالنا في المرآة مقابل الصور، ويواجه هذا التناقض الكثير من الأفراد الذين يريدون رؤية أنفسهم في أفضل صورة ممكنة، وهذه هي الأسباب التي تجعلنا نبدو جذابين في المرآة أكثر من الصور:
1. ما تراه في المرآة انعكاس لك، وليست صورتك الحقيقة
على الرغم من أننا نشعر بالراحة حين نحدق في وجوهنا كل صباح في أثناء غسل الأسنان أو حين الخروج من المنزل وأيضاً في أثناء الحلاقة ووضع المكياج، فإن الصورة التي نراها ليست صورنا الحقيقية ولكنها مجرد انعكاسات لها. ونظراً إلى أننا معتادون على رؤية النسخة العكسية من أنفسنا، فإن رؤية كيف نبدو في الصور يمكن أن تكون أمراً مزعجاً. وعلى الجانب الآخر، أغلبنا يملك وجهاً متبايناً وغير متطابق؛ ولهذا فرؤية نفسك من أحد الجوانب مختلفة لنظيرتها على الجانب الآخر؛ لذلك ما لم تكن تملك وجهاً شديد التناسق فإن شكلك في الصور يمكن أن يكون صادماً.
2. تأثير التعرض المحض (Mere-exposure effect) أو ما يُطلق عليه "مبدأ الألفة"
وهو انحياز سلوكي يُقصد به ميلنا إلى تفضيل الأشياء لأننا نألفها، وبموجب هذا الانحياز، فإن البشر يتفاعلون إيجابياً مع المحفزات كلما كانوا أكثر تعرضاً إليها. وقد صيغ هذا المصطلح للمرة الأولى خلال القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف الألماني غوستاف فيشنر (Gustav Fechner) ثم طوره أستاذ علم النفس الشهير روبرت زاينوك (Robert Zajonc)، وفي هذا السياق، توضح أستاذة علم النفس الإعلامي باميلا روتليدج (Pamela Rutledge) إن النظر إلى نفسك في المرآة يومياً يولد لديك انطباعاً راسخاً بالهيئة التي تفضلها لذاتك، ثم يأتي دور مبدأ الألفة الذي يعزز إعجابك بمظهر وجهك الذي تراه في المرآة بحيث يصبح هو المظهر المفضل لديك.
3. نوع العدسة التي التُقطت الصورة بها
إذا لم يكن انعكاسك في المرآة هو شكلك الحقيقي، فهل هذا يعني أن صورتك الفوتوغرافية تجسد الحقيقة؟ الإجابة لا، فلا توجد عدسة يمكنها إظهار صورتك الحقيقية تماماً؛ وذلك لأن العدسات تُظهر منظوراً ثنائي الأبعاد يختلف بالطبع عن الصور الثلاثية الأبعاد التي نراها في الحياة الواقعية، علاوة أن الضوء يسقط على العدسة بطريقة مختلفة عما يحدث على المرآة؛ ما قد يُحدث فرقاً متزايداً.
وعلى الجانب الآخر، السبب الذي يجعل الصور الفوتوغرافية تفاجئنا هو أن أحد الأصدقاء يلتقطها من زاوية لا نرى أنفسنا منها عادة؛ ولهذا السبب يمكن أن تبدو وجوهنا وأجسامنا مختلفة عما اعتدنا عليه. في بعض الأوقات، قد لا تكمن الأزمة في زاوية التصوير لكن في تشويه العدسة، فبسبب قرب وجهك من الكاميرا؛ يمكن للعدسة أن تغير بعض الملامح؛ ما يجعلها تبدو أكبر مما هي عليه في الحياة الحقيقية.
وفي هذا السياق، يؤكد استشاري طب التجميل محمد غياث التركماني إن صور السيلفي لا تعطي صورة حقيقية لوجودنا لأنها تكون على مسافة قريبة وهي 30 سنتيمتر؛ ومن ثم تجعل الأنف على سبيل المثال يبدو أكبر من شكله الطبيعي، ويضيف التركماني إن الكثير من الأشخاص يخضعون إلى عمليات تجميل في أنوفهم بسبب صور السيلفي!
4. فلاش الكاميرا
على الرغم من أن الإضاءة الجيدة هي المفتاح للصور الجذابة كافة، فإن فلاش الكاميرا القوي يمكن أن يجعل صورك تبدو أسوأ بكثير، خاصة إذا التُقطت في غرفة مظلمة. بالإضافة إلى ذلك، لا تستطيع الكاميرات التكيف مع الضوء والظلام بالطرائق التي تستطيع بها أعيننا أن تفعل ذلك بصفة طبيعية؛ إذ يمكن للكاميرات أن تركز فقط على النقاط البارزة أو الظلال، وفي بعض الأحيان، يؤدي ذلك إلى إضاءة غير جيدة؛ ولهذا من أهم قواعد التصوير محاولة الالتزام بالإضاءة الطبيعية.
5. الصور قد تكون مصدراً للضغط النفسي
عندما ينظر الأشخاص إلى أنفسهم في المرآة، فإنهم عادة ما يكونون في بيئة آمنة مثل منازلهم؛ ولهذا فقد يغلب عليهم الشعور بالراحة والاسترخاء. ولكن في أثناء التقاط الصور، يمكن أن يصبحوا أكثر توتراً من المعتاد؛ ولهذا يحرص الكثير من الأشخاص على استعراض أنفسهم بأسلوب معين مثل توسيع العيون أو الابتسامة، وفي الكثير من الأوقات، تصبح الصور مصدراً للضغط النفسي إذا كانت ستُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث سيراها الكثير من الأفراد ويعلقون عليها، وقد يزداد هذا الضغط إذا كانت الصورة تضم أفراداً آخرين، وهنا سيتجلى ضغط المقارنة، خاصة إذا ظهر أحدهم بشكل جيد والآخر لم يكن كذلك.
6. نحن نملك رأياً مبالغاً فيه حول جمالنا الجسدي
أحياناً، يكون السبب وراء ظهورك مختلفاً في الصور هو أن النسخة التي تفضلها من نفسك هي من نسج خيالك! حيث كشفت دراسة بحثية أجرتها جامعة شيكاغو (University of Chicago) أن الناس يميلون إلى الاعتقاد بأنهم يبدون أفضل مما هم عليه بالفعل، ومن خلال هذه الدراسة، عدل الباحثون صور المشاركين لجعلها تبدو أكثر جاذبية، ثم طُلب منهم العثور على صورهم الأصلية، فاختار معظم المشاركين الصور المعدلة وخلصوا إلى أنها النسخة الحقيقية من أشكالهم!
اقرأ أيضاً: لا تطيق رؤية نفسك في الصور؟ إليك السبب والحل
كيف تتقبل صورك التي تلتقطها بكاميرا الهاتف؟
مع وجود الكثير من الصور المختلفة إما عبر المرآة وإما عبر صور الهاتف، من الطبيعي أن نسأل أنفسنا كيف نبدو بالضبط، والحقيقة أنه أياً كان الشكل الذي سوف نبدو عليه، ربما علينا تقبل أنفسنا في الصور وذلك من خلال الإرشادات التالية:
- لا تقارن نفسك بالآخرين: نحن نعيش حالياً في عالم يعج بالصور التي تحيط بنا من كل مكان؛ حيث تُظهر لنا مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من صور الفنانين والمؤثرين، وغالبية تلك الصور معدلة حتى تصل إلى الشكل الكمالي. ولكن عليك أن تعلم جيداً أن تلك الصور غير حقيقية، ولا يوجد بشر بهذه الصورة المثالية؛ جميعنا غير مثاليين وتحتوي بشراتنا بعض العيوب؛ ولهذا لا تقارن نفسك بالآخرين وتقبل شكلك المميز ولا تقع ضحية الصور المثالية المبالغ فيها.
- أعد صياغة فكرتك عن ذاتك: نحن نسعى جاهدين حتى نكون شبه ذواتنا؛ ولكن في عالم الصور، تنقسم هذه الذات إلى انعكاساتنا في المرآة، ومظاهرنا في الصور، وأشكالنا في عيون الآخرين، ورؤيتنا الداخلية لذواتنا، وهذه الطرائق للنظر إلى الذات قد تتعارض في كثير من الأحيان، وحتى تدمجها في ذات واحدة، عليك إعادة صياغة فكرتك عن نفسك، والحقيقة أن هذه الفكرة غير ثابتة ولكنها تتطور باستمرار، ومن المهم ألا ترتكز هذه الفكرة على المظهر الخارجي فقط أو على إضاءة الهاتف أو جودة عدسة الكاميرا؛ ولكن يجب أن ترتكز على رؤيتك الإيجابية لنفسك وتقبلك لشكلك دائماً.
- لا ترفع سقف توقعاتك من الصور: لا تضع توقعات مرتفعة من الصور، ولا تحاول أن تكون مثالياً؛ فقط كن نفسك، وبالطبع لا يعني هذا أن تهمل مظهرك؛ عليك أن ترتدي أفضل ملابسك وألا تنسى الابتسامة واختيار الوضعية المناسبة، وفي الوقت نفسه، لا تكن متوتراً أو تشعر بالضغط النفسي لمجرد أنك ستشارك صورك على مواقع التواصل الاجتماعي.
- استمتع باللحظات الجميلة: حين نخرج لقضاء بعض الوقت بصحبة العائلة أو برفقة الأصدقاء، فنحن نفعل ذلك بالأساس من أجل الاستمتاع باللحظات الجميلة؛ لهذا لا تعكر صفو تلك اللحظات بقلقك المبالغ فيه من مظهرك في الصور، ولا تعطِ الصور أكبر من حجمها الطبيعي، ففي نهاية الأمر، نحن نلتقط الصور بصحبة الآخرين حتى نبني ذكريات سعيدة مشتركة؛ ولهذا استمتع باللحظة الحالية ولا تشغل بالك بالصور.
- كن على يقين بأنك لن تحب شكلك في صورك كلها: أحياناً نلتقط الكثير من الصور حتى تعجبنا إحداها، وبالطبع لن تعجبنا صورنا كلها بسبب اختلاف الإضاءة وزاوية التصوير وغيرها من العوامل المختلفة؛ ولذلك لا تشعر بتدني الذات وأنت تنظر إلى صورك غير الجيدة؛ ولكن عوضاً عن ذلك ركز على صورتك الجميلة والإيجابيات التي تميز ملامحك.
- جرب أوضاعاً مختلفة حتى تصل إلى الوضع الأفضل: إذا كنت تريد أن تعرف كيف تكون أكثر جاذبية في الصور، عليك أن تتدرب؛ تدرب أمام المرآة أو حتى أمام الكاميرا لتحديد أفضل الزوايا والأوضاع والابتسامات. جرب أوضاعاً مختلفة، وتدرب على اختيار أوضاع مألوفة تُمكنك إعادتها أمام الكاميرا.
اقرأ أيضاً: الصور ليست كما تبدو في الشاشة: معاناة المؤثرين على السوشيال ميديا نفسياً