لماذا من الصعب علينا أن نتغير؟

4 دقائق
مواجهة التغيير

هل لاحظت المقاومة التي تظهر لديك عندما تحاول تغيير سلوكك، وتمنعك من المضي قُدماً؟ هل لاحظت المخاوف غير المنطقية والأفكار الفوضوية التي تقف عائقاً في سبيل هذا التغيير؟ فيما يلي ثلاثة مطبات نقع فيها عادةً، وتمنعنا من مواجهة التغيير أو تغيير شيء ما في حياتنا على الرغم من أننا -وفي كثير من الحالات- نرغب بشدة بالقيام به.

  • 3 مطبات تقف في طريق التغيير
  • ما هو التغيير المطلوب في ميولنا للتكيف مع العالم المتغير؟

في الواقع؛ من الصعب على المرء التخلي عن عاداته القديمة وقيمه البالية إذا ما شعر بتهديد لاستقراره في المستقبل. تخيل أنك تقود دراجتك على طريقٍ معبّدة، وفجأةً تُضطر للسير على طريقٍ وعرة. في البداية؛ لن تشعر أن هناك مشكلةً لأنك تعرف الطريق، ثم ستبدأ في التذمر بسبب وعورته. وهكذا؛ يمكن لأي تغيير أن يهدد التوازن الداخلي الذي اكتسبناه بمرور الوقت، ويجعلنا نشعر بالارتباك. لهذا السبب؛ لا يشعر المرء بالحاجة إلى التغيير، ما لم يكن مضطراً إلى ذلك.

ومع ذلك، فإن الاعتقاد باستحالة التغيير وهم بلا شك، فالتطور دائم، وكل شيء يتغير باستمرار. على سبيل المثال: يتطور تفكيرنا من يومٍ لآخر بناءً على المعلومات التي ترد إلى عقولنا، لذلك ليس غريباً أن تغير رأيك؛ إنها ببساطة مسألة تغيير طريقة التفكير.

التغيير شيءٌ ثابت، وكما هو الحال في الطبيعة؛ هو نتيجةٌ لدورة حياة أي كائنٍ حي.

3 مطبات تقف في طريق التغيير

يشيع التغيير في عالم العمل، فقد تُضطر لتغيير عملك أو جدول أعمالك في لمح البصر.

في الحقيقة، يرغب الكثيرون بالتغيير؛ ولكن القليل منهم على استعداد للقيام بذلك. لفهم هذه المقاومة للتغيير بشكلٍ أفضل؛ يجب الانتباه إلى ثلاثة مطباتٍ نقع فيها عند محاولتنا للقيام بذلك.

المطب الأول: نعتقد أنه "كان أفضل في السابق"

تترسخ بعض الأفكار التي نسمعها بشكلٍ متكرر في أذهاننا دون علمنا؛ وبالتالي يتشكل لدينا مخزون من الأفكار التي لا نتبناها في الحقيقة، ومع ذلك؛ نلتزم بها دون أن نشعر:

  • على سبيل المثال: عندما يُصاب المرء بالجمود في مواجهة التغيير (عند تغيير الجدول الزمني، توقيع عقد، تغيير المكان)، تظهر فكرة "كان أفضل من قبل" رغم أنه لا يعلم في ذلك الوقت كيف سيكون الغد.
  • إذا فقد شخص وظيفته مثلاً، فستظهر له فكرة "لن أجد وظيفة بعد الآن"، ويؤدي هذا إلى الشعور بعدم الاستقرار واليقين؛ والذي من شأنه أن يدفع الشخص إلى القلق.
  • إن مجرد سماعنا عبارة "هذا سيتغير" يجعلنا نشعر بالحرمان من ميزة ما، ويجعلنا عدائيين أو متشككين. لهذا السبب نتبنى موقفاً مقاوماً للتغيير، حتى لو كان المستقبل أفضل في كثير من الأحيان.

المطب الثاني: ننسى المرحلة الانتقالية

تشمل المرحلة الانتقالية تغييراتٍ داخلية، والطريقة التي يتم من خلالها إدراك التغيير: يشعر الفرد بالارتباك (بسبب التشوش) أو عدم الانخراط (ربما لأنه يعتمد على ثقة شخصٍ ما) أو بخيبة أمل (لأن حلمه ينهار) أو يشعر بفقدان هويته (لم يعد يعرف من هو بالضبط).

نحن نتفهم أن كل شخص يمر بحالة مختلفة من الإدراك بمجرد حدوث التغيير؛ لكن علينا أن ندرك أيضاً مدى أهمية التعامل مع التحولات الداخلية للفرد:

  • على سبيل المثال: عندما نتحدث عن إعادة توطين مجموعةٍ من الناس، من المهم أن نسأل عن حالات الإدراك التي يمر بها الأفراد المتضررون. كلما تم التعبير عن حالات الإدراك هذه بشكل أفضل، كان الناس أكثر انفتاحاً على المشاركة في التغيير. يتيح لك التعود على الفكرة أيضاً التشكيك في معنى عملك، وربما تكون فرصةً لتولي مسؤولية حياتك الخاصة.
  • لنفترض أن أحداً ما يريد أن يترك زوجته؛ ولكنه لا يجرؤ على البوح بذلك بدافع الشعور بالذنب. في الحقيقة؛ قد يكون الانتظار لفترة طويلة قبل التعبير عن هذا الموقف، أشد إيلاماً وضرراً مما لو عبرنا عنه في وقتٍ مبكر. يجب أن نتعوّد على التغيير العاطفي، لأن ذلك يجنبنا الوقوع في اكتئابٍ طويل الأمد.

ونظراً لأن الانتقال الفاشل يسبب المقاومة، بينما نشعر بالطمأنينة والهدوء إذا كانت المرحلة الانتقالية ناجحةً، فإن التواصل الأفضل يعني مراعاة تجربة كل شخص في موقف معين.

المطب الثالث: نحن لا نعرف البنية العصبية لأدمغتنا الثلاث

عند مواجهة التغيير، نشعر بالتجمد لأننا نعلق في ثلاثة أماكن:

  • الجسد الذي يتجمد. إن دماغنا البدائي الذي تتمثل مهمته في حمايتنا من خلال إدارة الوظائف العضوية الحيوية للجسم، يُظهر ردود فعلٍ عندما يكون هناك تهديد للاستقرار، فيقيّم الخطر المحتمل الذي يمثله التغيير على السلامة والراحة الجسدية والعقلية والعاطفية التي يحتاجها الجسم.

النتيجة: في مواجهة التغير، يتساءل المرء عما إذا كان في خطر، وما إذا كانت يمتلك القدرات الجسدية للتكيف.

  • العقل الذي يطرح الأسئلة. تشارك القشرة المخية؛ والتي تمكّننا من تحليل وتقييم وتهدئة مشاعرنا، في التفكير المنطقي على أساس المواقف الحياتية والمعتقدات المتراكمة، وتقيّم الخطر الذي يمثله التغيير على المواقف المستقبلية، وتبني رأياً إيجابياً أو سلبياً.

النتيجة: في مواجهة التغيير، يتساءل المرء عما إذا كان التغيير صحيحاً أم خاطئاً، وهل من المناسب القيام به، وما إذا كان أمراً أخلاقياً بالنسبة له ومتماشياً مع عاداته.

  • القلب الذي يشعر. دماغنا الحوفي هو المسؤول عن إدارة عواطفنا الاجتماعية الأساسية؛ مثل الخضوع والاستحواذ والهروب والغضب والعدوان. إنه يشكل ذاكرتنا العاطفية (ذاكرة الماضي)، ووظيفته حمايتنا من الانزعاج والاستياء، لذلك سيقودنا إلى ما يجلب لنا الفرح ويرضينا ويطمئننا ويعطينا قيمة، ويساعدنا على تجنب ما نشعر بأنه خطر أو مجازفة.

النتيجة: في مواجهة التغيير، يسأل المرء نفسه عما إذا كان هذا التغيير سيجعله سعيداً، وسيجلب له السعادة والرضا.

تعلمنا علوم الاتصال أهمية مراقبة الأشياء التي تقاوم التغيير وتبني موقفٍ جديد، لنصبح أفضل وأكثر فهماً لعواطفنا وأكثر انفتاحاً ومرونة.

ما هو التغيير المطلوب في ميولنا للتكيف مع العالم المتغير؟

كما رأينا؛ ينطوي أي تغيير على بعدٍ عاطفي متغير. يبدو الأمر كما لو كان علينا صعود سلّم، وفي كل خطوة هناك تحدٍ يجب مواجهته. في الأساس؛ يحب البشر التغيير، تجربة أشياءٍ جديدة؛ لكنهم لا يعلمون عواقب هذا التغيير غالباً. في التواصل النفسي الاجتماعي، ندرك أن التوصيف الملموس لعملية التغيير يؤدي إلى الطمأنينة وفي كثير من الأحيان إلى التعاون أيضاً.

3 طرق لتغيير موقفك الداخلي:

1- عندما تواجه تغييراً، يمكنك محاولة سرد الفوائد التي سيجلبها لك:

  • إذا غيرت وظيفتي، أي وظيفةٍ ستكون مناسبةً لي أكثر؟
  • إذا غيرت طريقي في الصباح، ماذا سأكتشف؟
  • إذا قللت من استهلاكي للحوم، كيف سأشعر؟
  • إذا اتبعت دورةً جديدة، كيف سيساعدني ذلك على التقدم؟

2- حاول تجنّب العبارة "المضللة": العبارة التي تقول "لن تنجح، لقد جربنا هذه الطريقة سابقاً" وتذكر الموقف الذي غيرت فيه شيئاً وقلت فيه لنفسك "ولكن لماذا لم أفعل ذلك قبل؟!".

3- إنشاء فسحة انتقالٍ لنفسك في وقت التغيير. تتيح لك فسحة الانتقال أو العبور هذه؛ والتي قد تبدو بلا فائدة، التعامل مع الفراغ الحاصل وعملية الانتقال الجارية.

يتعلّق تقدمك في التواصل بإدراك العقبات وفحص الأفكار القديمة، واتخاذ خطوات صغيرة نحو التغيير. إن الملاحظة الذاتية القائمة على المعرفة، هي التي ستتيح لك أن تكون أكثر اطمئناناً وهدوءاً في أثناء مواجهة التغيير أو أثناء التغيير.

المحتوى محمي