11 علامة تؤكد أنك مهووس بشخص ما، فكيف تتحرر من هذا السلوك؟

6 دقيقة
وسواس الحب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: مر معظمنا بتلك المرحلة من الحب التي شعرنا فيها بالافتتان الشديد وأردنا حينها أن نقضي كل لحظة ممكنة مع مَن نحب، ثم سرعان ما نضجت العلاقة لتشمل الالتزام والصداقة والدعم المتبادل مع احترام كلٌ للآخر واحتياجاته الشخصية. هكذا تتطور علاقات الحب الصحية عادة؛ أما عندما تتحول الرغبة في حماية شخص تحبه ورعايته إلى رغبة متطرفة في حمايته أو السيطرة عليه أو الاتصال به على نحو مستمر، فهذا يعني أن الحب تحول إلى شيء آخر، فما هذه الحالة الأُخرى؟ وكيف تميز بين الحالتين؟

قد يبدو الخط الفاصل بين الحب والهوس رفيعاً جداً؛ ولكنه مؤثر على نحو عميق، فما قد يبدو مودة وإخلاصاً عميقين قد يتحول أحياناً إلى افتتان شديد وهوس مستنزف؛ وهو ما يؤثر سلباً في العلاقة العاطفية والصحة النفسية. لذلك؛ سنتعمق في هذا المقال في الفروق الدقيقة المعقدة بين هاتين الحالتين، وسنوضح كيف تعلم إن كانت مشاعرك تجاه شخص ما هي مشاعر حب صادق أم هوس به، بالإضافة إلى آثار ذلك في علاقتك ورفاهيتك.

اقرأ أيضاً: احذر هوس التنظيف: كيف تتعامل مع الضرر النفسي للترند الجديد على تيك توك؟

ما الفرق بين الحب والهوس؟

الحب والهوس حالتان عاطفيتان مختلفتان على الرغم من أن العديد من الناس قد لا يفرق بينهما، ففي حين أن الحب يتميز بالمودة الصادقة والرعاية والدعم والاحترام المتبادل، وهو علاقة صحية تنطوي على رغبة حقيقية في إسعاد الطرف الآخر وتعزيز رفاهيته، فإن الهوس من ناحية أخرى حالة ذهنية غير صحية، تنطوي على الشعور بالانشغال التام بالشريك والافتتان به، وغالباً ما يتجلى في سلوكيات التملك والحاجة إلى حمايته أو السيطرة عليه كما لو كان مُلكاً خاصاً.

ويمكن القول إن أحد أهم الفروق الرئيسة بين الحب والهوس هو مستوى الاستقلالية واحترام الحدود داخل العلاقة، ففي علاقة الحب، يوجد توازن صحي بين الاستقلال والعلاقة العاطفية؛ حيث يحترم كلا الشريكين خصوصية الآخر ومساحته الشخصية. في المقابل، يميل الهوس إلى تجاهل الحدود وقد يؤدي إلى سلوكيات مسيطرة أو تلاعبية تنتهك حرية الشخص الآخر واستقلاليته.

اقرأ أيضاً: هوس نتف الشعر ما بين الأسباب والعلاج

باختصار، عندما تتحول الرغبة في أن ترى الشخص الذي تحبه سعيداً وناجحاً إلى رغبة شديدة في حمايته والسيطرة عليه، عندئذ يتحول الشعور من حب إلى هوس؛ أي قد تنظر إلى الشخص الذي تحبه على أنه شيء تمتلكه أكثر من كونه إنساناً مستقلاً. عند هذه النقطة، تسمى الحالة العاطفية التي تعيشها بـ "وسواس الحب القهري" (Obsessive Love Disorder).

وعلى الرغم من أن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لا يصنف هذه الحالة بوصفها اضطراباً نفسياً حقيقياً، فإنها ومع ذلك حالة منهِكة في الحياة الواقعية، وقد تتداخل مع الأداء اليومي للفرد إذا تُركت دون علاج، وقد تؤدي أيضاً إلى اختلال العلاقة مع الأشخاص الذين يحبهم.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي هنا التفريق بين وسواس الحب وبين إدمان الحب؛ إذ يقول الاستشاري النفسي أحمد هارون، إن الإدمان لا يشمل أفكاراً قهرية، فالشخص المدمن على الحب يكون مدمناً على مشاعر الحب وليس على المحبوب؛ أي أن الشريك لا يهم فعلاً بقدر ما تهم المشاعر التي يحصل عليها الفرد من الطرف الآخر أو يمنحها إليه. في المقابل، ينطوي وسواس الحب على أفكار قهرية؛ أي أن الشخص يفكر قهرياً في شخص واحد، ولا يستطيع أن يفكر في شخص آخر، ويضيف أيضاً إن وسواس الحب أشد ألماً من إدمان الحب.

اقرأ أيضاً: ما هو الهوس الاكتئابي؟ وكيف يمكن علاجه؟

11 علامة تميّز الهوس

كيف تعرف أن علاقتك بالشريك هي علاقة هوسية وليست علاقة حب صحية؟ إليك بعض العلامات التي تميز الهوس:

  1. الشعور بالانجذاب الساحق: يصبح الشخص المهووس غارقاً في مشاعره تجاه الطرف الآخر، وقد لا يستطيع منع نفسه عن التفكير فيه، وقد يتعارض ذلك مع أداء المهام اليومية.
  2. الاتصال المستمر: إرسال الرسائل النصية والاتصال المفرط والتحقق من مكانه وملاحقته أحياناً، حتى عندما يكون في العمل أو مع أشخاص آخرين.
  3. الرغبة الساحقة في الطمأنة: قد يسعى الشخص الذين يعاني هوس الحب إلى الحصول على المصادقة المستمرة والطمأنة من الشريك، ويحتاج بشدة إلى سماع تعبيرات الحب على نحو متكرر.
  4. الغيرة الشديدة: قد يشعر بالغيرة المفرطة أو الرغبة في التملك؛ ما يدفعه إلى مراقبة أنشطة شريكه، وقد ينزعج أو يقلق إذا تفاعل مع الآخرين.
  5. تجاهل الحدود: يتجاهل حدود الشريك ومساحته الشخصية، فقد يقرأ الشخص المهووس رسائل شريكه النصية، أو يتصفح حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، أو يتدخل عندما يقضي وقتاً مع الأصدقاء والعائلة.

اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على هوس التسوق في موسم التخفيضات؟

  1. الرغبة في السيطرة أو السلوكيات التلاعبية أو كلاهما: يرغب الشخص المهووس بالاحتفاظ بالشريك لنفسه؛ ما قد يدفعه إلى التحكم المفرط به؛ مثل تحديد المكان الذي يمكنه الذهاب إليه والأنشطة التي يشارك بها، وقد تتجلى سلوكيات التحكم والتلاعب هذه على صورة إساءة جسدية أو لفظية أو عاطفية أو جميعها.
  2. إهمال الرعاية الذاتية: قد يؤدي هوس الحب إلى إهمال الفرد لاحتياجاته ورفاهيته، مع التركيز فقط على الشخص المهووس به.
  3. الخوف من الرفض: غالباً ما يشعر الشخص المهووس بالخوف العميق من الرفض أو الهجر؛ ما يجعله يبذل قصارى جهده لتجنب فقدان الشريك.
  4. العزلة: في الحالات الشديدة، قد يعزل الشخص نفسه عن الأصدقاء والعائلة، مع إعطاء الأولوية لعلاقته قبل كل شيء.
  5. القلق: غالباً ما يشعر الشخص المهووس بالقلق الشديد بشأن سلامة الشخص الآخر.
  6. محادثات سطحية: لا يحاول الشخص المهووس في كثير من الأحيان معرفة شريكه على مستوىً عميق، فهو ليس في حالة حب فعلياً؛ بل ببساطة معجبٌ بفكرة وجود شريكه معه؛ ومن ثَمّ قد لا يبذل أي جهد في سبيل تكوين اتصال أعمق، فتكون المحادثات فيما بينهما سطحية جداً، وقد لا يعرف الشركاء في هذا النوع من العلاقات الكثير عن بعضهم بعضاً.

اقرأ أيضاً: نائبة برلمانية نيوزلندية تسرق لأسباب نفسية: ماذا تعرف عن هوس السرقة؟

ما الذي يدفع الشخص إلى أن يكون مهووساً بالحب؟

على الرغم أن وسواس الحب القهري ليس اضطراباً في حد ذاته من الناحية الفنية، يمكن لاضطرابات الصحة النفسية الأخرى أن تسببه أو تصحبه؛ مثل:

  • اضطراب الوسواس القهري: هو مزيج من الأفكار الوسواسية والطقوس القهرية.
  • الغيرة الوهمية: يتجلى هذا الاضطراب بالإصرار على أمور ثبُت زيفها بالفعل، وقد تدفع الشخص المصاب بها إلى الاعتقاد بأن الشخص الآخر يبادله المشاعر حتى لو أوضح الطرف الآخر أن هذا غير صحيح على الإطلاق.
  • اضطرابات التعلق: هي مشكلات في الارتباط العاطفي؛ مثل عدم التعاطف مع الآخرين، أو الهوس بشخص آخر، وغالباً ما تنتج في مرحلة الطفولة نتيجة تجارب سلبية مع الوالدين أو غيرهما من مقدمي الرعاية.
  • الهوس الشبقي: هو اضطراب يعتقد فيه الشخص أن ثمة شخصاً مشهوراً أو ذا مكانة اجتماعية مرموقة واقع في حبه.
  • اضطراب الشخصية الحدية: يتميز بوجود اضطراب في الصورة الذاتية مصحوب بتقلبات مزاجية حادة، وقد يسبب هذا الاضطراب تحولات مستمرة بين الحب الشديد لشخص ما  والازدراء الشديد منه.
  • الغيرة الوسواسية: انشغال مفرط بخيانة الشريك المتصورة، وقد يؤدي هذا الانشغال إلى سلوكيات متكررة وقهرية استجابة إلى مخاوف الخيانة.

علاوة على ذلك، قد يحدث الهوس نتيجة تدني احترام الذات، أو صدمات ماضية؛ إذ إن تعرُّض الشخص إلى أحداث مؤلمة سابقة قد يجعله خائفاً من الهجر؛ ما قد يدفعه إلى الإتيان بسلوكيات مهووسة عندما يتعلق الأمر بشريك حياته أو شخص مهم فيها، بالإضافة إلى أن الأطفال الذين يكبرون في كنف علاقة والدية يغذيها الهوس بدلاً من الحب، قد ينظرون إلى هذا السلوك على أنه سلوك طبيعي ويكررونه مع شركائهم.

اقرأ أيضاً: ما سبب هوس بعض الأشخاص بالعيوب الجسدية؟ وكيف يمكن التخلص من هذا السلوك؟

كيف يمكن التعامل مع الهوس؟

قد يصعب عليك عندما تكون مهووساً بالحب التعرف إلى أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك غير المفيدة، وقد يصبح الأمر مشكلة بحق عندما تصبح رغبتك في الحب مركزة بقوة على شخص واحد بحيث تستصعب المضي قدماً عندما لا يكون الشخص الآخر مهتماً.

كما قد تركز كثيراً على المشاعر التي تكنها تجاهه بحيث تتجاهل مصادر السعادة الأُخرى المحتملة في حياتك، وترى أن حبك للشخص الآخر هو جزء أساسي من هويتك؛ ما قد يزيد احتمال حدوث أزمة عاطفية استجابة إلى الرفض أو عند وجود مشكلات في العلاقة. بالإضافة إلى ذلك، ثمة احتمال أن يجعلك الهوس أكثر عرضة إلى إيذاء الشخص الآخر عاطفياً أو جسدياً، هذا دون أن ننسى العزلة وإهمال الرعاية الذاتية وغيرها.

والآن، إذا لاحظت أنك تُظهر هذا النوع من السلوكيات الوسواسية، فكيف ينبغي التصرف؟ إليك بعض النصائح:

  • اعترف بالهوس: الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي الاعتراف بوجود مشكلة وأنك تحتاج إلى المساعدة.
  • تواصل مع الشريك: تواصَل مع الشخص الذي تحبه بشأن ما تمر به.
  • اقضِ الوقت مع أشخاص آخرين: حاوِل أن تقضي وقتاً ممتعاً مع الأصدقاء وأفراد العائلة الآخرين لتذكير نفسك بكيف يجب أن يبدو الحب الصحي.
  • انخرط في هواية أو نشاط محبب: الجأ إلى مصادر تشتيت إيجابية ومنتجة؛ مثل ممارسة الرياضة على نحو متكرر، أو هواية جديدة مثل الرسم أو الموسيقا أو غيرها.
  • دوِّن مشاعرك: جرِّب أن تكتب المشاعر التي تكنها تجاه الشخص والأفكار الوسواسية التي تتبادر إلى ذهنك، ثم مزِّق الورقة عندما تنهي الكتابة؛ ما قد يرمز إلى كيفية التخلص من الأفكار الوسواسية والمتطفلة. يمكنك أيضاً ارتداء شريط مطاطي على المعصم، ثم قطعه عندما تدخل الأفكار الوسواسية إلى دماغك.
  • اطلب المشورة المتخصصة: إذا كان الهوس بشخص آخر يؤثر في حياتك اليومية ويضغط على علاقتك، ففكِّر في التحدث إلى مختص الصحة النفسية الذي سيساعدك على تحديد سبب المشكلة والعلاج الأفضل لها، سواء كان دوائياً أو نفسياً.

المحتوى محمي