ملخص: ماذا لو كان تحسين جودة نومك معتمداً على العناية ببشرتك؟ هذا ما تكشفه دراسات حديثة ومختبرات مختصّة في مستحضرات التجميل. وفقاً لما أظهرته الأبحاث؛ فإن الجلد قادر أيضاً على إفراز هرمون الميلاتونين الخاصّ به؛ ومن ثمّ تعزيز قدرة الإنسان على التمتّع بليالي نوم هانئة. إليك التفاصيل.
محتويات المقال
أصبحت قلّة النوم وتراجع جودته واقعاً ملحوظاً. على سبيل المثال؛ أكد 72% من الفرنسيين سنة 2022 إنهم لا ينامون جيداً مقارنة بنحو 50% سنة 2018.
يقول الطبيب النفسي المختص في النوم، لوريس ألكسندر مازلان (Loris-Alexandre Mazelin): "يجدّد النوم عافية الجسم البشري ويعيد له التوازن الفيزيولوجي والنفسي. ونظراً إى لأننا نقضي ثلث أعمارنا في النوم فإنّه يمثل ركيزة أساسية في صحّتنا".
يعدّ الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات التي نستخدمها أحد أسباب اضطراب النوم لأنه يعوّق إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم. لكن الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون هي أن النساء أكثر عرضة من الرجال إلى اضطرابات النوم ويتأخّرن في الخضوع إلى العلاج.
يوضّح الطبيب النفسي: "غالباً ما نقلّل من أهمية الأعراض ونستهين بها لأن أسبابها غير نمطية. نعتقد على سبيل المثال أن انقطاع النفَس في أثناء النوم اضطراب يقتصر على الرجال؛ في حين أنه يصيب ربع النساء تقريباً بعد انقطاع الطمث كما يُعزى التعرّق الليلي أو الهبّات الساخنة إلى انقطاع الطمث؛ في حين أنها علامات على الأرق في الواقع.
ويسود اعتقاد خاطئ بأن التهيّج اضطراب نفسي وليس ناجماً عن اضطرابات النوم، ونتيجة لذلك؛ فإن حالات 90% من النساء لا تخضع إلى التشخيص أو تُشخّص متأخرة".
كشفت دراسة أميركية أن عدد النساء اللاتي لا يشعرن بالراحة عند الاستيقاظ من النوم ويشعرن بالنعاس خلال النهار يقدّر بضعف عدد الرجال الذين يعانون المشكلة نفسها، لا سيّما بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن من 35 إلى 44 عاماً بسبب التغيّرات الهرمونية العديدة (الحيض والحمل وانقطاع الطمث) التي لها تأثير مباشر في جودة النوم.
ويؤدي ذلك إلى سلسلة من الأعراض مثل التهيج ونقص التركيز والإرهاق وانخفاض المعنويات. علاوة على ذلك، تسهم العواطف السلبية في ارتفاع هرمون الكوتيزول المسؤول عن التهاب الخلايا؛ بما فيها خلايا الجلد، ويؤدي نقص النوم إلى الإجهاد التأكسدي الذي يُضعف عملية الأيض.
تعرف إلى قوة تأثير الميلاتونين الجلدي
تثير التحولات التي تحدث في الجلد خلال النوم شغف العلماء. نعرف منذ زمن طويل أن الفترة المناسبة لتجديد عافية الجسم تبدأ من الساعة 11 ليلا حتّى الساعة 4 صباحاً خلال مرحلة النوم العميق، وينطبق الأمر نفسه على الجلد. مع تراجع المؤثّرات النهارية (الأشعة فوق البنفسجية والتلوث ودخان السجائر والتوتر إلى غير ذلك)، تبدأ خلايا الأدمة والبشرة أداء وظيفة "حماية" الجلد و"إصلاحه". فيزداد إنتاج الكولاجين والإيلاستين والميلاتونين لتجديد البشرة خلال هذه الفترة من الساعة البيولوجية.
الأكثر إثارة للدهشة أن الجلد يُنتج هرمون الميلاتونين الخاص به على غرار الدماغ وفقاً لما كشفته دراسة حديثة. تقول مديرة التواصل العلمي في شركة الدكتور بيير ريكو (Dr. Pierre Ricaud)، بيثسابيه كوتاز (Bethsabée Coutaz): "هذا الهرمون فعّال جدّاً ضدّ التأكسد. نعرف منذ زمن أن الدماغ هو الذي يُنتجه؛ لكننا اكتشفنا أن الأمعاء والبشرة ينتجانه أيضاً.
ونظراً إلى أن الجلد هو أكبر أعضاء الجسم فلا تمكن الاستهانة بكمية الميلاتونين التي ينتجها، والخبر السار هو أنه ينظم أيضاً دورة الاستيقاظ والنوم وله فوائد مضادة للتأكسد والالتهابات ويحفز تكاثر الخلايا كأنّه عامل حماية وتطهير فعّال. في المقابل، قد تؤدي قلّة النوم العميق إلى التهابات منتظمة في البشرة وقد تسبّب شيخوخة مبكرة".
ما أهم المستحضرات للعناية بالبشرة وتعزيز جودة النوم؟
الهدف الذي يسعى إليه العاملون في مجال مستحضرات التجميل هو تعزيز الإنتاج الطبيعي للميلاتونين الجلدي. لا تكافح الكريمات حالات الأرق لكنها قد تساعد على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية لإراحة الجلد. في سنة 1982، حقّقت العلامة التجارية الأميركية، إستي لودر (Estée Lauder)، ثورة صغيرة بفضل ابتكار مستحضر أدفانسد نايت ريبير (Advanced Night Repair)؛ الذي يعدّ مصلاً ليليّاً يحفّز نشاط الخلايا خلال ذروة تجدّد الجلد. بعد عقود من الزمن، واصلت شركة إستي لودر أبحاثها وقدّمت مصلاً مركّزاً مهدّئاً غنياً بثلاثي الببتيد-32.
يحاكي هذا العنصر النّشط الذي ابتكرته الشركة وظيفة الميلاتونين الجلدي لدعم إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعية للبشرة. توضّح مديرة الأبحاث في شركة إستي لودر، الدكتورة نادين بيرنودي (Nadine Pernodet): "لخلايا البشرة مستقبِلات شبيهة بتلك الموجودة في العينين، وهي ترى الضوء وهكذا تشارك في تنظيم الساعة البيولوجية؛ لكن إيقاع الحياة المتسارع يربك هذه الساعة البيولوجية ويسبّب التهاباً في الجلد والجسم بأكمله. يحاكي هذا المصل الجديد هرمون الميلاتونين لضمان توازن في التعرّض إلى الضوء ليلاً ونهاراً ومن ثمّ تحقيق حماية أفضل للبشرة".
وفي فرنسا، تراهن مختبرات الدكتور بيير ريكو على جزيئات الحمض النووري الريبي لنبتة الخزامى العضوية لتحفيز إفراز الميلاتونين الجلدي وتعزيز مقاومته للتأكسد. واختارت مختبرات إيف روشيه (Yves Rocher) مستخلص نبتة الغاردينيا المعروفة بفائدتها للحدّ من القلق وتعزيز النوم؛ نظراً إلى إمكانية توظيفها في محاكاة وظيفة الميلاتونين. كما أن رائحة زهورها تبعث إشارة الرغبة في النوم العميق إلى النواقل العصبية؛ وهذا يعني أن أسرار الجلد لم تنكشف بعد بالكامل.
اقرأ أيضاً: