ملخص: أعلن الكثير من الدول خلال الفترة الماضية عن متحور جديد لفيروس كورونا، ومن جديد، عاد القلق ليطل برأسه ويخبرنا أن الأمر لم ينته بعد، وأن المرض ما زال يحاوطنا من كل جانب، فكيف نتعامل مع قلق انتشار المتحور الجديد؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
مرت قُرابة 4 سنوات على تفشي وباء كورونا، وعلى الرغم من أن الأثر النفسي للجائحة يختلف من شخص إلى آخر فإن أغلبنا اختبر المشاعر نفسها؛ العزلة لشهور في المنزل، إغلاق المدارس والمحلات التجارية وتوقف الحياة في أغلب دول العالم، أتذكر أنني وقتها كنت في بلد غريب وشعرت بالخوف الشديد.
تجدد إحساسي بالخوف مرة أخرى حين مرض ابني الصغير مؤخراً وشخصه الطبيب بمرض كورونا، داهمني القلق بشدة على الرغم من طَمأنة الطبيب، وتملَّكني شعور بعدم اليقين من انتهاء هذا الوباء للأبد؛ لأنه للأسف، تستمر متغيرات فيروس كورونا في التحور والتطور إلى متغيرات جديدة. إذاً كيف يمكن أن نتعامل مع القلق بعد انتشار متحور كورونا الجديد؟ الإجابة في المقال.
ما هو متحور كورونا الجديد؟
وفقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية (World Health Organization WHO) يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2023؛ فإن متحور كورونا الجديد جيه إن 1 (JN.1) سريع الانتشار، وقد أعلنت المنظمة عن ارتفاع عدد المصابين به في أنحاء العالم جميعها بما في ذلك الهند والصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وصنفت الصحة العالمية جيه إن 1بصفته جزءاً من سلالته الأصلية بي أيه 2.86 (BA.2.86) التي تعد سليلة أوميكرون (Omicron) أو (B.1.1.529) المتحور من إس أيه آر إس-كوڤ-2 (SARS-CoV-2)؛ الفيروس الذي تسبب في كوفيد-19 (COVID-19).
وقيّمت الصحة العالمية المخاطر على أنها منخفضة وذلك بناء على البيانات المتاحة حالياً، وعلى الرغم من ذلك فإن حالات الإصابة يمكن أن ترتفع خلال فصل الشتاء، وشددت منظمة الصحة العالمية أيضاً على أن اللقاحات الحالية تستمر في الحماية من الأمراض الخطِرة التي قد تنجم عن فيروس جيه إن 1 والمتحورات المنتشرة الأخرى لفيروس كورونا.
وقد أوضحت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (Centers for Disease Control and Prevention CDC) إن جيه إن 1 هو المتحور الأسرع نمواً في الولايات المتحدة؛ حيث تضاعف عدد المصابين به 3 مرات خلال شهر واحد، ويرى أستاذ الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت (Vanderbilt University)، ويليام شافنر (William Schaffner)، إن المتحورات الجديدة تشبه أبناء الأوميكرون وأحفاده، فإنهم جزء من العائلة الممتدة نفسها؛ لكن لكل منهم شخصيته المميزة؛ حيث يحتوي جيه إن 1 على طفرة إضافية في بروتينه الشوكي، وتساعد البروتينات الشوكية الفيروس على الالتصاق بالخلايا البشرية؛ ولهذا فإنه أكثر نمواً وانتشاراً من المتحورات الأخرى.
ويضيف رئيس الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية، فؤاد عودة، إن أعراض المتحور الجديد مثل السعال المستمر وتكسير الجسم واحتقان الزور ليست خطِرة وهي أخف من الإنفلونزا؛ حيث إنها تشبه متحورات كورونا الأخرى التي بلغ عددها نحو 200 متحور وانتشرت خلال الأشهر الستة الماضية.
ما هو قلق فيروس كورونا؟
هو ذلك القلق الذي ينتاب الأفراد بسبب فيروس كورونا. وبالنسبة إلى العديد من الأشخاص، فإن هذا القلق يرجع إلى الخوف من الإصابة بالمرض أو الموت بسببه، ويمكن القول إنه في بداية الوباء كان معظم الناس في حالة تأهب قصوى، وكانوا يشعرون بالخوف والقلق بشأن التأثير الذي قد يُحدثه هذا الفيروس؛ لكن مع مرور الوقت واكتساب متخصصي الرعاية فهماً أكبر للفيروس وظهور اللقاحات وكيفية علاج الأعراض، بدأ المجتمع في الاستقرار على روتين جديد وغير مألوف للتعايش مع الوباء.
وطوال هذه الحالة الصحية الطارئة العالمية، تباينت ردود الفعل على نحو كبير؛ حيث رفض بعض الأشخاص تغيير سلوكياتهم؛ بينما اتبع آخرون القواعد بدقة وصرامة لتجنب الإصابة بالفيروس، ومع ذلك، وعلى نطاق أوسع، شهد معظم الناس اضطراباً مفاجئاً في حيواتهم، وحين استقرت الأمور بدأت المتحورات الجديدة تظهر.
وتؤكد الطبيبة النفسية ناتاشا بيلاني (Natasha Bijlani) إن الناس بدؤوا يشعرون بالأمان بعد ظهور اللقاحات واستقرار الوضع؛ ولكن ظهور المتحورات الجديدة كسر حالة الشعور بالأمان وترك الناس يشعرون بعدم اليقين بشأن المستقبل مرة أخرى؛ ولهذا زادت حالة القلق والخوف. وتضيف بيلاني إن كثرة القلق بشأن المتحورات الجديدة يمكن أن تؤدي إلى الانخراط في سلوكيات مؤذية للذات، إضافة إلى تجنب الأنشطة والخروج من المنزل والشعور بالعجز التام.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر مرض"كوفيد-19" على صحتك النفسية
تعرَّف إلى أعراض قلق فيروس كورونا
يختلف القلق من فيروس كورونا باختلاف الأشخاص، ويمكن أن يأتي مع مجموعة من مختلفة من الأعراض النفسية والجسدية مثل:
- التفكير المستمر الذي لا يتوقف بشأن فيروس كورونا.
- عدم الشعور بالأمان أو الاسترخاء.
- مواجهة صعوبة في التركيز.
- التعرض إلى مشكلات في الذاكرة.
- وجود اضطرابات في النوم.
- اضطراب المعدة.
- تغيرات الشهية.
- الشعور بالدوار.
- الإمساك أو الإسهال.
- تجنب المواقف الاجتماعية.
- الفحص المتكرر والقهري للأعراض على الرغم من عدم وجود سيناريو عالي الخطورة.
اقرأ أيضاً: أفضل 10 طرق غير دوائية للتخفيف من القلق
كيف تشعر بالاسترخاء على الرغم من القلق من المتحور الجديد؟
إذا كنت تشعر بالقلق أو الخوف بشأن متحور فيروس كورونا الجديد، ففكر في اتباع هذه الإرشادات التي يمكن أن تساعدك على إدارة قلقك:
- تقبل الوضع الحالي: يوضح استشاري الطب النفسي عبد الناصر عمر إن الخطوة الأولى للتخفيف من قلق المتحور الجديد هي تقبل الوضع الحالي. نحن نواجه مشكلة بالفعل وعلينا التعامل وفقاً لهذا الأمر، وهذا التقبل سيساعدك على تنظيم مشاعرك.
- تحدي الأفكار غير العقلانية: عندما تستسلم لأفكار ومعتقدات غير عقلانية، فإن ذلك قد يجعل الموقف يبدو أكثر خطورة وخارجاً عن السيطرة، وهذا يزيد حدة القلق؛ ولذلك عليك بذل بعض الجهد من أجل تحدي الأفكار غير العقلانية.
على سبيل المثال؛ إذا كنت تخاف الإصابة بمتحور كورونا الجديد خوفاً من نقل العدوى إلى أفراد أسرتك وبسبب ذلك الخوف قررت عزل نفسك في المنزل وقضاء وقت أقل مع العائلة والأصدقاء، يمكنك تقليل حدة قلقك من خلال النظر بموضوعية إلى الحقائق والتوصل إلى نتيجة أكثر واقعية، وبدلاً من عزل نفسك في المنزل تُمكنك مقابلة أصدقائك مع أخذ التدابير الاحتياطية مثل ارتداء القناع.
- الحد من مشاهدة الأخبار والالتزام بمصادر المعلومات الموثوقة: تنصح أستاذة علم النفس بجامعة كاليفورنيا (The University of California)، إليسا إيبل (Elissa Epel)، بضرورة الحد من مشاهدة الأخبار عبر وسائل الإعلام مع تلقيها عند الحاجة من المصادر الموثوقة؛ كما يجب تجنب مشاهدة الأخبار قبل وقت كافٍ من النوم.
- تخفيف حدة القلق عبر تقليل المخاطر: تعتقد أستاذة علم النفس إيبل إن اتباع نصائح السلامة لتخفيف حدة القلق؛ وذلك مثل:
- غسل اليدين على نحو متكرر لكن في الحدود المعقولة.
- تجنب لمس وجهك، خاصة عينيك وأنفك وفمك.
- الابتعاد عن مناطق الحشود والازدحام.
- الحفاظ على مسافة آمنة بينك وبين الآخرين.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم؛ ما يساعد على دعم الجهاز المناعي.
- الحصول على قسط من الراحة والاسترخاء: إن قضاء بعض الوقت في الاسترخاء والراحة يمكن أن يساعدك على التحكم في القلق؛ جرب أخذ حمام ساخن، أو قراءة كتاب، أو التأمل، تُمكنك أيضاً تجربة تقنيات التنفس للمساعدة على الشعور بالهدوء.
- الحرص على اتباع نظام غذائي متوازن: اختر نظاماً غذائياً متوازناً، حاول تجنب الابتعاد عن تناول الوجبات السريعة والسكر، وقلل الكافيين لأنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوتر والقلق ومشكلات النوم.
- التأقلم: عندما تشعر أنك غارق في الخوف والقلق مما قد يحدث، حاول تحويل تركيزك إلى الأشياء التي يمكنك التحكم فيها. على سبيل المثال، لا يمكنك التحكم في مدى خطورة تفشي متحور فيروس كورونا في مدينتك أو بلدتك؛ لكن يمكنك اتخاذ خطوات لتقليل المخاطر الشخصية الخاصة بك. لذا؛ حاول التأقلم مع وجود تلك المتحورات وذكر نفسك بأنها ليست خطِرة وعلاجها لم يعد أمراً صعباً.
في النهاية، عليك أن تعلم أن الشعور بالقلق في مثل هذه الظروف أمر طبيعي، خاصة إذا مرضت أنت أو شخص تحبه. لقد شعرت به من قبل عندما أصاب المتحور الجديد طفلي الصغير؛ ولكن في حين أن بعض الاحتمالات قد تكون مخيفة إلا أن الوضع تحت السيطرة. ولهذا؛ لا تفكر على نحز استباقي وحاول تخفيف حدة قلقك، وإذا شعرت أن هذا الأمر صعب وأثر قلقك وخوفك في روتين حياتك اليومية يمكنك طلب المساعدة من الطبيب النفسي.