أفضل 10 طرق غير دوائية للتخفيف من القلق

التخفيف من القلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يمكن لكلّ من العلاجات الطبيعية وتغيير نمط الحياة أن يساعد على التخفيف من القلق وإدارته. وعلى الرغم من فعالية العلاجات غير الدوائية، تنبغي استشارة الطبيب قبل تجربة أي مكملات غذائية أو علاجات عشبية أو تغيير النظام الغذائي المتبع. وعموماً، إليك أهم هذه العلاجات الطبيعية وكيف تؤثر في القلق.

جميع مَن على الأرض يقلق إزاء شيء ما بين الحين والآخر؛ إزاء امتحان أو اختبار أو مقابلة عمل أو مشكلة أو لقاء شخص جديد أو أياً كان. لكن شعور القلق في هذه الحالات أمر طبيعي تماماً؛ إذ يساعد على التأقلم والتركيز والتنظيم. في المقابل، يجد بعض الناس صعوبة في السيطرة على مخاوفهم؛ حيث تكون مشاعر القلق أكثر ثباتاً وديمومة وقد تؤثر في حيواتهم اليومية وتتعارض معها؛ أي قد يتحول القلق من شعور عابر إلى اضطراب، وهو ما يُسمَّى بـ “اضطرابات القلق”.

غالباً ما تشمل العلاجات الرئيسة لاضطرابات القلق علاجاً نفسياً؛ مثل العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالقبول والالتزام، أو علاجاً دوائياً مثل الأدوية المضادة للقلق، أو كليهما. لكن هل تعلم أن ثمة طرائق طبيعية تساعد على إدارة القلق؟ وسوف نستعرض في هذا المقال أهم الأساليب الطبيعية والعلاجات المنزلية؛ مثل المكملات الغذائية والأنشطة وبعض الأعشاب، التي تساعد على التخفيف من القلق.

اقرأ أيضاً: 5 أطعمة هي الأسوأ لصحتك النفسية: تعرّف إليها لتتجنبها

10 علاجات طبيعية للتخفيف من القلق

1. التمرينات الرياضية

للنشاط البدني المنتظم تأثير كبير في إدارة القلق؛ إذ وجدت دراسة منشورة في دورية فرونتيرز إن سايكايتري (Frontiers in Psychiatry) عام 2021، أن خطر الإصابة باضطرابات القلق عند الأشخاص الذين يمتلكون أنماط حياة نشطة بدنياً، يكون أقل بنسبة 60% مقارنة بأولئك الذين كانوا أقل نشاطاً. ويُعتقد أن للتمرينات الرياضية تأثيراً مضاداً للقلق لعدة أسباب؛ منها:

  • تحوِّل الانتباه عن الأفكار أو المواقف المسببة للقلق.
  • تغيِّر كيمياء الدماغ؛ ما يؤدي إلى زيادة إنتاج الناقلات العصبية المضادة للقلق مثل السيروتونين، وحمض غاما أمينوبوتيريك، وعامل التغذية العصبية المستمَد من الدماغ، والكانابينويدات الداخلية.
  • تعزِّز التركيز وقوة الإرادة؛ ما يساعد على تخفيف بعض أعراض القلق.

يمكن أن يختلف نوع التمرين حسب التفضيل الشخصي؛ سواء أكان من التمرينات المتقطعة العالية الكثافة أم الجري أم حتى من التمرينات الأبسط مثل البيلاتس واليوغا.

اقرأ أيضاً: هاتان الرياضتان تخففان الاكتئاب، تعرَّف إليهما.

2. الإقلاع عن التدخين

قد لا يكون الإقلاع عن التدخين أمراً سهلاً، خصوصاً إذا كنت تسرع إلى إشعال سيجارتك كلما مررت بوقت عصيب؛ لكن عليك أن تعلم أن التدخين يؤدي إلى تفاقم القلق بمرور الوقت، حتى وإن بدا حلاً سريعاً الآن، فالنيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى الموجودة في دخان السجائر يمكن أن تغير مسارات الدماغ المرتبطة بالقلق واضطراب الهلع.

إذاً؛ يؤدي الإقلاع عن التدخين دوراً مهماً في إدارة القلق. إذ تشير نتائج الأبحاث وفقاً لمراجعة منشورة في دورية تقارير الطب النفسي الحالية (Current Psychiatry Reports) عام 2020، إلى وجود علاقة قوية بين القلق والتدخين، وإلى أن الأشخاص الذين يعانون القلق أكثر عرضة إلى أن يكونوا مدخنين.

ومع ذلك، فقد ثبت أن الإقلاع عن التدخين يحسِّن أعراض القلق؛ إذ توصلت دراسة منشورة في دورية الجمعية الطبية الأميركية المعروفة، جاما نيتوورك (JAMA Network)، عام 2023، إلى أن الإقلاع عن التدخين قد يؤدي إلى انخفاض كبير في أعراض القلق.

3. تقليل استهلاك الكافيين

هل تعلم أن الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) تعترف رسمياً باضطراب القلق الناجم عن الكافيين؛ وهو اضطراب يعاني فيه الشخص أعراض القلق بوصفها نتيجة مباشرة لاستهلاك الكافيين؟ يمكن القول إذاً إن الكافيين قد يسبب اضطرابات القلق أو يزيدها سوءاً، فهو يزيد حدة نوبات القلق والذعر عند الأشخاص الذين يعانون اضطراب الهلع.

أما سبب ارتباط الكافيين بالقلق، فهو قدرته على تغيير كيمياء الدماغ، بالإضافة إلى زيادته الشعور باليقظة عبر كبح مادة الأدينوزين الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن الشعور بالتعب، وتحفيز إطلاق هرمون الأدرينالين المعروف باسم “هرمون الكر أو الفر” في الوقت نفسه.

 ومع ذلك، فإن تناول كمية معتدلة من الكافيين يُعد آمناً بالنسبة إلى معظم الأشخاص. لكن في حال كنت تتطلع إلى تقليل استهلاكه أو التوقف عنه تماماً، فعليك بتقليل كمية الكافيين التي تشربها يومياً على نحو تدريجي، واستبدال الماء بها لتروي عطشك.

4. العلاجات العشبية

تُستخدم عدة علاجات عشبية عادة للتخفيف من أعراض القلق؛ وإليك أهم هذه الأعشاب وفوائدها المحتملة والمخاطر المرتبطة بها.

  • البابونج (Chamomile): يُعد شاي البابونج علاجاً منزلياً شائعاً لتهدئة الأعصاب المتوترة وتحسين القدرة على النوم وتقليل أعراض اضطراب القلق العام. وتعود خصائصه المضادة للقلق إلى احتوائه مادة الأبيجينين (Apigenin)؛ وهي مادة فلافونويدية تتفاعل مع مستقبلات حمض غاما أمينوبوتيريك في الدماغ، بالطريقة نفسها التي يعمل وفقها بعض الأدوية المضادة للقلق. عموماً، يُعد البابونج آمناً وفعالاً في تقليل أعراض القلق على المدى القصير؛ ولكنه قد يزيد خطر النزيف عند استخدامه مع أدوية تمييع الدم.
  • زهرة الآلام (Passion flower): وُجد أن زهرة الآلام قد تساعد على تخفيف القلق، وهي آمنة عموماً في حال تناوُلها حسب الإرشادات؛ لكنها قد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل النعاس والدوار والارتباك.
  • جذور الفاليريان أو نبات الناردين المخزني (Valerian): رُصد انخفاض مستويات القلق والتوتر عند بعض الأشخاص الذين يتناولون هذا النبات؛ في حين لم يستفد بعضهم الآخر. وعلى الرغم من أنه نبات آمن عموماً عند تناوله بالجرعات الموصى بها، فإن بيانات السلامة على المدى الطويل غير متوفرة. لذلك؛ لا يُنصح بتناوله أكثر من بضعة أسابيع متواصلة إلا في حال موافقة الطبيب، بالإضافة إلى أنه قد يسبب آثاراً جانبية مثل الصداع والدوار والنعاس.
  • الخزامى أو اللافندر (Lavender): تناول اللافندر عن طريق الفم أو استخدام رائحته بوصفها علاجاً عطرياً قد يقلل القلق؛ لكن ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث في هذا الشأن. جدير بالذكر إن اللافندر قد يسبب آثاراً جانبية مثل الإمساك والصداع وانخفاض ضغط الدم.
  • المليسة المخزنية أو بلسم الليمون (Lemon balm): تشير الأبحاث الأولية إلى أن بلسم الليمون يمكن أن يخفف بعض أعراض القلق مثل العصبية وسرعة الانفعال، وهو آمن للاستخدام على المدى القصير؛ لكنه قد يسبب آثاراً جانبية مثل الغثيان وآلام البطن.

وعلى الرغم من أن هذه العلاجات العشبية تُظهر قدرتها على التخفيف من القلق، فإن ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث للتأكد من فعاليتها وسلامتها على المدى الطويل. ومن المهم جداً قبل أن تفكر في تناول المكملات العشبية لإدارة القلق، أن تستشير طبيبك، خصوصاً إذا كنت تتناول أدوية أخرى؛ إذ قد يسبب التفاعل بين المكملات العشبية وبعض الأدوية آثاراً خطِرة، ويستطيع للطبيب تقديم الإرشادات حول المخاطر والفوائد المحتملة.

اقرأ أيضاً: ما مدى فعالية المكملات الغذائية والألعاب المعرفية في تحفيز الذاكرة؟

5. العلاج بالروائح العطرية

تتمتع هذه الممارسة العلاجية بتاريخ طويل في تعزيز الصحة الجسدية والعاطفية، وذلك من خلال الاستفادة من المستخلصات النباتية الطبيعية وزيوتها العطرية؛ حيث تشمل الطرائق الرئيسة التي يمكن أن يساعد بها العلاج العطري على تقليل القلق ما يلي:

  • الاسترخاء: يعزز استنشاق الزيوت العطرية أو استخدامها في الحمام الدافئ الاسترخاء؛ إذ يمكن أن يكون للروائح الطيبة تأثير مهدِئ للدماغ؛ ما يساعد على تخفيف التوتر والقلق.
  • تحسين النوم: يُعرف بعض الزيوت العطرية مثل الخزامى، بخصائصه التي تساعد على النوم وتحسن نوعيته؛ ما يساعد الأفراد الذين يعانون القلق في الحصول على نوم أكثر راحة في أثناء الليل.
  • تحسين المزاج: يُعتقد أن بعض الروائح مثل البرغموت والخزامى والغريب فروت، تعزز الحالة المزاجية؛ ما يساعد على مكافحة مشاعر القلق والتوتر.
  • تحسين الصحة الجسدية: يمكن أن يكون للعلاج بالروائح تأثير مباشر في الجسم؛ ما يقلل العلامات الفيزيولوجية للقلق؛ إذ وُجد أنه يخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم؛ ما يوفر تأثيراً مهدئاً للجهاز العصبي.

خلاصة الكلام: يُعتقد أن بعض الزيوت العطرية المحددة؛ مثل زيت البرغموت (الليمون العطري) والياسمين وجذور الفاليريان والخزامى والريحان والورد الجوري والميرمية والجريب فروت، فعالة على نحو خاص في تخفيف القلق؛ إذ يمكن لهذه الزيوت عند استنشاقها أو استخدامها في مختلف ممارسات العلاج العطري أن تسهم في الشعور بالهدوء والرفاهية.

6. تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

يشير استشاري الطب النفسي، علي القحطاني، إلى أن حالات كثيرة من التي لاحظ فيها زيادة القلق وتردي المزاج كانت عند أولئك الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، وهذا ما يتوافق مع الدراسات العلمية، وقد لاحظ أيضاً أنه عند تقليل استخدام هذه الوسائل، فإن مستوى القلق يتحسن وكذلك تتحسن الحالة المزاجية وبعض الجوانب الصحة الجسدية.

7. اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن

قد يؤدي انخفاض مستويات السكر في الدم، الذي يرتبط غالباً بأنماط الأكل غير المنتظمة أو تناول الأطعمة التي تحتوي نسبة عالية من السكر، إلى تقلب المزاج وزيادة القلق. بالإضافة إلى أن الجفاف قد يؤثر في الحالة المزاجية، دون أن ننسى أن لبعض المواد الكيميائية الموجودة في الأطعمة المصنعة؛ مثل النكهات الاصطناعية والملونات والمواد الحافظة، آثاراً سلبية في الحالة المزاجية عند بعض الأفراد. لذلك؛ لتقليل القلق عبر الخيارات الغذائية، يُوصى بما يلي:

  • ترطيب الجسم ترطيباً كافياً عبر شرب كمية كافية من الماء طوال اليوم.
  • الامتناع عن تناول الأطعمة المصنعة التي تحتوي إضافات صناعية، أو تقليله.
  • اتباع نظام غذائي متوازن يتضمن الكربوهيدرات المعقدة (الحبوب الكاملة) والفاكهة والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون. يمكن أن توفر هذه الخيارات الغذائية مصدراً ثابتاً للطاقة، وتثبت مستويات السكر في الدم، وتدعم الصحة النفسية.

وجدير بالذكر هنا إنه ينبغي الحرص على تناول ما يكفي من الأطعمة البحرية والأسماك الزيتية الغنية بالأوميغا 3؛ وهي أحماض دهنية متعددة غير مشبعة؛ مثل التونا والسلمون والسردين وغيرها. فقد وُجد أن الأوميغا 3 الموجود في زيت السمك يحسِّن أعراض القلق؛ لكن ينبغي تناول جرعات لا تقل عن 2,000 ميلليغرام يومياً. وبالطبع، تنبغي استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات غذائية.

اقرأ أيضاً: ما الأطعمة التي تحارب الخوف والقلق؟

8. الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلاً

في أي موضوع يخص الصحة الجسدية والنفسية الجيدة، لا بُد أن تقرأ هذه النصيحة، فالنوم الكافي والوافي ليلاً  يعزز مستويات الطاقة وصحة القلب، ويساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم، ويعزز صحة الجهاز المناعي، ويدعم العمليات المعرفية مثل تقوية الذاكرة والتفكير المعرفي، ويحسن المزاج، ويساعد في الحفاظ على وزن صحي وإدارة التوتر والقلق.

وعلى الرغم من أن مقدار النوم المثالي يختلف من شخص إلى آخر بناء على العمر ومستوى النشاط والصحة العامة، فإن غالبية المنظمات الطبية المعنية بالموضوع توصي بأن ينام البالغون الأصحاء ما بين 7 و9 ساعات يومياً، وألا يقل عدد ساعات النوم عن 7 ساعات كل ليلة؛ لأنه ودون هذا القدر الكافي من النوم، من الطبيعي أن يكون الإنسان مترنحاً وتعِباً وأكثر عرضة إلى الإصابة بقلة التركيز وضعف الأداء الذهني وصعوبة معالجة المعلومات في الدماغ وتخزينها خلال اليوم، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة في حال حدثت قلة النوم على نحو متكرر.

اقرأ أيضاً: الأكل والنوم والصحة النفسية، تعرف إلى العلاقة بينهم

9. التأمل وممارسة اليقظة الذهنية

وجدت دراسة منشورة في دورية الجمعية الطبية الأميركية للطب النفسي (JAMA Psychiatry) عام 2023، أن برنامجاً مدته 8 أسابيع من التأمل القائم على اليقظة الذهنية، يساعد على تقليل القلق على نحو مماثل لتأثير عقار ليكسابرو (Lexapro) المضاد للاكتئاب، الذي كثيراً ما يوصف لإدارة القلق. في الواقع، يخفف التأمل من القلق والتوتر، وهو جانب أساسي من جوانب العلاج المعرفي السلوكي.

واليقظة الذهنية نوع من أنواع التأمل يعتمد على تركيز الانتباه والوعي على الشعور في اللحظة الراهنة؛ أي الإحساس الواعي بالمحيط، بالإضافة إلى الحالة الداخلية في الوقت الحالي بدلاً من التفكير فيما حدث في الماضي أو فيما سيحدث في المستقبل، ودون إصدار أحكام أو تأويلات. باختصار: إنها الانتباه إلى ما هو موجود الآن؛ ما يؤدي إلى الشعور بالهدوء والرضا، من خلال زيادة القدرة على تحمل الأفكار والمشاعر كافةً. واليقظة الذهنية مثلها مثل التأمل؛ تقلل التوتر والقلق وتحسِّن الانتباه والذاكرة وتعزز تنظيم المشاعر والتعاطف.

اقرأ أيضاً: وجّه خيالك وعزز صحتك النفسية

10. ممارسة التنفس العميق

التنفس السريع والضحل شائع مع القلق، وقد يؤدي إلى تسارع ضربات القلب أو الدوار أو حتى إلى نوبة هلع. وبالطبع، يمكن لتمرينات التنفس العميق أن تساعد على استعادة أنماط التنفس الطبيعية والتخفيف من القلق.

ختاماً، ينبغي التنويه بأن العلاجات الطبيعية المذكورة في المقال ستساعدك على التخفيف من أعراض القلق وحدّته؛ لكنها لا تحل محل المساعدة المهنية، فقد يتطلب القلق علاجاً أو وصفة طبية، ولا بد من التحدث إلى الطبيب لتحديد العلاج الأفضل بالنسبة إليك.