ملخص: يشبه الاضطراب الاكتئابي الرئيس سحابة داكنة تتبع الشخص المُصاب أينما ذهب، فهو مهما فعل، لا يشعر بالاستمتاع، ويخيّم عليه حزن عميقٌ ومستمر. لحسن الحظ، تحمل نتائج تجربة سريرية واعدة الأمل في العلاج من خلال التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي. تعرف إلى التفاصيل في هذا المقال.
محتويات المقال
هل تشعر بالإحباط والحزن منذ مدةٍ؟ ربما يتعلق الأمر بأكثر من مجرد حزنٍ عابر؟ يعاني الملايين من الأشخاص حول العالم الاكتئاب السريري أو كما يُعرف أيضاً بـ "الاضطراب الاكتئابي الرئيس"؛ وهو حالة تجعلهم يشعرون بالإحباط واليأس وانعدام الدافع. إنه ليس مجرد حالة مزاجية قاتمة عابرة أو أسبوع سيئ؛ إنه شعور مستمر يمكن أن يُلقي بظلاله لأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.
لكن الأخبار الجيدة تحملها لنا دراسة تجريبية رائدة؛ حيث أظهرت النتائج إمكانيات واعدة لتقنية التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي في علاج الاكتئاب. تعرَّف إلى تفاصيلها في هذا المقال.
ما الاضطراب الاكتئابي الرئيس؟ وما أعراضه؟
الاضطراب الاكتئابي الرئيس (Major Depressive Disorder)، أو كما يُشار إليه أيضاً بـ "الاكتئاب السريري" (Clinical Depression)، هو اضطراب مزاجي منتشر على نطاق واسع. تتمثل أعراضه الرئيسة في الحزن المستمر وفقدان الاهتمام السابق بالأنشطة. فعلى الرغم من أن الشعور بالحزن أمر طبيعي، وبخاصة خلال تحديات الحياة مثل فقدان شخص عزيز أو خلال موقف صعب، تكون تلك المشاعر عادة مؤقتة.
بينما يعاني الشخص المصاب باضطرابٍ مزاجي مثل الاضطراب الاكتئابي الرئيس الحزنَ لفترة طويلة، وهو حالة خطِرة تؤثر في المزاج والسلوك والوظائف الجسدية مثل الشهية والنوم. وفي حين أن بعض المصابين قد لا يحتاجون إلى العلاج، فإن معظمهم تُمكنه إدارة الأعراض على نحو فعال من خلال الأدوية والعلاج النفسي وطرائق أخرى.
وتوضح الاختصاصية النفسية، نانسي صميدة، إن أول علامات الإصابة بهذا النوع من الاكتئاب هي استمرار أعراضه أكثر من أسبوعين، وتتمثل في الآتي:
- فقدان الاهتمام والاستمتاع بأنشطة الحياة العادية.
- فقدان الوزن أو زيادته.
- اضطراب الشهية؛ فقدانها أو زيادتها.
- الرغبة في النوم أو عدم الرغبة فيه.
- العصبية والقلق لأسباب بسيطة.
- الشعور بعدم الاكتراث، والخمول والكسل.
- الشعور بالتعب والإعياء وفقدان الطاقة.
- الشعور بانعدام القيمة الذاتية ويصاحبه الشعور بالذنب.
- مشكلات التركيز وصعوبة اتخاذ القرارات مهما كانت بسيطة.
- التفكير في الانتحار.
اقرأ أيضاً: 4 أنواع للاكتئاب تهدد الصحة النفسية للأمهات والأطفال وعلاجها
دراسة تجريبية جديدة تكتشف إمكانية علاج الاكتئاب الحاد من خلال التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي
في حين أن خيارات العلاج المتاحة حالياً لعلاج الاضطراب الاكتئابي الرئيس توفر الراحة وإمكانية تخفيف الأعراض وأحياناً علاجها، فإن البحث عن تقنيات علاجية جديدة ما يزال مستمراً. وفي هذا السياق، سلطت دراسة رائدة حديثة نُشرت في 2023، الضوء على نهج علاجي جديد واعد هو تحفيز الحبل الشوكي عبر الجلد (tsDCS)؛ حيث تعمقت هذه الدراسة التجريبية في إمكانيات هذه التقنية في تخفيف أعراض الاكتئاب؛ ما يوفر منارة أملٍ لأولئك الذين يعانون هذه الحالة المُنهكة.
هذه الدراسة الرائدة التي أشرف عليها باحثون من جامعة سينسيناتي (University of Cincinnati) الأميركية، صُممت بدقة لتكون تجربة موضوعية وصحيحة النتائج. فقد أبلغ المشاركون عن انخفاض ملحوظٍ في الحزن والأفكار المتشائمة بعد تلقيهم لجلسات التحفيز 3 مرات أسبوعياً لمدة 8 أسابيع؛ أي ما يُعادل 24 جلسة مدة كل منها 20 دقيقة.
وبخصوص التحفيز الكهربائي، يقول الباحث الرئيس في هذه الدراسة، فرانسيسكو نافا (Francisco Nava): "استخدمنا تياراً صغيراً جداً أصغر بقرابة 10 مرات من التيار المعروف بأنه يسبب تلف الأنسجة، وهذا أيضاً مُشجع جداً لأن ثمة الكثير مما يجب استكشافه فيما يتعلق بالجرعة المثالية وتكرار الجلسة".
بالتأكيد، لا تُمكن المبالغة في أهمية هذه الدراسة، فهي تمهد الطريق لنهج علاجي جديد لمحاربة الاكتئاب، وتقدم بديلاً محتملاً أو علاجاً داعماً لخيارات العلاج المتاحة حالياً.
6 خطوات مهمة للوقاية من الإصابة بالاكتئاب
قد يختلف الاكتئاب بين فردٍ وآخر؛ لكنه يؤثر في الصحة الجسدية والنفسية للمصابين به جميعهم؛ فيتسبب في استنفاد الطاقة، وفقدان الحافز، وتوتر العلاقات بصفة عامة. وهو يصيب 1 من كل 15 شخصاً بالغاً أغلبهم من النساء، بحسب جمعية علم النفس الأميركية (American Psychological Association). وعلى الرغم من أنه لا يمكنك دائماً منع الإصابة بالاكتئاب، فإنه يمكنك اتخاذ خطواتٍ فعالة لتقليل خطر الأعراض.
إذ يشير خبراء الصحة النفسية إلى أن الوقاية من الاكتئاب ليست مضمونة؛ إلا أن الطرائق الآتي ذكرها يمكن أن تقلل المخاطر أو تساعد على إدارة الأعراض أو منع الانتكاس:
- الحفاظ على نمط حياة صحي: يمكن أن يساعد الحفاظ على نمط حياة صحي على تجنب الاكتئاب؛ وذلك؛ بوساطة اتباع نظام غذائي، وتحسين نظافة النوم (Sleep Hygiene)، وممارسة التمارين الرياضية.
- تتبع الحالة المزاجية والسلوكية: عندما تبدأ في ملاحظة العوامل التي قد تسهم في ظهور الأعراض؛ مثل قلة النوم، فإنك تشعر بقدرة أكبر على اتخاذ الخطوات وإعطاء الأولوية إلى الرعاية الذاتية عند ظهور تلك المحفزات.
- التعامل مع الحزن أو الصدمة: عندما يرتبط الاكتئاب بحدثٍ مؤلمٍ أو يكون ناتجاً من صدمةٍ معينة، فمن الأفضل التواصل مع شخص والتحدث إليه حول ما تشعر به، أو طلب المساعدة من معالج أو متخصص لتجنب مضاعفات حالة الاكتئاب ومخاطرها.
- تخفيف التوتر: يؤثر التوتر في كيمياء دماغك مباشرة، ومن ثَمَّ يزيد مستوى الاكتئاب. لذلك؛ يُنصح بتخفيض توترك من خلال التأمل، والتمارين الرياضية، والاستماع إلى الموسيقا الهادئة، أو الاستعانة بالعلاج النفسي.
- التوقف عن التدخين: إن كنت من المدخنين، فأدعوك إلى الاطلاع على مخاطر التدخين وطرائق الإقلاع عنه من خلال هذا المقال: "5 خطوات أساسية في رحلة الإقلاع عن التدخين". وتأكد أن الإقلاع عن هذه العادة المضرة سيسهم في زيادة تفاؤلك وتحسين جودة حياتك.
- استشارة الطبيب: يُوصى بزيارة الطبيب عند ملاحظة العلامات المبكرة للاكتئاب لمعالجتها تفادياً لتفاقم الأعراض في وقتٍ لاحق.
اقرأ أيضاً: ما أسباب الإصابة باكتئاب الحنين؟ وكيف يمكن علاجه؟
وأخيراً، إن كنت مصاباً بالاضطراب الاكتئابي الرئيس، تذكر أنه ليس عليك انتظار اعتماد التحفيز الكهربائي للحبل الشوكي لكي تُعالج حالتك، فثمة مساعدة يمكنك الحصول عليها من خلال العلاج النفسي أو العلاج الدوائي أو بمزيج من الاثنين معاً. ننصحك بعدم التردد في التحدث إلى الطبيب أو المعالج؛ فذلك يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في إدارة الأعراض والشعور بالتحسن.