ملخص: هل ساورتك الرغبة في العودة إلى هاتفك الغبي الذي لم يكن يؤدي دوراً أكثر من إجراء المكالمات وإرسال الرسائل؟ دعني أقول لك إن هذا شعور صحي، فالإشعارات التي لا تنتهي على هاتفك الذكي والآثار النفسية السلبية الناتجة منها، تجعلك بالتأكيد تشتاق إلى حياتك الهادئة ما قبل اقتنائه؛ لكن ما الأضرار النفسية التي تلحق بنا من جرّاء تعلقنا بالهاتف الذكي؟ وما الذي سنجنيه إذا ما ابتعدنا عنه؟ هذا ما سنعرفه بالتفصيل في المقال.
محتويات المقال
هل دعتك كثرة الإشعارات على هاتفك الذكي في أحد الأيام إلى الاشتياق إلى هاتفك القديم الذي لم يكن يؤدي دوراً أكثر من إجراء المكالمات وإرسال الرسائل ولعب بعض الألعاب البسيطة؟ دعني أقول لك إن هذا الشعور لم يساورك لوحدك، فالكثيرون نتيجة تأثير الهواتف الذكية سلباً في صحتهم النفسية؛ أصبحوا يفكرون في التخلي عنها.
بالطبع لا ينفي ذلك الأهمية الكبيرة للهواتف الذكية والثورة التكنولوجية التي قادتها؛ إلا أنها في الوقت نفسه أنتجت الكثير من الآثار السلبية في حياة كل منا؛ وذلك ما دعا البعض إلى الرجوع بالزمن واستخدام الهاتف الغبي (Dumb Phone) من جديد، ويُقصد به ذلك الهاتف الذي لا تتوفر عليه أي تطبيقات لمنصات التواصل الاجتماعي. لذا؛ علينا أن نتعرف إلى ما يفعله الهاتف الذكي بصحتنا النفسية، وما الذي سنجنيه من فوائد إذا ما تخلينا عنه.
كيف ينعكس الإفراط في استخدام الهواتف الذكية على صحتنا النفسية؟
يؤكد الطبيب النفسي، نزار اليملاحي، إن هناك علاقة وثيقة بين الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والإصابة بالقلق والتوتر والاكتئاب والإرهاق النفسي، مشيراً إلى إتيان الكثير من الزائرين إلى عيادته ممن يعانون التوتر وخفقان القلب. وبعد البحث، وجد أن السبب هو معاناتهم رهاب فقدان الهاتف المحمول "النوموفوبيا" (Nomophobia).
ويضيف اليملاحي إن الهواتف الذكية جعلت الكثيرين يعيشون في عوالم افتراضية بعيدة عن أرض الواقع؛ لذا فالاتصال بالطبيعة مرة أخرى يمكن أن يكون حلاً مفيداً لعلاج الآثار النفسية السلبية الناتجة من استخدام الهواتف الذكية.
وحتى تتضح الصورة أكثر، يشرح لنا عميد كلية الصحة في جامعة ولاية أوريغون (Oregon State University)، بريمان بريماك (Brian Primack)، العلاقة بين الهواتف الذكية وسلوك الإنسان، فيقول إن استخدامها يحفز بدرجة ملحوظة مراكز المكافأة في الدماغ. وتلك ليست نتيجة عشوائية، فالأشخاص الذين يعملون على تطبيقات هذه الأجهزة قد صمموها لزيادة رغبة الأشخاص في البقاء داخل التطبيق لأطول وقت ممكن.
وكلما ازداد الوقت الذي يقضيه الشخص في استخدام هاتفه الذكي، ارتفعت احتمالية معاناته تأثيرات سلبية عديدة؛ في مقدمتها انخفاض رضاه عن حياته نتيجة عقده المقارنات بينها وبين حياة الآخرين. وسنجده أيضاً يتطلع إلى المثالية من جراء انخداعه بالصور البراقة المُزيفة التي تُصدر له من المؤثرين؛ ما يُشعره بالنقص وعدم الأمان ويجعله يميل إلى العزلة والانفصال عن الواقع، وأيضاً ستنخفض جودة نومه لأن الضوء المنبعث من شاشات الهواتف الذكية يؤثر سلباً في إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين).
اقرأ أيضاً: هندسة إدمان منصات التواصل الاجتماعي: كيف تتلاعب بالمستخدمين؟
لماذا ازدادت الحاجة مؤخراً إلى العودة إلى الهواتف الغبية؟
يرجع أستاذ الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا (University of California)، غاري سمول (Gary Small)، ظهور موجة العودة إلى الهواتف الغبية إلى رغبة الكثير من الأشخاص في أن يتخلصوا من السيطرة والملاحقة الناتجة من امتلاكهم الهواتف الذكية، فالعودة إلى الهاتف الغبي إحدى طرائق الحد من تحكم الهاتف الذكي في تفاصيل حيواتهم.
من الأسباب الملموسة أيضاً أننا أصبحنا نعيش مؤخراً في عالم مزدحم بالصراعات والحروب، التي بلا شك تلقي بظلالها على منشورات التواصل الاجتماعي؛ وهذا ما يجعلنا نتأثر نفسياً بدرجة ملحوظة. لذلك؛ سيكون الهاتف الغبي إحدى الوسائل التي تجعلنا في مأمن من التعرض إلى محتوى لسنا مستعدين نفسياً لظهوره على نحو مفاجئ.
اقرأ أيضاً: كيف تتابع أخبار الحروب دون أن تفقد سلامك النفسي؟
4 فوائد ثمينة ستجنيها عندما تتخلى عن هاتفك الذكي
هناك العديد من الفوائد التي ستحظى بها عندما تتخذ قراراً بتخليك عن هاتفك الذكي؛ وأهمها:
- ستتحسن جودة نومك: ما ينعكس إيجاباً بكل تأكيد على صحتك النفسية بصفة عامة؛ وذلك نتيجة أن الضوء الأزرق المنبعث من شاشة الهاتف يؤدي إلى اضطراب نظام النوم الطبيعي في الجسم.
- ستنعم بحياة أكثر بساطة وهدوءاً: فأنت بالطبع تعلم ما يُحدثه جرس الإشعارات المتلاحقة من إزعاج وتوتر. لذا؛ ستجد بعد ابتعادك عن هاتفك الذكي أنك أصبحت أكثر قدرة على الاستمتاع بتفاصيل حياتك.
- سترتفع درجة تركيزك وتزيد إنتاجيتك: وذلك من جرّاء غياب المشتتات الناتجة من تطبيقات منصات التواصل الاجتماعي من حياتك، فلا مجال للتحقق المستمر من الهاتف والخوف من أن يفوتك شيء.
- ستوفر بعض النقود التي كانت تذهب لتجديد باقات الإنترنت: ويمكن أن تستفيد منها للقيام بنشاط صحي؛ مثل تناول الإفطار في أحضان الطبيعة أو الاشتراك في صالة اللياقة البدنية.
اقرأ أيضاً: كيف توقعنا شبكات التواصل الاجتماعي في فخ الاكتئاب؟
أخيراً، دعني أخبرك إن العالم أكثر اتساعاً من حدود هاتفك الذكي. لذا؛ لا تخسر تلك الفرص غير النهائية لملاحظة الجمال والبهجة حولك، وابدأ اكتشاف عالمك الحقيقي بدلاً من الانغماس في العالم الافتراضي الذي يؤذي صحتك النفسية.