ملخص: هل شعرت من قبل بأن غير قادر على الاستمتاع بحياتك مهما حاولت؟ هل مارست الأنشطة التي تسبب لك السعادة ومع ذلك لم تشعر بها؟ الحقيقة أن هذه الحالة لها الكثير من الأسباب مثل الإصابة بالاكتئاب والشعور بالاحتراق النفسي؛ لكن الخبر السار هو أنك يمكن أن تستعيد علاقتك بالسعادة فور أن تقرأ هذا المقال.
محتويات المقال
يسلب منا المواقف والظروف الحياتية الشهور بالسعادة، وحينها، قد لا يمكن لأي شيء نفعله أن يُدخل السرور والبهجة على قلوبنا. نستيقظ صباحاً فنجد أن العالم رمادي، وفي بعض الأوقات، نتخبط في دروب الفشل وخيبة الأمل، وبعدها ننزلق إلى الإحساس العميق بالحزن وفقدان معنى الحياة. هل واجهت تلك الحالة من قبل؟ وهل تجد صعوبة بالغة في الشعور بالسعادة، على الرغم من محاولاتك كلها؟ إليك الأشياءَ التي يمكنك فعلها للخروج من هذا المنعطَف السيئ.
لماذا قد تجد صعوبة بالغة في الإحساس بالسعادة؟
يعتمد مستوى سعادتك على العديد من المتغيرات؛ حيث تتأثر عواطفك بصحتك وأفكارك والضغوط المرتبطة بالعمل ونمط حياتك العام. على سبيل المثال؛ قد تجد صعوبة في الشعور بالسعادة لأنك لا تحصل على قسط كافٍ من النوم، أو بسبب عدم تناول الأطعمة التي تحتوي العناصر الغذائية كافةً، وإليك أهم الأسباب الأخرى التي قد تحول بينك وبين الإحساس بالسعادة:
- انعدام التلذذ "الإنهيدونيا" (Anhedonia): ويعني عدم القدرة على الشعور بالسعادة، وعادة ما يقترن هذا الشعور بانعدام الحافز لتجربة أي أمر جديد؛ حيث لا يعود هناك شيء يهم، ولا يتولد الشعور بالمكافأة أو المتعة من فعل أي شيء! وفي الواقع، يرتبط انعدام التلذذ بخلل في توازن الدوبامين في الدماغ؛ ما يجعل الشخص غير مبالٍ بأحداث الحياة.
- الإصابة بالاضطرابات النفسية: الشعور بعدم السعادة قد يكون عرضياً، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يكون مرتبطاً بأحد أعراض الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- الشعور بالاحتراق النفسي والإرهاق: حين تعمل لساعات طويلة للغاية تحت ضغط هائل، أو تقوم بمجموعة كبيرة من المسؤوليات دون فترات راحة، سوف يصيبك الاحتراق النفسي والإرهاق الدائم، ووقتها لن تُصاب باضطراب النوم وسرعة الانفعال؛ ولكن لن تكون قادراً على الشعور بالسعادة.
- الإحساس بالوحدة: في حين أن الوحدة تصيب الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم أو المنعزلين عن الآخرين لفترة طويلة؛ إلا أن الشخص يمكن أن يشعر بالوحدة حتى عندما يكون وسط حشد من الناس حيث تتجذر الوحدة بوصفها حالة عاطفية عندما لا نكون قادرين على تكوين روابط حقيقية مع الآخرين من حولنا. وإن الشعور المستمر بعدم وجود شيء يجعلنا سعداء يمكن أن يكون بسبب الشعور بالوحدة، والميل إلى الانغلاق على العالم الخارجي قد يدفعنا إلى حالة أعمق من الاكتئاب فيجعلنا ندور في حلقة مفرغة.
- الإصابة بالملل: غالباً ما نشعر بالملل لأننا مجبرون على التكيف مع ظروفنا، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وبعد أن نعتاد شيئاً ما، نميل إلى أن نصبح غير مبالين به، ونفشل في استخلاص أي دفقة من السعادة، وفي الكثير من الأوقات، يمكن أن يؤدي استمرار الملل لفترة طويلة تجاه أحداث الحياة إلى الإصابة بالاكتئاب.
- قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي: تقودنا وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقارنة حياتنا بأكملها باللحظات الإيجابية فقط في حياة الآخرين؛ الأمر الذي يرسخ في داخل كلٍ منا الشعور بالتعاسة، وبأننا نحيا حياة أقل بكثير من حيوات باقي الأشخاص.
- تبني الكثير من العادات السيئة: الشخص هو مجموع عاداته، وقد يؤدي تبني العادات السيئة إلى ترسيخ الشعور بعدم السعادة. لنفرض على سبيل المثال أنك تسهر لوقت طويل، وتتناول المشروبات التي تحتوي الكافيين بكثرة مثل القهوة والمشروبات الغازية. في هذا الوقت، سوف يحدث اختلال في توازن المواد الكيميائية بالمخ؛ ما يؤدي إلى زيادة نشاط جهازك العصبي، وقد يُشعرك بالقلق والتوتر.
- الإفراط في التفكير الكارثي: تؤكد أستاذة علم النفس السريري، ليندا بلير (Linda Blair)، إن الأشخاص الذين يفرطون في التفكير الكارثي يقفزون دائماً إلى أسوأ الاستنتاجات. ولأن التخلص من هذا النمط من التفكير ليس سهلاً؛ قد يصعب معه الشعور بالسعادة.
- أنت عالق في علاقة خاطئة: في بعض الأحيان، قد تنبع التعاسة من وجودك في علاقة خاطئة تستنزف طاقتك. وفي هذا السياق، توضح المختصة النفسية بريانا سيفيرين (Briana Severine) إن وجودك مع الشخص الخطأ قد تكون له تأثيرات خطِرة على الصحة النفسية والجسدية.
- حالات طبية جسدية: الشعور المستمر بأن لا شيء يجعلك سعيداً قد ينشأ أيضاً من حالة طبية معينة أو تحول مفاجئ في نمط حياتك المعتاد. على سبيل المثال؛ من المرجح أن يؤدي نقص فيتامين د إلى سوء الحالة المزاجية والاكتئاب.
اقرأ أيضاً: "السعادة قرار" كيف تحول هذه الجملة إلى واقع تعيشه؟
ما الذي يمكن أن يعيد إليك الشعور بالسعادة؟
أن تكون شخصاً يشعر بالسعادة، فهذا أمر لا يحدث في يوم واحد؛ حيث يتطلب الأمر أن تفهم نفسك جيداً، وأن تعيد بناء عاداتك من جديد كما عليك أن تعرف السبب الجذري لعدم إحساسك بالسعادة، ففي حال كنت تشعر بالاكتئاب أو أي اضطراب نفسي آخر، عليك مراجعة الطبيب المختص؛ أما إذا كان شعورك لا علاقة له بأي اضطراب فإليك بعض الأفكار التي يمكن أن تساعدك على استعادة الشعور بالسعادة:
- غيّر عقليتك: إذا كنت تعاني مشاعر عابرة أو مؤقتة لعدم الاستمتاع، فقد تتمكن من العثور على السعادة مجدداً عن طريق إجراء تغييرات بسيطة في طريقة تفكيرك. على سبيل المثال؛ اسأل نفسك: "ماذا تعني السعادة بالنسبة إليّ؟". إذا كنت تعتقد أنك لا تستطيع أن تكون سعيداً إلا إذا حققت أهداف حياتك الرئيسة كلها، فتجب عليك إعادة تقييم تلك التوقعات؛ حاول أن تجد السعادة في الأشياء الصغيرة مثل الهوايات والأنشطة أو الصداقات أو السفر.
- توقّف عن اجترار المشكلات: إذا وجدت أنك مستعد لتغيير طريقة تفكيرك بشأن ما تشعر به، عليك الآن أن تتخذ خطوات ملموسة صوب هدفك وهو استعادة الشعور بالسعادة، ومن أهم هذه الخطوات التوقف عن اجترار المشكلات؛ حيث يؤدي هذا الأمر إلى تفاقم الحالة المزاجية المنخفضة أو الشعور بعدم الاستمتاع. لذلك؛ حاول أن تكون واعياً بأفكارك وراقب الأوقات التي تتجه فيها نحو التفكير السلبي.
- تواصَل مع الآخرين: إذا كانت مشاعر التعاسة لديك مدفوعة بالوحدة أو الافتقار إلى روابط اجتماعية ذات معنى، فقد يكون من المفيد التواصل مع صديق تثق به أو أحد أفراد العائلة. ولهذا؛ فإن تناول الغداء أو القهوة مع صديق لك، ولو مرة أو مرتين في الأسبوع، قد يساعد على تخفيف مشاعر الوحدة، ويمنحك شيئاً تتطلع إليه.
- طوّر بعض العادات الصحية: هل تشرب كمية كافية من الماء كل يوم؟ هل تتناول طعاماً صحياً يحتوي الفيتامينات بانتظام؟ الحقيقة أن الوجبات السريعة والمشروبات الغازية وما إلى ذلك؛ كلها سوف تجعلك تشعر بالخمول، وتُبقيك في حالة مزاجية سيئة؛ أما العادات الصحية، فستمحنك أساساً متيناً تُمكنك من خلاله إعادة بناء سعادتك في الحياة.
- كُن مرناً: المرونة هي ما يسمح لك بالتعامل مع تقلبات الحياة. ولهذا؛ إذا داهمتك الأوقات المؤلمة حاول أن تصنع شيئاً إبداعياً مثل الكتابة والرسم، ولا تركز على هدف واحد في الحياة وتربطه بالسعادة. فوفقاً لما ذكره الاستشاري الاجتماعي جاسم المطوع؛ إن اختزال السعادة في هدف واحد قد يؤدي إلى التعاسة لأنه ببساطة قد لا يتحقق.
- احتفل بإنجازاتك الصغيرة: ليس عليك أن تفوز بالجائزة الكبرى لكي تكون فخوراً بنفسك. في الأوقات الصعبة، احتفل حتى بالانتصارات الصغيرة حتى ترفع من روحك المعنوية، وتذكر أن تغيير حياتك لا يتطلب منك الانتقال إلى بلد جديد؛ ولكن كل ما يتطلبه هو عقلية مختلفة وموقف إيجابي.
- اعرف ما تريده من الحياة: ابدأ اكتشاف ذاتك مجدداً؛ افهم ما أحلامك ورغباتك وما الأمور التي تجعلك متحسماً ومفعماً بالنشاط والحيوية. سيمكّنك هذا التأمل الذاتي من معرفة نفسك جيداً والتعرف إلى احتياجاتك الحقيقية، وليس تلك التي يفرضها عليك الآخرون.
اقرأ أيضاً: كيف نصل إلى السعادة؟
في نهاية الأمر، لا تنسَ إضافة الأنشطة المبهجة إلى حياتك؛ تلك التي كنت تستمتع بها في السابق، وحتى لو لم تشعر بالمتعة، استمر في فعل ذلك لبعض الوقت. سيساعدك ذلك على استعادة علاقتك بالسعادة والتخلص من التوتر والمشاعر السلبية، وإذا شعرت أن هناك عوائق ما تزال تحول بينك وبين إحساسك بالسعادة عند هذه النقطة، فقد ترغب في التحدث إلى الطبيب النفسي المتخصص.