ما هو القلق العائم؟ وما تأثيره في صحتك وطرق التغلب عليه؟

3 دقائق
القلق العائم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: قد يظهر القلق العائم الحر دون سبب واضح؛ ما يؤثّر في الصحة العقلية والجسدية للمصابين. يتعمّق هذا المقال في أعراض القلق الحر وأسبابه، ويستكشف طرائق التعايش معه.

بينما يعاني البعض من القلق كزائر عابر، فقد يصبح رفيقاً مزعجاً بالنسبة إلى آخرين دون أسباب معروفة، وهذا ما يميّز حالة فريدة من أنواع القلق تُدعى بـ "القلق العائم الحر" الذي لا يُعد تشخيصاً رسمياً في الدليل الإحصائي التشخيصي الخامس (DSM-5)؛ لكن أعراضه قد تتزامن مع اضطراب القلق العام أو تكون علامة على الإصابة به.

ويلفت المعالج النفسي أسامة الجامع نظرنا إلى نقطة مهمة هي أن الكثيرين ممن يعانون أعراض اضطراب القلق العام يسيئون فهم حالتهم؛ إذ يخلطون بينها وبين اعتقادات أخرى بينما كان بإمكان الفهم الصحيح لتلك الأعراض أن يوفّر لهم وقتاً طويلاً يستفيدون فيه من العلاج في العيادة النفسية.

ما أعراض القلق العائم؟

يرتبط القلق العائم الحر (Free-Floating Anxiety) عادةً باضطراب القلق العام (GAD)، وهو شكل من أشكال القلق غير المرتبط بأي سبّب واضحٍ أو محدّد. ويظهر على هيئة شعور غامض بعدم الارتياح أو الخوف، ويكون غالباً مصحوباً بأعراض جسدية.

وعلى عكس اضطرابات القلق الأخرى التي لها محفزّات أو دوافع أكثر وضوحاً؛ مثل نوبات الهلع أو اضطراب الوسواس القهري (OCD) أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، يفتقر القلق الحر إلى مصدر واضح؛ إذ يمكن أن يشمل القلق العام والمخاوف المحدّدة في بعض الأحيان ولكن هذه المخاوف تنشأ في الأغلب دون سبب واضح، وإليك بعض الأعراض والجسدية الرئيسة للقلق الحر فيما يلي:

  • التعب و الأرق وصعوبات النوم الأخرى.
  • صعوبة التركيز.
  • التوتر العضلي والصداع.
  • الآلام أو الانزعاج غير المبرَّرفي المعدة؛ مثل الغثيان والإسهال.

اقرأ أيضاً: حيلتان نفسيتان للتخلّص من القلق حول الأمور الخارجة عن سيطرتك

ما أسباب القلق العائم؟

تظلّ الأسباب الدقيقة للقلق العائم الحر واضطراب القلق العام غير واضحة كثيراً لدى العلماء والمختصين؛ لكن من المؤكد لديهم أن اضطرابات القلق تنتج من تفاعلٍ معقّد بين الاستعداد الوراثي للشخص وتجارب محيطه. تتطوّر حالة القلق الحر لدى الأشخاص بإسهام مجموعة من العوامل المختلفة التي نذكرها كالآتي:

  • الوراثة: تزيد احتمالية الإصابة بالقلق في حالة وجود تاريخ عائلي من الحالة نفسها؛ إذ يمكن اعتبار تلك الجينات مفاتيحَ يمكن أن تحفّزها عوامل مرتبطة بالبيئة المحيطة، فتزيد احتمالية الإصابة باضطرابات القلق الأخرى مثل الخوف من الأماكن المغلقة والقلق الاجتماعي.
  • تكوين الدماغ: قد يسهم اختلاف هيكلة الدماغ فيما يخص كثافة الخلايا العصبية لدى الأفراد، في تعزيز التواصل بين مناطق الدماغ المسؤولة عن العواطف والذاكرة والحكم، أو إضعافه ومن ثمَّ زيادة احتمالية الإصابة بالقلق العائم الحر؛ حيث يميل المصابون نظراً لتلك التفاوتات الدماغية، إلى الاستجابة العالية للتهديدات، والميل إلى التركيز على الأمور السلبية، والحذر الزائد من وجود أي أخطار محتملة حتى خلال المواقف الآمنة.
  • البيئة المحيطة: إن العيش في بيئة مضطربة أو خطِرة؛ كمافي حالات العنف المنزلي أو العلاقات المسيئة، يمكن أن يرفع مستويات الخوف واليقظة لدى الأفراد كوسيلة نفسية لتوفير الحماية أو الإحساس بالسيطرة. لكن قد يتعوّد العقل على هذه الأنماط من التفكير حتى بعد انتهاء التهديد الأولي. وقد تظهر هذه الحالة جليّةً لدى الأطفال الذين تعرّضوا للصدمات النفسية أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة، فتأثّرت بذلك مراكز التوتّر في أدمغتهم.

كيف يؤثر القلق العائم في صحتك النفسية؟

يفتقر القلق العائم الحرّ إلى وجود محفّزٍ محدّد، وقد يظهر على نحو متقطّع. وفي النهاية قد تخفّ أعراضه من تلقاء نفسها. ولكن بالنسبة إلى الأفراد الذين يعانون نوبات القلق المتكرّرة في كثيرٍ من الأحيان، يمكن أن يصبح الأمر عقبة أمام جوانب حياتهم المختلفة، فالقلق المستمرّ يمكن أن يرفع مستويات التوتّر، فيعوق جودة النوم؛ ما يؤدّي إلى التعب والإرهاق خلال النهار.

وقد يتجلّى ذلك في إيجاد صعوبة في الاستمتاع بالحياة كما يجب، وانخفاض مستويات الرضا والسعادة. ويمكن أن يحفّز هذا النوع من القلق مشكلات أخرى؛ مثل الاكتئاب والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية وتعاطي المخدرات وصعوبة بناء العلاقات وحتى التفكير في الانتحار.

ويوضّح عالم النفس الأميركي، ماكس مايزل (Max Maisel)، إن شعور الضيق المستمرّ يمكن أن يعوق بشدّة قدرة الفرد على التركيز، وبخاصة في بيئة العمل. وفي مثل هذه الحالات، ما قد يبدو في البداية وكأنه قلق عائم يمكن أن يكون في الواقع مؤشرّاً إلى الإصابة باضطراب القلق العام.

5 خطوات للتعايش مع القلق العائم

في حين أن القلق العائم يمكن أن يشير إلى مشكلة تتعلق بالصحة النفسية مثل اضطراب القلق العام، فهو حالة يمكن أن يتعرّض لها الأفراد بصفة دورية دون أن يكون لديهم اضطرابُ قلق قابلٌ للتشخيص. لذلك؛ ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات معيّنة لتحسين القدرة على إدارة المشاعر المرتبطة به كما في الآتي:

  1. اتبع نظاماً غذائياً صحيّاً: قد يساعد اتباع نظام غذائي صحيّ على تخفيف القلق، والشعور بالتحسّن.
  2. تجنَّب آليات التكيف غير الصحيّة: اللجوء إلى آليات تكيّف مثل شرب الكحول أو تعاطي مواد أخرى قد يوفّر شعوراً مؤقّتاً بالارتياح لكنّه لا يستمرّ طويلاً؛ بل إنه يؤدّي إلى عواقب وخيمة على المدى الطويل.
  3. مارِس التمارين الرياضية: تُعدّ التمارين الرياضية وسيلة فعّالة للتخلّص من التوتّر، وتخفيف مشاعر القلق.
  4. لا تنسَ تمارين الاسترخاء: تساعد تقنيات مثل التأمل واليقظة والتنفس العميق على إبعاد الذهن عن المخاوف، وخفض مستويات التوتّر بصفة عامة.
  5. توقَّف عن التدخين وقلّل الكافيين: من المعروف أن المنبّهات مثل الكافيين والنيكوتين تتسبّب في تفاقم مشاعر القلق؛ لذلك من الضروري الحدّ منها.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر القلق في جودة نومك؟ وماذا تفعل لتتخلص منه؟

في النهاية، على الرغم من أن حالة القلق العائم الحر قد لا تدوم طويلاً، فإن تأثيراتها قد تطال الصحة النفسية والجسدية؛ حيث يؤدّي كل من اضطرابات النوم والإرهاق إلى انخفاض مستوى الرضا لدى الأفراد المصابين. غير أن الفهم الصحيح للأعراض يمكّنهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين حياتهم، سواءٌ باتباع الخطوات المذكورة في هذا المقال أو بطلب المساعدة من متخصّصٍ في الصحة النفسية.

المحتوى محمي