حيلتان نفسيتان للتخلّص من القلق حول الأمور الخارجة عن سيطرتك

التحكّم في قلقك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: على الرغم من أنه لا يمكنك التحكّم في العالم من حولك، فإن لديك القدرة على التحكّم في كيفية تفاعلك معه، من خلال تعلّم كيفية التحكّم في قلقك بشأن ما لا يمكن السيطرة عليه، وهذا ما سنعرفك إليه في هذا المقال.

سواء كانت انتكاسات غير متوقّعة أم أحداثاً خارجية أم تصرفّات الآخرين؛ نواجه دائماً ظروفاً خارجة عن سيطرتنا، ولا تكون لدينا القدرة على التنبؤ بها؛ ما يمكن أن يُشعرنا بالإرهاق والإحباط والعجز، فأحياناً يصبح من الضروري جدّاً أن نتعلم تقبّل الواقع بدلاً من السعي باستمرار إلى تغيير ما لا يمكن تغييره.

ولا بد أن يترافق ذلك مع اقتناعنا بضرورة التخلي عن السيطرة الدائمة، وفهمنا أن الاستسلام لا يعني الضعف بل إنه يدل على مرونة كبيرة في التنقّل بين تعقيدات الحياة وفوضاها. ويوضّح استشاري الطب النفسي، سلطان السبيعي، إن مفتاح التعامل مع الأمور الخارجة عن السيطرة هو التحكم في استجاباتنا لها فقط؛ وذلك من أجل حياة منخفضة التوتر. لكن كيف يمكن التحكّم في قلقك وكيف تتعامل مع القلق ومشاعر الضيق التي تصيبك حين تخرج الأمور عن السيطرة؟ هذا ما ستتعرف إليه في هذا المقال.

ماذا يحدث حين لا تجري الرياح كما تشتهي سُفننا؟

دائماً ما نسعى إلى السيطرة على مجريات الأمور من حولنا، ونجد الراحة في الاعتقاد بأنه يمكننا تشكيل النتائج ومنع الأحداث المؤسفة؛ غير أن للحياة قدرة خارقة على مفاجأتنا بتجارب خارج حدود توقّعاتنا. ولأن الكثير من أحداث الحياة وتعقيداتها يظلّ خارج نطاق تأثيرنا؛ تصبح الرغبة في السيطرة عبارة عن وهمٍ يُثقل كواهلنا ويتحدّى إحساسنا بالأمن والأمان.

إذ نجد أنفسنا مرهَقين وعاجزين في الأوقات التي تبدو فيها الحياة فوضوية وخارجة عن السيطرة؛ لكن من خلال إعادة التركيز على ما يمكننا التحكّم فيه مثل ردود أفعالنا وسلوكياتنا، نستعيد الشعور بالاستقرار ورباطة الجأش. 

وتماماً مثل المرساة التي تحافظ على ثبات السفينة وسط المياه المضطربة؛ يمكننا أن نجد السلام من خلال التركيز على قِوانا الداخلية؛ حيث يُعدّ ضبط مشاعرنا أمراً ضرورياً للتعامل مع التوتّر، وفيما يلي علامات الإجهاد الشائعة التي قد تصيبنا حين نشعر بفقدان السيطرة على مجريات الحياة، وتُخبرنا إنه حان الوقت لإيلاء أنفسنا رعاية أفضل:

  • القلق.
  • البكاء.
  • التهيّج.
  • الغضب.
  • محاولة السيطرة على الناس أو المواقف.
  • الأرق.
  • الشعور بالضيق.
  • تسارع نبضات القلب.
  • العزلة.
  • الصداع.
  • الشدّ العضلي.
  • الهوس بالأمور على نحو مستمرّ.
  • تجنّب المشكلات أو الناس.
  • الشعور بالارهاق.
  • نقص الطاقة أو الدافع.
  • صعوبة التركيز.
  • الإكثار من الأكل أو تقليله.
  • انخفاض الطاقة أو الدافع.
  • الشعور باليأس.
  • مشكلات الجهاز الهضمي؛ مثل: ألم المعدة، والإسهال أو الإمساك، والارتجاع المريئي.

اقرأ أيضاً: سيطر على عواطفك قبل أن تسيطر عليها نوبات اختطاف الأميغدالا

كيف تتوقّف عن القلق بشأن ما لا يمكنك التحكّم فيه؟

ينشأ القلق من الرغبة في الحفاظ على السيطرة على بيئتنا ونتائج المواقف المختلفة، ومن المفارقات أننا كلما حاولنا السيطرة على كل شيء من حولنا، زاد القلق الذي نشعر به؛ ما يُديم حلقة مفرغة من القلق ومحاولات التحكّم، والفشل لاحقاً.

هذا القلق المستمر بشأن عوامل خارجة عن سيطرتنا؛ مثل المال أو ردود أفعال الآخرين، لا يستنفد قِوانا العقلية فحسب؛ بل يمكن أن يؤدّي أيضاً إلى عادات مضرّة مثل جَلد الذات للتغلّب على القلق. وتنصح المعالجة النفسية، إيمي مورين (Amy Morin) بخطوتين أساسيتين عندما تشعر بالقلق من أمور لا يمكنك التحكم فيها:

طوّر إحساساً واقعياً بالسيطرة

بينما يمكننا التأثير في جوانب مثل جودة الإعلانات التسويقية أو توفير الموارد للموظفين، لا يمكننا تحديد ما إذا كان العملاء سيشترون المنتجات، أو إجبار الموظفين على أن يكونوا منتجين. لذلك؛ من الضروري التمييز بين ما هو تحت سيطرتنا وما هو ليس كذلك. 

إن إيجاد توازن صحّي للسيطرة يعني الاعتراف بأنه يمكننا اختيار مواقفنا وسلوكياتنا ولكن تأثيرنا في العوامل الخارجية محدود، فعند مواجهة التحديات، يجب أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يمكننا حلّ المشكلة. فإذا كانت الأخيرة تقع في نطاق سيطرتنا، يمكننا اتخاذ إجراءات لمعالجتها؛ لكن إذا كان الأمر يتجاوز تأثيرنا، فيجب أن يتحوّل تركيزنا نحو تغيير استجابتنا العاطفية للمشكلة.

يمكن أن يساعدنا الانخراط في آليات التكيّف الصحية؛ مثل ممارسة الهوايات أو ممارسة التأمل، في التغلب على المشاعر غير المريحة التي تنشأ عند مواجهة ظروف خارجة عن إرادتنا. من خلال اعتماد هذا النهج، فإننا نمكّن أنفسنا من التعامل مع تعقيدات الحياة بمرونة وإحساس أوضح بالاتجاه.

حدّد وقتاً للقلق

يسعى العديد من الأفراد إلى التخلّص من الرغبة المستمرّة والمحفّزة للقلق من خلال إيجاد حلّ سريع وسهل؛ ولكن لا يوجد علاج سحري أو حبّة دواء للتوقّف عن القلق على الفور! 

ومع ذلك، فإن تطبيق حيلة “تحديد وقت مخصّص للقلق” يمكن أن يساعد على إدارة المخاوف واحتوائها على نحو فعّال. خصّص وقتاً محدّداً كل يوم؛ مثلاً من الساعة 7:00 إلى 7:15 مساءً، وكرّسه للتفكير القلِق فقط. الاستمرارية هي المفتاح؛ ولكن من المستحسن تجنّب تخصيص وقت النوم للقلق لمنع حدوث اضطرابات النوم.

وعندما تظهر المخاوف خارج الإطار الزمني الذي حدّدته لها، ذكّر نفسك أنه لم يحن الوقت للقلق، وأن لديك وقتاً كافياً لمعالجة تلك المخاوف خلال الفترة المحدّدة لها. وعندما يحين الوقت المخصص، استكشف كل ما يقلقك بحرية، ودونّه إذا كنت تفضل ذلك.

بمجرد انتهاء الـ 15 دقيقة، أخبر نفسك بحزم إن الوقت قد حان للعودة إلى أنشطتك اليومية. ومن خلال الممارسة المنتظمة، تساعد هذه التقنية على الحدّ من القلق اليومي بخصوص الأمور الخارجة عن السيطرة.

اقرأ أيضاً: نصائح ذهبية للسيطرة على الضغط النفسي والسكري

يتطلب التنقّل بين تعقيدات جوانب الحياة التي لا تُمكن السيطرة عليها مهارة عالية للتعامل مع القلق المفرط، فرغبتنا الفطرية في السيطرة قد تقودنا إلى دوامة من التوتّر والإجهاد. لذلك؛ تكمن الحكمة في الاعتراف بما يدخل ضمن نطاق سيطرتنا وما يخرج عنه، والتركيز على التحكّم في مواقفنا وردود أفعالنا.