7 إرشادات عملية لتكتشف سعادتك بعد فقدانها

5 دقائق
الرحلة إلى السعادة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: إذا مررت بأوقات صعبة من قبل فأنت لست وحدك، يمر العديد من الأشخاص بأوقات عصيبة تجعلهم يشعرون بأنهم لن يكونوا سعداء مرة أخرى، ولكن لا داعي للقلق فهناك فرصة دوماً لاكتشاف السعادة من جديد بعد فقدانها، وإليكم في هذا المقال إرشادات عملية خلال الرحلة إلى السعادة للوصول بسلام.

استيقظت في أحد الصباحات البعيدة جداً على صوت زخات المطر يطرق نافذتي، كانت فترة قاتمة وكئيبة؛ السماء ملبدة بالغيوم والأجواء مظلمة، جلست هناك وحدي في الحديقة انظر إلى السماء على أمل تخدير الألم ولكن محاولتي لم تجدِ نفعاً، لقد اتخذت العديد من القرارات السيئة، كنت غاضبة جداً من نفسي وأشعر بالفشل الشديد، وبعد شهور من الحزن ومعاقبة النفس اكتفيت، لا أريد أن أكون حزينة بعد الآن، وقررت أن أكون سعيدة مرة أخرى، وفي هذا المقال سوف نكتشف معاً كيف يمكننا إيجاد السعادة بعد فقدانها.

لماذا تعد السعادة مهمة؟

نحن مخلوقات عاطفية ونختبر مجموعة واسعة من المشاعر يومياً؛ إذ تساعدنا المشاعر السلبية - مثل الخوف والغضب - على الابتعاد عن الخطر أو الدفاع عن أنفسنا، وتساعدنا المشاعر الإيجابية - مثل الاستمتاع والأمل - على التواصل مع الآخرين والقدرة على التكيف عندما تسوء الأمور.

والحقيقة أن محاولة عيش حياة سعيدة لا تعني إنكار المشاعر السلبية أو التظاهر بالسعادة طوال الوقت، لكنها تعني القدرة على تحقيق أقصى استفادة من الأوقات الجيدة والتعامل بفاعلية مع الأوقات السيئة التي لا مفر منها، وذلك من أجل تجربة أفضل حياة ممكنة أو على حد تعبير أستاذ الكيمياء الحيوية ماثيو ريكارد (Matthieu Ricard): "السعادة هي إحساس عميق بالازدهار، ليس مجرد شعور ممتع أو عاطفة عابرة، بل حالة مثالية من الوجود"، فالسعادة ليست مجرد شعور بالمتعة بل إنها تؤدي في الواقع إلى مجموعة واسعة من الفوائد مثل:

  1. تقليل التوتر: يسهم التوتر والإجهاد الزائد في ارتفاع مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن والإصابة بالسكري واضطرابات النوم، وقد توصلت دراسة بحثية أجرتها المكتبة الوطنية للطب (National Library of Medicine) إلى نتيجة مفادها إن السعادة تعمل على تقليل التوتر وخفض مستويات هرمون الكورتيزول.
  2. تعزيز نظام المناعة: يؤكد الباحث في جامعة جورج تاون كوستدين كوشليف (Kostadin Kushlev) أن المشاعر الإيجابية تعزز نظام المناعة وتعمل على مقاومة الفيروسات، وتزيد من نشاط الأجسام المضادة لمحاربة الأمراض.
  3. زيادة الإنتاجية في العمل: تجعلنا السعادة موظفين أكثر إنتاجية مع تحسين قدرتنا على حل المشكلات؛ ففي دراسة بحثية أجراها الاقتصاديون في جامعة وارويك (University of Warwick)، وجد الباحثون إن الموظفين السعداء كانوا أكثر إنتاجية بنسبة 12% في أثناء العمل.
  4. رفع مستوى الإبداع: بالإضافة إلى أنهم أكثر إنتاجية، فإن الأشخاص السعداء هم أكثر إبداعاً؛ وذلك لأن التفكير الإيجابي يرتبط بالانفتاح على اكتساب الخبرات ومشاركة الأفكار الجديدة، وعليه فعندما يصبح مزاجنا العام أكثر إيجابية يمكننا ابتكار وتصور حلول إبداعية لمختلف المشكلات التي تواجهنا.

اقرأ أيضاً: كيف نصل إلى السعادة؟

ما هي عناصر السعادة؟

يؤكد المتخصص في علم النفس الإيجابي مارتن سليغمان (Martin Seligman) إن السعادة تتكون من خمسة عناصر هي:

  1. المشاعر الإيجابية: يمكن اعتبار المشاعر الإيجابية بمثابة شعور بالتفاؤل تجاه نفسك وحياتك والماضي والحاضر والمستقبل، ولا يتعلق الأمر بفهم تقلبات الحياة ولكن التركيز على الجانب الإيجابي منها، ومع مرور الوقت والممارسة تترسخ تلك المشاعر الإيجابية حتى تصبح أسلوب حياة.
  2. العثور على الأشياء التي تستمتع بها: بمعنى أن تجد طريق في الحياة يثير انتباهك حيث تشعر بالحماسة تجاهه وتستمتع بالأنشطة الخاصة به، ويصف سليغمان هذا العنصر بالوصول إلى حالة التدفق (Flow State)، وذلك حين تجد مسار الحياة الذي يستوعبك تماماً وتحب خطواتك تجاهه.
  3. العلاقات الاجتماعية: البشر بطبيعتهم مخلوقات اجتماعية لهذا تلعب العلاقات الحقيقية والإيجابية دوراً مهماً في الإحساس بالسعادة، وعلى الجانب الآخر يمكن للعلاقات السامة أن تدمر سعادتنا.
  4. إيجاد المعنى: ماذا يعني أن تعيش وجوداً هادفاً؟ إنه يعني وجود هدف وتأثير يمكنك الشعور بالرضا تجاهه، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة فهم مواهبك ونقاط قوتك والقدرة على الاستفادة منها لخلق معنى أكبر لحياتك.
  5. تحقيق الإنجازات: هناك العديد من الأنشطة التي يمكن فعلها للشعور بالإنجاز مثل تعلم العزف على آلة موسيقية جديدة، أو قراءة كتاب، أو التقدم في مسارك المهني أو الخروج بصحبة الأصدقاء وخوض مغامرة جديدة.

وفي سياق متصل يعتقد استشاري الطب النفسي أحمد علي مصطفى إن حياة البشر أشبه بالعزف على العود الذي يضم الكثير من الأوتار التي تضم عناصر السعادة؛ وتر يجسد المشاعر الإيجابية ووتر يجسد العلاقات ووتر يمثل المعنى وهكذا، وحتى تخرج نغمة العود جميلة يجب أن تكون جميع الأوتار سليمة، ولهذا لن يشعر الإنسان بالسعادة في غياب أحد العناصر أو المقومات.

اقرأ أيضاً: "السعادة قرار": كيف تحول هذه الجملة إلى واقع تعيشه؟

كيف تكتشف سعادتك من جديد بعد فقدانها؟

إذا وجدت نفسك تفكر في أنك تريد أن تكون سعيداً مرة أخرى، فأنت لست وحدك جميعنا مررنا بلحظات من الحزن والاكتئاب والأيام الصعبة بسبب ضغوط الحياة، والشيء المهم الذي يجب تذكره هو أن السعادة ممكنة، قد يستغرق استكشافها من جديد بعض الوقت والجهد لكننا نؤكد أنه من الممكن بنسبة كبيرة أن تعيش سعيداً مرة أخرى عبر اتباع الخطوات التالية:

  1. لا تنكر مشاعرك أو تتجنب التفكير فيها: عند التعامل مع انتكاسات الحياة قد تكون غريزتك الأولى ببساطة هي تنحيتها جانباً والمضي قدماً في حياتك وكأن شيئاً لم يحدث، أو قد تغذي نفسك بالإيجابية الزائفة في محاولة يائسة للتغلب على المشاعر السلبية التي استحوذت على حياتك بالكامل.

ولكن مشكلة الإيجابية الزائفة إن تأثيرها يتلاشى سريعاً؛ إنه مثل وضع ضمادة طبية على جرح ناجم عن طلق ناري، فبعد فترة وجيزة ستجد نفسك تتعامل مع نفس المشاعر مرة أخرى لهذا لا يمكنك إنكار مشاعرك، وبدلاً من ذلك ابحث عن الشجاعة لمواجهة ألمك العاطفي وجهاً لوجه من أجل تقبله ثم التغلب عليه.

  1. لا بأس من الحزن على خسارتك: عندما تفقد شخصاً أو شيئاً استثمرت فيه عاطفياً أو روحياً أو مادياً فإن أول إحساس يراودك هو شعور عميق بالعجز؛ ففي تلك اللحظة تدرك مدى ضآلة سيطرتك على الواقع.

لكن عليك أن تدرك جيداً أنه وبغض النظر عما تخطط له أو تستثمر فيه هناك دائماً هذا الجانب الذي لا يمكن السيطرة عليه من الحياة، وإذا لم تستوعب ذلك الأمر ستعيش في حالة دائمة من عدم اليقين الوجودي الذي قد يدفعك إلى الجنون في غضون أسابيع، ولهذا يجب أن تتقبل الخسارة لأنه عند تقبل الخسارة سوف تتقبل أيضاً فكرة أن الأمور ليست كلها تحت سيطرتنا الكاملة.

  1. أعد كتابة قصتك: تقبل الآلام والنكبات غير المتوقعة في الحياة هو بداية رحلة التعافي، لكن لا يمكنك إعادة بناء نفسك من نفس العقلية التي تفكر في الإحساس بالذنب والعار وجلد الذات، لذا إذا كنت ترغب في أن تكون سعيداً مرة أخرى فأنت بحاجة إلى بداية جديدة، والتي تعني أساساً التخلي عن عقلية الضحية والتخطيط جيداً لخطواتك التالية، ويمكنك في هذه المرحلة تدوين اليوميات لمعالجة صراعاتك العاطفية ورسم مسارات واضحة لحياتك.
  2. ضع نفسك أولاً: بقدر ما قد يبدو الأمر بسيطاً فإن الكثير من الناس ينسون الاعتناء بأنفسهم، سواء كان ذلك بسبب جدول العمل المزدحم أو مسؤوليات الزواج أو الأطفال أو الأصدقاء، ولكن حين تضع نفسك في المرتبة الأولى سوف تتألق سعادتك.
  3. تناول الطعام الصحي المتوازن: نظامك الغذائي مهم للغاية لأن ما تضعه داخل جسمك يؤثر في صحتك وحالتك المزاجية؛ إذا كنت تأكل أكلات سيئة مثل الأطعمة المقلية والوجبات الجاهزة بنسبة كبيرة سوف تصاب بارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أو ارتفاع الكوليسترول، ومن الناحية الأخرى يعزز تناول الطعام الصحي المتوازن من حالتك المزاجية ويجعلك أكثر سعادة وصحة.
  4. احط نفسك بالأشخاص الداعمين: يوفر لنا وجود الأصدقاء الدعم والسعادة، ولهذا إذا كنت تحاول اكتشاف سعادتك من جديد فإن أحد أفضل الأشياء التي يمكنك فعلها إيجاد طرائق جديدة للتواصل مع الأشخاص الذين تحبهم.
  5. ابدأ ممارسة حب النفس والرعاية الذاتية: عندما تشعر بالحزن والفشل، من الشائع أن تفقد ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك، لكن من المهم أن نتذكر أننا جميعاً نستحق الحب والسعادة، ولهذا من أفضل الطرائق لإعادة اكتشاف السعادة أن تبدأ في ممارسة حب الذات والرعاية الذاتية.

وختاماً، فإن الرحلة إلى السعادة لا تسير في خط مستقيم، إنها طريق متعرج مليئة بالصعود والهبوط، أحياناً يمكن أن نشعر باليأس في منتصف الطريق، ولكن بغض النظر عن مدى صعوبة الحياة هناك دائماً طريق نحو السعادة، لقد وجدته من قبل ولهذا يمكنك أن تجده مرة أخرى.

المحتوى محمي