هل تضر العزوبية بصحتك النفسية أم تحسنها؟ إليك إجابة المختصين

العزوبية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: عندما تستمر العزوبية لفترة طويلة فإنها تسبب العديد من الآثار السلبية في الصحة النفسية؛ مثل الشعور بالوحدة العاطفية التي ترتبط بدورها بالعزلة وانخفاض المناعة وسوء النوم وانخفاض صحة القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بمشكلات الصحة النفسية، بالإضافة إلى العديد من الأضرار الأخرى التي سنوردها في هذا المقال. لكن لا يكفي أن نعلم ما الآثار التي تُحدثها العزوبية؛ وإنما أن ندرك أن ثمة العديد من الخطوات التي يمكن اتباعها لتقليل آثارها وتعزيز الرضا عن الحياة.

في هذه الحياة، ثمة حالتان لا ثالثة لهما لا بُد أن تكون في إحداهما أو مررت بإحداهما، ومهما كانت حالتك، فغالباً ما ستتحسّر على الحالة الأُخرى وتتمناها، والحالتان هما العزوبية أو الزواج. ولو فرضنا أننا نعلم تأثيرات الزواج في الحالة النفسية للمتزوجين؛ وهي “الرفاه والبنين والسعادة”، فكيف تؤثر العزوبية في الحالة النفسية؟

ما الآثار السلبية للعزوبية في الصحة النفسية؟

قد تكون العزوبية خياراً مُرضياً ومريحاً في فترة مؤقتة من حياتك؛ لكن إذا امتدت لفترة طويلة، فقد تسبب العديد من الآثار السلبية في الصحة النفسية؛ مثل:

1. تدني احترام الذات وانخفاض الرضا عن الحياة 

أشارت دراسة منشورة في مجلة الصحة والسلوك الاجتماعي (Journal of Health and Social Behavior) عام 2012، إلى انتشار تدني احترام الذات وانخفاض الرضا عن الحياة عند العُزّاب على نحو أكبر مقارنة بالمرتبطين.

وربما يُعزى ذلك إلى شعور العازب بأنه غير مرغوب به أو غير جذاب بما يكفي ليكون في علاقة رومانسية؛ ما قد يؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة وتدني احترام الذات. وقد أوضحت الدراسة أن هذه النتيجة لا تنطبق على العُزّاب في سن الشباب؛ وإنما على الأشخاص العازبين لفترة طويلة جداً.

 2. الوحدة العاطفية والاكتئاب

من الطبيعي أن يعاني العازب الشعور بالوحدة العاطفية أو ما يسمَّى بـ “الفراغ العاطفي” الناتج من عدم الارتباط بعلاقة حميمية. ويرتبط الشعور بالوحدة بالعزلة وانخفاض المناعة وسوء النوم وانخفاض صحة القلب والأوعية الدموية وزيادة خطر الإصابة بمشكلات الصحة النفسية.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت دراسة منشورة في مجلة الاضطرابات العاطفية (Journal of Affective Disorders) عام 2021، إلى أن الدخول في علاقة رومانسية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب؛ في حين ينتشر الاكتئاب بنسبة أعلى بكثير بين العُزّاب.

 3. صعوبة الانخراط في علاقات جديدة

من الآثار النفسية للعزوبية الطويلة: صعوبة إيجاد شريك مناسب، وعدم القدرة على الخروج من هذا الحالة بسهولة، وحتى عند الدخول في علاقة جديدة، فقد يشعر الشخص بالقلق أو الشك أو قلة الثقة بالآخرين؛ ما يجعله يكافح لاستمرار العلاقة أو تكوين علاقات جديدة. 

 4. الإرهاق في العمل وانخفاض المهارات الاجتماعية

 قد ينصب تركيز الشخص العازب على حياته المهنية ويهمل الجانب العاطفي، وعلى الرغم من أن التركيز على الحياة المهنية ربما يكون مفيداً في نواحٍ كثيرة، فإنه يخلّ بالتوازن الذي يُفترض وجوده في الحياة؛ ما يؤدي إلى الشعور بالإرهاق وانخفاض الرضا عن التقدم الوظيفي.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر العزوبية سلباً في المهارات الاجتماعية؛ إذ يستصعب العازب التفاعل بطريقة طبيعية ومريحة مع الآخرين، ويصعب عليه تكوين العلاقات الجديدة سواء على المستوى الشخصي أو المهني.

لكن، هل ثمة آثار إيجابية للعزوبية؟

لنكن منصفين قليلاً، فللعزوبية بعض المزايا؛ حيث أشارت دراسة منشورة في دورية علم النفس التطوري (Evolutionary Psychological Science) عام 2022، إلى أن حياة العزوبية قد تفسح المجال للعيش بحرية أكبر دون قيود أو “وجود من يُملي على العازب أفعاله”، وتساعد أيضاً في التركيز على الأهداف المستقبلية سواء في مجال العمل أو الدراسة. 

بالإضافة إلى ذلك، تعني العزوبية أن لديك المزيد من الوقت للتعرف إلى تفضيلاتك واحتياجاتك والعلاقات التي تُغني حياتك فعلاً؛ ما يساعدك في النهاية على اختيار شريك أفضل على المدى الطويل.

ويؤكد المختص النفسي فهد المنصور إن للعزوبية الطويلة وتأخر سنّ الزواج إيجابيات كثيرة في بعض الأحيان؛ منها أن يكون الشخص وصل إلى مرحلة النضوج وامتلك فهماً أكبر للحياة؛ ما يسهم في تجنُّب الكثير من المشكلات التي قد تحدث بين المتزوجين في سن مبكرة.

كيف يمكن تخفيف الآثار السلبية للعزوبية؟

 على الرغم من السلبيات الكثيرة للعزوبية، فثمة ما يمكن فعله للتخفيف من هذه الآثار؛ مثل:

1. تعلَّم أن تحبّ نفسك

 يُقال: “إذا كنت لا تستطيع أن تحب نفسك، فكيف ستحب شخصاً آخر؟”. ما يعني أنك إن لم تكن راضياً عن نفسك ووضعك الحالي، فإن الدخول في علاقة لن يحسِّن حالتك النفسية. لذلك؛ قدِّر ذاتك وتخلص من الضغوط الخارجية التي تجعلك تشعر بالتوتر الدائم، وقد يساعدك على ذلك أن تكتب قائمة بنقاط قوتك وإنجازاتك لتتذكرها دائماً.

وأيضاً، اعمل على تحقيق أهدافك المهنية واملأ وقتك بأنشطة مفيدة لصحتك الجسدية والنفسية؛ مثل ممارسة الرياضة أو القراءة أو ممارسة هواية جديدة أو تعلُّم لغة جديدة. 

 2. توقَّف عن المقارنة

تجنَّب مقارنة نفسك بالآخرين حتى لو كنت تشعر بالإحباط والمرارة من كونك عازباً، وتذكّر أنه لا توجد علاقة مثالية أو حياة مثالية، وما يبدو أنه كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي قد يبدو مختلفاً في الحياة الواقعية. فلا تنخرط في المقارنات التي تجعلك تشعر بأنك لا ترقى إلى المستوى المطلوب؛ بل ركِّز على إنجازاتك إيجاد السعادة في حياتك. 

3. استثمر في علاقات أُخرى

من المهم أن تركز على تقوية علاقاتك الاجتماعية مع الآخرين من الأصدقاء وأفراد العائلة والمقربين؛ حيث وجدت الأبحاث أنه وعلى الرغم من أن البالغين غير المتزوجين يميلون إلى التمتع بصحة نفسية أسوأ من نظرائهم الموجودين في علاقات رومانسية، فإن الدعم الاجتماعي الذي ناله العُزّاب أدى دوراً مهماً في تعويض هذا النقص. بكلمات أخرى: لا تهمل علاقاتك مع عائلتك وأصدقائك وكوِّن صداقات جديدة؛ لأن هذا الدعم الاجتماعي ضروري لحماية صحتك النفسية.  

ختاماً، تذكّر أن الحياة ليست سباقاً، فلا تنتظر الوصول إلى مرحلة معينة في الحياة للحصول على السعادة؛ بل يمكنك أن تعيش عيشة غنية ومُرضية وسعيدة دون الارتباط بشخص ما. فقط ذكِّر نفسك بأنك محبوب، وقوِِّ علاقاتك مع أصدقائك وعائلتك، وتعرّف إلى أشخاص جدد يشاركونك اهتماماتك وأهدافك وقيمك.