لأن الحياة لا تخلو من المؤذين؛ إليك كيفية التعامل معهم

5 دقائق
الشخص المؤذي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لا يمكن حصر الشخص المؤذي بتعريف محدد، فثمة أنواع عديدة من الشخصية المؤذية؛ لعل أخطرها النرجسي والمتنمر والسيكوباتي والثرثار والمزاجي. وبصفة عامة، أيّ علاقة قائمة على العطاء من طرف واحد هي علاقة سامة، تشمل شخصاً مؤذياً يعمل على امتصاص طاقة الطرف الآخر وإبقائه في حالة توتر وقلق باستمرار، ويمكن أن تتطور لتصل إلى حد الاكتئاب والعزلة، وحتى إيذاء النفس. وأفضل طريقة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص، هي تمييزهم منذ البداية والابتعاد عنهم وقطع علاقتك بهم أو تقليلها إلى الحد الأدنى. أما إذا كان هؤلاء الأشخاص من المقربين جداً مثل الأهل أو الأصدقاء، فيمكنك مواجهتهم، ووضع حدود للتعامل معهم، أو مساعدتهم على زيارة معالج نفسي.

تستيقظ صباحاً مفعماً بالحيوية والنشاط، ثم تسمع كلمة مزعجة من شريكك أو أحد والديك تقلب مزاجك رأساً على عقب، ولاحقاً يحصل موقف مربك مع أحد زملاء العمل ليزيد تعكّر المزاج، فتقرر أن تلتقي بصديقك عند المساء في محاولة لإنهاء هذا النهار على خير؛ لكن عبثاً تحاول مع هذا الصديق الذي لا يهتم إلا بنفسه. والآن، مَن هؤلاء الأشخاص المؤذون الذين سمحت لهم بتخريب يومك؟ ولماذا فعلوا بك ذلك؟ وكيف يمكنك التعامل معهم؟ هذا ما سيعرّفك إليه هذا المقال بالتفصيل.

مَن هو الشخص المؤذي؟

قد يبدو العنوان محيراً وغامضاً بعض الشيء؛ إذ لا يوجد نوع محدد من الشخصيات يمكننا أن نصفه بأنه شخص مؤذٍ؛ إنما يمكن القول إن الشخص الذي تتفاعل معه وتشعر بعدها بحالة نفسية سيئة هو شخص مؤذٍ، سواء أكان أحد أفراد العائلة أم الأصدقاء أم زملاء العمل.  

اقرأ أيضاً: 10 نصائح للنجاة من الشخص السيكوباتي.

يقول المعالج النفسي السعودي عبد الله الحريري إن الشخص السام يستخدم الخوف والالتزام والشعور بالذنب ليُبقيك في قبضة يده، فإذا تحدثت عن احتياجاتك، سيخبرك إنك أناني ومتطلب!

إليك لمحة عامة عن بعض أنواع الشخصيات المؤذية:

  • النرجسي: شخص أناني ومتعجرف وفوقيّ يفتقر إلى القدرة على التعاطف مع الآخرين. يستطيع النرجسي خداعك من خلال الأكاذيب والتلاعب بالحقائق لمصلحته بغية الحفاظ على صورته المثالية أمامك. 
  • المزاجي: لا يمتلك هذا النوع من الأشخاص أي سيطرة على عواطفه التي تتقلب باستمرار، فتارةً تجده يتعامل معك بمحبة وتارةً أخرى ينتقدك بشدة مؤذياً مشاعرك. الخبر السيئ هنا أنك دائماً ما تجد صعوبة في التخلص من هذه الشخصيات بسبب شعورك بالأسف حيالها؛ ما يضطرك إلى التعرض للأذى النفسي المستمر.
  • الثرثار: هو الشخص الذي يستمد متعته من الحديث عن مصائب الناس ومشكلاتهم. قد يكون الاستماع إلى أحاديثه ممتعاً في البداية؛ لكن مع الوقت، يصبح ذلك متعباً لك ومؤذياً للآخرين. 
  • الدرامي (المصاب باضطراب الشخصية الدرامية): يسعى هذا الشخص إلى الحصول على تعاطفك ودعمك باستمرار، وعلى الرغم من دعمك له ونصائحك، فلا يصلح شيئاً؛ فجلّ ما يريده هو عيش حالة الدراما ولعِب دور الضحية باستمرار من أجل الحصول على تعاطفك دائماً. 
  • الحسود: هو الشخص الذي لا يشعر بالرضا مهما امتلك، وغالباً ما يقارن نفسه وإنجازاته بالآخرين وإنجازاتهم. التعامل مع هذا الشخص سيجعلك تشعر بالإحباط وعدم الرضا عن إنجازاتك مهما كانت كبيرة.
  • المتلاعب: يمتص هذا النوع من الشخصيات المؤذية وقتك وطاقتك باستمرار تحت غطاء الصداقة، فهو يعرف الكثير عنك وعما يجعلك سعيداً، ثم يستغل هذه المعلومات بطريقة أو بأخرى لنيل ما يريده منك دون مقابل يُذكر.
  • السيكوباتي: يعاني السيكوباتي خللاً في الدماغ، وتحديداً في الجزء المسؤول عن التعاطف والشعور بالذنب؛ لذلك فهو غالباً لا يشعر بحجم الأذى الذي يسببه للآخرين ولا يهتم لذلك أساساً. ويتسم الشخص السيكوباتي بأنه قاسٍ ومندفع وغير قادر على اتخاذ قرار عقلاني في أغلب الأوقات.
  • المتنمر: غالباً ما يستهدف الشخص المتنمر الأفراد ذوي الشخصية الضعيفة ليُظهر تفوقه، فهو يغذي شخصيته من خلال الألم الذي يسببه للآخرين.
  • المُنتقِد: يركز المنتقد على العيوب الصغيرة في الآخرين وينتقدهم بأسلوب فظ أو يسخر منهم.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الأشخاص الكثيري الانتقاد؟

ما الأضرار التي يُلحقها بك الشخص المؤذي؟

يُبدي الأشخاص المؤذون العديد من السلوكيات المضرة التي تختلف حسب نوع الشخص المؤذي لكنها تتفق بتأثيراتها النفسية والجسدية السيئة في الأشخاص حولهم؛ ومنها:

  • الاستنزاف العاطفي: يستنزف الشخص المؤذي وقتك وطاقتك باستمرار من خلال طلبه المستمر للاهتمام والتعاطف؛ حيث يلعب دوره الضحية دائماً، وتُثقل سلبيات شكاويه كاهلك؛ فلا يترك سوى مساحة قليلة للتفاعل الإيجابي معه. وقد يجعلك هذا الأذى تشك في سلامتك النفسية، ويزيد حالات القلق والتوتر، ويقلل احترامك لذاتك.
  • تدني احترام الذات: يؤدي الانتقاد المستمر والاستخفاف بأفكارك وآرائك من قبل الشخص المؤذي إلى تآكل ثقتك في نفسك وتقليل احترامك لشخصيتك؛ حيث تشعر بأنك عديم القيمة وأسلوب حياتك سيئ.
  • الانعزال والشعور بالوحدة: غالباً ما يعزل الشخص المؤذي ضحاياه عن الأصدقاء والعائلة؛ ما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالوحدة والعزلة عن المجتمع.  
  • الإصابة بالاكتئاب: قد يتطور القلق والإرهاق اللذان تسببهما العلاقات مع أشخاص مؤذين إلى درجات مختلفة من الاكتئاب، وقد يبدأ الأخير بمشاعر حزن وعزلة، وربما يصل إلى مرحلة إيذاء النفس.
  • مشكلات الصحة البدنية: قد يؤدي تفاقم الاكتئاب الناتج من العلاقات المؤذية إلى حدوث مشكلات صحية؛ مثل إيذاء النفس والخمول وضعف القدرة على القيام بالمهمات اليومية. 

اقرأ أيضاً: كيف يقتل النرجسيون ضحاياهم نفسياً؟ وما سبيل النجاة منهم؟

كيف تتعامل مع الشخص المؤذي؟

 إليك مجموعة من النصائح التي تساعدك على التعامل مع الأشخاص المؤذين في حياتك:

حدِّد الشخص المؤذي

قد يصعب التعرف إلى الشخصية المؤذية في بداية أي علاقة؛ لكن مع مرور الأيام، تظهر مجموعة من السلوكيات التي تساعدك على اكتشافها؛ مثل العصبية والتوتر والتذمر المستمر والانتقاد الساخر والنظرة السلبية إلى الآخرين، ويمكن أن تصل إلى حد الإساءة اللفظية أو حتى الجسدية.

انتبه إلى مشاعرك

لا يوجد إنسان على سطح الأرض يستطيع أن يكون في أفضل حالاته في الأوقات كلها، فلا بد أن يشعر بين حين وآخر بحالة مزاجية سيئة تجعله ينتقد أو يقول كلاماً لا يقصده. لكن اسأل نفسك إذا كانت ثمة إهانات أو أكاذيب معينة أو أي نوع من أنواع الإساءات العاطفية واللفظية الذي يميز هذا الشخص، وحدد كيف يؤثر ما يقوله أو يفعله في حالتك النفسية، فإدراك كيفية تأثير السلوك المؤذي فيك سيمكّنك من التعامل معه على نحو أفضل مستقبلاً.

وضِّح له مساوئ سلوكه

قد لا يدرك الشخص المؤذي مدى الضرر الذي يسببه للآخرين؛ لذلك من الممكن أن تساعده محادثة مفتوحة على استيعاب سلوكه السيئ وغير المقبول. في المقابل، حاول تجنُّب اتهامه أو لومه؛ بل تحدث عن نفسك فقط مثل أن تقول: "أنا لا أشعر بالارتياح عندما أسمع قصصاً سيئة عن زملائنا في العمل"، أو: "أنا أقدّر الثقة في الصداقة لذلك لا يمكنني الاستمرار بصداقتك في حال كذبت عليّ مجدداً". تحافظ مثل هذه الكلمات على حيادية المحادثة ولا تسبب ردة فعل سيئة من الشخص المؤذي. 

لا تتعمق في أحاديث الشخص المؤذي

إن التعامل مع الشخصيات المؤذية باستمرار أمر مرهق، فمِنهم مَن يحاول دائماً أن يملأ وقتك بمشكلاته وظلم الناس، ويمكن أن يتهمك أنت بظلمه وعدم الاهتمام به. لذلك؛ قاوم رغبتك في مجاراته وسماع شكواه أو الدفاع عن نفسك، وردّ عليه بعبارة بسيطة مثل: "أنا آسف لأنك تشعر هكذا" ولا تتعمق معه أكثر من ذلك.

ضع حدوداً للتعامل معه

الحدود الواضحة ضرورية بينك وبين الشخص المؤذي؛ فتحديد ما هو مسموح وغير مسموح هو خطوة ضرورية جداً في طريق الشفاء من الأذى الذي تسبب به، حتى لو كان هذا الشخص مقرَّباً منك.

قلِّل الوقت الذي تقضيه معه

إذا كانت العلاقة مع أحد الأشخاص المؤذين تسبب لك توتراً مستمراً وأذىً نفسياً، فالأفضل أن تقطعها نهائياً؛ لكن في حال كان ذلك غير ممكن، فعندئذٍ عليك أن تبذل جهدك لتتجنب التواصل معه، وأن يكون الحديث بينكما عند الضرورة فقط. 

تعاطَف مع الشخص المؤذي دون محاولة تغييره

يمكن للبشر أن يتغيروا؛ لكن يجب أن يكونوا مستعدين لبذل الجهد من أجل ذلك، وهذا ما لا تفعله غالبية الأشخاص المؤذين. ومن ثَمّ؛ قد تستنزف طاقتك ووقتك ومواردك العاطفية دون فائدة في محاولة تغييره، فقاوم رغبتك في المساعدة حتى لو كان هذا الشخص مقرَّباً منك.

تذكّر دائماً أنك لست المخطِئ

يحاول الشخص المؤذي التصرف بطريقة سامة؛ مثل أن يحرّف كلماتك ويتهمك بإيذائه ويستميت في محاولاته لتشكك في نفسك. لذلك؛ ذكّر نفسك باستمرار أن سلوكه لا علاقة له بك، ولا تأخذ حقده على محمل شخصي.

اعتنِ بنفسك

تتضمن العلاقة الصحية الأخذ والعطاء؛ أي أنك عندما تقدم الدعم لشخص ما في حياتك فعليه تقديم دعم مماثل عندما تحتاج إليه. مع العلم أن بعض الأشخاص قد يكون فعلاً في مآزق أو مشكلات مستمرة، فادعمه وساعده لكن ليس على حساب استقرارك النفسي وحياتك الشخصية.

شجعه للحصول على المساعدة

في حال كانت تربطك علاقة وثيقة مع شخص مؤذٍ ولا تريد أن تخسره، فحاول شرح تأثير سلوكه السام في الآخرين من حوله، وشجعه على التحدث إلى معالج نفسي لمعرفة السبب الرئيس لتصرفاته.