ما أسباب القلق الصباحي؟ وكيف يمكن علاجه؟

4 دقائق
القلق الصباحي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: القلق شعور طبيعي نمر به في الكثير من الأوقات، وقد يزداد هذا الشعور في الصباح لدى الكثيرين، فما أسباب القلق الصباحي؟ وكيف يمكن علاجه؟ إليكم الإجابة في هذا المقال.

هل استيقظت من قبل في الصباح وأنت تشعر بالتوتر والرهبة إلى درجة أنك لا تريد سوى البقاء في فراشك وعدم مواجهة أحداث اليوم؟ هل يمتلئ رأسك صباحاً بالأفكار السلبية التي تتمحور حول صعوبة تحقيق أهداف اليوم وأحداث الحياة المجهدة ليجتر عقلك بعد ذلك أحداث الماضي ويتوقع ما سيحدث في المستقبل؟ الحقيقة أنك لست وحدك، وما يحدث معك يحدث مع الكثيرين غيرك، وهو ما يُطلق عليه "القلق الصباحي"، فما أسباب هذا القلق؟ وكيف يمكن علاجه؟ إليك الإجابة في المقال.

ما هو القلق الصباحي؟

تؤكد الطبيبة النفسية مايرا مينديز (Mayra Mendez) إن الشعور بالقلق في الصباح أمر شائع، وعلى الرغم من أن القلق الصباحي ليس اضطراباً نفسياً فإنه يجعل الكثيرين من الأفراد يستيقظون وهم يشعرون بالتوتر أو الخوف أو الرهبة.

والأشخاص الأكثر عرضةً لمعاناة القلق الصباحي هم المصابون باضطراب القلق المعمم (Generalized Anxiety Disorder. GAD) الذي يسود الحياة اليومية ويحدث على نحوٍ متكرر لمدة 6 أشهر على الأقل، ويقلق المصابون باضطراب القلق المعمم عادة بشأن الأنشطة اليومية التقليدية مثل العمل والمال والأسرة والصحة.

والفرق الأساسي بين اضطراب القلق المعمم وقلق الصباح هو أن القلق الصباحي يقتصر على ساعات اليوم الأولى، بينما يمكن أن تتداخل أعراض اضطراب القلق المعمم في مناحي الحياة اليومية جميعها بغض النظر عن التوقيت.

ما أسباب القلق الصباحي؟

يشعر معظمنا بالقلق في الكثير من الأحيان؛ وعادة ما يكون القلق استجابة طبيعية ناجمة عن الإحساس بالتوتر. على سبيل المثال؛ قد تشعر بالقلق بعد الاستيقاظ مباشرة بسبب وظيفة جديدة تتطلب الكثير من التحضيرات أو اختبار في الجامعة، ومع ذلك فإذا بدأ قلقك الصباحي يخرج عن سيطرتك، فقد يكون ذلك علامة على وجود مشكلة أعمق. وهناك عدة أسباب محتملة لقلق الصباح؛ ومنها: 

  • ارتفاع مستوى الكورتيزول: تفرز الغدد الكظرية هرمون التوتر المعروف باسم "الكورتيزول" خلال أول 30 إلى 45 دقيقة من استيقاظك، ويمكن أن تؤدي زيادة مستوى الكورتيزول إلى تفاقم أعراض القلق مثل زيادة تدفق الدم وارتفاع مستوى الأدرينالين.
  • اضطراب الساعة البيولوجية: يرى مختص الإرشاد النفسي، الدكتور عبد الله سافر الغامدي أن اضطراب الساعة البيولوجية قد يكون مسؤولاً أيضاً عن القلق الصباحي لأن هذا الاضطراب يؤثر في هرمونات الجسم.
  • تناول الكافيين: تشير الأبحاث إلى أن تناول كميات كبيرة من الكافيين يرتبط بمستويات عالية من القلق الصباحي.
  • اضطرابات النوم: قد يجعلك كلٌ من الأرق والنوم المتقطع وجودة النوم السيئة أكثر قلقاً بمجرد استيقاظك؛ حيث توصلت دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي للصحة النفسية (The National Institute of Mental Health. NIMH) إلى أن انخفاض وقت النوم كل ليلة يرتبط بزيادة القلق الصباحي.
  • مستوى السكر في الدم: تؤكد مديرة المعهد الوطني السويدي للقلق والإجهاد (The National Institutes for Stress, Anxiety and Depression. NISAD)، ديان ريبيتش (Deanne Repich)، إنه من أسباب تفاقم أعراض القلق الصباحي انخفاض نسبة السكر في الدم عند الاستيقاظ. وتضيف ريبيتش إن الحفاظ على مستوى السكر في الدم مهم للغاية لأن الدماغ يستخدم السكر كوقود له، فإذا انخفض مستوى السكر نفذ الوقود من المخ، وبالمثل فإن ارتفاع نسبة السكر في الدم يؤدي أيضاً إلى تفاقم أعراض القلق. 
  • الإصابة بأحد اضطرابات القلق: قد يكون قلقك الصباحي علامة على معاناتك من أحد اضطرابات القلق؛ مثل اضطراب القلق العام (GAD) أو اضطراب الوسواس القهري.
  • الإصابة بأمراض معينة: يمكن أن يؤدي بعض الأمراض إلى تفاقم أعراض القلق؛ مثل داء السكري أو السرطان أو أمراض القلب أو الربو أو ارتفاع ضغط الدم، ففي هذه الحالات يكون التوتر استجابة طبيعية للتحديات الصحية الطويلة المدى أو غير المتوقعة.
  • ضغوط الحياة النفسية: لا تسير الحياة على وتيرة واحدة أبداً، وفي الكثير من الأوقات قد نواجه تحديات مفاجئة مثل تغيير الوظيفة أو الانتقال إلى بيت جديد أو الحزن على فقدان أحد المقربين، ويمكن أن يؤدي التوتر المرتبط بتغييرات الحياة الحادة إلى القلق الصباحي. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، قد يتوقف هذا القلق بعد مضي الوقت؛ أما بالنسبة إلى البعض الآخر، فيمكن أن يتطور إلى اضطراب القلق المزمن.

اقرأ أيضاً: هل يمكن الشفاء من اضطراب القلق العام؟

ما أعراض قلق الصباح؟

تشير أستاذة الطب النفسي غيل سالتز (Gail Saltz) إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الاستيقاظ بمزاج سيئ لأنك لا ترغب في الذهاب إلى العمل، والقلق الصباحي الذي تتمثل أعراضه في: 

  1. ارتفاع معدل ضربات القلب.
  2. صعوبة التركيز.
  3. شعور بالتوتر أو عدم القدرة على النهوض وبدء اليوم.
  4. ضيق التنفس.
  5. صعوبة السيطرة على التوتر والخوف.
  6. التعرق والإحساس بالغثيان.
  7. الإحساس بالصداع.
  8. التشوش الذهني.

اقرأ أيضاً: كيف تفرق بين القلق الطبيعي والقلق المرضي؟ مختصة نفسية تجيبك.

4 استراتيجيات فعّالة للتغلُّب على قلقك صباحاً 

إذا كنت تعاني قلقاً مفرطاً في الصباح، فقد تبحث عن طرائق للسيطرة على هذا الموقف، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تستطيع تجربتها لتقليل الأعراض:

  • اتباع عادات نوم صحية: الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم مهم للغاية لصحتك العقلية والجسدية؛ فمن المعروف أن صعوبات النوم تسبب مجموعة متنوعة من المشكلات النفسية والجسدية التي تشمل الصداع، وانخفاض الطاقة، وضعف التركيز، ومشكلات الذاكرة القصيرة المدى، والتهيج، والقلق. ومن أهم عادات النوم الصحية التي يمكن تبنّيها ما يلي:
  1. اذهب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة واستيقظ في الوقت نفسه كل يوم، حتى خلال عطلات نهاية الأسبوع.
  2. استخدم سريرك للنوم وممارسة الجنس فقط.
  3. حافظ على غرفة نومك باردة ومظلمة.
  4. قلل مشاهدة التلفزيون ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم.
  5. دوّن أفكارك ومخاوفك جميعها على الورق قبل النوم.
  • إجراء بعض التعديلات على قائمة المهمات الصباحية: قد يتفاقم قلقك الصباحي بسبب قائمة المهمات الطويلة التي تحتاج إلى إنجازها، ولتجنُّب الشعور بالتوتر والقلق، امنح نفسك متّسعاً من الوقت في الصباح وأكمِل بعض الأعمال في المساء.
  • ممارسة تمرينات الاسترخاء والتنفس العميق: يمكن أن تساعد تمرينات الاسترخاء والتنفس العميق وتقنيات اليقظة الذهنية مثل اليوغا والتأمل على تقليل قلقك؛ حيث توصي الطبيبة النفسية آنا يوسم (Anna Yusim) بتجربة تقنية التنفس العميق، وذلك بالتنفس لعدّتين، وحبس أنفاسك 4 عدات، ثم الزفير ببطء خلال 8 عدات، وتكرار هذا الروتين من 3 إلى 4 مرات صباحاً.
  • تناول وجبة إفطار غنية بالفواكه والخضروات: تعتقد الطبيبة النفسية كارولين روبنشتاين (Carolyn Rubenstein) أن الإفطار هو أهم وجبة في اليوم، فتجاوزها يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم؛ الأمر الذي يعمل بدوره على مُفاقمة الإحساس بالقلق.

كيف يمكن علاج القلق الصباحي؟

الشخص الذي يستيقظ باستمرار وهو يشعر بالقلق قد يكون مصاباً باضطراب القلق العام أو شكل آخر من أشكال القلق، وإذا استمرت هذه المشاعر فمن المهم أن يتحدث إلى الطبيب حول أعراض قلقه وخيارات العلاج المتاحة؛ ومن أهمها: 

  • العلاج المعرفي السلوكي: يعمل هذا النوع من العلاج على تقليل التوتر والقلق من خلال مساعدة الأفراد على تطوير أنماط أكثر إيجابيةً من التفكير والسلوك.
  • العلاج الدوائي: يمكن أن تساعد الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق على تخفيف الأعراض.

وختاماً، إذا استيقظت من نومك وأنت تشعر بالقلق الصباحي فلا تقاوم هذا الشعور؛ بل حاول الاعتراف به والتعامل معه، وتحدَّث إلى نفسك بإيجابية قائلاً: "نعم، أشعر بالقلق هذا الصباح لكنني شعرت به من قبل وتمكنت من التعامل معه"، واعلم أنه على الرغم من أن أعراض القلق الصباحي قد تكون مزعجة فإنها قابلة للعلاج.