ملخص: كشفت دراسات سابقة أن النزعة المادية غالباً ما ينتج منها تراجع ملحوظ في مستوى الشعور العام بالرضا؛ لكن دراسة حديثة حرصت على توضيح مدى دقة العلاقة بين هذين العنصرين.
كثيراً ما نسمع أن المال لا يصنع السعادة. ولأسباب وجيهة؛ أظهر العديد من الدراسات أن البحث عن الرضا المادي يمكن أن يكون ناتجاً من ضعف الشعور بالرضا في الحياة. ولكن هل المادية هي سبب التعاسة؟ في دراسة نُشرت في أبريل/ نيسان 2023 في دورية علم نفس المستهلك (Journal of Consumer Psychology)، حاول فريق من الباحثين معرفة إن كانت المادية مضرّة بالراحة النفسية للناس.
ما المقصود بالمادية؟
أراد الباحثون خلال هذه الدراسة التحقق من نظريتهم التي ترى أن المادية ليست السبب في ضعف شعور الفرد بالرضا عن حياته.
وفي المقابل، صرّح مؤلفو الدراسة لموقع "ساي بوست"(PsyPost) إن: "الأشخاص الذين يميلون إلى الطبع المادّي غالباً ما يميلون أيضاً إلى التميّز ببعض الخصائص الثابتة الناتجة من شعور أقل بالرضا عن حياتهم".
وتابع الباحثون 6,551 مشاركاً ما بين عامَيّ 2013 و2015، وشارك هؤلاء في 3 عمليات تقييم مرة كل 6 أشهر.
يتعلق التقييم الأول بالخصائص الديموغرافية للمشاركين، وركز الثاني على مقياس المادية في الحياة بينما قاس التقييم الثالث مستوى الشعور بالرضا لدى المشاركين. وانقسم مقياس تقييم مستوى المادية إلى 3 محاور: القناعة أن حيازة الممتلكات تزيد السعادة، والقناعة أن الممتلكات مؤشرات نجاح، ثم القناعة أن الممتلكات ضرورية في حياة الفرد.
كيف تؤدي المادية إلى تراجع الرضا عن الحياة؟
مكّنت هذه الدراسة التي أُجريت على مدى 3 سنوات مع جمع البيانات كل 6 أشهر، من تسليط الضوء على تطور القناعات المادية والشعور بالرضا، وأكدت النتائج أن الأشخاص الذين يولون أهمية لحيازة الممتلكات أكثر من غيرهم صرحوا أنهم أقل رضا عن حياتهم.
وفي المقابل، أبرزت الدراسة أن التغييرات التي تطرأ على النزعة المادية لا تؤدي بالضرورة إلى تغييرات في مستويات الشعور بالرضا.
وعلاوة على ذلك، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين شعروا بتراجع مستوى رضاهم عن الحياة كانوا يعتقدون أن التوفر على المزيد من الممتلكات يجعلهم أكثر سعادة.
وهكذا يتضح أن المادية تمثل أسلوب تكيّف للأشخاص الأقل رضا عن حياتهم، وبينما يمكن تفسير ضعف الشعور بالرضا لديهم بنزوعهم المادي، فقد يكون العكس ممكناً أو تكون ثمة أسباب أخرى وراء هذا الضعف.