ملخص: تُعدّ طريقة الصخرة الرمادية تكتيكاً فعّالاً لمن يعيشون في علاقات تستنزف طاقتهم العاطفية أو تُشعرهم بعدم الأمان؛ إذ يمكن أن تساعدهم على تجنُّب الوقوع ضحيّةً للتلاعب النفسي أو العاطفي الذي يمارسه النرجسيون.
محتويات المقال
يلجأ الأشخاص إلى أسلوب الصخرة الرمادية تجنّباً لأنواع الإيذاء العاطفي أو النفسي الذي يسبّبه أشخاص مسيْئُون في حياتهم. وتُعتبر هذه التقنية فعّالة للحماية من الأشخاص المتلاعبين والنرجسيين والمسيئين؛ حيث تقدّم هذه الطريقة المتجذّرة في علم النفس السلوكي، حلاًّ غير تقليدي للتعامل مع العلاقات الصعبة والسامة، سواء كان ذلك في المنزل أو في العمل أو ضمن العلاقات الشخصية.
وعلى الرغم من أنها يمكن أن تكون فعّالة على نحوٍ لا يصدّق في ظروف معينة، فمن الضروري فهم مخاطر استخدامها باستمرار، في حين يُعدّ طلب المساعدة المتخصّصة في أغلب العلاقات المسيئة ضرورة لا بدّ منها.
ما هي طريقة الصخرة الرمادية؟
يُستعمل مصطلح "الصخرة الرمادية" (The Grey Rock) لوصف الطريقة التي يمكن أن يستخدمها شخص ما عندما يريد التواري عن أنظار أحدهم تماماً مثل صخرة رمادية غير ملحوظة؛ وذلك بهدف أن يصبح غير مثيرٍ للاهتمام وغير متفاعل بغضّ النظر عن مقدار الاستفزاز الذي يوجّه له؛ مثلما لن تتفاعل الصخور الرمادية أو تتغيّر.
وتُعّد طريقة الصخرة الرمادية استراتيجية دفاعية تُستخدم للتعامل مع الأفراد المسيئين أو السامين أو المتلاعبين نفسياً؛ إذ يكون الشخص الذي يتّبعها غير مستجيب عاطفياً أو غير مبالٍ حتى يثني الشخص المسيء عن الاستمرار في سلوكاته الضارة. ويمكن أن يكون هذا التكتيك مفيداً على نحوٍ خاص عند التعامل مع الأشخاص الذين يعانون اضطراب الشخصية النرجسية؛ والذين يسعون دائماً إلى الحصول على ردود فعل عاطفية لتغذية نرجسيتهم.
اقرأ أيضاً: اضطراب الشخصية النرجسية: 9 علامات تحذّرك من الوقوع ضحية للمصابين به
ما الفرق بين الصخرة الرمادية والانسحاب الاجتماعي؟
من الضروري معرفة أن طريقة الصخرة الرمادية لا تعني حالة الانسحاب الاجتماعي (Social Withdrawal) التي يتأثر بها أحياناً الأشخاص الذين يتعرّضون للإساءة من قبل شخص في حياتهم؛ إذ إنها ليست طريقة مقصودة للحفاظ على الذات بل تكون نتيجةً للإساءة التي تضرّ بصحة الشخص النفسية، فقد ينسحب من يقعون ضحايا للإساءة من دائرة الأصدقاء والعائلة بسبب مشاعر العار أو العزلة أو الشعور بأن لا أحد سيصدقهم. وقد ينسحبون أيضاً إذا شعروا بنوعٍ من الولاء للمسيء وكانوا لا يريدون سماع انتقادات سلبية بحقّه.
أما أسلوب الصخرة الرمادية فينطبق على العلاقة مع المسيء فقط، وإذا انسحب الشخص عموماً، فقد يعني ذلك أنه يواجه محنة.
ما مدى فعالية طريقة الصخرة الرمادية؟
تعتمد طريقة الصخرة الرمادية على مفهوم علم النفس السلوكي للاندثار؛ الذي يفترض أنه عندما يفشل صاحب السلوك في تحقيق النتيجة المرجوّة، فإنه يتوقّف في النهاية. أي إذا لم يحصل الشخص المسيء على التجاوب الذي يسعى إليه، فقد يوقف أفعاله المسيئة، ويمكن أن يكون هذا التكتيك دفاعاً فعّالاً ضدّ الإساءة العاطفية أو النفسية والتلاعب النرجسي والسلوكات السامة الأخرى.
ما مخاطر استخدام التكتيك الرمادي مع الشخص النرجسي؟
قد يشعر الشخص الذي تستخدم معه التكتيك الرمادي بالإحباط أو الملل وقد يحاول اتبّاع أساليب جديدة للحصول على الاستجابة التي يريدها منك. وقد تشمل تلك الأساليب إثارة أزمة، أو التصرّف بلطف لخفض دفاعاتك، أو حتّى تصعيد سلوكاته؛ حيث يُعتبر هذا التصعيد جزءاً ممّا يُعرف باسم "انفجار الاندثار" (Extinction Burst) بحيث يسوء سلوكه قبل أن يبدأ بالتحسّن.
وكذلك، يمكن أن يؤثّر استخدام طريقة الصخرة الرمادية في صحتك النفسية والعاطفية لأنها تتطلّب منك قمع مشاعرك؛ ما قد يؤدّي إلى الشعور بالعزلة والغضب أو الإحباط غير المعلَنين. لذلك؛ يُنصح باستخدام هذه الطريقة بحذرٍ، فهي ليست بديلاً عن التماس الدعم من استشاري الصحة النفسية عند التعامل مع المواقف المسيئة. وقد يكون الحلّ النهائي هو التخلّص من العلاقة السامة؛ لأنّ طريقة الصخرة الرمادية ليست سوى حلٍّ مؤقّتٍ.
اقرأ أيضاً: دليلك للتعايش بواقعية مع الزوج ذي الشخصية النرجسية
كيف يمكن تطبيق طريقة الصخرة الرمادية في مواجهة النرجسي؟
يتطلب تنفيذ طريقة الصخرة الرمادية استجابةً محسوبة وغير عاطفية إزاء الشخص الذي يُظهر سلوكات نرجسية أو مسيئة، حتى لو كان من دائرة زملاء العمل أو الدراسة أو أفراد الأسرة أو الأزواج والشركاء العاطفيين وحتى أحد الوالدين النرجسيَّين. وتتمثّل الخطوات الرئيسية لتطبيق طريقة الصخرة الرمادية ما يلي:
- لا تبلّغ الشخص النرجسي باستخدامك لهذا التكتيك.
- قدّم إجابات موجزة وغير عاطفية عند الحاجة.
- تجنّب التواصل المباشر بالعين.
- افصل نفسك، وأعد توجيه انتباهك إلى أنشطة أو محيط آخر.
وعند التعامل مع الآباء النرجسيين، ينطوي استخدام طريقة الصخرة الرمادية على عدم الرد على استفزازاتهم، على الرغم من أنهم قد يضاعفون جهودهم من أجل السيطرة بسبب طبيعة العلاقة معهم.
وإذا كنت تعيش مع شخصٍ نرجسي، فقد يكون تطبيق هذه الطريقة باستمرار أمراً مرهقاً. لذا؛ يوصى باستخدامها أكثر في أثناء المناقشات حول الموضوعات الحسّاسة مثل الشؤون المالية أو شؤون الأسرة، حفاظاً على شعور التحكّم في مجرى العلاقة.
وتوضّح المؤلفة وخبيرة التفاوض في شؤون النرجسية، فاطمة الظبيري (Fatemah Alzubairi) إنّ استخدام تكتيك الصخرة الرمادية يتضمّن الردود المحايدة والباردة والمملة وغير المثيرة التي لا تغذّي احتياج النرجسي إلى الدراما.
فالإيجاز وعدم إعطاء أيّ تفاصيل يمنع النرجسي من تجميع معلومات عنك واستخدامها ضدّك في وقت لاحق. وكمثال على هذه النوعية من المواقف؛ أن يذهب زميلك النرجسي إلى رئيسك في العمل ويخبره في حديثٍ ودّي تفاصيلَ شخصية عنك من شأنها أن تُظهرك في مظهرٍ سيئ مثل أنك لا تقوم بالمهام المسنَدة إليك، وذلك بعد أن تجاذبت أطراف حديث عادي معه سابقاً وأخبرته معلومات غير ذات أهمية بالنسبة إليك، فاستغلّها هو لتشويه سمعتك، والحلّ في مثل هذه المواقف هو الاكتفاء بالأجوبة السطحية والموجزة.
اقرأ أيضاً: كيف يخدع المتلاعبون بالمشاعر ضحاياهم؟
وختاماً، لا يمكن اتخاذ طريقة الصخرة الرمادية كحلٍّ دائمٍ في التعامل مع الشخص المسيء، لا سيما في العلاقات الشخصية؛ لكن يمكن اعتمادها كطريقةٍ للابتعاد عن الشخص المسيء مؤقتّاً، وتفادي الإيذاء العاطفي بسببه.