كيف يخدع المتلاعبون بالمشاعر ضحاياهم؟

المتلاعب النرجسي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من الصعب غالباً التعافي من آثار علاقة مع متلاعب نرجسي؛ لكن المشكلة أن بعضنا يقع باستمرار ضحية لهذا النوع من الأشخاص. يكتشف المنحرف النرجسي سمات الشخص الملائم ليكون ضحيته إذ يختار أولئك الطيبين المعطائين الذين يبحثون عن حاجة عاطفية في الوقت ذاته، ويسعى إلى إحكام سيطرته عليهم. ويقول مختص علم النفس رالف سيبوني (Ralph Sibony): “في معظم الأحيان ترفض الضحية تصديق أنها تتعرض للتلاعب وتُسائل نفسها ظناً منها أنّ ما تتعرض له هو بسبب خطأ ارتكبته وهو ما يحاول المتلاعب النرجسي تأكيده لها باستمرار، ومع تزايد شكوكها حول نفسها فإنها تدخل في حالة من الاكتئاب والانهيار النفسي”. هل تقع ضحية للمتلاعبين النرجسيين باستمرار؟ اطلع في هذا المقال على أسباب ذلك وكيفية الخروج من هذه الدائرة.

من الصعب غالباً التعافي من آثار علاقة مع متلاعب نرجسي؛ لكن المشكلة أن بعضنا يقع باستمرار ضحية لهذا النوع من الأشخاص، فما الأسباب وراء ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذه الدائرة؟ لنجيب عن هذين السؤالين؛ أجرينا المقابلة التالية مع مختص علم النفس رالف سيبوني.

ما سمات الشخص الذي ينجذب إلى المنحرفين النرجسيين؟

المنحرف النرجسي هو الذي يكتشف سمات الشخص الملائم ليكون ضحيته؛ إذ يختار ضحية طيبة تبدي استعداداً للتقديم للآخرين وبذل الجهود المضنية من أجلهم أي بمعنىً آخر تعطي دون مقابل، بسبب حاجتها إلى علاقة انصهارية، أو لأنها تعاني اعتماداً عاطفياً، ويستشعر المتلاعب النرجسي هذه الحاجة كفرصة مواتية لإنشاء علاقة سيطرة مع الضحية.

أما السمة الثانية التي تجذب المتلاعب النرجسي فهي عجز الضحية عن الرفض والدفاع عن حدودها الشخصية وذاتها، وبمجرد أن يستشعر ذلك فإنه يعمل على فرض سيطرته باستخدام أساليب التلاعب.

ما أساليب التلاعب التي نتحدث عنها هنا؟

إنها تلك التي يحمل من خلالها المتلاعب الضحية على تلبية رغباته دون التعبير عنها بوضوح، فهو لا يقول ما يريده صراحة بل يلجأ إلى وسائل ملتوية للحصول عليه.

كيف يخدع الشخص المتلاعب ضحيته؟

يتعامل المتلاعب النرجسي مع الآخر وفقاً لنقاط ضعفه، فإذا رأى أنه حساس تجاه ضعف الآخرين تظاهَر أمامه بالضعف، أما إذا كان يتأثر بالكلام المعسول فيغدق عليه منه. إنه يعرف تماماً كيف يتكيف مع كل حالة وهدفه هو بدء العلاقة مع الطرف الآخر وإدخاله إلى “سجنه”.

وتتزايد مطالب المتلاعب النرجسي بعد ذلك أكثر فأكثر ويبدأ هنا بإحكام سيطرته على ضحيته، وعندما يجد أنها لا تستطيع تلبية هذه المطالب فإنه يُظهر وجهه الآخر المتمثل بمظاهر الغضب والقسوة والأساليب المنحرفة؛ لكن الأوان يكون قد فات لأنه أحكم قبضته مسبقاً على ضحيته عندما عرف كيف يتعامل مع نقاط ضعفها ويُشعرها بأنه يلبي حاجاتها منذ البداية، الأمر الذي يزيد تورطها في هذه العلاقة.

في معظم الأحيان ترفض الضحية تصديق أنها تتعرض للتلاعب وتُسائل نفسها ظناً منها أنّ ما تتعرض له هو بسبب خطأ ارتكبته؛ وهو ما يحاول المتلاعب النرجسي تأكيده لها باستمرار، ومع تزايد شكوكها حول نفسها فإنها تدخل في حالة من الاكتئاب والانهيار النفسي.

أول من يكتشف الشخص المتلاعب النرجسي عادةً هم المحيطون بالضحية التي قد تستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تدرك حقيقته والغاية من تصرفاته.

ما الذي يمكن للمرء فعله للتوقف عن جذب المتلاعبين النرجسيين إليه؟

سيكون بحاجة إلى العمل على تطوير شخصيته ومن الأفضل أن يستعين بمختص لمساعدته على ذلك؛ إذ ثمة الكثير من الأساليب العلاجية التي يمكن أن تكون فعالة في هذا الشأن ومنها مثلاً تلك التي تمكنه من تعلِّم كيف يقول “لا” والدفاع عن نفسه، وعليه من جهة أخرى أن يأخذ وقتاً كافياً ليحدد ما هو مقبول بالنسبة إليه وما لم يعد يناسبه ويعيد صياغة علاقته بالآخرين، ويعني هذا بصورة عامة ألا يسمح لأي شخص بإحكام سيطرته عليه ويدرك أنه يمكن للناس مناقشة رغباتهم مع بعضهم بعضاً دون أن يسيطر أحدهم على الآخر.

يجب أن تتوخى الحذر عندما يصر الطرف الآخر بشدة وبطريقة مريبة على رغبته، ولا تتردد في طرح أسئلة عليه وطلب تفسيرات منه حين يغير سلوكه فجأة أو يرسل رسائل متناقضة، وعلى الرغم من أن الأمر قد لا يكون سهلاً فإن عليك أن تكون مستعداً للتعامل مع عدوانيته.

وأوصي هنا بمحاولة فهم ما يحدث والتحدث عنه مع طرف ثالث قادر على رؤية الصورة من الخارج ويمكنك مناقشته وإطلاعه على الموقف، للحصول على ملاحظات موضوعية. وتذكر دائماً أن لدى المنحرف النرجسي نية وهي تحطيمك وكلامه معك سيصب كله في هذا الاتجاه، ولذلك فإنه من المستحسن إذا كنت ضحية له أن تحصل على الدعم، سواء في العمل أو في المنزل أو من الأصدقاء أو أحد المختصين، فللمحيطين دور كبير في مساعدتك على الخروج من هذه العلاقة السامة.

المحتوى محمي !!