ملخص: يتشابه بعض الاضطرابات النفسية إلى درجة تثير حيرتنا؛ ومنها اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) واضطراب ما بعد الصدمة المعقد (Complex PTSD). لذا؛ نقدم لك من نفسيتي هذا المقال الذي يساعدك على التفرقة بينهما من الجوانب جميعها.
محتويات المقال
- ما هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟
- ما هو اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (Complex PTSD)؟
- كيف تتداخل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
- ما الفرق بين أسباب اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
- كيف يُشخَّص اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
- اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد يتشابهان في طرائق العلاج
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟
وفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين (The American Psychological Association)؛ فإن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب نفسي يحدث للأشخاص الذين تعرضوا لحادث صادم هدد حياتهم مثل الحروب أو الاغتصاب أو الكوارث الطبيعية أو العنف الجسدي.
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (Complex PTSD)؟
أكدت المعالجة النفسية جين ليونارد (Jayne Leonard) إن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (Complex PTSD) هو اضطراب نفسي يصيب الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث مؤلمة طويلة أو متكررة على مدار سنوات، وتضيف المعالجة جين إن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد وثيق الصلة باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
وتجدر الإشارة إلى أن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الذي يستخدمه الأطباء النفسيون وعلماء النفس لا يعترف في الوقت الحالي باضطراب ما بعد الصدمة المعقد كتشخيص منفصل عن اضطراب ما بعد الصدمة، ومع ذلك فإن التصنيف الدولي للأمراض التابع لمنظمة الصحة العالمية يعترف بهذا الاضطراب بوصفه حالة منفصلة.
اقرأ أيضاً: لماذا تختلف استجابتنا للصدمات النفسية؟ وكيف نعالجها؟
كيف تتداخل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
تنقسم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى 4 أنواع أساسية؛ وهي:
- ذكريات الماضي الاقتحامية: وتشمل الأحلام المزعجة والكوابيس والذكريات المؤلمة المتكررة التي تداهم الشخص في كل مرة يتذكر فيها الحدث الصادم.
- أعراض التجنب: مثل محاولة تجنب التفكير أو الحديث عن الحدث الصادم، هذا بالإضافة إلى تجنب الأماكن أو الأنشطة أو الأشخاص الذين يذكرون الشخص بالحدث الصادم.
- التغيرات السلبية في المزاج: مثل الشعور بالخدر العاطفي واليأس من المستقبل والإحساس بالانفصال عن الأهل والأصدقاء.
- ردود الأفعال الجسدية: وذلك مثل الفزع والخوف واضطرابات النوم والعصبية ونوبات الغضب واليقظة المفرطة.
تتداخل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد كثيراً مع اضطراب ما بعد الصدمة؛ ولكن الفرق يتجسد في أن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد تشمل أيضاً:
- صعوبة السيطرة على العواطف.
- الشعور المستمر بالعجز واليأس والعار.
- المشاعر العميقة بالخجل والذنب والفشل.
- تدني الإحساس بقيمة الذات.
- فقدان المعنى والأمل في العالم؛ حيث يشعر مريض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بأن الحياة لن تتحسن أبداً.
- أعراض الانفصام.
- التفكير في الانتحار.
- الشعور بالتهديد المستمر.
ما الفرق بين أسباب اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
تقول المعالجة النفسية روبين بريكل (Robyn E. Brickel) إن أحد الاختلافات الرئيسة بين اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد هو السبب، ففي الوقت الذي يتعرض فيه المصاب باضطراب ما بعد الصدمة لحادثة مؤلمة واحدة فقط مثل حادث سيارة أو فقدان شخص عزيز أو اعتداء جسدي، فإن مصاب اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يتعرض لحادثة مؤلمة ممتدة على مدار سنوات مثل الاعتداء الجسدي المتكرر أو البقاء لمدة زمنية طويلة في بلد يعاني من الحرب.
وتضيف الدكتورة النفسية ديان غراندي (Dianne Grande) إن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يحدث أيضاً عند التعرض لسوء المعاملة والعنف من أحد الوالدين لمدة كبيرة.
اقرأ أيضاً: أثر صدمات مرحلة الطفولة في الصحة النفسية
كيف يُشخَّص اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد؟
يُشخَّص اضطراب ما بعد الصدمة عن طريق إجراء فحص جسدي للتأكد من وجود مشكلات طبية قد تكون سبباً للأعراض، وبعد ذلك يُجرى تقييم نفسي يتضمن مناقشة العلامات والأعراض، وذلك بالاستناد إلى المعايير الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات العقلية (DSM-5) الذي نشرته الجمعية الأميركية للطب النفسي.
ويُشترط للتشخيص باضطراب ما بعد الصدمة أن يكون المصاب قد تعرض لموقف هدد حياته، وأن تستمر الأعراض لأكثر من شهر وتكون قد تسببت في مشكلات كبيرة أثرت في قدرة المصاب على العمل وفي علاقاته الشخصية.
تشير المعالجة النفسية جين ليونارد (Jayne Leonard) إلى أن التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11Trusted Source) ينص على أن الطبيب لا يمكنه تشخيص مرض اضطراب ما بعد الصدمة المعقد إلا بعد استيفاء أعراض اضطراب ما بعد الصدمة جميعها.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يظهر على المصاب بعض الأعراض الرئيسة مثل تدني احترام الذات والشعور بالعار ووجود مشكلات في الحفاظ على العلاقات.
وتضيف المعالجة النفسية جين إنه وقبل أن تقوم منظمة الصحة العالمية بتحديث معاييرها التشخيصية لاضطراب ما بعد الصدمة المعقد، كان الأطباء يشخصون المرض بناء على التجربة الكارثية واضطرابات الإجهاد الشديد.
وفي الوقت الحالي أصبح الأطباء أكثر وعياً بالاختلاف بين تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد، وذلك على الرغم من أن اضطراب ما بعد الصدمة المعقد يُعد حديثاً نسبياً؛ حيث تشير دراسة أجراها قسم الصحة العقلية وتعاطي المخدرات التابع لمنظمة الصحة العالمية خلال عام 2016 وشملت أكثر من 1,700 متخصص مشارك في الصحة العقلية من 76 دولة، إلى أن الأطباء يمكنهم التفريق بين التشخيصين.
اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد يتشابهان في طرائق العلاج
تتشابه علاجات اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد بصفة عامة؛ حيث يتضمن كلاهما العلاج النفسي أو الأدوية أو مزيجاً من كلا العلاجين معاً، وترتكز طرائق العلاج عموماً على:
- العلاج بالأدوية: تعالج أدمغة الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة التهديدات على نحوٍ مختلف، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن توازن المواد الكيميائية المسمّاة بـ "الناقلات العصبية" لا يعمل بطريقة صحيحة؛ كما تكون استجابة "الكر أو الفر" (Fight or Flight Response) متحفزة دائماً لدى المصابين باضطراب ما بعد الصدمة؛ ما يسبب لهم التوتر طول الوقت. ويرتكز العلاج بالأدوية على التوقف عن التفكير، وخلال هذه المرحلة، يستخدم الطبيب النفسي مجموعة مختلفة من الأدوية مثل مثبطات إن أوكسيديز (MAOIs) ومضادات الذهان أو مضادات الذهان من الجيل الثاني (SGAs).
- العلاج النفسي: وينقسم إلى العلاج المعرفي السلوكي الذي يساعد على محاولة استيعاب الصدمة وتغيير الأفكار والمعتقدات السلبية، وعادة ما يحتاج المصاب باضطراب ما بعد الصدمة إلى حضور قُرابة 12 جلسة جماعية أو فردية. وفي هذا السياق، أكد استشاري الأمراض النفسية والعقلية إلياس شديد في حديث له مع صباح "سكاي نيوز عربية"، أن العلاج المعرفي السلوكي مهم جداً لأنه ينمي شخصية المريض وطريقة تفكيره.
وثمة أيضاً العلاج عن طريق إزالة التحسس بحركة العين (EMDR)؛ وهو علاج قائم على تتبُّع حركة العين من أجل تقليل شدة العواطف الناجمة عن الذكريات المؤلمة.
جدير بالذكر إن أولئك الذين يعانون اضطراب ما بعد الصدمة المعقد قد يحتاجون إلى علاج طويل الأمد ووقت أطول للتعافي، وهذا هو الفرق الجوهري بين علاج اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة المعقد.
اقرأ أيضاً: 7 خطوات للتعافي من الصدمة الناتجة من الكوارث الطبيعية
ختاماً، لا يعرف المصابون باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب ما بعد الصدمة المعقد أنه ثمة مخرج لتجربة الحياة، وأن الشفاء ممكن وغير مستحيل، فإذا كنت تعاني من هذا الاضطراب أو ذاك، اعلم أن ثمة طريقة دائماً لبناء حياة آمنة من جديد؛ فقط عليك التمسك بالأمل والعلاج حتى تتجاوز آثار الصدمة.