كيف تؤثر الصلاة في صحتك النفسية؟

2 دقيقة
الصلاة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يلجأ الكثيرون، عندما تضيق بهم السُّبُل، إلى الصلاة، فإضافةً إلى بُعدها الروحاني، تمثل بالنسبة إليهم متنفّساً نفسيّاً عن الكثير من المشاعر المزعجة مثل الخوف أو القلق أو الغضب أو الحزن. لكن ما السر الذي تحمله الصلاة لينتج منها هذا التأثير؟ وفقاً لدراسة علمية؛ أدت الصلاة إلى انخفاض أعراض الاكتئاب وزيادة معدل احترام الذات والرضا عن الحياة عند الكثير من المصلّين.

تُعد الصلاة بمثابة ملجأ آمن للكثيرين عندما تحاصرهم المشاعر السلبية مثل الغضب أو الحزن أو الخوف، ففي تلك اللحظات الخارجة عن السيطرة، يحتاج البشر إلى مساحة أمل تُشعرهم أن الأمور مهما بدت سيئة، فما زالت هناك فرصة لأن تتغير إلى الأفضل.

لكن ما السر وراء التأثير النفسي للصلاة؟ تشبّه المختصة النفسية آمي واتشولتز (Amy Wachholtz) تأثير الصلاة بشخص يحمل حقيبة ظهر أتعبته، فبمجرد أن يعطيها لشخص آخر سيشعر بالارتياح وأنها أصبحت أخف وزناً عند حملها مرة أخرى، لذا تنصح واتشولتز أن نلقي عن عقلنا الأعباء التي ترهقنا بين الحين والآخر من خلال ممارسات عديدة؛ ومن بينها الصلاة التي تحمل في تأثيرها النفسي أبعاداً عديدة نطرحها في مقالنا.

ما الفرق بين الصلاة والتأمل؟

ربما يظن البعض أن الصلاة والتأمل متشابهان؛ لكنّ الحقيقة أنهما ليسا كذلك، فبحسب أستاذ علم النفس المساعد في جامعة سانت توماس الكندية (University of St. Thomas)، ريان بريمنر (Ryan Bremner) هما يتفقان فقط في زيادة اليقظة الذهنية وتخفيف القلق.

بينما من الناحية التطبيقية، ترتبط بالصلاة بأفكار وظروف معينة لازمة لتأديتها، فيما يعمد التأمل إلى تصفية الذهن. كذلك، يحدث في الصلاة ما ينفي الفردانية، فهي تتحقق بالتواصل مع الإله وطلب العون منه في مواجهة تحديات الحياة، وهذا غير موجود في التأمل.

وقد أجرت جامعة كولورادو الأميركية (University of Colorado) دراسة علمية للمقارنة بين التأمل الروحاني والتأمل غير الروحاني، فكانت النتيجة أن الأشخاص الذين قاموا بالتأمل الروحاني كانوا أقل قلقاً وأكثر إيجابية ممَّن مارسوا التأمل غير الروحاني، وظهر هذا التأثير بشكل ملموس عندما غمر المشاركون أيديهم في ماء شبه متجمد، فتحملت مجموعة التأمل الروحاني الألم لمدة بلغت ضعفَيّ مدة المجموعة الأخرى.

اقرأ أيضاً: فوائد التأمل للصحة النفسية

ما التأثير الذي تُحدثه الصلاة في صحتك النفسية؟

أُجريت عدة دراسات علمية للبحث وراء التأثير النفسي للصلاة؛ وكانت من أهمها دراسة أجرتها جامعة هارفارد الأميركية، توصلت إلى أن الأشخاص الذين يصلون يومياً عانوا من أعراض اكتئاب أقل ومستويات أعلى للرضا عن الحياة واحترام الذات بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يصلون.

ويتضح هذا التأثير أكثر في دراسة أخرى قامت بها جامعة كاليفورنيا الأميركية (University of California ) وشملت أكثر من 2,000 شخص مصاب بمرض نفسي، وأكد 80% منهم إن الروحانيات مهمة لصحتهم النفسية، بينما أشار أكثر من 70% إلى أن الصلاة أفادتهم في تحسين صحتهم النفسية.

الدراستان السابقتان جعلتا الطبيب النفسي روب ويتلي (Rob Whitley) يؤكد إن الصلاة ذات تأثير إيجابي في التعافي من الاضطرابات النفسية؛ كما أنها تزيد العافية النفسية لغير المصابين بأمراض نفسية، وبالأخص مَن يعانون من الوحدة أو العزلة الاجتماعية.

وهو ما تفسره الطبيبة كريستينا بوشالسكي (Christina Puchalski) بأن الناس خلال صلاواتهم يشاركون قلقهم ومعاناتهم؛ ما يعزز ارتباطهم بقوة أعلى ويقلل مشاعر العزلة والخوف والقلق في داخل كلٍّ منهم، فالصلاة بشكل عام تؤدي دور المهدئ في الأوقات الصعبة، وتمدنا بإحساس السيطرة على الأشياء المزعجة.

اقرأ أيضاً: استراتيجيات السعادة الاثنتا عشر لتستعيد ابتسامتك المفقودة

كيف تزيد قدرة الصلاة على تحسين نفسيتك؟

ربما يقول البعض إنه يصلي لكنه لا يجد الراحة النفسية التي يبحث عنها، وهو ما يجيب عنه الطبيب النفسي السعودي خالد الجابر بأن الصلاة تعزز الصحة النفسية لكن بشروط تجعلها تحقق السكينة المطلوبة من ورائها.

وأهم تلك الشروط التعاملُ مع الصلاة باعتبارها فرصة للتدرب على مهارات متنوعة؛ أبرزها الخشوع وطمأنينة العضلات والحركات، وكذلك إرخاء الجسم وتجنُّب التوتر، إلى جانب تركيز الشخص في ما يقوله خلال صلاته.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الصوم في الصحة النفسية؟

المحتوى محمي