ملخص: يمثل الحصول على رخصة القيادة مصدر سرور وراحة بالنسبة إلى معظم الناس، فهو يمنحهم قدراً كبيراً من الحرية والاستقلالية؛ ولكن على العكس من ذلك، يخاف البعض هذه الفكرة إلى درجة أنه يؤجلها باستمرار، ونتحدث هنا على وجه الخصوص عن أولئك الذين يعانون رهاب قيادة السيارات "أماكسوفوبيا". تقول سلوى ذات الـ 44 عاماً وهي تعمل في التوثيق: "حينما أتخيل نفسي خلف عجلة القيادة، أفكر في كل ما عليّ الانتباه إليه: الطريق من الأمام والخلف، وعجلة القيادة والدواسات في الأسفل، وهذا يصيبني بالهلع. أشعر أنني سأكون سائقة سيئة في حال حصلت على رخصة قيادة". وعلى الرغم من ذلك فإن سلوى، وهي أم لـ 3 أطفال، قد أثبتت كفاءتها في الكثير من المجالات، فلمَ تظن، كما الكثير من الناس، أنه ليس بإمكانها الحصول على رخصة قيادة؟ الإجابة من مختصين نفسيين.
محتويات المقال
يمثل الحصول على رخصة القيادة مصدر سرور وراحة بالنسبة إلى معظم الناس، فهو يمنحهم قدراً كبيراً من الحرية والاستقلالية. ولكن على العكس من ذلك، يخاف البعض هذه الفكرة إلى درجة أنه يؤجلها باستمرار، ونتحدث هنا على وجه الخصوص عن أولئك الذين يعانون رهاب قيادة السيارات "أماكسوفوبيا" (Amaxophobia)، فما أسباب هذا الخوف وكيف يمكن التغلب عليه؟
تقول سلوى ذات الـ 44 عاماً وهي تعمل في التوثيق: "حينما أتخيل نفسي خلف عجلة القيادة، أفكر في كل ما عليّ الانتباه إليه: الطريق من الأمام والخلف، وعجلة القيادة والدواسات في الأسفل، وهذا يصيبني بالهلع. أشعر أنني سأكون سائقة سيئة في حال حصلت على رخصة قيادة". وعلى الرغم من ذلك فإن سلوى، وهي أم لـ 3 أطفال، قد أثبتت كفاءتها في الكثير من المجالات، فلمَ تظن، كما الكثير من الناس، أنه ليس بإمكانها الحصول على رخصة قيادة؟
عدم الرغبة في النضج والاعتماد على النفس
أحد أسباب امتناع المرء عن قيادة السيارة هي تلك الحالة الطفولية التي في داخله، وترى المحللة النفسية ومؤلفة كتاب "السعادة في تحمُّل المسؤولية، العيش دون شعور بالذنب" (Bonheur d’être responsable, vivre sans culpabiliser)، فيرجيني ميغلي (Virginie Megglé) أن عدم الرغبة في قيادة السيارة علامة على أن المرء يستصعب أن ينضج، فالخوف من فقدان المميزات المرتبطة بمرحلة الطفولة أقوى من الرغبة الفطرية في الاستقلال الذاتي. ويؤدي إصرار الوالدَين، اللذَين لم ينتبها إلى هذا العائق، على حصول ابنهما على رخصة القيادة إلى زيادة رفضه للموضوع، لذا فإن المرء في هذه الحالة يفضل الاعتماد على من يوصله عند الحاجة بدلاً من أن يقود السيارة بنفسه.
الخوف من الفشل
يتطلب الحصول على رخصة القيادة الخضوع إلى امتحان والنجاح في شقَّيه النظري والعملي، وترى فيرجيني ميغلي أن هذا يحيي في نفس المرء الخوف من الفشل المرتبط بالامتحانات. إضافةً إلى ذلك، فإن الخوف من الحصول على الرخصة قد يأتي من الفكرة التي يتخيلها عن السيارة، فلأنه لم يمتلكها بعد قد تسيطر على ذهنه أفكار تتمحور كلها حول الموت؛ ومن ضمنها خوفه من أن يعجز عن التحكم في السيارة. ولأن الخوف من الفشل يترافق غالباً مع إحساس قوي بالمسؤولية، فإنه يعي أن القيادة تعني المخاطرة بارتكاب أخطاء تخلّف أضراراً قد لا يمكنه إصلاحها.
التفكير العاطفي
من الأسباب الأخرى لخوف البعض من امتحان القيادة، سيطرة التفكير العاطفي عليه، ويقول الطبيب النفسي ومؤلف كتاب "لم يعد جسدي يعاني: العلاج بالحركة" (J’arrête de lutter avec mon corps, votre thérapie par l’action)، جان كريستوف سيزنيك (Jean-Christophe Seznec): "تسيطر على هؤلاء الأشخاص الأفكار السلبية، فلا تدور في أذهانهم إلا السيناريوهات الكارثية من قبيل: "لن أتمكن من التحكم في السيارة أو سأتسبب بحادث لا محالة". ولتجنب الغرق في هذه الأفكار، فإنه يجب إعطاء التفكير المعرفي أولوية على التفكير العاطفي؛ ما قد يسمح للمرء بتجاوز خوفه من امتحان رخصة القيادة".
كيف يمكنك التغلب على خوفك من امتحان رخصة القيادة؟
حدد خيارات القيادة المريحة لك
وفقاً لمختصة التحليل النفسي فيرجيني ميغلي فإن على المرء أن يحدد ما الذي يخيفه من الحصول على رخصة القيادة. هل هو الخوف من حوادث الطرقات مثلاً؟ في هذه الحالة عليه أن يدرك أنه حينما يحصل على الرخصة سيتمكن من تحديد خيارات القيادة التي تلائمه، لأن الحصول على رخصة القيادة لا يعني أن يقود سيارته كما يفعل أي أحد آخر؛ إذ يمكنه مثلاً أن يختار قيادة السيارة خلال النهار فقط وأن يلتزم بحدود السرعة المسموحة، وغيرها من العوامل التي تُشعره بالأمان.
عِش اللحظة ولا تستسلم للأفكار السلبية
يقول الطبيب النفسي جان كريستوف سيزنيك: "حينما تتشاءم كثيراً بشأن امتحان رخصة القيادة وتسيطر عليك الأفكار السلبية من قبيل: "سأفشل في الامتحان النظري"، أو "سأرتبك في الامتحان العملي ولن أتمكن من الدوس على الدواسات"، فإن ذلك سيمنعك من الاستمتاع باللحظة. وفي هذا الشأن، ينصحك المختص بتقبُّل مشاعرك الفورية: "ليس ثمة ما يخيفني في الامتحان النظري أو خلف عجلة القيادة"، دون أن تفكر في أي شيء آخر.
تقدَّم خطوة بخطوة
يرى جان كريستوف سيزنيك أن عملية الحصول على رخصة القيادة يجب أن تجري خطوة بخطوة؛ إذ عليك تقسيمها إلى عدة مراحل صغيرة: حضور صفوف التدريب النظري، والتعرف إلى علامات المرور وما إلى ذلك، وتكرار ما نجحت فيه وتحسين ما يمكنك تحسينه من خلال التدريب. ويضيف الطبيب النفسي روجر زومبرونين (Roger Zumbrunnen): "من الضروري أن تعي أنك ستتابع التعلم حتى بعد أن تحصل على رخصة القيادة".
كيف تغلَّبت لمى على خوفها من قيادة السيارة؟
تقول لمى ذات الـ 34 عاماً: "اعتادت أمي أن تقود السيارة بتهور كلما شعرت بالاستياء في الوقت الذي كنت أجلس فيه وأخي في المقعد الخلفي؛ كما اعتادت أن تقول لي إنني لا أصلح لشيء! استغرقني اتخاذ القرار بمواجهة خوفي من القيادة عدة سنوات، وقررت أن أبدأ بقيادة السيارة تحت إشراف زوجي إذ طمأنني وجوده أكثر من وجود مدربي مدرسة القيادة؛ كما كررت على نفسي أن والدتي كانت مخطئة وأنني أستطيع أن أنجح وهذا ما حدث، فبعد أكثر من 6 أشهر من إشراف زوجي عليّ، نجحتُ في امتحان القيادة من المحاولة الأولى".