5 نصائح للتغلب على الوحدة وتجنُّب فخ الاكتئاب

4 دقائق
الاكتئاب والوحدة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يمكن للوحدة أن تجعل الناس يشعرون بالعزلة والانفصال عن الآخرين، وهي حالة ذهنية معقدة قد تحدث بسبب تغيرات الحياة أو الصحة النفسية أو بعض السمات الشخصية مثل تدني احترام الذات والانطوائية. ويرتبط الاكتئاب والوحدة بشدة في علاقة ثنائية الاتجاه؛ حيث يزيد الاكتئاب الرغبة في الانعزال وقلة التفاعل مع الآخرين، وكذلك تزيد الوحدة شدة أعراض الاكتئاب. فكيف يمكن التغلب على الشعور بالوحدة؟ إليك الإجابة في هذا المقال!
يتعدى الشعور بالوحدة رغبة الفرد في البقاء بمفرده لبعض الوقت ربما لإعادة ترتيب أفكاره أو رغبة منه في الحصول على الراحة والهدوء بعد وقت شعر خلاله بضغط واستنزاف ذهني كبيرَين، ذلك أنه حالة ذهنية معقدة تُشعر الفرد بالفراغ والعزلة غير المرغوب فيهما بحسب اختصاصية إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، كندرا شيري (Kendra Cherry).

وبينما قد يسعى الأفراد الذين يعانون من الوحدة إلى التواصل الاجتماعي؛ إلا أن حالتهم الذهنية تصعّب عليهم تكوين الروابط الاجتماعية ما يضعهم في حالة من الانفصال اللاإرادي عن الآخرين.

وتشير البيانات الواردة في دليل الرعاية الصحية في الوطن العربي الذي فحص أبحاثاً بين عامَيّ 1990 و2018، إلى ارتفاع معدلات اضطرابات الصحة النفسية في منطقة الشرق الأوسط، ومن المتوقَّع أن تزداد هذه المعدلات بسبب الحروب والصراعات المستمرة. ويتراوح معدَّل انتشار الأمراض النفسية بين 15.6% و35.5%، مع وجود المعدلات الأعلى في الدول التي تعاني حالات طوارئ معقدة مثل الحروب والمجاعات.

كذلك، يُعد الاكتئاب واضطرابات القلق أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً في المنطقة، لا سيما بين الإناث والفقراء وغير المتزوجين وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة وضحايا النزاعات أو انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى اللاجئين. وتقف وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية حائلاً دون سعي المرضى إلى الحصول على الرعاية الصحية النفسية؛ ما يؤدي إلى تفاقم النتائج السلبية.

أسباب الشعور بالوحدة

تشير شيري إلى العوامل التي تعزز الشعور بالوحدة كما يلي:

  1. المتغيرات الظرفية: مثل الانتقال إلى مكان جديد أو الطلاق أو وفاة شخص عزيز.
  2. الإصابة بالاكتئاب: حيث يتسبب الاكتئاب غالباً في انسحاب الأشخاص اجتماعياً وعزلتهم، ويمكن أن يؤدي الشعور بالوحدة إلى ظهور أعراض الاكتئاب لدى الأفراد.
  3. العوامل الداخلية: مثل تدني احترام الذات حيث يعتقد الأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقة في أنفسهم أنهم لا يستحقون اهتمام الآخرين أو احترامهم؛ ما قد يؤدي إلى العزلة والشعور بالوحدة المزمنة.
  4. عوامل الشخصية: فقد يكون الانطوائيون، على سبيل المثال، أقل احتمالية لتنمية العلاقات الاجتماعية والبحث عنها؛ ما قد يسهم في الشعور بالعزلة والوحدة.

اقرأ أيضاً: هل تعاني من قلة الأصدقاء؟ إليك الحل! 

هل الوحدة من علامات الاكتئاب؟

يرتبط الاكتئاب والوحدة بشدة في علاقة ثنائية الاتجاه؛ حيث يزيد الاكتئاب الرغبة في الانعزال وقلة التفاعل مع الآخرين، وكذلك تزيد الوحدة شدة أعراض الاكتئاب. ويظهر تجنُّب الاتصال الاجتماعي كنمط شائع مصاحب للاكتئاب، فيحاول الأشخاص المكتئبون تخطي الأنشطة التي يستمتعون بها عادةً ويعزلون أنفسهم عن العالم لإخفاء آلامهم وتعاستهم.

وتختلف فخاخ الاكتئاب من شخص إلى آخر؛ إلا أن العامل المشترك هو أثرها الواضح في تدهور الحالة المزاجية للفرد. وفيما يلي أكثر أنواع مصائد الاكتئاب شيوعاً وكيفية تجاوزها:

  1. الانسحاب الاجتماعي

يُعد الانسحاب الاجتماعي أكثر علامات الاكتئاب شيوعاً، ويقول الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة كانساس، ستيفن إيلاردي (Stephen Ilardi) في هذا السياق، إن الاكتئاب يولّد لدى الفرد رغبة قوية في الابتعاد عن الآخرين والتوقف عن العمل إلا أنه في الحقيقة يحتاج العكس؛ حيث تؤدي العزلة الاجتماعية عادةً إلى تفاقم أعراض المرض، وبينما يزيد الانسحاب الاجتماعي استجابة الدماغ للضغط، يساعد الاتصال الاجتماعي على كبح جماحه.

  1. اجترار الأفكار

يُعد الاجترار من المكونات الرئيسية للاكتئاب؛ وهو عملية سامة تؤدي إلى الحديث السلبي عن النفس والتفكير في موضوعات مثل الخسارة والفشل، تجعل الفرد يشعر بالسوء تجاه نفسه.

ويشير الطبيب النفسي مارك غولستون (Mark Goulston) إلى ضرورة الخروج من هذه الحالة وعدم تصديق هذه الأفكار؛ حيث يمكن أن يدفع الاجترار الفرد أيضاً إلى تفسير الأحداث المحايدة بطريقة سلبية. ويضيف إيلاردي إنه عندما يصاب الناس بالاكتئاب فإنهم يقضون الكثير من الوقت والطاقة في التمرن على الأفكار السلبية.

  1. تخطّي ممارسة الرياضة

إذا كان الفرد معتاداً على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بانتظام فقد يشير التوقف عن ممارسة الرياضة أو عدم الانتظام بها إلى الإصابة بالاكتئاب بينما العكس هو المطلوب في هذه الحالة، ذلك أن للتمارين الرياضية تأثيراً قوياً كمضادات للاكتئاب لأنها تعزز مستويات السيروتونين والدوبامين اللذَين تنخفض مستوياتهما عند الإصابة بالاكتئاب، وفي هذه الحالة يكون العقل هو العائق في ممارسة التمارين لا القدرة الجسدية.

  1. التفكير السلبي

يجعل الاكتئاب الفرد أكثر عرضة للتفكير السلبي ويمنعه من تجربة أشياء جديدة خوفاً من الفشل، وهذا أيضاً أحد فخاخ الاكتئاب حيث يؤدي توقع الأحداث والنتائج السلبية إلى التوقف عن المحاولة على الإطلاق وتفاقم الاكتئاب وتعميقه بسرعة.

هل تزيد الوحدة حدة أعراض الاكتئاب؟

بحثت دراسة أجراها باحثان من قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية بجامعة إي تي إتش زيورخ السويسرية (ETH Zürich) حول تأثير أعراض الاكتئاب في التفاعلات الاجتماعية، في عينة من الطلاب الذين يقضون عطلة نهاية الأسبوع معاً.

وأشارت الدراسة إلى أنه من المرجح أن يختبر الأفراد الذين يعانون من أعراض الاكتئاب الانعزالَ والوحدة في شبكاتهم الاجتماعية؛ ما قد يؤدي إلى زيادة حدة أعراض الاكتئاب لديهم. وكذلك توضح نتائج الدراسة ارتباط أعراض الاكتئاب بـ:

  1. قضاء وقت أقل في التفاعل الاجتماعي.
  2. قضاء الوقت مع الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.
  3. قضاء الوقت في التفاعلات الزوجية -بين فردين- بدلاً عن التفاعلات الجماعية.
  4. قضاء وقت أقل نسبياً مع الأصدقاء.

اقرأ أيضاً: استغل وحدتك بطريقة صحيحة

5 نصائح للتغلب على الشعور بالوحدة

تقدم شيري في مقالها عدداً من النصائح للتغلب على الشعور بالوحدة، الأمر الذي يتطلب جهداً واعياً ليؤتي بثماره ويجعل الفرد أكثر سعادة وصحة. وتشير شيري إلى أن شعور الفرد بالوحدة علامة على أن شيئاً ما في حياته يحتاج إلى التغيير، والتغيير يحتاج بعض الوقت. وتشمل نصائح التغلب على الوحدة ما يلي:

  1. الانضمام إلى مجموعات خدمة المجتمع أو أي نشاط آخر تستمتع به؛ حيث يوفر ذلك فرصاً رائعة لتنمية الصداقات والتفاعلات الاجتماعية الجديدة.
  2. توقُّع الأفضل والتركيز على الأفكار والمواقف الإيجابية في علاقاتك الاجتماعية.
  3. التركيز على تطوير علاقاتك مع  أشخاص يشاركونك المواقف والاهتمامات والقيم نفسها.
  4. فهم تأثير الوحدة في حياتك وصحتك البدنية والنفسية لمعرفة سبل مكافحتها.
  5. تعزيز علاقاتك الحالية إلى جانب محاولة إنشاء علاقات جديدة، ويتحقق ذلك بمحاولة الاتصال بالأصدقاء أو أحد أفراد الأسرة الذي لم تتحدث إليه منذ فترة.

اقرأ أيضاً: كيف تجعلك ممارسة الرياضة سعيداً؟ 

وأخيراً، لا تتردد في التحدث إلى شخص تثق به؛ شارك ما تمر به مع أحد أفراد أسرتك، أو احصل على مساعدة متخصصة من طبيبك أو معالجك النفسي ليساعدك على مواجهة شعورك بالوحدة.

المحتوى محمي