احترام الذات: أسباب تدنّيه ونصائح لتعزيزه

احترام الذات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا تخلو الحياة من مواقف نشعر فيها بالافتقار إلى الثقة بالنفس؛ حيث نشعر بعدم الرضا عن أنفسنا أو أننا غير جديرين بثقة وحب من حولنا. ربما نشعر أيضاً بأننا لسنا جيدين بالدرجة الكافية، ويتغلغل الشعور بتدني احترام الذات وعدم الثقة بالنفس في داخلنا.
على الرغم من أن تلك الأوقات من افتقار الثقة بالنفس قد تكون طبيعية في بعض الأوقات؛ فإنها قد تصبح مشكلة حقيقية ويكون لها تأثير جسيم في صحتنا العقلية وحياتنا اليومية إذا استمرت طويلاً.

ما هو تقدير الذات؟

إن احترام الذات وتقديرها هو رأينا في أنفسنا؛ عندما يكون لدينا تقدير ذاتي صحي فإننا نميل إلى الشعور بالإيجابية تجاه أنفسنا وتجاه الحياة عموماً، ونكون أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات الحياة. بينما عندما يكون تقديرنا لذاتنا منخفضاً فإننا نميل إلى رؤية أنفسنا وحياتنا من منظور سلبي، ونشعر أيضاً بعدم قدرتنا على مواجهة التحديات التي تفرضها علينا الحياة.

في حين أن تدنّي احترام الذات لا يُشكِّل حالة مَرَضية بمفرده، فإنه بالاقتران مع أعراض أخرى يمكن أن يشير إلى حالات مرضية تشمل القلق، الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب.

هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟

تشمل علامات تدني احترام الذات التردد، انتقاد النفس كثيراً، التركيز على السلبيات وتجاهل الإنجازات، لوم النفس المتكرر عندما تسوء الأمور، التفكير بأن الآخرين هم الأفضل، بالإضافة إلى عدم تقبُّل المجاملات، تجنُّب التحديات خوفاً من الفشل والانزعاج المفرط من الرفض أو النقد.

في دراسة لتحديد مدى انتشار ودرجة تدني احترام الذات عبر مجموعة من الاضطرابات النفسية، أظهرت النتائج أن جميع المرضى النفسيين يعانون من تدني احترام الذات بدرجات متفاوتة؛ حيث كان تقدير الذات أقل في المرضى الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب الشديد واضطرابات الأكل.

كذلك فإن تدني احترام الذات يزيد من قابلية الإصابة بالاضطرابات النفسية، ووجود اضطراب نفسي يقلل من احترام الذات بدوره.

اقرأ أيضاً: 4 تمارين لإعادة بناء ثقتك بنفسك

ما الذي يسبب تدني احترام الذات؟

نبدأ بتكوين صورة عن إمكانياتنا وقدراتنا في مرحلة الطفولة، وكذلك غالباً ما يبدأ ظهور تدني احترام الذات في تلك المرحلة؛ يرسل إلينا معلمونا وأصدقاؤنا وأفراد عائلتنا، وحتى وسائل الإعلام، رسائل إيجابية وسلبية عن أنفسنا. وفي حين أن تأثير الرسائل الإيجابية قد يكون قصير المدى؛ تستمر الرسالة السلبية التي تُفيد بأننا لسنا جيدين بما يكفي معنا لفترة أطول.

فعدم التفوّق في المدرسة أو التعرُّض للتنمر، ومواجهة صعوبة في تلبية توقعات الوالدين أو التعرُّض للإهمال أو الإساءة، كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى أن تكون لدى الشخص معتقدات أساسية سلبية عن نفسه.

كذلك يمكن أن يكون للتوتر وأحداث الحياة الصعبة؛ مثل الإصابة بمرض خطير، تأثير سلبي في احترام الذات. بالإضافة إلى ذلك؛ يكون بعض الناس أكثر عرضة للتفكير السلبي ويضعون معاييرَ عاليةً وربما مستحيلة لأنفسهم.

تأثير تدني احترام الذات

إذا كنت تعاني من تدني احترام الذات أو قلة الثقة بالنفس، فقد تنأى بنفسك عن المواقف الاجتماعية والاختلاط بالآخرين وتتوقف عن تجربة أشياء جديدة، خاصةً تلك التي تجدها صعبة.

في حين أن تجنُّب تللك المواقف الصعبة قد يجعلك تشعر بالأمان على المدى القصير فإن آثاره لن تدوم طويلاً؛ يمكن أن يأتي ذلك بنتائج عكسية على المدى الطويل لأنه يعزز شكوكك ومخاوفك الأساسية، ويرسل لك رسالة مفادها أن الطريقة الوحيدة للتأقلم هي تجنُّب الأشياء.

كذلك يمكن أن يؤدي العيش مع تدني احترام الذات إلى الإضرار بصحتك العقلية والإصابة بالأمراض مثل الاكتئاب والقلق؛ كما يمكن أن يدفعك إلى تطوير عادات غير صحية مثل التدخين، كطريقة للتكيُّف.

كيفية تعزيز احترام الذات

لتعزيز احترامك لذاتك تحتاج إلى تحديد المعتقدات السلبية التي لديك عن نفسك لكي تتمكن من تحدّيها وتعديلها. عليك بتحديد العبارات السلبية التي ترددها لنفسك مثل: “لا أحد يهتم بي” أو “أنا لست كفؤاً” وتدوينها، ثم سؤال نفسك متى بدأت في التفكير في هذه الأفكار لأول مرة.

بعد ذلك ابدأ في كتابة بعض الأدلة التي تتحدى هذه المعتقدات السلبية مثل: “أنا جيد حقاً في دراسة اللغات” أو “أنا مستمع جيد؛ يلجأ إليّ الآخرون لطلب النصح”.

اكتب أشياء إيجابية أخرى عن نفسك مثل: “أنا طباخ بارع” أو “أنا شخص يثق به الآخرون”، بالإضافة إلى الأشياء الجيدة التي يقولها عنك الآخرون.

كذلك استهدف أن تكون لديك خمسة أشياء إيجابية على الأقل عن نفسك في قائمتك، وأضف إليها بانتظام وضعها بالقرب منك. بهذه الطريقة يمكنك الاستمرار في تذكير نفسك بإمكانياتك وقدراتك الحقيقية؛ ما يزيد من ثقتك بنفسك.

اقرأ أيضاً: كيف نفسر متلازمةلا أحد يحبني“؟

5 طرق لتعزيز احترام الذات

باتباع بعض النصائح والأساليب البسيطة ستتمكّن من الشعور بالراحة تجاه نفسك، وتحسين ثقتك بها.

1. تعرَّف إلى ما أنت جيد فيه

ليس منطقياً أن نكون بارعين في كل شيء، لكن بالتأكيد نحن جيدون في شيء ما؛ سواء كان ذلك الطهو أو الغناء أو كوننا أصدقاء مُخلصين. بالتعرُّف على ما أنت جيد به حقاً ستتمكن من تحسين مزاجك وزيادة ثقتك بنفسك.

2. كوِّن علاقات إيجابية

إذا وجدت أن بعض الأشخاص يميلون إلى إحباطك؛ أخبرهم بما تشعر به حيال كلماتهم وأفعالهم، وحاول قضاء وقت أقل معهم واعمل على بناء علاقات مع أشخاص إيجابيين يقدّرونك.

3. كن لطيفاً مع نفسك

أن تكون لطيفاً مع نفسك يعني أن تكون كذلك في الأوقات التي تشعر فيها أنك تنتقد نفسك؛ فكّر في ما ستقوله لصديق في موقف مشابه، فنحن غالباً ما نقدم نصائح أفضل للآخرين من تلك التي نقدّمها لأنفسنا.

4. ابدأ بقول “لا”

غالباً ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات أنه يجب عليهم قول “نعم” للآخرين دائماً حتى عندما لا يريدون ذلك حقاً؛ ما قد يجعلهم مُثقَلين بالاستياء والغضب في بعض الأحيان. لذلك فإن قول “لا” مهم لوضع حدود في علاقاتك مع الآخرين؛ كما أنه لا يهدم العلاقات. قد يكون من المفيد الاستمرار في قولها ولكن بطرق مختلفة حتى يتلقى الطرف الآخر الرسالة.

5. امنح نفسك تحدياً

نشعر جميعاً بالتوتر أو الخوف من القيام بأشياء بعينها؛ لكن الأشخاص الذين يتمتعون بتقدير الذات الصحي لا يتركون هذه المشاعر تمنعهم من تجربة أشياء جديدة أو مواجهة التحديات. حدد لنفسك هدفاً مثل الذهاب للصالة الرياضية أو الذهاب إلى مناسبة اجتماعية؛ سيساعدك تحقيق أهدافك على زيادة احترامك لذاتك.

أخيراً؛ إن تدنّي احترام الذات يدفعنا لوضع عقبات لأنفسنا بأيدينا سواء كان ذلك متمثّلاً في لوم النفس المستمر ونقدها أو عدم الشعور بالكفاءة أو عدم السعي لتحقيق ما نستحقه حقاً. لذلك فالوقوف على أسباب ذلك يُعد ضرورياً لاتخاذ الخطوات المناسبة واللازمة لتحسينه.

المحتوى محمي !!