لماذا يكره البعض شكله في الصور؟

3 دقائق
التقاط الصور
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: في الظروف المثالية، يجب أن نتقبّل ذواتنا بعيوبها. وتعتقد المحللة النفسية والفيلسوفة إِلزا غودار أن الزمن هو الذي يسمح بعبور "هذه الطريق نحو المزيد من الرضا عن النفس". كما تؤكد المحللة النفسية فيرجيني ميغليه ضرورة الوعي بأن "الصورة لا تمثل سوى قطعة منّا، وليست محدداً لهويتنا بالكامل". يكره البعض التقاط الصور لهم، لكن لماذا؟ سنتعرف في السطور التالية توضيحات حيال هذه المشكلة من خبراء الصحة النفسية.

يكرهون التقاط صور لهم، ويفرّون من أمام الكاميرات كأنهم يهربون من الطاعون. لماذا ينفر بعض الناس من صوره؟ هذه بعض توضيحات الطبيب النفسي ونصائحه.

تقول سلمى ذات الـ 47 عاماً: "أجد صعوبة في النظر إلى صورتي. ليس لأنني أجد نفسي قبيحة؛ ولكن لأن هناك فرقاً بين الصورة التي أحملها عن نفسي، وتلك التي أراها مطبوعة أو على شاشة الهاتف أو الحاسوب. وهذا لا يعني أنني أفضل التصوير الفوتوغرافي، فأنا أرى صورتي أجمل في الواقع". فهل نحن فعلاً أفضل في الواقع ونبدو أقلّ حُسناً في الصورة؟ ترى مؤلفة كتاب "سعادة الإحساس بالمسؤولية، العيش دون الشعور بالذنب" (Bonheur d’être responsable, vivre sans culpabiliser)، المحللة النفسية فيرجيني ميغليه أن رفض التقاط الصور حرية مشروعة، فلسنا مجبرين على الاحتفاظ بصور لا تروقنا، وهذا ليس بأي حال من الأحوال تعبيراً عن هشاشتنا".

أخاف من تصوير عيوبي

تستنتج المحللة النفسية أن: "التصوير الفوتوغرافي قد يكون مصدر قلق وإزعاج لمن يفتقرون إلى الثقة في أنفسهم، ذلك أنهم لن يرَوا في صورهم إلا العيوب". وتُضاف إلى ذلك مقارنتهم الدائمة لصورهم بصور الآخرين، فالأخيرة غالباً تبدو أكثر جمالاً من وجهة نظرهم. وتوضح المحللة النفسية والفيلسوفة إِلزا غودار (Elsa Godart): "لا أحد ينظر إلى نفسه بموضوعية، فنظرتنا إلى أنفسنا ما هي إلا نتيجة لتجاربنا الحياتية وحالتنا المزاجية اليومية وغير ذلك، وهي بذلك ترفض الاعتبارات الأخرى كلها".

أرفض أن أُعتبر "شيئاً"

ترى مؤلفة كتاب "عن ألم الآخرين" (Regarding the Pain of Others)، الروائية والكاتبة الأميركية سوزان سونتاغ (Susan Sontag) أن: "تصوير حدث أو شخص ما يجعله كأي شيء نمتلكه (رمزياً) ذلك أننا نستطيع النظر إليه متى شئنا". ولا تُعارض فيرجيني ميغليه هذا الرأي، فالمحلل النفسي البريطاني دونالد وينيكوت (Donald Winnicott) بيّن أن: "المِرآة الأولى للرضيع هي نظرة أمه إليه، وهذه الأم التي تُشعره بالأمان تعرف أنه سيستقلّ عنها في نهاية المطاف ولن يعود "ملكاً" لها. ويمكننا أن نفترض أن الأشخاص الذين لا يحبون التقاط صور لهم حُرموا من نظرة الأم المُحِبّة والحنون، وكانوا موضع انتقادات لازمت لاوعيهم". إن الإفلات من شريط الصور يعني إذاً الإفلات من هذه الانتقادات ومحاولة رؤية أنفسهم بغض النظر عن آراء الآخرين.

أواجه صعوبة في إيجاد مكان لي

على الرغم من أن سلمى لا تحب أن ترى نفسها في الصور؛ لكنها تتأسف على غيابها من ألبوم العائلة. لذلك تؤكد فيرجيني ميغليه إن: "رفض التصوير يعادل بالفعل تواريَ الشخص؛ بل اختفاءه بشكل إرادي من تاريخ العائلة. وفي هذه الحالة، تجب معرفة سبب مواجهته صعوبة في اتخاذ مكان له وسطها. هل يعود ذلك إلى أن هذا المكان لم يُمنح له عندما كان طفلاً؟ أم أنه مَن رفض أخذ هذا المكان لأنه لم يكن مريحاً له؟ يجب حل هذا اللغز إذا أراد الشخص أن يشعر بالاطمئنان في حياته الاجتماعية التي تتطلب أحياناً أن يصوّر الآخرين ويسمح لهم بتصويره أيضاً.

ما الحل؟

تقبّل نفسك كما أنت

في الظروف المثالية، يجب أن نتقبّل ذواتنا بعيوبها. وتعتقد المحللة النفسية والفيلسوفة إِلزا غودار، أن الزمن هو الذي يسمح بعبور "هذه الطريق نحو المزيد من الرضا عن النفس". كما تؤكد المحللة النفسية فيرجيني ميغليه ضرورة الوعي بأن "الصورة لا تمثل سوى قطعة منّا، وليست محدداً لهويتنا بالكامل".

استرجع سلطتك

تتساءل فيرجيني ميغليه قائلةً: "إذا كنّا لا نتحمل الوقوف أمام الكاميرا فلماذا لا نكون نحن من يلتقط الصور؟ فهذه طريقة لإثبات الذات". وفي هذا الإطار تقترح إِلزا غودار تجربة التقاط صور لأنفسنا (Selfies)، "فهكذا سنكون المتحكّمين في كيفية ظهورنا في الصور، ويكفي أن ننتظر اللحظة التي تناسبنا من أجل التقاطها".

اعقد بعض الاتفاقات

إذا أصرّ معارفنا على تصويرنا، فلنضع لذلك شروطاً. تضيف إِلزا غودار: "يمكننا أن نحدد لهم ما لا نحبّه في أجسادنا ونطلب من المصور أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار". وحسب فيرجيني ميغليه، فإنه من حقنا تماماً أن نحدد مصير الصورة التي سيتم التقاطها، فنحن أحرار في قبول وضعها في ألبوم شخصي مع رفض نشرها على فيسبوك، خصوصاً مع خيار "متاحة للعموم" (Public).

تجربة شخصية

تقول أمينة ذات الـ 42 عاماً، وهي مديرة شريكة في أحد مكاتب الاستشارات:

"لم أحبّ يوماً أن تُلتقط لي صورة، فقد كنت بدينة حتى الـ 18 من عمري، وظللت أتخيل نفسي كذلك حتى بعد أن خسرت 35 كيلوغراماً من وزني. وبما أنني كنت وشريكتي في المكتب في حاجة إلى صور شخصية جميلة لأهداف مهنية، فقد فكّرَت في إهدائي جلسة تصوير احترافية. أخبرَت المصور بكرهي للتصوير وظلّت إلى جانبي خلال الجلسة، فساعدني ذلك على الشعور بالطمأنينة. ومن بين حوالي 100 صورة التقطها المصور، وجدت 10 صور يمكنني أن أشاهدها وأنا أقول لنفسي: "هذه الفتاة لا بأس بها"!

المحتوى محمي