ملخص: تشير المعالجة النفسية لوري هاوك إلى أن: "التحليل التفاعلي يميز بين ثلاث حالات للأنا، فنحن نتصرف حسب السياق إما مثل أحد والدينا، أو مثلما كنا في طفولتنا، أو بناءً على شخصية الراشد الذي أصبحنا عليه. وفي الحقيقة، إن الفرد الذي لا يرتاح مع أطفال الآخرين ليس سوى شخص "راشد". يمثل أطفال الآخرين بالنسبة إلى بعض الأشخاص مصدر إزعاج دائم سواء كان لديهم أبناء أو لا. ماذا وراء هذا الشعور؟ وكيف يمكن التخفيف منه؟
لماذا؟
تقول مريم ذات الـ 28 عاماً: "أنا لا أتفاهم مع أطفال الآخرين. لا أكون على طبيعتي في حضورهم، وأصبح في حالة تأهب، وإن كنت أعلم أن ذلك غير لائق من جانبي". وتلاحظ اختصاصية علم النفس السريري والمعالجة النفسية لوري هاوك (Laurie Hawkes) أن: "ثقافتنا تفرض معياراً يقضي بضرورة محبة الأطفال على عكس بعض المجتمعات البدائية؛ لكن واجب الصبر والتسامح والرقة لا يتلاءم مع شخصيات الناس جميعهم. وما يزيد الأمر سوءاً هو الشعور الإضافي بالسخط الناتج عن الإحساس بالذنب".
أنا "راشد" أكثر من اللازم
تشير المعالجة النفسية لوري هاوك إلى أن: "التحليل التفاعلي يميز بين ثلاث حالات للأنا، فنحن نتصرف حسب السياق إما مثل أحد والدينا، أو مثلما كنا في طفولتنا، أو بناءً على شخصية الراشد الذي أصبحنا عليه. وفي الحقيقة، إن الفرد الذي لا يرتاح مع أطفال الآخرين ليس سوى شخص "راشد"؛ إنه يكبت الجانب "الطفولي" في شخصيته لأنه كان قد تعرّض للضغط أو الاستغلال المفرط أو تم تحميله المسؤولية مبكراً جداً من طرف والديه وافتقد نموذج "الوالد الحاضن"، ولذلك لم يستطع تطوير هذا الجانب في شخصيته". فيتبنى إذاً وضعية طفولية (اللعب والضحك مع الطفل) أو وضعية الرشد (يظهر مسؤولاً أمام الطفل)؛ لكنه لا يرتاح في تقمص وضعية الوالد. تقول لوري هاوك: "إنه يتردد بشكل لا واعٍ في منح ما حُرم منه، ويشعر بالغيرة من الطفل المدلّل جداً. وإذا كان طفله هو يعينه على مداواة جروح الماضي، باعتقاده أنه إذا أحسن معاملته فقد أحسن إلى نفسه، فإن أبناء الآخرين لا يمثلون من هذا المنظور أي أهمية بالنسبة إليه في عملية ’التعافي’ هذه".
أنتقد نفسي
توضح عالمة النفس والمعالجة النفسية كريستين برونيه (Christine Brunet) إن حضور طفل آخر في حياة هذا الشخص غير ابنه يذكره بـ "عجزه عن التصرف كوالد". كما أن الخوف من التعرض للنقد من الوالد الآخر، الأكثر تساهلاً أو صرامة منه، والمختلف على العموم، يدفعه نحو الحفاظ على موقف دفاعي فيحكم على طفل الآخر بأنه سيئ التربية ومزعج وغير محبب، إلخ". لأننا نظن أننا إذا كنا نربي أطفالنا بشكل مختلف، بينما يتصرف أطفال الآخرين بشكل سيئ، فهذا يعني منطقياً أننا نُحسن صنعاً. وتشير كريستين برونيه إلى أن: "البحث بهذه الطريقة عن تأكيد صلاحنا وطيبتنا يُعد علامة على هشاشة نرجسية. كما تؤكد لوري هاوك هذه الهشاشة عندما ننتظر من طفلنا "امتدادنا النرجسي" آملين بشكل لا واعٍ أن يمنحنا إحساس الفخر الذي نفتقده.
أكبت عدوانيتي
تؤكد المحللة النفسية ميشيل بناييم (Michèle Benhaïm) إن "الطفل، أياً كان، يوقظ فينا جانبنا العدواني، فالحب والعدوانية يتعايشان داخل نفوس البشر لكن بعضهم لا يقبل هذا التناقض، وخصوصا الأمهات اللاتي تكبتن أدنى شعور يمكن أن يجعلهن "أمهات غير صالحات"، ويتم تعويض الشعور بالعدوانية تجاه أطفالنا بالحب اللامشروط"، بينما يمكن أن يكون طفل الآخر قناة لتفريغ ذلك الشعور! وتضيف المحللة النفسية إن: "الأمر يتعلق بأداة الاقتصاد النفسي (d’économie psychique)؛ إذ تبرز العدوانية لكنها توَجه نحو الآخر، وهذا يجعلها أقل خطورة".
ما العمل؟
1. استرجع روح الطفل الكامن داخلك
تنصح لوري هاوك قائلة: "لطفاً بنفسك، فلست ملزماً بتحمّل ما لا طاقة لك به. من الأَولى أن تبحث عن طريقة للتمتع بالعلاقة مع الأطفال: اسمح لنفسك باللعب والتهام الشوكولاتة ومشاهدة فيلم للأطفال، فبناء علاقة ودية مع الطفل يتم أيضاً عبر هذه اللحظات السعيدة التي تداوي الجروح".
2. تجنَّب التقوقع في دور واحد
هل تخاف نظرة الآخرين؟ لماذا قد تكون مراجعة طريقتك في التربية أمراً مؤلماً جداً؟ ما المشاعر التي يولّدها لديك حضور الأطفال؟ وفي أي سياق؟ تقترح عليك عالمة النفس والمعالجة النفسية كريستين برونيه أن: "تطرح هذه الأسئلة حتى تعرف نفسك جيداً؛ لكن مع تجنب التعميم، فلن تكره بالضرورة أطفال شقيقتك إذا كنت لا تحب أطفال أحد أصدقائك".
3. تقبّل عيوبك
لماذا تريد أن تظهر بمظهر والد صبور وكريم ولطيف؟ تقترح المحللة النفسية ميشيل بناييم مقابل ذلك أن تقبل عيوبك، "فأنت والد عادي يفعل ما في وسعه. ولكي تقبل أن تكون هذا الوالد (أو الوالدة) "الطيب إلى حد ما"، "فليس عليك أن تكونه طوال الوقت. يمكنك على سبيل المثال أن تخصص أوقاتاً لنفسك ولحياتك كزوج وصديق، وهذا سيساعدك على التعامل مع أطفالك".