ماذا لو استطعت إيقاف عجلة الزمن قليلاً؟

3 دقائق
إبطاء الوقت
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يرى البعض أن هناك حلاً واحداً للتخلُّص من معضلة عدم إيجاد متسع من الوقت لتنظيم الحياة، ويتمثّل في استعادة السيطرة على الوقت! ولكن هذا الحل قد لا يكون كافياً، فما تزال تتعين عليك معرفة ما تريد فعله خلال وقت الفراغ. عليك أن تترك هاتفك أو جهاز الكمبيوتر لتفكر في كيفية استغلال الوقت الذي تريد استعادته، وتتأمّل نمط الحياة الجديد الذي يمكنك اتباعه إذا اخترت "إبطاء الوقت".
قد يكون من السهل أن نعترف بأننا لا نجد متسعاً من الوقت؛ ولكن من المخجل أن نقف مكتوفي الأيدي دون أن نتخذ خطوة إيجابية، مكتفين بتكرار عبارات الامتعاض التي نعبّر فيها عن فجيعتنا لأننا لا نجد وقتاً لأي شيء ولا نستطيع تنظيم حياتنا، ولأن الوقت يتسرَّب من بين أيدينا أسرع من البرق فتتعاقب الأمور أسرع ممّا نتخيل، ولأننا بحاجة إلى التقاط أنفاسنا. ويرى البعض أن هناك حلاً واحداً للتخلُّص من هذا السلوك غير البنَّاء، ويتمثّل في استعادة السيطرة على الوقت! ولكن هذا الحل قد لا يكون كافياً، فما تزال تتعين عليك معرفة ما تريد فعله خلال وقت الفراغ الذي يتاح لك، مع استعادة السيطرة على الإيقاع المتسارع لمرور الوقت.

إبطاء الوقت

ولو افترضنا أنك تلقيت عرضاً بالحصول على وقت إضافي بمعجزة ما، فماذا ستفعل به؟ إذا خيّم عليك الصمت الطويل أو جفلتَ، أو حتى انتابك الذعر لدى سماعك هذا السؤال، فإن هذا يعني أنك مطالب أولاً بمعرفة ما تريد فعله خلال الوقت المتاح لك! وقبل الإقدام على محاولة إدارة جدول مواعيدك بشكل أفضل وبطريقة عملية للغاية، لا بد من التفكير بعناية في أسلوب حياتك. عليك أن تترك هاتفك أو جهاز الكمبيوتر لتفكر في كيفية استغلال الوقت الذي تريد استعادته، وتتأمّل نمط الحياة الجديد الذي يمكنك اتباعه إذا اخترت إبطاء الوقت.

وإذا لم يكن لديك منهج محدد لتنظيم وقتك ومشروع حقيقي لحياتك الجديدة في ظل إبطاء الوقت، فقد تشعر بالإحباط مجدداً وبأنك تهدر أي وقت قد يُتاح لك. ولكي تتمكّن من تحسين قدرتك على استغلال الوقت، فمن الضروري أن يكون لديك هدف محدد تريد تحقيقه ورغبات تود تلبيتها وأحلام تريد تحقيقها، إضافة إلى استراتيجيات للتصدي لأي إحباطات قد تواجهها! المهم أن تُحسن استغلال هذه الساعات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس، ولا تحاول ملأَها مرة أخرى بما لا يفيد.

وإذا كنت تنشد السعادة في حياتك، فأعد تنظيمها قليلاً! ولا تنظر إلى هذه المسألة باعتبارها أمراً ثانوياً أو رفاهية يمكن الاستغناء عنها، واطرح على نفسك الأسئلة التالية واعتبر إجاباتها أمراً لا يقل أهمية عن تحديد أولوياتك الوجودية: ما أهم الأشياء في حياتك؛ تلك التي تريد وضعها على رأس أولوياتك وتجد نفسك على أتم استعداد لتكريس الوقت لها؟ هل تتمثّل في حياتك المهنية أم أصدقائك أم أُسرتك أم محل إقامتك أم المال الذي تكسبه أم شغفك بتعلُّم شيء جديد أم خططك للسفر حول العالم؟ ليس من السهل دائماً الإجابة عن هذا السؤال وتحديد الأولويات؛ لكن لا بد لنا من الإجابة عنه لتحليل الموقف.

تحديد الأولويات

وقد شرح خبير أميركي في إدارة الوقت أهمية تحديد الأولويات بطريقة ذكية للغاية، فقد وقف أمام الطلاب وأخذ وعاءً زجاجياً وملأه بعشر حصيّات كبيرة، وذلك بأن وضعها واحدة تلو الأخرى، ثم سأل الطلاب: "هل الوعاء ممتلئ"؟ فأجابوه بصوت واحد: "نعم"، فسألهم مجدداً: "هل أنتم متأكدون"؟ ثم أخذ كيساً من الحصيّات الصغيرة وأفرغه في الوعاء إلى أن استقرت في مكانها بين الحصيّات الكبيرة، ثم سألهم: "والآن هل الوعاء ممتلئ"؟ فأجاب الطلاب: "ربما لا" وبدا عليهم التردد. ثم أخذ الخبير كيساً من الرمال وسكبه في الوعاء الزجاجي حتى استقرت في الفراغات الموجودة بين الحصيّات الكبيرة والصغيرة، ثم سألهم مجدداً: "ها هو أمامكم، هل هو ممتلئ"؟ فصاح كل مَنْ في الغرفة مفعمين بالحماس: "لا". ومن ثم أخذ الخبير زجاجة كبيرة من الماء وأفرغها بالكامل في الوعاء نفسه حتى وصل الماء إلى حافته، ثم التفت إلى الطلاب متسائلاً: "تُرى، ما الغرض من هذه التجربة"؟ رفع أحد الطلاب إصبعه قائلاً بشجاعة: "تُثبت هذه التجربة أنك تستطيع دائماً إضافة شيء آخر إلى جدول مواعيدك، حتى إذا كنت تعتقد أن مزدحم عن آخره بالأعمال". فرد عليه الخبير قائلاً: "لا، لقد أردتُ فقط تذكيركم بأنكم ما لم تضعوا الحجارة الكبيرة أولاً، فلن تتمكنوا أبداً من إدخالها بعد ذلك، أو بعبارة أخرى: ما لم ترتبوا أولوياتكم، فستهدرون أوقاتكم على المهمات الثانوية وتفوتكم جلائل الأعمال"!

والآن ما الحجارة الكبيرة في حياتكم؟

المحتوى محمي