تخفف آلامك وتسعدك، 7 أسباب لمعاملة الآخرين بلطف

4 دقائق
إبداء اللطف
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يشير عالم النفس إم جيه ريان (M. J. Ryan) إلى أن حياة محبي فعل الخير أطول من الآخرين بنحو 9 سنوات في المتوسط، ويفسّر هذه الظاهرة بأن إبداء اللطف يقوّي جهاز المناعة. حيث يتم تحفيز تمدد الأوعية الدموية وهو أمر جيد لمنظومة عمل القلب والأوعية الدموية في أجسامنا، وكذلك يزداد معدل إنتاج الخلايا اللمفاوية ما يمنحنا قدرة أكبر على مقاومة الأمراض. حينما تكون لطيفاً ومُحباً للخير فإن هذا سيفيد صحتك العقلية والبدنية، وقد أثبتت الأبحاث والدراسات العلمية هذه الحقيقة.

تعاملك مع الآخرين بلطف يجعلك سعيداً

وزّع الباحثون في جامعة فانكوفر بكندا مبالغ مالية (ما بين 5 - 20 دولاراً) على 46 طالباً، وطلبوا من بعضهم إنفاقها على أنفسهم بينما طلبوا من البعض الآخر التبرع بها. وفي نهاية البرنامج أجرى الباحثون استقصاء لرأي لطلاب المشاركين في الدراسة لمعرفة مدى شعورهم بالسعادة بعد إنفاقهم الأموال على أنفسهم وعلى الآخرين؛ حيث قال الصنف الأول إنهم شعروا بمتعة طفيفة لفترة قصيرة جداً من الزمن، بينما قال الصنف الأخير الذين أظهروا سخاءهم إنهم كانوا أكثر سعادة على المدى البعيد، وقد ثبت أن العطاء بمحض إرادتك أفضل وأكثر نفعاً! الدليل هو الدراسة التي أُجريت في جامعة أوريغون بالولايات المتحدة، والتي تم فيها منح 100 دولار للمتطوعين. وقد تم أخذ بعض هذه الأموال مباشرة وتحويلها إلى بنك الطعام ثم كان على المشاركين أن يقرروا ما إذا كانوا سيتبرعون بباقي المبلغ لبنك الطعام؛ لكن بمحض إرادتهم هذه المرة. وتم إجراء أشعة على المخ في كلتا الحالتين، ووُجد أن المشاركين قد استمتعوا بمساعدة بنك الطعام نتيجة تنشيط نظام المكافأة في الدماغ؛ لكن الشعور بالرفاهة كان أكبر بين أولئك الذين قرروا التبرع بباقي المبلغ طواعية.

اللطف يقوّي جهاز المناعة

وضع عددٌ من الباحثين في جامعة ميشيغان بالولايات المتحدة أكثر من 400 زوج من كبار السن تحت الملاحظة لمدة 5 سنوات، وثبت في نهاية التجربة أن الأزواج الذين أظهروا اللطف والاهتمام تجاه أحدهم الآخر كانوا أقل عرضة للإصابة بالمرض بمقدار النصف، مقارنة بغيرهم من الأزواج. ويشير عالم النفس إم جيه ريان إلى أن حياة محبي فعل الخير أطول من الآخرين بنحو 9 سنوات في المتوسط، ويفسّر هذه الظاهرة بأن إبداء اللطف يقوّي جهاز المناعة. حيث يتم تحفيز تمدد الأوعية الدموية وهو أمر جيد لمنظومة عمل القلب والأوعية الدموية في أجسامنا، وكذلك يزداد معدل إنتاج الخلايا اللمفاوية ما يمنحنا قدرة أكبر على مقاومة الأمراض.

تعاملك بلطف مع الآخرين يحسّن مستوى أدائهم

يقول ستيفان أينهورن (Stefan Einhorn): "تساعد التبرعات البسيطة، سواءً كانت بضع عملات معدنية أو بعض الحلوى، على تحسين ذاكرة أولئك الذين يستفيدون منها كما أنها تحسّن قدرتهم على التعلُّم والإبداع وحل المشكلات". وقد أشار عالم الأورام السويدي في كتابه "فن التحلي باللطف" (Art of Being Kind) إلى ملاحظة مدهشة تفيد بأن الأطباء الذين تلقوا هدايا بسيطة قد نجحوا في التوصُّل إلى تشخيص أكثر دقة وأسرع من أولئك الذين لم يتلقوا أي شيء؛ كما أنهم كانوا أقل ميلاً من زملائهم إلى التسرُّع والقفز إلى استنتاجات خاطئة لا تقوم على دليل ملموس.

السخاء يخفّف الآلام

توصَّلت أشعة الرنين المغناطيسي إلى أن أعمال السخاء والامتنان تعمل على تنشيط ذلك الجزء من الدماغ الذي يفرز الإندورفين، وتحقّق هذه الناقلات العصبية فاعلية مضاعفة فهي مسكنات طبيعية للألم. يقول أستاذ علم النفس ومؤلف كتاب "شكراً! عندما يغير الامتنان حياتنا" (Merci ! Quand la gratitude change nos vies)، روبرت إيمونز (Robert Emmons): "بعد إجرائه مراجعة لأكثر من 20 دراسة، وجد أحد علماء النفس أن هذه المشاعر الإيجابية تؤدي إلى تقليل الحساسية للألم وزيادة القدرة على تحمله، وذلك من خلال تحفيز إنتاج أشباه الأفيونيات (كالإندورفين) وقد تكون لها تأثيرات مسكنة تحفز إفراز مواد شبيهة بالمورفين في الدماغ".

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإندورفين مضاد للتوتر، فقد طلب الباحث الأميركي آلان لوكس (Allan Luks) من أكثر من 3,000 متطوع الإجابة عن 17 سؤالاً حول حقيقة مشاعرهم عندما كانوا لطفاء، وتحدّث 90% من المشاركين عن شعورهم بالراحة كما أوضح في كتابه الذي جاء تحت عنوان "القوة العلاجية لفعل الخير" (The Healing Power of Doing Good). ووفقاً لما جاء على لسان لوكس، فإن إبداء اللطف يُعد مضاداً مثالياً للاكتئاب كانخفاض مستوى التوتر وتراجع مشاعر العداء والإحساس بالعزلة!

المساعدة ممتِعة

يصف عالم النفس روبرت أورنستين (Robert Ornstein) والطبيب ديفيد سوبل (David Sobel) في الولايات المتحدة، مؤلفا الكتاب الأكثر مبيعاً "فضائل المتع الحسية" (The Virtues of Pleasure)، ما يسميانه "نشوة المُساعد". ويشعر الأشخاص الأسخياء بهذه النشوة عندما يساعدون جيرانهم، وتُترجَم إلى إحساس بالدفء والقشعريرة والشعور بالحيوية والهدوء الشديد. ويقارن الباحثان هذه المتعة الحسية بتلك التي يشعر بها المرء بعد الركض أو ما يُعرَف بـ "نشوة العدَّاء"؛ حيث لاحظا في كلتا الحالتين إفراز السيروتونين بكميات كبيرة، والسيروتونين ناقل عصبي يسمى "هرمون السعادة".

فعل الخير محفِّز

أجرى عالم النفس سيرج سيكوتي (Serge Ciccotti) 150 تجربة نفسية صغيرة ضمن دراسة متكاملة حول التحفيز والعمل التطوعي، وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، وكان أفراد إحدى المجموعتين يحصلون على دولار واحد كلما نجحوا في حل اللغز الذي يقدمه لهم الباحث خلال الوقت المحدَّد في حين لم يتلقَّ أفراد المجموعة الأخرى هذه المكافآت. وبعد أن حان الموعد المفترض لانتهاء التجربة، عُرض على أفراد العينة البحثية المشاركة في حل ألغاز أخرى مجاناً ثم أدركنا أن أولئك الذين لم يتلقوا مكافآت مالية قضوا ضعف الوقت الذي يقضيه الآخرون في هذه السلسلة الجديدة. خلاصة القول: كلما تطوعت أكثر، زادت حوافزك.

فعل الخير مُعدٍ

يقول ستيفان أينهورن في كتابه "فن التحلي باللطف": "إذا تمت معاملتنا بشكل جيد فإننا سنعامل مَنْ حولنا معاملة جيدة". وأبلغُ دليل على ذلك ما أشار إليه في التجربة التي أجراها عدد من علماء النفس، وتتلخص فيما يلي: بعد اجتياز اختبارات المعرفة للمتطوعين، أخبروهم بنجاحهم أو رسوبهم دون مراعاة النتائج الفعلية ثم درسوا سلوكهم على مرحلتين. أولاً، كان الباحث يغادر الغرفة تاركاً صندوقاً مخصصاً للتبرعات في مكان ظاهر ووُجد أن أولئك الذين قيل لهم إنهم قد نجحوا في اجتياز الاختبار كانوا أكثر سخاءً ثم عاد الباحث ومعه كومة من الكتب وتظاهر بأنها قد وقعت منه دون قصد، ووُجد أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم كانوا أكثر حرصاً على مساعدته في التقاط الكتب.

المحتوى محمي