ملخص: إذا كنا لا نوصي بالعلاجات العشبية لجميع الأشخاص الذين شُخصت إصابتهم بالاكتئاب الشديد، فإنها يمكن أن تكون على الأقل علاجاً أولياً لأولئك الذين لا يرغبون في تناول الأدوية على الفور. تستغرق مضادات الاكتئاب 3 أسابيع ليسري مفعولها، وخلال هذه الفترة يمكن أن تتدهور الحالة النفسية للمريض وقد يترافق ذلك مع ظهور أفكار انتحارية لديه، الأمر الذي يدفع بعض المرضى إلى وقف العلاج، ولذلك يمكن للراغبين بإدارة الاكتئاب بطريقة طبيعية في البداية (لأسبوعين أو ثلاثة) الحصول على نتائج إيجابية عموماً من العلاجات النباتية.
من المعروف أن للعلاج النباتي فعالية في محاربة نوبات الاكتئاب العابرة؛ لكن هل يمكنه علاج حالات الاكتئاب الشديد؟ تجيب عن هذا السؤال مختصة التغذية والعلاج النباتي ومؤلفة كتاب "وصفاتي الـ 1,000 للعلاج بالنبات" (Mes 1000 ordonnances phytothérapie)، كارولين غاييه (Caroline Gayet).
عندما تشعر بحزن مستمر دون سبب واضح وتسيطر عليك الأفكار السوداوية وتفتقر إلى الطاقة والدافع، فإن هذه الأعراض تستوجب استشارة طبيب عام أو طبيب نفسي والذي قد يشخص إصابتك بالاكتئاب. لكن ما الخطوة التالية في هذه الحالة؟ بصورة عامة، تتضمن الخطة العلاجية الاستعانة بمضادات القلق والاكتئاب بالتزامن مع العلاج النفسي إذا لزم الأمر. تقول كارولين غاييه: "وهنا يأتي الدور المهم للعلاجات النباتية التي إذا لم تكن فعالة في علاج حالات الاكتئاب الشديد فإنها ستكون بديلاً ممتازاً للأدوية في البداية".
العلاج النباتي كبديل للعقاقير
إذا كنا لا نوصي بالعلاجات العشبية لجميع الأشخاص الذين شُخصت إصابتهم بالاكتئاب الشديد، فإنها يمكن أن تكون على الأقل علاجاً أولياً لأولئك الذين لا يرغبون في تناول الأدوية على الفور. تستغرق مضادات الاكتئاب 3 أسابيع ليسري مفعولها، وخلال هذه الفترة يمكن أن تتدهور الحالة النفسية للمريض وقد يترافق ذلك مع ظهور أفكار انتحارية لديه، الأمر الذي يدفع بعض المرضى إلى وقف العلاج، ولذلك يمكن للراغبين بإدارة الاكتئاب بطريقة طبيعية في البداية (لأسبوعين أو ثلاثة) الحصول على نتائج إيجابية عموماً من العلاجات النباتية.
إحدى أهم نقاط القوة فيما يخص التأثير العلاجي للعلاجات النباتية في حالة الاكتئاب، هي سرعة مفعولها، وتقول كارولين غاييه: "بخلاف الأدوية التقليدية، تمتاز العلاجات النباتية بسرعة تأثيرها الذي يظهر خلال أقل من أسبوع وحتى في غضون 3 أيام بالنسبة إلى بعض أنواع النباتات؛ ما يمنح مريض الاكتئاب في معظم الأحيان شعوراً سريعاً بالراحة والتحسن العام، فالآثار مذهلة للغاية وبخاصة عند الجمع بين الأدوية العشبية ومكملات الأحماض الأمينية".
نباتات فعالة في علاج اضطرابات المزاج
أحد تفسيرات حدوث الاكتئاب هو الاختلال الذي يصيب توازن النواقل العصبية في الدماغ، ولذلك فإن العلاج النباتي في هذه الحالة يتمحور حول استعادة هذا التوازن. تقول كارولين غاييه: "يتناول المريض في الصباح أعشاباً تحفز إنتاج الدوبامين؛ وهو الناقل العصبي الذي يمنح الإنسان الحماس والحافز في بداية اليوم، ونستخدم لذلك نبتة الموكونا (من فصيلة البقوليات تنمو في المناطق الاستوائية وتسمى أيضاً الفاصولياء المخملية)، وهي غنية بالطليعة المباشرة للدوبامين المعروفة بالليفودوبا (Levodopa)، تماماً كعشبة الروديولا (rhodiola) أو "الجذر الذهبي" التي توصف في حالة الاضطرابات المزاجية".
أما مساءً، يتناول المريض الأدوية العشبية التي تعزز إنتاج هرمون السيروتونين، وتوضح المختصة قائلةً: "السيروتونين هو الناقل العصبي الذي يحتاج إليه الإنسان في نهاية اليوم إذ يسمح له بالاسترخاء ويعزز مشاعر التفاؤل والطمأنينة. في حالة الاكتئاب يتراجع إفراز السيروتونين، ولهذا السبب يميل الإنسان إل تناول الأطعمة السكرية والوجبات السريعة في محاولة غير واعية منه لسد النقص في هذه المادة. ولتجنب ذلك؛ يوصي طب الأعشاب باستخدام نبتتيّ سيمبليسيفوليا غريفونيا (griffonia simplicifolia) والزعفران اللتين تزيدان من إفراز السيروتونين ما يؤدي إلى تعديل الحالة المزاجية".
ولضمان فعاليته؛ يجب أن يصف العلاج مختصٌ في العلاج النباتي ويمكن أن يترافق ذلك مع برنامج غذائي يهدف إلى تعويض أي نقص محتمل في المغذيات الدقيقة لدى المريض، وتقول كارولين غاييه: "من الضروري ألا نُغفل علاج الاكتئاب انطلاقاً من فرضية وجود التهاب في الجهاز العصبي، وتُعد مكملات أوميغا 3 مفيدةً في هذا الشأن ويمكن تناولها مع وجبة العشاء إما على شكل كبسولات أو من خلال تناول بذور الكتان أو بذور اللفت أو زيت الكاميلينا، إضافةً إلى أهمية تناول فيتامين D3 والمغنيزيوم لأنه دون توازن المغذيات الدقيقة في الجسم تصبح فعالية العلاج النباتي محدودة بمرور الوقت".
استخدام العلاجات النباتية للوقاية من الاكتئاب
نعلم جميعاً أن الوقاية خير من العلاج، ولذلك يمكن استخدام العلاجات النباتية للوقاية من النوبات الاكتئابية المحتملة، وتوضح المختصة: "يمكن لاستخدام الأدوية العشبية عند انخفاض الروح المعنوية أن يجنب المرء حالة اكتئابية أكثر تعقيداً، وتُستخدم النباتات في هذه الحالة وفق الطريقة المتبعة في علاج الاكتئاب ولكن بجرعات مختلفة". في هذه الحالة، يركز المعالج على الوقت من اليوم الذي يشعر فيه المريض بنقص الحافز أو الطاقة فيصف له النباتات المحفزة لإنتاج الدوبامين أو لإنتاج السيروتونين.
وينطبق الأمر ذاته على الأشخاص الذين خضعوا للعلاج من الاكتئاب لفترة طويلة ويرغبون في إيقاف علاجاتهم الدوائية بدعم من الطبيب؛ إذ يمكن للعلاجات النباتية أن تساعدهم في التغلب على هذه المرحلة وتقول المختصة: "يمكن لمكملات حمض التربتوفان الأميني الموجود بشكل طبيعي في نبتة الغريفونيا أن تساعد المرضى خلال مرحلة الانسحاب". وتختتم قائلة: "يوفر العلاج بالنباتات عدداً من الحلول العلاجية شريطة أن يكون تحت إشراف مختص".