عندما يدون المرء مذكراته الشخصية فإن ذلك يعزز ثقته بنفسه لأنه سيسرد العقبات التي تغلب عليها، وينمي روح الامتنان لديه عندما يستذكر كل النعم التي منحته إياها الحياة؛ كما أنه سيتعرف أكثر إلى ذاته ورغباته، ولا حاجة إلى ذكر أن المذكرات الشخصية ستكون هديةً لطيفةً يتركها لأحفاده.
تقول مُيسِّرة ورش كتابة المذكرات الشخصية في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، ديانا راب (Diana Raab): "عندما تكتب مذكراتك فإنك تكتب في الحقيقة نسختك الشخصية من الوقائع وهذه هي النقطة الفارقة في هذه الممارسة". وتوضح ديانا أنّ هذه الممارسة تنطوي على الكثير من الفوائد:
- تسمح بالاتصال بماضيك الشخصي والعائلي واستكشافه من جديد وتحديد الأخطاء التي تود تلافيها مستقبلاً.
- تسمح بإلقاء نظرة أشمل على مسارك في الحياة، وفهم الأحداث المختلفة التي واجهتها على نحو أفضل والصلات السببية بينها التي لربما فاتتك في حينها.
- تسمح بإدراك النعم التي منحتك إياها الحياة والفرص التي سمحت لك باغتنامها.
ممارسة تعزز معرفة الذات
ويتجلى التأثير الإيجابي لهذه الفوائد فيما يلي:
- تعزيز ثقتك بنفسك: ولا سيما عندما تراجع الإخفاقات التي تعرضت لها والعقبات والتحديات التي تمكنت من تجاوزها.
- تطوير معرفتك بذاتك: لأنك تتمكن من تحديد مصادر شعورك بالرضا وحاجاتك ورغباتك، إضافةً إلى مخاوفك.
- تنمية روح الامتنان لديك: وذلك عندما تسرد كل الأمور الطيبة التي حدثت لك ولأحبائك.
- تحسين حياتك: وأخيراً تسمح لك كتابة مذكراتك بأن تسأل نفسك: "ما الذي عليّ فعله لتصبح حياتي أفضل ولأتجنب أكبر قدر ممكن من الألم والندم فيها"؟ يمكن أن يكون هذا السؤال موضوع فصل جديد في مذكراتك تحت عنوان: "قصصي القادمة"، ويمكنك أن تدون فيه أحلامك ومشاريعك كلها، من الأكثر عقلانية إلى الأكثر جنوناً، إضافةً إلى العقبات التي تجعلها صعبة المنال أو الوسائل التي تسهل الحصول عليها؛ المادية منها والمعنوية.
طريقة لفهم علاقتك بعائلتك على نحو أفضل
يتيح تدوين مذكراتك الشخصية فهم بيئتك الأسرية على نحو أفضل وإدراك دورك فيها ودورها بالمقابل في الخيارات التي اتخذتها سواء كان هذا الدور صغيراً أو كبيراً؛ سلبياً أو إيجابياً. ترى مؤلفة كتاب "قوة المذكرات الشخصية" (The Power of Memoir) ليندا مايرز (Linda Myers) أن لسرد السيرة الذاتية دوراً فعالاً في فهم مواضع الخلل في المنظومة الأسرية وتسليط الضوء عليها وعلى بعض الأسرار العائلية التي يحتاج فهمها النظر إليها بطريقة مختلفة، أو حتى تقمص أدوار بعض أفراد العائلة ولا سيما الإخوة. عندما تتحدث عن ذكرى ما فإن جزءاً منها يبقى مبهماً كما أنك تصوغ كلامك تبعاً لمحاورك حتى دون أن تعي ذلك أحياناً، في حين أن الذاكرة تعمل عند الكتابة بطريقة أقوى فالوصف يصبح أكثر دقة كما أن عدم وجود شخص أمامك يُسهِّل عليك إطلاق العنان لذكرياتك والأحاسيس والعواطف المرتبطة بها.
ما أنواع المذكرات الشخصية؟
قد تطول مدة كتابة المذكرات الشخصية أو تقصر، فبعض الناس قد يستمتع بالانغماس في العمل عليها لسنوات، في حين أن آخرين قد يصيبهم الملل قبل أن يبدؤوا. تؤكد الصحفية والمؤلفة المختصة في أساليب المساعدة الذاتية تيما إيرندر (Temma Ehrender) الآثار العلاجية لكتابة المذكرات، وهي تنصح أولئك الذين قد تثبط عزيمتهم نتيجة ضخامة المهمة أن يركزوا على سرد موضوع أو مرحلة محددة من حياتهم، فيمكن لموضوع مذكراتك الشخصية أن يكون مثلاً: "طفولتي المبكرة"، "أنا وأمي"، "مراهقتي"، "دراستي"، "التواصل في عائلتي"، وغيرها. أو يمكنك أن تتناول قصصاً تسلط الضوء على منعطفات محددة في حياتك مثل: "كيف أصبحت مدمناً على الحلويات أو التسوق" أو "كيف انفصلتُ عن زوجتي"، ومن الأفضل أن تمنح نفسك الوقت للتفكير وتفسح المجال للموضوع لكي يأتي إليك حتى إذا كان يثير في نفسك مشاعر متناقضة أو مزعجة. وجدير بالذكر أنه لا قواعد محددة للكتابة، فالأمر متروك لكل إنسان لاتباع إلهامه وتحديد مدى تكرار لقاءاته مع ماضيه وما يفضله قلمه، سواء كنا نتحدث عن أسلوب القصص الانطباعية أو الروايات الواقعية ذات الطابع الفكاهي أو الجدي. أخيراً، بعد أن تنهي كتابة مذكراتك الشخصية فإنها قد تنتقل من جيل إلى آخر أو تتعرض إلى التلف أو الإتلاف أو تبقى أسراراً طي الكتمان.