لمَ نولي اهتماماً كبيراً لفكرة "الشخص الطبيعي"؟
في الدرجة الأولى لأننا كائنات تميل إلى العيش في بيئات جماعية فنحن نتجاوب بشدة لديناميكية المجموعة ونُظهر حساسية شديدة أيضاً تجاه مدى توافقنا مع هذه المجموعة من عدمه.
وبصرف النظر عما نوليه من أهمية للنزعة الفردية والتفرد فإن المعايير التي تحدد الشخص الطبيعي من وجهة نظر المجتمع تؤثر فينا بعمق، وهنا تكمن المشكلة لأن فكرتنا عما يعد طبيعياً بعيدة جداً عن الواقع في معظم الأحيان.
قد لا نعلم أن الكثير من أفكارنا وسلوكياتنا والعثرات التي نواجهها والتي نظن أنها محرجة وشاذة عن المعتاد والمألوف، هي في الحقيقة عادية وشائعة جداً، وإليكم قائمةً ببعض الأمثلة عنها:
- شعورك بأنك تزوجت الشخص غير المناسب.
- شعورك بالغيرة من صديقك الناجح.
- شعورك بأنك على وشك البكاء عندما ينتقدك أحد ما.
- شعورك بأنك تكره مظهرك في الصور الفوتوغرافية.
- شعورك بالهلع من فكرة التحدث إلى شخص غريب.
- شعورك بالخوف من فكرة أن تتجشأ في مكان عام.
- شعورك بالخوف من فكرة أن تتقيأ خلال مقابلة عمل من فرط التوتر.
- اضطراب نومك دائماً عندما تنام في الفندق.
- ارتجاف صوتك كلما هممت بالتحدث إلى شخص مهم.
- خوفك من أن تجلس على مرحاض عمومي غير نظيف.
- تعثّرك عندما تدوس على جزء وعِر من الرصيف.
- اصطدام رأسك عرضياً خلال محاولتك ركوب سيارة الأجرة.
- شعورك بالانجذاب إلى الشخصيات العامة التي تراها في الأخبار.
- شعورك أحياناً بأنك شخص غير نزيه.
- خوفك من ألا تصل إلى الحمام في الوقت المناسب.
- اصطدامك بالأبواب والمرايا في المحال التجارية.
- خوفك من أن يرى الناس أعضاءك الحساسة.
- خوفك من أن تبصق بعض الطعام بالخطأ وأنت تتحدث خلال جلوسك مع زوجتك في المطعم.
- خوفك من أن يظن الناس أنك شخص منحرف.
- تفكيرك حتى اليوم بعلاقتك العاطفية التي انتهت على نحو سيئ قبل 11 عاماً.
هل تعرفت إلى نفسك في بعض ما ذُكر أو كله؟ لا تقلق فهذه المخاوف والأفكار والسلوكيات والمواقف كلها طبيعية.
أين تكمن المشكلة؟
تتناقل الثقافة المعاصرة صورة مختزلة كثيراً للشخص الطبيعي ولعل أبرز مشكلة تنجم عن ذلك هي ميلنا إلى تفضيل المظهر؛ أي صورتنا أمام الآخرين، على حساب الجوهر. على سبيل المثال؛ قد تظن أن ظهورك كشخص طبيعي أمام من حولك يستوجب بالضرورة أن يكون مطبخك نظيفاً لامعاً على الدوام، أو أن تتمكن من السفر كل عام لقضاء الإجازة السنوية في الخارج وغير ذلك.
المشكلة الأخرى هي أن المعايير التي تحدد من هو الشخص الطبيعي أصبحت تطغى على تلك التي تحدد من هو الإنسان، فثقافتنا تسعى إلى نشر فكرة مفادها أنّ الناس جميعاً يجب أن يتحلوا بالمثالية والهدوء والقدرة على تنظيم الذات؛ الأمر الذي يقودنا إلى نفاد صبرنا وشعورنا بالإحباط عند أدنى تقصير وكأننا نصرخ من الداخل خلال سعينا المحموم إلى الالتحاق بالجماعة والاندماج فيها والهرب من شعورنا بالاغتراب عنها والضعف الذي يولده ذلك فينا.
ولكننا نقول ختاماً إنه بدلاً من السعي للتوافق مع هذه الفكرة التي تعزز مشاعر الخزي تجاه كل فشل نتعرض له وتفرض على الإنسان أن يتحلى بالهدوء والتماسك والعقلانية في كل الأحوال، فإن علينا إدراك أن تعريف الشخص الطبيعي نسبيّ ويختلف من شخص لآخر وفقاً لظروفه، وأن المخاوف والعيوب والهفوات جزء لا يتجزأ من النفس البشرية.
اقرأ أيضاً: كيف توازن بين شخصياتك الفرعية؟