ليس ما يحدث لنا؛ بل كيفية استجابتنا له. هذا ما يؤثر في صحتنا النفسية، فالضغوط اليومية التي نُعيرها كامل انتباهنا وطاقتنا ستُصيبنا بالإجهاد لا محالة. لذلك تحدد طريقة استجابتنا لهذه المواقف المجهِدة مدى تضررنا منها.
إذا كانت حياتك مليئة بمسببات التوتر ولديك العديد من المسؤوليات، أو كنت تعاني من اضطراب القلق؛ ستساعدك هذه المقالة على التعامل مع هذه المواقف المجهِدة بشكل جيد والحفاظ على صحتك النفسية.
ما هو الضغط النفسي؟
وفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) الأميركي؛ الضغط النفسي هو استجابة جسمك أو عقلك لأي طلب خارجي يمكن أن يزيد من توتّرك مثل وجود الكثير من الواجبات المنزلية أو الإصابة بمرض. وقد يحدث ذلك الضغط لمرة واحدة أو يكون قصير المدى، أو يمكن أن يحدث بشكل متكرر ولفترات طويلة.
كذلك، بحسب دراسة من جامعة "باقية الله للعلوم الطبية" ( Baqiyatallah University of Medical Sciences) في إيران؛ يمكن أن تتعامل أجسامنا مع تلك الضغوط لفترات قصيرة دون ضرر فعليّ على صحتنا. لكن الضغوط الكثيرة والتي تستمر لفترات طويلة وتكون متتالية يمكن أن تؤدي إلى الإجهاد المزمن والذي بدوره يسبب مشكلات صحية خطِرة؛ مثل إضعاف جهاز المناعة والتدخل في الأداء السليم لأنظمة الجسم.
6 خطوات فعّالة للتعامل مع الضغوط
تتعدد مسببات التوتر في حياتنا اليومية، وقد تتمثّل في علاقة سيئة أو بيئة عمل سيئة أو مخاوف صحية وغيرها.
وللتعامل مع تلك الضغوط بالشكل الصحيح؛ يجب في البداية تحديد مسببات التوتر لديك لتكون أكثر استعداداً للتعامل معها. يمكنك الاحتفاظ بدفتر يوميات وتسجيل إجاباتك عن الأسئلة التالية:
- هل هناك شخص معين أو مكان معين يسبب لك التوتر؟
- متى أشعر بأكبر قدر من التوتر خلال اليوم؟
- هل أتخذ قرارات خاطئة بسبب شعوري بالتوتر أو الإرهاق؟
تأتي بعد ذلك خطوة التعامل مع تلك الضغوط. تحدد كل من الاختصاصية الإكلينيكية والمعالِجة نينا لال (Neena Lall) والاختصاصية الاجتماعية لينا سواريز أنجيلينو، بعض النقاط المهمة للتعامل مع الضغوط اليومية كما يلي:
1. ضع حدوداً
كن واقعياً بشأن قدراتك وما يمكن تحمُّله وما يفوق طاقتك؛ لا تقضم أكثر مما تستطيع مضغه. لذلك قبل قبول أداء مهمة أو نشاط ما سواء في العمل أو المدرسة أو مع العائلة والأصدقاء، من المهم أن ترفض ما لا تقوى على فعله وأن تكون كلمة "لا" أحد خياراتك، ذلك لأن توفير طاقتك ووقتك لنفسك أمر مهم لصحتك النفسية.
2. تعلّم بعض طرق التأقلم
يمتلئ جدول أعمالك اليوم بالعديد من المهام التي يجب إنجازها، فكيف لك أن تقوم بذلك دون الشعور بالتوتر؟
أولاً، ضع قائمة بجميع المهام. يساعدك ذلك على تحديد كل المهام المطلوبة منك، ومن ثم تحديد أولوياتك. بعد ذلك؛ قم بترقيم العناصر حسب الأهمية وأكملها واحداً تلو الآخر.
3. مارس بعض التمارين الرياضية خلال يومك
تساعدك الحركة البدنية على مواجهة الآثار السلبية للتوتر كما أنها مفيدة لصحتك العقلية. وفقاً لجمعية القلق والاكتئاب الأميركية (ADAA)؛ يمكن أن تساعد التمارين الرياضية، خاصة الأنشطة الممتعة، على تخفيف التوتر عن طريق إطلاق هرمون الإندورفين الذي يعمل كمسكّن طبيعي للألم. كما تعمل الحركة المنتظمة على تحسين مزاجك وتقليل أعراض التوتر والقلق بشكل طبيعي.
4. توقف وخذ نفساً عميقاً
عندما تلاحظ أنك في موقف عصيب، توقف للحظة وخذ دقيقة لإرخاء عضلاتك والتنفس بعمق، فالعقل والجسد مرتبطان ببعضهما بعضاً، ويمكن أن تؤثر إيقاعات تنفسك في مشاعرك. لذا فإن التركيز على أنفاسك يمكن أن يساعد على تهدئة عقلك ويعيد جسمك إلى حالة الراح نظراً لأن التنفس العميق يخلق مساحة صغيرة بينك وبين الموقف المجهد؛ ما يمنحك مساحةً ووقتاً أكبر للرد على ما يحدث بدلاً عن الانفعال الزائد.
5. تحرّك
يستجيب الجسم للإجهاد الشديد بحالة "الكر أو الفر" (Fight or Flight)، وخلالها يزيد معدل ضربات القلب ويضطرب التنفس وتتوتر العضلات.
لذلك يمكن أن يساعدك تحريك جسمك على تخفيف بعض استجابات الإجهاد الجسدي وتقليل الضغط النفسي. كما يمكن أن يساعدك تخصيص وقت لتحريك جسمك على تبديد الطاقة القوية المرتبطة بالتوتر واستعادة توازنك.
لا تتطلب تلك الحركة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ حيث تستطيع صعود الدرج بدلاً عن المصعد، أو رَكن السيارة في أبعد نقطة والسير إلى وجهتك.
6. أعِد تشكيل وجهة نظرك
في بعض الأحيان؛ يمكن أن يُحدث تغيير بسيط في طريقة التفكير فرقاً كبيراً. ذلك يعني أن تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى الضغوط، وملاحظة تقريع الذات وإعادة التفكير في مدى صحته يمكن أن يساعد على تقليل التوتر.
يساعدك ذلك أيضاً على تحديد ما يمكنك ولا يمكنك التحكم به، فلا تتحمل مسؤولية الأشياء التي لا يمكنك التحكم فيها.
عندما تواجه موقفاً عصيباً، حاول الإمساك بالقلم والورقة والكتابة عنه. اشرح سبب كون ذلك الموقف مجهداً وصف استجابتك له. يمكن أن يمنحك هذا التمرين السريع منظوراً إضافياً ورؤية ثاقبة لمشاعرك؛ ما يساعدك على اتخاذ القرارات أو إدراك أن الموقف لن يستمر إلى الأبد. كما سيسمح لك ذلك بتصنيف ضغوطك وتقسيمها بطريقة تساعدك على أن تكون أكثر إنتاجيةً وأقل إرهاقاً.
وأخيراً؛ يؤثر الإجهاد فينا جميعاً. لذلك تعد إدارة التوتر أمراً مهماً في التوفيق بين العديد من الأنشطة اليومية في الحياة لتجنُّب حدوث نتائج سلبية على الصحة النفسية والعقلية. لكن إذا لم تسطع التحكُّم في التوتر وأصبح هو ذو اليد العليا في حياتك، فيجب أن تستشير طبيباً لطلب المساعدة.