ملخص: للمشاهير دون شك تأثير أكبر؛ لكن ثمة مبادئ عامة للتواصل والإقناع تُمكن الاستفادة منها حتى تستطيع التأثير في الناس ولو لم تكن شهيراً. إليك 5 استراتيجيات فعّالة يمكنك من خلالها إيصال قضيتك إلى الجمهور وإقناعه بها وكسب تعاطفه.
بالتزامن مع الظروف المأساوية للحرب التي يشهدها قطاع غزة، حدث تضامن شعبي هائل مع ضحايا الحرب مع اختلافات في رؤية الأحداث، ولم ينأَ المشاهير بأنفسهم أيضاً، فكلٌّ عبّر عن رؤيته لما يحدث بكلماته وأسلوبه الخاص. لكن ومع ذلك، استطاع بعض المشاهير إقناع الجمهور وكسب تعاطفه على نحو كبير جداً، فمقطع مدته 50 ثانية فقط، نشره لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح على تويتر، استطاع أن يحقق ما يزيد على 140 مليون مشاهدة في غضون 24 ساعة، وتلك المقابلة التي أجراها الإعلامي الساخر باسم يوسف مع الصحفي البريطاني المخضرم بيرس مورغان (Piers Morgan)، أثر من خلالها في عشرات الملايين من المشاهدين. والآن، دعونا نسأل: ما الذي استخدمه كلٌّ من محمد صلاح وباسم يوسف حتى حققا هذا التعاطف الهائل مع رؤيتهما للقضية؟ إليك في هذا المقال كيف تؤثر لغتك وأسلوبك في إقناع الجماهير بقضيتك ويضمنان تعاطفهم معك.
اقرأ أيضاً: كيف تجعل حديثك مقنعاً للآخرين؟
5 استراتيجيات لإقناع جمهورك وكسب تعاطفه
يقول البعض إن الأقوال ليست برتبة الأفعال، على الرغم من أن الكلمات تمتلك القدرة على إثارة الأفعال؛ بل قد يكون الكلام في بعض الأحيان صورة من صور الفعل في حد ذاته. وإن كنت لا تصدِّق، فما عمل الدبلوماسيين إذاً؟ فحتى تقنع الناس بتغيير مواقفهم أو سلوكياتهم، عليك أن تتقن فن الإقناع؛ أي أن تدرس الموارد اللغوية وتستخدمها جيداً لتحقيق هذا الهدف، وإليك بعض الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها من أجل إقناع الجمهور وكسب تعاطفه.
1. ناشد عواطفه
وفقاً للفيلسوف اليوناني أرسطو؛ فإن التأثير في مشاعر الناس وسيلة أساسية للإقناع، فالناس يشعرون بعواطف معقدة غالباً ما تتغلب على الحس السليم والمنطق في سلوكياتهم وأفعالهم. لذلك؛ يمكنك أن تستخدم مفردات اللغة التي تستجدي الرحمة من الآخرين، وذلك بأن تُظهر نقاط ضعفك أو مخاوفك بأمانة، وأن تناشد القيم والمعتقدات المشتركة مع جمهورك، وذلك باستخدام مصطلحات واضحة ومباشرة وسهلة الفهم؛ الأمر الذي قد يدفع الجمهور إلى التعاطف معك.
والآن، ركّز في مفردات محمد صلاح: المدنيين، مجازر، عائلات فُرِّقت، بشر يعيشون في ظروف رهيبة، بشر بحاجةٍ ماسّةٍ إلى طعام وماء ومستلزمات طبية بأقصى سرعة ممكنة، نداء إلى اتحاد القادة، إعادة إحياء الإنسانية. مَن منا لا يتعاطف مع هذه الظروف؟ جدير بالذكر هنا إن مناشدة العواطف لا تعني التلاعب بعواطف الناس أو استغلالها؛ وإنما إثارة استجابة عاطفية ومشاعر حقيقية عند الجمهور ربما غفل عنها لسبب أو لآخر، تذكّره بقيم إنسانية عامة متفق عليها.
اقرأ أيضاً: 5 تقنيات تُعلّمك فن الإقناع دون تلاعب
2. استخدِم الأدلة والمنطق
حتى تنجح في إقناع جمهورك، لا بد أن تتمتع بالمصداقية الكافية، وذلك بإثبات تعليمك أو خبرتك أو مؤهلاتك. وبمجرد إثبات مصداقيتك، ابدأ عرض المعلومات والبيانات والأرقام والحقائق اللازمة لبناء حجة عقلانية تستطيع من خلالها إقناع الناس بقضيتك. ربما يكون هذا هو السبب الذي دفع باسم يوسف في المقابلة إلى استخدام تلك الإحصائيات عن عدد ضحايا الاعتداءات التي وقعت في السنوات السابقة.
اقرأ أيضاً: 5 نصائح لتنمية مهارة التحدث أمام الجمهور
3. وظِّف لغة جسدك
في بعض الأحيان، قد لا يكون كلامك موثّراً بقدر كيفية قوله؛ إذ وعلى الرغم من أن اختيار مفرداتك بحكمة أمرٌ مهم جداً، فلغة جسدك لا تقل أهميةً. إذاً؛ عليك أن تستخدم حركات جسدك وتعابير وجهك استخداماً دقيقاً للتعبير عن المشاعر التي تريد إيصالها، فإذا ما تطابقت إشاراتك غير اللفظية مع كلماتك، لن تتواصل على نحو أوضح فحسب؛ بل ستكون أقدر على إقناع الناس وجذب تعاطفهم.
ويُشار هنا إلى أهمية حركة الحاجبين في التعبير عن المشاعر؛ فقط حرِّك حاجبيك إلى الأعلى قليلاً مع شدّ جبهتك وزم شفتيك لتبدو أنك قلق ومهتم وتحاول التواصل مع الجمهور على نحو حقيقي. انظر مرة أخرى إلى تعابير وجه محمد صلاح!
انتبه أيضاً إلى نبرة الصوت التي تستخدمها، فمعدّل سرعة الكلام والتنغيم وطبقة الصوت؛ كلها عوامل تؤدي دوراً في الإقناع؛ إذ تكشف على نحو كبير عن ثقة المتحدث بنفسه. تذكّر أنك كلما بدوت واثقاً في نفسك وفي قضيتك أكثر، كنت أكثر إقناعاً وقدرة على كسب التعاطف.
اقرأ أيضاً: 10 علامات تؤكد تعرضك للاستغلال وكيف تتعامل معه؟
4. استعِن بالأسلوب القصصي
سرد القصص من أفضل الطرائق الفعالة في بناء الروابط العاطفية العميقة مع الناس وإقناعهم بقضيتك، خصوصاً عند مشاركة تجربتك الشخصية أو قصص عن أشخاص مقربين منك. عُد إلى مقابلة باسم يوسف، واستمِع كيف وظّف قصة أهل زوجته المحاصرين في غزة، وقصة أحد الأقرباء الذي يكابد الأمرّين من أجل إيجاد عمل وتأمين حياة كريمة في ظل أقسى الظروف الحياتية.
اقرأ أيضاً: هل يصعب عليك تكوين رأي مستقل والتعبير عنه؟ هذا المقال موجه إليك
5. لا بأس من بعض الفكاهة أيضاً
نعم، يمكن للفكاهة الساخرة أن تقنع الناس وأن تثير تعاطفهم! يشير أستاذ الفلسفة ورئيس جامعة مالطا السابق، البروفيسور بيتر سيراسينو إنغلوت (Peter Serracino Inglott)، إلى أن الفكاهة قد تكون أسلوباً بلاغياً مفيداً جداً عند التحدث بدبلوماسية؛ إذ تساعد على تغيير وجهات النظر واكتشاف الحلول الإبداعية للمشكلات.
فالفكاهة تجعل الناس يبتسمون أو يضحكون، حتى لو كانت القضية التي تريد إيصالها إليهم مؤلمة، وهي أسلوب ينطوي على عنصر المفاجأة الذي ينبّه الناس إلى وجود وجهات نظر أُخرى تختلف عما ألفوه، ناهيك بأنها أكثر عرضة إلى المشاركة؛ ما يجعلها أكثر انتشاراً وتأثيراً. والآن، ألم تبتسم على نكات باسم يوسف؟ أليست مضحكة؟ أو لنقل، أليست مؤثِّرة؟