ملخص: عندما تمرّ بتجربة مؤلمة وتكون شاهداً على مأساة أو كارثة إنسانية فقد يترك ذلك أثراً بالغاً في نفسيتك، لكن معاناتك قد تتضاعف عندما يسيطر عليك شعور بالذنب بسبب عجزك عن منع وقوع هذه الفظاعات أو التدخّل لإنهائها أو إنقاذ ضحاياها. وما يزيد هذه المعاناة هو اعتقادك الوهمي بأنّك كنت قادراً على فعل ذلك لكنك لم تفعل. كيف تتخلّص إذاً من هذا الشعور غير المنطقي بالذنب؟ إليك الإجابة. يجلد الكثيرون ذواتهم بسوط الشعور غير المنطقي بالذنب، ويلومون أنفسهم على أحداث ووقائع لم تكن لهم أيّ سيطرة عليها.
يستند هذا النمط من الشعور بالذنب إلى اعتقاد خاطئ بقدرتنا المطلقة على مواجهة المواقف المأساوية أو اللحظات الصعبة. كيف يمكننا إذاً التحرّر من هذا الوهم وتعلّم مسامحة الذات؟
التخلّي عن وهم القدرة المطلقة
تعني مسامحة الذات التخلّي عن وهم القدرة المطلقة وفقاً لما ذكرته المعالجة النفسية روبرتا ساتو (Roberta Satow) في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (PsychologyToday). لنأخذ مثال نيكولاس وينتون (Nicholas Winton) الذي أنقذ قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية 700 طفل من الإبادة، لكنّه عاش وهو يتحسّر طوال عمره على عدم تمكّنه من إنقاذ المزيد من الأطفال بعد أن تعذّرت مغادرة القطار الذي يقلّهم مدينة براغ (جسّد الممثل الشهير أنطوني هوبكنز شخصيته في فيلم "حياة"). وعلى الرغم من الإنجاز الكبير الذي حقّقه ظلّ عجزه عن إنقاذ الأطفال جميعاً يطارده.
يقودنا الشعور غير المنطقي بالذنب إلى لوم أنفسنا على أحداث خارج نطاق سيطرتنا، ويمكن أن يشّلنا تماماً. هذا الشعور بالذنب النّاجم عن الشعور بالقدرة المطلقة يرتكز على تصور خاطئ للتأثير الشخصي في هذه الأحداث، مثلما يحدث في حالة الأشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية عن الاعتداءات التي تعرّضوا إليها أو تعرّض إليها آخرون خلال طفولتهم.
تقبّل العجز
تحثّ روبرتا ساتو الأفراد على تقبّل محدودية قدراتهم وعجزهم في بعض المواقف. إنّ تقبّل وقوع أحداث فظيعة دون أن نتمكّن من التدخّل، ولا سيّما خلال مرحلة الطفولة، أمر ضروري للتغلّب على الشعور بالذنب والسير قُدماً. لمسامحة الذات إذاً من الضروري التخلّي عن الاعتقاد بقدرتنا على السيطرة المطلقة، وتقبّل عجزنا في مواجهة بعض الوقائع.
تحديد مصدر الشعور بالذنب
للتخلّص من الشعور بالذنب لا بدّ من البدء بتحديد مصدره. اسأل نفسك أولاً هل يرتكز هذا الشعور بالذنب على وقائع فعلية أم أنه نتيجة توقّعاتك الشخصية تّجاه نفسك؟ من المهم أن تميّز بين ما تستطيع تغييره وما هو خارج سيطرتك. يمكنك ذلك من خلال ممارسة اليقظة الذهنية الكاملة لأنها ستساعدك على الانغماس في الحاضر ونسيان أحداث الماضي التي لم تعد لك أيّ قدرة على التأثير فيها. كما أنّ التواصل المنفتح مع الأشخاص الذين تثق بهم يمكن أن يتيح لك وجهة نظر خارجية تساعدك على الرؤية الموضوعية، وإدراك استحالة الكمال وتذكّر أنّ الخطأ طبيعة بشرية.