إذاً لا تحب وظيفتك؟ حسناً، هل تعلم أنه وفقاً لتقرير مؤسسة غالوب لعام 2025، فإن 62% من الموظفين حول العالم غير منخرطين في وظائفهم؟ أي إنهم وعلى الرغم من تكريس الوقت للعمل وأداء مهامهم، فهم لا يشعرون بالشغف أو الطاقة أو الاهتمام اللازم بها. في حين أن 17% من الموظفين على مستوى العالم، وهو ما يعادل 1 من أصل 6 موظفين، يكرهون وظائفهم فعلاً، وتراهم منفصلين عاطفياً عن عملهم وبائسين ويعبرون عن تعاستهم.
محتويات المقال
فما الحل؟ ترك الوظيفة؟ قد يكون ذلك خياراً في حال كانت تمثل خطراً أو تهديداً مباشراً لسلامتك النفسية أو الجسدية، لكن في حال لم تكن كذلك، فمن الأفضل التريث ريثما تخطط جيداً لمستقبلك. إضافة إلى أن عدم الرضا الوظيفي، وفقاً لتقرير غالوب، مشكلة منتشرة عالمياً، أي ربما ينتهي الأمر بك بالانتقال من وظيفة لا تحبها إلى أخرى لا تحبها أيضاً.
وإن أردنا أن نكون منطقيين وواقعين أكثر، فمعظم الناس ليسوا في وضع مالي يسمح لهم بترك وظائفهم مهما بغضوها، فهل يعني هذا الاستسلام والعمل بتعاسة 8 ساعات يومياً على الأقل؟ لا، ثمة نصائح عديدة يمكن اتباعها للتأقلم وتحسين وضعك حينما تكره وظيفتك لكنك لا تستطيع تركها. وإليك 4 منها:
اقرأ أيضاً: 6 نصائح للتعامل بذكاء مع المجاملة في بيئة العمل العربية
1. افهم السبب الذي يجعلك تكره وظيفتك
الخطوة الأولى هي تحديد ما تكرهه في هذه الوظيفة بوضوح؛ أهي المهام التي تؤديها؟ أم بيئة العمل السامة والمدراء والزملاء غير المتعاونين؟ أو هل تشعر بالملل؟ أم تتقاضى أجراً زهيداً؟ أم تعمل ساعات طويلة وتشعر بعدم التقدير؟
يساعدك تحديد السبب الجذري على التحكم بمشاعرك وإيجاد الحلول المناسبة، بدلاً من أن تغمرك مشاعر سلبية غامضة. على سبيل المثال، قد تكون بعض المشكلات التي تثير فيك شعوراً بالكره أو النفور من العمل مشكلات مؤقتة سرعان ما تنتهي، سواء كانت مشروعاً مؤقتاً أم مهمة غير ممتعة.
في حين قد تكون بعض المشكلات أطول أمداً وتحتاج حلولاً فعلية، مثل عبء العمل الثقيل أو الخلافات مع الزملاء، وهنا ينبغي إجراء محادثة صادقة ومفتوحة مع مديرك أو مسؤولي الموارد البشرية والتعبير عن إحباطك، فقد يقترحون تعديلات على المسؤوليات أو منصباً مختلفاً داخل الشركة أو دورات تدريبية معينة أو تفويض المهام غير المحبذة.
أو قد تحتاج ربما إلى وضع حدود في العمل لإبقاء أعبائه والتوتر تحت السيطرة، فكثيراً ما ينشأ عدم الرضا الوظيفي عن الجهد الإضافي المبذول الذي لا يتناسب مع الراتب. لذا فكر في هذه الحالة بالتوقف عن العمل وكل ما يخصه خارج ساعات العمل، وعدم تحمل مسؤوليات إضافية خارج نطاق مهامك الأساسية، وتجنب تحميل نفسك أكثر مما تستطيع من أجل السعي للكمال بغية إبهار الآخرين وتجاوز توقعاتهم.
عموماً، إن الوضوح بشأن عدم رضاك لا يساعد على حله فحسب؛ بل يرشدك أيضاً إلى التعرف إلى العلامات التحذيرية الواجب تجنبها في فرص العمل المستقبلية.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى تقنية الدوائر الثلاث لتخفيف ضغط العمل
2. ركز على إيجابيات وظيفتك الحالية
قد تكره وظيفتك لسبب أو آخر؛ لكن عليك أن تتذكر أن دماغ الإنسان يعطي وزناً أكبر للمعلومات السلبية مقارنة بالايجابية، وهذا الانحياز السلبي هو ظاهرة معرفية تؤثر في الأفكار والمشاعر والسلوكيات.
كما قد يغير تصوراتك عن العالم حولك، فقد تفسر الأحداث المحايدة أو حتى الإيجابية على أنها سلبية، وهو ما قد يسهم في مفاقمة شعورك بالقلق والضغط وافتراض الأسوأ والمبالغة في تقدير الأمور.
لذا، حتى وإن شعرت بعدم الرضا في وظيفتك، فمن المهم أن تتأمل في المزايا المحتملة التي لا تزال تقدمها. على سبيل المثال، فكر في مزايا كاحتمالية الترقية، أو خيار العمل عن بعد، أو ساعات العمل المرنة، أو التأمين الصحي، أو الدخل الجيد، أو القدرة على قضاء المزيد من الوقت مع العائلة أو زملاء العمل اللطفاء باعتبارها أسباباً قوية للبقاء.
كن صادقاً مع نفسك، فالتقييم الدقيق للصورة الكاملة، بما في ذلك العيوب والمزايا، يساعدك على اتخاذ قرار أكثر استنارة وتوازناً حول إذا ما كان عليك البقاء أو المضي قدماً. إضافة إلى أن الامتنان اليومي لما تملكه في هذا العمل سيوازن مشاعرك السلبية حتى وإن لم يحل مشكلتك من جذورها.
اقرأ أيضاً: الغناء في العمل: أداة غير متوقعة لتقوية الروابط بين الموظفين
3. احرص على الاستمتاع بحياتك خارج وقت العمل
قد تسبب الوظيفة المرهقة أو غير المرضية الشعور بالاستنزاف العاطفي وربما فقدان الهدف من الحياة. لذا، من الضروري تعزيز الشعور بالسعادة والهدف خارج بيئة العمل. كيف؟ يمكن للانخراط المنتظم في بعض الأنشطة، مثل المشي في الهواء الطلق أو ممارسة الهوايات أو تعلم مهارات جديدة أو التطوع أو قضاء الوقت مع الأصدقاء، أن يعيد اتصالك بهويتك وقيمك الشخصية، ويذكرك بأن الحياة أكبر من مجرد وظائف وأعمال.
ومن المهم أن تعتني بنفسك جيداً، بأن تنال قسطاً كافياً من النوم، وتمارس الرياضة بانتظام، وتتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، فهذه الخطوات تحدث فرقاً كبيراً. وأيضاً، كن لطيفاً مع نفسك، ولا تلمها على الظروف الحالية.
ولا بأس أيضاً من التعبير عن امتعاضك بين الحين والآخر، فكبت المشاعر السلبية قد يؤدي إلى إرهاق عاطفي. لذا فضفض لشريكك أو صديقك الموثوق، وأخبره أنك لا تبحث عن حلول أو نصائح؛ وإنما تريد التذمر قليلاً للتنفيس عن مشاعرك، وكن مستعداً للإنصات حينما يأتي دوره للتذمر أيضاً.
ومن النصائح التي يقدمها المعالج النفسي، أسامة الجامع، للتعامل مع ضغط العمل هي: أخذ إجازة يتم فيها إغلاق الهاتف، والتخلي التام المؤقت عن المسؤوليات، والتركيز على اللحظة الحالية والاستمتاع بها، والعيش مع الطبيعة ومراقبتها. ثم العودة إلى العمل بعد بضعة أيام، فالعمل لا ينتهي، إنما الصحة تنتهي.
اقرأ أيضاً: اكتئاب العمل: 5 علامات خطيرة لا تتجاهلها
4. خطط جيداً للمغادرة
عندما تكره وظيفتك فعلاً ولا تستطيع تركها فوراً، فإن الخطوة التالية هي التخطيط الجيد لتركها. تساعدك الخطة الواضحة على إيجاد وظيفة أفضل، وتمنحك شعوراً بالتأقلم والسيطرة حالياً؛ فإدراك أن هذه الحالة مؤقتة يزيد قدرتك على الصمود.
ابدأ أولاً بتحديد ميزانية فعلية لأسلوب حياتك، عبر مقدار الدخل الذي تحتاج إليه لتغطية احتياجاتك، وتخفيض ديونك، ودعم أهدافك المستقبلية مثل السكن والسفر ورعاية الأسرة.
ثم حدد ما تريده في وظيفتك القادمة ونوع العمل الذي تتمناه، مع التركيز على السمات العملية التي تبتغيها، مثل التوازن بين العمل والحياة ومرونة جدول الأعمال وبيئة العمل التعاونية، دون التركيز المفرط على "وظيفة الأحلام"؛ فلكل عمل أو وظيفة إيجابيات وسلبيات، والمهم هو إيجاد ما يناسبك.
وقد يفيدك أن تحدد نقاط قوتك وضعفك لمساعدتك على فهم الأدوار الأنسب لك. وفكر فيما أنت قادر عليه ومستعد له واقعياً، هل يمكنك الانتقال؟ أو العودة إلى الدراسة إذا اقتضى الأمر؟ أو تولي منصب أدنى من مستوى وظيفتك الحالية مقابل فرصة للارتقاء إلى دور أفضل؟
باشر الآن بتطوير مهاراتك من خلال التدريب أو التعلم الإضافي، وتواصل مع أشخاص يعملون بالفعل في الأدوار التي تطمح إليها؛ إذ يمكن لآرائهم أن تساعدك على اتخاذ قرارات أكثر استنارة.
ثم ابدأ بإرسال طلبات التوظيف، حتى لو ما زلت تشعر بأنك غير مؤهل، فقد تحظى ببعض الفرص أحياناً بالجهد والمثابرة. وتذكر أنك لتحقيق أهدافك، عليك أن تمتلك أهدافاً واقعية وواضحة، وأن تقدم تضحيات تتناسب مع أهدافك. لذا، خطط جيداً للعادات والسلوكيات التي ستنقلك من وضعك الحالي إلى ما تطمح إليه، والتزم بهذه العادات عبر اتباع خطوات صغيرة يومياً.