ملخص: يجلب وجود أخت في حياتك العديد من الفوائد والمميّزات غير المتوقعة؛ حيث أظهرت دراسة أن وجود الأخت يحسّن الصحة النفسية، ويعزّز المرونة والذكاء العاطفي. وأكدت دراسة أخرى أن هذه الرابطة الفريدة تعزّز التعبير العاطفي والاستقلالية والدافع إلى الإنجاز. اطلّع على المقال لتعرف التفاصيل إلى جانب معلوماتٍ ثرية أخرى.
محتويات المقال
إن المشاحنات اليومية والمناقشات المحتدمة ثم المصالحة، إلى جانب مشاركة الأسرار الحميمية، هي سيناريوهات مألوفة عندما تكون لدينا أخت. فعلى الرغم من المضايقات والانزعاجات التي قد تصاحب وجود أخت في حياتك، فإن المزايا النفسية والعاطفية التي تؤكّدها الدراسات العلمية التي سنناقش نتائجها في هذا المقال، تدعم فكرة أن وجود أخت يسهم على نحو كبير في التطوّر الشخصي، والذكاء العاطفي، ويجلب السعادة والتفاؤل على نحو لا لُبس فيه.
وفي حين أن الرابطة مع الأخت تتّسم بمجموعة من الفوائد؛ أهمّها السعادة وجودة الصحة النفسية، من الضروري الاعتراف بأنه ليست الروابط الأخوية كافةً تتميّز بهذه الخاصيات، فبعض العلاقات المتوتّرة مع الأخوات تجلب الإحباط والصراعات الدائمة.
لذلك؛ يتناول هذا المقال الموضوع من زوايا مختلفة، ويقدّم الفوائد النفسية والعاطفية كما الجوانب السلبية للصراعات المحتملة مع الأخت، بالإضافة إلى الحلول المقترَحة.
دراسة: وجود أخت لك يحسّن صحتك النفسية ويجعلك أكثر مرونة
إن وجود أخت في حياتك لا يقتصر فقط على ذكريات الطفولة المشتركة، والخلافات العرضية، ومشاركة بعض الأسرار؛ إنها علاقة لا تُقدّر بثمن، وتمتدّ إلى ما هو أبعد من تعقيدات الأخوّة النموذجية. لقد سلط البحث العلمي الضوء على الفوائد العديدة لوجود أخت في حياة الإنسان، فثمّة دراسةٌ نُشرت عام 2010 في مجلة علم نفس الأسرة (Journal of Family Psychology)، يبدو أنها عادت إلى إثارة اهتمام الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخّراً بعد أن لاقت الاهتمام نفسه عند نشرها للمرة الأولى من قبل العديد من الصحف.
الدراسة التي أشرف عليها باحثون من جامعة بريغهام يونغ (Brigham Young University) بأميركا، شملت 395 أسرة في كلٍ منها أشقاء متعدّدون، مع التركيز بصفة خاصة على أولئك الذين تتراوح سنُّهم بين 10 و14 سنة؛ حيث توصّل الباحثون إلى أن حتى الصراعات البسيطة بين الأشقاء يمكن أن تحفّز لديهم النمو الصحي.
وشدّدت الدراسة كذلك على أن وجود الأخت في الأسرة يمكن أن يسهم على نحو كبير في رفاهية الطفل بصفة عامة؛ إذ يعزّز السعادة والتفاؤل. فعندما نتعمق في تعقيدات هذه الرابطة الأسرية، يصبح من الواضح أن وجود أختٍ أكثر من أمر عاجي مُسَلَّم به؛ إذ إنها علاقة مُثرية تعمل على تكوين الأفراد وتشكيلهم ليصبحوا نسخاً أفضل من أنفسهم، وأكثر مرونة وذكاءً عاطفياً.
دراسة أخرى تكتشف: وجود الإخوة البنات يسهم في تقوية الروابط الأسرية
في دراسة أخرى أجراها باحثون من جامعة أولستر (University of Ulster) وجامعة دي مونتفورت (De Montfort University) بإنجلترا. كشفت النتائج أن الإخوة البنات يسهمن في تقوية الروابط الأسرية، وتعزيز التماسك والتواصل المفتوح.
كما أظهرت هذه الدراسة التي شملت 571 من الشباب اليافعين الذين تتراوح سنُّهم بين 17 و25 سنة، إن الأخوات يشجّعن التعبير العاطفي لدى إخوانهنّ، وهو جانب حاسم في الصحة النفسية الجيّدة. بالإضافة إلى ذلك، يميل الشباب الذين لديهم أخوات إلى إظهار قدرٍ أكبر من الاستقلالية والدافع إلى الإنجاز.
والجدير بالذكر أن التأثيرات الإيجابية كانت أكثر وضوحاً لدى الشباب الآتين من أسرٍ مفكّكة؛ إذ إن الأخوات يؤدين دوراً داعماً في أثناء التحديات العائلية. ومن جهةٍ أخرى، أظهر الشباب الذين لديهم إخوة ذكور فقط درجات متدنية في البحث؛ ما يشير إلى ميل محتملٍ نحو ضعف التواصل لدى الإخوة الذكور. وتؤكّد هذه النتائج كما سابقتها التأثير الإيجابي الفريد الذي يمكن أن يُحدثه وجود الأخوات في العلاقات العائلية.
عالمة لسانيات: التحدّث إلى الأخوات في موضوعات تافهة يعزّز السعادة
في بحث عن الأخوات شمل مقابلاتٍ مع أكثر من 100 امرأة، أجرته الكاتبة وأستاذة اللسانيات في جامعة جورج تاون (Georgetown University) الأميركية، ديبورا تانين (Deborah Tannen)، وُجد أن التحدّث إلى الأخوات على نحو متكرر، وبغض النظر عن المحتوى، يسهم في زيادة السعادة لدى كلٍّ من الرجال والنساء، وذلك على الرغم من أن الديناميكية قد تختلف؛ حيث يناقش بعض النساء موضوعاتٍ شخصية مع أخواتهنّ أكثر من نقاشاتهنّ مع إخوانهنّ.
وتؤكّد تانين أهمية التواصل نفسه، مشيرةً إلى أن فعل التحدّث، وليس الموضوعات المحددة التي نُوقِشَت، هو مفتاح التأثير الإيجابي لوجود الأخوات؛ حيث توضّح إجابات المشاركات أنه حتى المحادثات التي تبدو تافهة حول التفاصيل اليومية أو التجارب المشتركة؛ مثل فقدان حيوان أليف، توفّر نوعاً من الارتياح. وتفيد الباحثة إن تكرار المحادثة أمر بالغ الأهمية؛ ما ينفي فكرة أن المناقشات يجب أن تدور فقط حول العواطف لتعزيز السعادة.
اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع أختي التي تكرهني؟
لكن ما الأثر النفسي للعلاقات المضطربة بين الإخوة؟
يوضّح الطبيب المصري والاستشاري في مجال طب الأطفال، هاني رمزي عوض، إن وجود الأشقاء بغض النظر إن كانوا إخوةً أو أخوات، يُعد بصفة عامة أمراً إيجابياً للصحة النفسية للطفل؛ حيث يقول: "لا شك في أن وجود أخٍ أو عدّة إخوة للطفل يُعد من الأمور الطيبة التي تترك في الأغلب أثراً نفسياً جيداً في الطفل، ولا تُشعره بالوحدة، وتمدّه بالدفء العائلي، خصوصاً إذا كان عمر الإخوة متقارباً".
غير أنه يشير إلى وجود بعض الجوانب السلبية التي قد تشمل الإيذاء النفسي والعنف الجسدي، وبخاصة إذا كانت مقصودة. ولا يعني بذلك المشاجرات اليومية، التي تُعد طبيعية تماماً؛ بل ذلك الإيذاء المتعمّد والمتكرّر والمؤلم من طرفٍ أقوى على طرف أضعف جسدياً.
فقد أشار الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة العنف بين الأشخاص (Journal of Interpersonal Violence) إلى أن نحو 50 إلى 80% من المراهقين تحت سن الـ 18 يتعرّضون إلى الإساءة من الإخوة بصورها اللفظية والجسدية والنفسية، مع حالات عَرَضية من الاعتداء الجنسي.
وللأسف، تكون الفتيات، ولا سيّما في المجتمعات التي يتمتع فيها الأخوة الذكور الأكبر سنّاً بالسلطة الأبوية على الأخوات الأصغر سنّاً، أكثر عرضة إلى تلك الإساءة. وتؤكد الدراسة التأثير المدمّر في الصحة النفسية للطفل؛ حيث تؤدّي الإساءة بين الإخوة (Sibling Abuse) إلى مشكلات الثقة، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
كما أن علاقات الإخوة التي تتّسم بالمنافسة والمقارنات، يمكن أن تخلق مشاعر الكراهية، لذلك؛ ينبغي للوالدين الانتباه إلى مثل هذه المقارنات، وملاحظة العلامات التحذيرية لوجود الإساءة الجسدية أو اللفظية المتكرّرة والسخرية المستمرّة والخوف بين الإخوة. ويُنصح الآباء بالتدخّل بحكمةٍ لمنع السيطرة والأذى، والبقاء على مقربة من أطفالهم، وفهم شخصياتهم، والحفاظ على التواصل المفتوح من أجل بيئة منزلية آمنة ومريحة.
اقرأ أيضاً: هل تعانين متلازمة الأخت الكبرى؟ إليك كيفية التعامل معها؟
4 خطوات عملية لتحسين علاقتك بأختك
على الرغم من تميّز العلاقة مع الأخوات لما توفّره من مزايا نفسية وعاطفية أشرت إليها في بداية هذا المقال، فليست هذه العلاقات كلها تتميّز بالحب والانسجام؛ إذ قد تنشأ الخلافات، وتتطوّر العدوات لأسباب عدّةٍ ترجع إلى الطفولة ومعاملة الوالدين أو الاختلافات الصارخة في الشخصيات أو الاختلافات الناشئة بسبب أحداث الحياة. ذلك يعني في الغالب أن تلك العلاقة الأسرية التي من المفترض أن تجلب لنا الدعم والدفء وشعور الانتماء قد تكون علاقةً سامة تستنزفنا وتُحبطنا.
وحينما تؤدي إساءة المعاملة والصراعات الشخصية المستمرّة وعدم احترام حدودٍ معيّنة إلى توتّر علاقات الأخوات، قد يكون الابتعاد أو القطيعة (Estrangement) الخيار الأفضل بحسب ما تصرّح به كلٌّ من المختصة في الصحة النفسية، لين براون (Lynn Brown) والاختصاصية الاجتماعية آيفي فيلاني (Ivy Villani). لكن على الرغم من التحديات، يوصى ببذل الجهود لإنقاذ هذه الرابطة الأخوية وتحسين العلاقة قبل التفكير في التباعد أو القطيعة من خلال الخطوات التالية:
- اطلب رأي أحد من أفراد الأسرة الآخرين لكي تتعرّف إلى منظور أوسع حول علاقتك مع أختك، فربما تكون قد تجاهلت أو أسأت فهم جوانب معينة في هذه العلاقة.
- ضع قائمة بالأشياء التي تقدّرها في أختك على مدار الأسبوع؛ حيث تأخذ وقتاً كافياً للتفكير في تلك الصفات وإدراك وجودها، ثمّ خصّص عطلة نهاية الأسبوع لتخيّل حياةٍ خالية من الجوانب الإيجابية للعلاقة مع أختك.
- ضع قائمةً بالجوانب التي تزعجك في أختك، وتفحّصها بعنايةٍ لتحديد أي أوجه تشابه في السلوكيات بينكما، فقد يكون التعرّف إلى السمات المشتركة أمراً صعباً؛ ولكن سيشجع هذا التمرين على التأمل الذاتي، ويعزّز فهم الخاصيات المشتركة في علاقة الأخوة.
- أخيراً، إذا اخترت التباعد أو حتى القطيعة بعد محاولات الإصلاح، فمن المستحسن تجنّب الصدامات أو تأجيج الحقد أو الكراهية.
يوضّح اتخاذ هذه الخطوة التزامك بإنقاذ العلاقة مع أختك، وحتى لو كانت تلك المصالحة صعبةً للغاية، فقد تتحسّن العلاقة بوساطة الحوارات المفتوحة، فالمزايا النفسية لوجود أختٍ تستحق بذل الجهد لإصلاح العلاقة معها.