ملخص: ثمة علاقة وطيدة ومعقدة بين الاكتئاب واضطرابات النوم؛ حيث يؤدي الاكتئاب إما إلى الأرق وإما إلى كثرة النوم، وعادة ما يعزز الاكتئاب النوم الكثير بسبب انتشار انقطاع النفس في أثناء النوم بين المصابين بالاكتئاب، إلى جانب أن الشخص المصاب بالاكتئاب يلجأ إلى النوم بصفته وسيلة للهروب من المشاعر السلبية. علاوة على ذلك، تترافق الإصابة بالاكتئاب مع اضطراب الساعة البيولوجية وذلك نتيجة التغيرات التي تحدث في إيقاع الحياة اليومي. وحتى يتغلب مريض الاكتئاب على هذه المشكلة، عليه ممارسة الرياضة صباحاً لأنها تحسّن الحالة المزاجية وتعزز الطاقة، إلى جانب تناول وجبة إفطار غنية بالبروتين اللازم لإمداد الجسم بالطاقة اللازمة، والتعرض إلى ضوء الشمس الذي يعمل على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية، وإرسال إشارات إلى الجسم أن الوقت قد حان للاستيقاظ وبدء اليوم.
يرتبط النوم والاكتئاب ارتباطاً وثيقاً؛ حيث تنتشر كثرة النوم بين الأشخاص المصابين بالاكتئاب وفقاً لمختصة علم النوم، ميشيل دريروب (Michelle Drerup)؛ التي تشير إلى أن كثرة النوم ترتبط بالاكتئاب غير النمطي؛ وهو نوع معين من الاكتئاب حيث يمكن أن يتحسن مزاج الشخص استجابة لحدث إيجابي. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التحسن عادة ما يكون مؤقتاً، وتظل جذور الاكتئاب موجودة. ولكن لماذا قد يؤدي الاكتئاب إلى كثرة النوم؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
لماذا قد يؤدي الاكتئاب إلى كثرة النوم؟
إن العديد من الأشخاص الذين يعيشون مع الاكتئاب غالباً ما يتأرجحون بين الأرق وكثرة النوم، ويمكن القول إن النوم الكثير يرتبط بالعديد من المخاطر الصحية نفسها التي يسببها الأرق؛ بما فيها أمراض القلب، والمشكلات الأيضية مثل مرض السكري والسمنة، علاوة على مشكلات التركيز والانتباه والذاكرة. وعلى غرار الأشخاص الذين ينامون قليلاً؛ فإن الأشخاص الذين ينامون كثيراً لديهم مخاطر وفاة أعلى.
وعلى الرغم من أن النوم الكثير يعد أحد أعراض الاكتئاب، فإنه لا يسبب الاكتئاب، وإن كان يؤدي إلى تفاقمه؛ وذلك نتيجة الأسباب التالية:
1. النوم الكثير قد يكون طريقة من طرائق الهروب
يمكن أن يكون النوم الكثير وسيلة الهروب من المشاعر السلبية التي تصاحب الاكتئاب، فقد تجد الشخص المكتئب يبقى في السرير فترة أطول من المعتاد، ويمكن أن يسبب الاكتئاب الشعور بالتعب دون سبب جسدي ولهذا يلجأ المصاب بالاكتئاب إلى النوم. وتشرح مختصة علم النوم ميشيل دريروب إن الشخص المصاب بالاكتئاب عادة ما يكون فاقداً الاهتمام بالأشياء ومن ثَمّ لا يجد أي شيء يتطلع إليه في يومه فيستغرق في النوم.
2. الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي في أثناء النوم
وفقاً لدراسة بحثية نشرتها المكتبة الوطنية الأميركية للطب (National Library of Medicine)؛ يعاني 18% من الأشخاص المصابين بالاكتئاب بانقطاع النفس الانسدادي في أثناء النوم؛ ما يؤدي إلى توقف الشخص عن التنفس على نحو متكرر في أثناء نومه. ونتيجة ما تسميه دريروب "النوم المجزأ والمضطرب"؛ فإن الأشخاص لا يدخلون المراحل العميقة من النوم أو يحصلون على قدر كافٍ من نوم حركة العين السريعة، لذلك؛ سيشعرون بالإرهاق أو النعاس أثناء النهار ويرغبون في الحصول على المزيد من ساعات النوم.
3. اضطراب الساعة البيولوجية
تترافق الإصابة بالاكتئاب مع اضطراب الساعة البيولوجية وذلك نتيجة التغيرات في إيقاع الحياة اليومي مثل دورة النوم والاستيقاظ، ودرجة حرارة الجسم، ومستويات الناقلات العصبية والهرمونات؛ ما يؤدي إلى اختلال مواعيد نوم المصاب بالاكتئاب واستيقاظه؛ ومن ثم حاجته إلى تعويض هذا النقص بنوم عدد ساعات أكثر من المعدل الطبيعي.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟
كيف تضبط نومك عندما تعاني الاكتئاب؟
أحياناً يستيقظ الأشخاص المصابون بالاكتئاب من نومهم متأخرين ويشعرون بالانزعاج الشديد، يحدقون في الساعة ويفكرون في المهام التي يجب إنجازها، وهذه النصائح قد تجدي معهم نفعاً:
1. ممارسة التمارين الرياضية
يمكن أن تعزز ممارسة الرياضة مستويات الطاقة وتحسن الحالة المزاجية؛ ومن ثم تساعد الأشخاص على التخلص من التعب الجسدي الناتج عن النوم الزائد. ومن الرياضات البسيطة التي يُنصح بها المشي سيراً على الأقدام في الحي السكني، أو الرقص على أنغام الموسيقا.
2. تناول وجبة الإفطار
حين يستيقظ الشخص المصاب بالاكتئاب من نومه متأخراً، فأول ما يتبادر إلى ذهنه هو الحصول على فنجان من القهوة أو الشاي؛ لكن يجب في هذه الحالة تناول وجبة إفطار غنية بالبروتين من أجل الحصول على الطاقة اللازمة لمواجهة اليوم.
3. التعرض إلى أشعة الشمس
يؤدي التعرض لأشعة الشمس إلى الشعور باليقظة والطاقة، كما تعمل الشمس على ضبط على إيقاع الساعة الداخلية للجسم؛ ما يعطي إشارات إلى الجسم بموعد بدء اليوم، ومع غروب الشمس، ينتج الجسم الميلاتونين لتحفيز النعاس وتعزيز النوم، ويمكن أن يكون التعرض لضوء الشمس في الخارج طريقة بسيطة وفعالة لتحفيز المواد الكيميائية الطبيعية في الدماغ التي تعزز الاستيقاظ صباحاً والنوم ليلاً.