قد تبدأ صباحك بابتسامة وتحية عطرة، ورائحة قهوة تملأ الأجواء، لكن شيئاً ما يحدث خلال اليوم، فيحول تلك البداية الهادئة إلى سحابة من التوتر والغضب. فالغضب جزء لا مفر منه من تجربة العمل اليومية، خاصة تحت ضغوط المواعيد، والتوقعات، والاختلافات الشخصية.
محتويات المقال
لكن ثمة فرقاً كبيراً بين أن تغضب أحياناً، وأن يتحول الغضب إلى سلوك يومي يستنزفك ويرهق من حولك. فكيف تعرف أنك تجاوزت الحد؟ ومتى ينبغي أن تتوقف فوراً وتعيد التفكير؟
اقرأ أيضاً: غرف الغضب: تفريغ آمن للمشاعر أم مجرد خدعة تسويقية؟
كيف توقف نفسك قبل أن يدمر غضبك حياتك المهنية؟
الغضب ليس خطأ، بل رد فعل طبيعياً حين لا تلبى احتياجاتنا النفسية أو المهنية. لكن تركه دون وعي أو ضبط قد يؤدي إلى احتراق وظيفي أو تدمير علاقاتك في العمل، لذا حين تشعر بأن غضبك أصبح يهدد استقرارك المهني اتبع الخطوات التالية:
1. توقف للاستراحة
حين تشعر بأن أعصابك توشك على الانفجار، لا تواصل كأن شيئاً لم يكن. تلك اللحظة إشارة واضحة تستحق التوقف. غادر المكان بضع دقائق، غير محيطك، أو مارس تنفساً عميقاً يهدئ التوتر. هذا التوقف البسيط ليس هروباً، بل تصرفاً ذكياً قد يجنبك كلمات تندم عليها لاحقاً أو قرارات تحت تأثير الغضب.
2. عبر عما يزعجك لكن بهدوء
تجاهل مشاعرك أو كبتها لن يحل المشكلة، بل قد يزيدها تعقيداً مع الوقت. من الأفضل أن تعبر عنها بهدوء وبطريقة مباشرة دون اتهام الطرف الآخر. على سبيل المثال، بدلاً من أن تقول: "أنت دائماً تتجاهلني"، وهي عبارة هجومية قد تستفز من أمامك وتغلق باب الحوار، يمكنك أن تقول: "أنا أشعر بأن رأيي لم يؤخذ في الاعتبار"، وهي صيغة تعكس مشاعرك دون إلقاء اللوم على الطرف الآخر، وتفتح المجال لحوار بناء.
3. أعد تقييم مصادر الضغط
اسأل نفسك: ما الذي يشعل فتيل الغضب بداخلي؟ هل هو تراكم المهام بلا توقف؟ أم تعامل مسيء من أحد الزملاء؟ أم شعور دائم بأن مجهودي لا يقدر؟ تحديد السبب الحقيقي هو الخطوة الأولى لتصحيح المسار، سواء بإعادة توزيع المسؤوليات، أو طلب الدعم، أو التفكير في تغيير البيئة المهنية نحو ما يلائمك أكثر.
4. احصل على دعم نفسي
إذا وجدت أن نوبات الغضب تتكرر دون سبب واضح، أو بدأت تمتد لتؤثر في حياتك خارج العمل، فربما تكون هناك جذور أعمق للمشكلة، كالقلق المزمن، أو الإرهاق النفسي، أو حتى الاكتئاب. إذ يشير الطبيب النفسي عاصم العقيل إلى أن الغضب السريع المستمر لأسباب بسيطة، والذي يسبب مشكلات في العمل والبيت، قد يكون عرضاً من أعراض اضطرابات المزاج وينبغي تقييمه.
لذا لا تتردد في طلب المساعدة من مختص نفسي. فالسعي للعلاج ليس علامة ضعف، بل خطوة شجاعة تدل على وعيك وحرصك على استعادة توازنك قبل فوات الأوان.
5. راقب نمط حياتك
لا تستهن بتأثير نمط حياتك اليومي في حالتك النفسية. فالنوم المتقطع، وتجاهل الوجبات الصحية، والعمل ساعات طويلة بلا فواصل، كلها عوامل تغذي التوتر وتضعف قدرتك على ضبط انفعالاتك. امنح جسدك ما يحتاج إليه من حركة يومية، وغذاء متوازن، وأوقات راحة حقيقية بعيداً عن الشاشات والمهام. فالعافية النفسية لا تبنى فقط في الذهن، بل تبدأ من الجسد أولاً.
اقرأ أيضاً: هل الغضب موروث أم مكتسب؟ وكيف نتحكم فيه؟
6 إشارات تنذرك بأن غضبك في العمل يخرج عن السيطرة
تكثر من السخرية والتهكم
قد تظن أنك تفرغ ما بداخلك بنكتة لاذعة أو تعليق ساخر، لكن الحقيقة أنك تزرع توتراً بينك وبين زملائك. إذ إن السخرية المتكررة غالباً ما تكون غطاءً لغضب دفين أو شعور بعدم التقدير.
تبطئ في أداء المهام دون سبب واضح
إذا كنت تتأخر عن تسليم المهام أو تؤدي عملك بفتور أو تتجاهل طلبات المدير، فقد تكون تمارس ما يعرف بـ "العدوان السلبي"، وهي طريقة غير مباشرة للتعبير عن الغضب أو الاستياء.
غضبك يتخفى في أعراض جسدية ونفسية
الغضب ليس دائماً صراخاً؛ أحياناً يظهر في شكل أعراض جسدية مثل التوتر العضلي أو ضيق التنفس، أو في سلوكيات نفسية مثل الانعزال المفاجئ أو فقدان التركيز. هذه الإشارات يجب عدم تجاهلها.
تنعزل عن زملائك وتتهرب من الاجتماعات
قد يبدو الانسحاب من الحضور مع زملاء العمل تصرفاً آمناً لتجنب الصدام، لكنه في الواقع علامة على غضب مكبوت أو فقدان للسيطرة على المشاعر.
تغضب من أبسط الأمور
إذا أصبحت تنفجر بسبب أخطاء بسيطة، أو تشعر بأن الجميع "يستفزك"، فهذه إشارة قوية إلى وجود احتقان داخلي يحتاج إلى تفريغ صحي.
تشعر بأنك غير مسموع أو مهمش
كثير من نوبات الغضب ينبع من شعور بعدم التقدير أو غياب العدالة، خاصة في بيئات العمل التي تفتقر إلى التواصل الفعال أو تعاني التحيز الوظيفي.