ملخص: يُعدّ اختطاف الأميغدالا (أو اختطاف اللوزة الدماغية) ظاهرة فريدة يمكن أن تدمّر استقرارنا العاطفي. إنها الحالة التي تسيطر فيها الأميغدالا أو اللوزة الدماغية (وهي جزء من الدماغ مسؤول عن معالجة العواطف)، على استجاباتنا العاطفية؛ حيث تبدو ردود أفعالنا غير منطقية أو متوافقة مع الموقف. ويشمل بعض أعراض هذه الحالة ازدياد معدل ضربات القلب والتعرّق والمشاعر السلبية مثل الغضب أو الخوف. يقترح هذا المقال استراتيجيات فعّالة للتحكّم في ردود الأفعال التي يمكن أن تعترينا في أثناء حدوث اختطاف الأميغدالا.
هل سبق لك أن اختبرت موقفاً حيث سيطرت عليك عواطفك وشعرت أنك عاجز عن التحكم فيها تماماً؟ ربما شعرت بموجة شديدة من الغضب أو الخوف أو القلق دون أسباب منطقية كافية. إذا كان الأمر كذلك، فربما تكون قد تعرّضت لما يُعرف باسم اختطاف الأميغدالا؛ وهو استجابة عاطفية للتوتر يُنظر إليها غالباً على أنها فقدان للسيطرة على العواطف. نوضح في هذا المقال ماهية اللوزة الدماغية التي يحدث على مستواها اختطاف الأميغدالا، وأعراضه وطرائق تفادي حدوثه.
ما هي الأميغدالا أو اللوزة الدماغية؟
الأميغدالا أو اللوزة الدماغية هي عبارة عن نتوء صغير في الدماغ على شكل لوزة مسؤول عن معالجة المشاعر، وبخاصة الخوف، فهو المسؤول عن إثارة استجابة "الكر أو الفر" (Fight-or-Flight Response) التي تحدث عندما نشعر بالتهديد أو الخطر.
تُعدّ هذه الطريقة آلية بقاء تلقائية للحماية الذاتية يتمّ تفعيلها عندما نشعر بالخوف، سواء كان حقيقياً أو مُتخيّلاً؛ إذ تفرز اللوزة الدماغية هرمونات التوتّر مثل الكورتيزول في مجرى الدم، لتوسيع المسالك الهوائية وإتاحة المزيد من الأوكسجين للعضلات لاستخدامه في تهيئة أجسامنا إمّا لمحاربة التهديد أو للهروب منه.
ويوضّح أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، محمد المهدي إنّ اللوزة الدماغية بنية تشارك في إدارة العديد من عواطفنا ودوافعنا. وتتمحور الوظيفة الأساسية للأميغدالا حول تنبيهنا إلى وجود الخطر؛ لكنّها قد تكون نشطة أكثر من اللازم عند بعض الأشخاص فتسبّب لهم استجابات مبالغاً فيها إزاء أحداث يومية عادية.
ما معنى مصطلح اختطاف الأميغدالا؟
يصف مصطلح اختطاف الأميغدالا (Amygdala Hijack) الاستجابة العاطفية السريعة الناجمة عن تهديد وشيك؛ والتي تتحكّم فيها اللوزة الدماغية.
وأول من أشار إلى مصطلح اختطاف الأميغدالا هو الكاتب وعالم النفس الأميركي دانيال غولمان (Daniel Goleman)، في كتابه المعروف عن الذكاء العاطفي والذي نُشر عام 1995.
يستند هذا المفهوم إلى فكرة أن اللوزة الدماغية يمكن أن تتولى في بعض الأحيان مسؤولية استجابة الشخص لموقف خطِر بشكل غير منطقي، ذلك أنه قد يبالغ في استجابته بطريقة حادّة لا تتناسب مع الموقف، فيصدر عنه ردّ فعلٍ عاطفي مفاجئ وشديد مثل الغضب أو الذعر، وتنخفض قدرته على التفكير المنطقي، ويمكن أن يتداخل ذلك مع قدرته على الاستجابة للتهديد بفعالية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن التحكم في الغضب بشكل أفضل؟
علامات الإصابة بنوبة اختطاف الأميغدالا
في أثناء اختطاف الأميغدالا، تؤدّي استجابة الجسم الكيميائية للإجهاد، وتحديداً إطلاق الكورتيزول (Cortisol) والإبينفرين (Epinephrine) من الغدد الكظرية، إلى مجموعة من الأعراض الجسدية والسلوكيات. وقد يُظهر الفرد سلوكيات غير عقلانية مثل الصراخ أو الإساءة اللفظية أو البكاء، أو يواجه صعوبة في التفكير الواضح، ومن الشائع أن يشعر بالحرج أو الندم بعد النوبة. أمّا بالنسبة إلى الأعراض الجسدية فتتضمّن الآتي:
- تسارع ضربات القلب.
- برودة الجلد.
- اتّساع حدقة العين لتحسين الرؤية من أجل استجابة أسرع.
- التعرّق.
- القشعريرة.
- زيادة نسبة السكر في الدم لتوفير الطاقة الفورية.
- زيادة تدفّق الدم إلى العضلات؛ بحيث يكون لدى الشخص المزيد من القوة والسرعة للكر أو الفر.
- توسّع مجرى الهواء للسماح بدخول المزيد من الأوكسجين.
كيف يمكن إيقاف نوبات اختطاف الأميغدالا عند حدوثها؟
توجد عدة طرائق تمكّن أي شخص يعاني من اختطاف الأميغدالا من التحكّم في استجابات جسمه بشكل أفضل في أثناء حدوث النوبة وحتى تخفيف أعراضها؛ ما سيجعله قادراً على إيقافها مع الوقت. وينصح الخبراء من هيلث لاين (Healthline) بممارسة تمارين اليقظة الذهنية (Mindfulness)، وملاحظة المحفّزات التي تثير ردّ الفعل مثل الإجهاد العاطفي والنفسي وحتى الجسدي؛ حيث يسهم التعرّف إلى المحفزات في تجنّبها لاحقاً. كما توجد طرائق بديلة للمساعدة على ذلك وهي كالتالي:
- عند الشعور بأعراض اختطاف اللوزة الدماغية، توقّف وابدأ بالتعرّف إلى التغيّرات الجسدية التي تطرأ عليك، وفكّر في المحفزّات.
- يمكن أن يساعدك التحكّم في التنفس على التركيز في أثناء ممارسة اليقظة الذهنية.
- بعد انتهاء نوبة الاختطاف، يمكنك استخدام التفكير المنطقي في اختيار ردود أفعال أكثر عقلانية في المرّات القادمة.
بالإضافة إلى ذلك، إنّ محاولة أخذ وقتٍ مستقطع والابتعاد عن الموقف الذي أثار هذه الاستجابة قد تكون خطوةً كافية بالنسبة إلى البعض لفهم كيف يستجيب الجسم مع الإجهاد أو أيّ محفّزات أخرى.
3 نصائح مهمّة للحفاظ على صحة اللوزة الدماغية
يؤكّد الخبراء من ويب إم دي (Web MD) إنّ هناك ما يمكن القيام به لتخفيض التوتّر وحماية الصحة العامة للدماغ، ومن ثَمّ الحفاظ على صحة اللوزة الدماغية قدر الإمكان. وتمثّل الطرائق الثلاث التالية أبرز ما يمكن القيام به لتحقيق ذلك:
- ممارسة تقنيات الحدّ من التوتر مثل التأمل والتنفس العميق والتمارين الرياضية.
- علاج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو القلق الشديد أو الهلع بالمتابعة مع طبيب أو معالج متخصّص.
- اتباع نظام غذائي صحيّ، وشرب الماء خلال اليوم، والحصول على قسط كافٍ من النوم للتمتّع بصحة جيدة بشكل عام، مع تجنّب استهلاك الكافيين للحصول على الطاقة.
اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على الشعور بالخوف؟
اللوزة الدماغية بنية صغيرة في الدماغ تؤدّي دوراً مهمّاً في معالجة العواطف؛ لكن عند شعورنا بتهديد غير مبرَّر فقد تتولد استجابة عاطفية مبالغ فيها تصعب السيطرة على أعراضها. لذلك سواء كنت تتطلّع إلى إدارة مشاعرك أو مساعدة شخص آخر على ذلك، فإن فهم كيفية منع اختطاف الأميغدالا يمكن أن يكون أداة لا تقدّر بثمن للتغلّب على هذا التحدي.