ملخص: الاستيقاظ باكراً ليس مهمّة يسيرة بالنسبة إلى الكثيرين، بل قد تكون مستحيلة عندما ترتبط ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب. ومع أنّ هذه العادة قد تخضع إلى الاستعدادات الوراثية فإنّ تغييرها أو التأثير فيها أمر ممكن. إذا كنت شخصاً ليلياً تحبّ السهر وتجد صعوبة بالغة في الاستيقاظ باكراً فلا تيأس، لأنّ بإمكانك أن تصبح شخصاً صباحياً إذا اتّبعت بعض النصائح العملية التي يقدّمها المقال التالي.
تقول نادين البالغة من العمر 43 عاماً: "لا أحبّ أن يتحدث إليّ أحد في الصباح الباكر، أحتاج إلى بعض الوقت للاستيقاظ، وكثيراً ما يعاتبني زوجي على مزاجي الصباحي السيِئ". إذا كان بعض الناس يستيقظ بنشاط وهمّة، فثمة آخرون يستيقظون بمزاج سيئ، ويسببون المعاناة لمن حولهم من الأقرباء والزملاء.
محتويات المقال
كيف يمكن تفسير صعوبة الاستيقاظ و"التفاعل الاجتماعي" في الساعات الأولى من النهار؟ ولماذا لا يستطيع البعض أن يكون "شخصاً صباحياً"؟
ما دور ساعتك البيولوجية في تحديد ساعة استيقاظك؟
الاستيقاظ أو عدم الاستيقاظ باكراً مسألة بيولوجية أولاً: فساعاتنا الداخلية مضبوطة وراثياً على غرار لون العينين والشعر مثلاً. تقول المختصة في علم النفسي التربوي والباحثة في موضوع الساعة البيولوجية كلير لوكونت (Claire Leconte): "عندما يتعلّق الأمر بالنوم فإنّ التصنيف الأولي الذي تخضع إليه يظهر في العام الثاني من عمرك، فإمّا أن تكون شخصاً قليل النوم وإمّا أن تكون كثير النوم، وسيلازمك هذا التصنيف طوال عمرك، ومع اقتراب سن البلوغ، يظهر تصنيف ثانٍ إذ يميل البعض إلى أن يكون شخصاً صباحياً أي أنّه يستيقظ باكراً، بينما يميل آخر إلى أن يكون شخصاً ليلياً أي أنّه ينام متأخراً".
إذا كنت محبّاً للسهر وكثير النوم في الوقت نفسه فمن المرجح أن تجد صعوبة في الاستيقاظ مبكّراً بلياقة كاملة ابتداء من الساعة 8 صباحاً مثلاً. هناك أيضاً من لديه حساسية تّجاه الضوء وتغيّرات الفصول مثل الثدييات التي تميل إلى السّبات الشتوي، فيجد صعوبة في الاستيقاظ خلال ساعات الصباح المظلمة في هذا الفصل.
لماذا يجد البعض صعوبة في التواصل مع الآخرين في الصباح؟
إذا كنت شخصاً انطوائياً وخجولاً وغير اجتماعي فقد يتطلب منك الخروج من قوقعتك صباحاً والتفاعل مع الآخرين بعض الوقت. تقول المختصة النفسية ومؤلفة كتاب "كيف تجعل حساسيتك المفرطة ميزة؟" (?Hypersensibilité, comment en faire un atout) جوانا روزنبلوم (Johanna Rozenblum): "الأشخاص الذين يعانون القلق الاجتماعي ويجدون صعوبة في الحديث أمام الناس قد يميلون في الصباح إلى تأجيل مواجهة الآخرين في عالم يشعرون أصلاً بأنّه غير مناسب لهم، هذا يعني أن استمرارهم في النوم يعكس حاجة إلى الشعور بالارتياح والانطواء الذي يجب عليهم فهمه".
لذا؛ إذا كنت تتقاعس عن النهوض صباحاً، فقد يكون السبب الحقيقي هو تهرّبك من مواجهة موقف غير مريح في حياتك اليومية مثل زميل صعب المراس أو وظيفة لم تعد تعجبك أو غير ذلك. تضيف المختصة النفسية كلير لوكونت: "يؤدي الحافز دوراً مهماً للغاية، إذا لم تكن متحمساً لما تفعله، فستجد صعوبة في المضيّ قدماً".
صعوبة الاستيقاظ قد تكون من أعراض الاكتئاب
تتذكّر ليلى البالغة من العمر 50 سنة ما حدث لها: "عندما تعرّضت إلى الاحتراق الوظيفي قبل 3 سنوات لم أعد قادرة على الاستيقاظ صباحاً، كأنّ حيويتي أو طاقتي نفدت بالكامل". تشرح المختصة النفسية جوانا روزنبلوم هذه المسألة قائلة: "صعوبة الاستيقاظ قد تكون من أعراض اضطراب الاكتئاب، ففي بعض حالاته الحادّة يمكن أن يعاني المريض متلازمة هوس السرير إذ يعجز تماماً عن مغادرته، ويرغب في البقاء نائماً طوال اليوم".
فهل يتعلّق الأمر بإرهاق عابر أم اكتئاب حقيقي؟ عليك أن تنتبه إلى التغييرات التي قد تطرأ على عاداتك. إذا أصبحت سريع الغضب مثلاً بعد أن كنت في السابق متلهّفاً إلى بدء يوم عملك، فلا بدّ أن يكون هناك سبب ما وراء هذه المشكلة.
هل جربت الخلوة القصيرة في بداية الصباح؟
يقول هاشم: "لمقاومة الاكتئاب الشتوي اقتنيتُ مصباح العلاج الضوئي وبدأت أشغّله كلّ صباح، أستيقظ قبل الجميع وأبدأ يومي بممارسة 10 دقائق من تمارين اليوغا أو التأمل، وأقرأ بضع صفحات من كتاب ملهم، ثم أرتشف الشاي الساخن في كوبي المفضل، أحتاج إلى هذه الخلوة القصيرة في بداية الصباح كي أستمدّ بعض الطاقة وأشعرَ بأنني جاهز لمواجهة ما ينتظرني، ونظراً إلى أنني أستيقظ باكراً فإنني أنام باكراً أيضاً".
4 نصائح عملية تجعلك شخصاً صباحياً
احترم موعد نومك
ترى المختصة النفسية كلير لوكونت أن الاستجابة إلى إشارات الجسم أمر ضروري: "أفضل موعد للخلود إلى النوم هو عندما تشعر بالقشعريرة التي تشكل علامة على أن الجسم شرع في إنتاج الميلاتونين المسؤول عن النوم". كما تنصح الخبيرة الجميع ولا سيّما المراهقين بالكفّ عن استخدام الشاشات: "لا يحبّ المراهقون كلّهم عادة السهر، بل إنّ بعضهم كائنات صباحية حقيقية، لكنّهم يعجزون عن الاستيقاظ بسبب اللعب عبر الإنترنت حتّى وقت متأخر من الليل".
اعتمد على وجبة الفطور
تقترح لوكونت ما يلي فيما يتعلّق بالتغذية: "تناولُ البروتينات صباحاً قد يساعدك على الاستيقاظ لكن شرط أن تأكل الأطعمة التي تعجبك". كما أنّ مشاركة وجبة الفطور مع من حولك يمكن أن يرفع معنوياتك.
غيّر روتينك الصباحي
تنصح المختصة النفسية جوانا روزنبلوم قائلة: "يمكنك أن تجرّب أساليب تكيّف مختلفة، يمكنك مثلاً أن تستيقظ على إيقاع الموسيقى بدلاً من صوت المنبّه الصاخب أو أن تضبط المنبّه على توقيت يسبق موعد استيقاظك بنصف ساعة كي تسترخي قليلاً قبل النهوض، أو أن تبدأ يومك بالتأمل إلى غير ذلك من الخيارات المختلفة".
احرص على قيلولة خاطفة
تضيف المختصة النفسية كلير لوكونت: "عادة ما يكون المزاج الصباحي السيئ علامة على نقص في النوم، لذا؛ من المفيد أخذ قيلولة قصيرة بعد الغداء عندما تبدأ الوظائف الفيزيولوجية بالتباطؤ". وإذا كنت في مكتبك بإمكانك أن تأخذ قيلولة خاطفة (5 دقائق على أريكتك).
اقرأ أيضاً: