الهروب من مشكلاتك يُضاعفها، فكيف تواجهها بشجاعة؟

4 دقائق
الهروب من المشكلات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: "إذا رغبت في الهروب بعيداً فتذكر أن ما تهرب منه موجود في داخلك، لا في الخارج". تعكس المقولة السابقة عدم جدوى الهروب من المشكلات وصناعة عالمٍ موازٍ مُتخيل؛ لكن هذه الكلمات النظرية ربما لا تكون مقنعة تماماً لمن يعاني مشكلات كبيرة تدفعه إلى الهروب باستمرار، فما الأسباب التي تجعله يصل إلى هذه الحالة؟ وكيف يتغلب عليها؟ اعرف أكثر في هذا المقال.

يظن البعض عندما تحاصره المشكلات الحياتية، أنه لا منجى منها سوى باتباع حل واحد وهو الهروب بعيداً عنها، فيغادر عالمه الواقعي إلى عالمٍ موازٍ خالٍ من المتاعب على المدى القريب لكنه محمَّل بالأعباء الثقيلة على المدى البعيد.

وحتى نفهم هذه الظاهرة أكثر، علينا تقصّي الأسباب الحقيقية التي تدفع الشخص إلى الهروب من واقعه، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في صحته النفسية، وما الإرشادات التي يمكن باتباعها أن يواجه واقعه على الرغم من استمرار مشكلاته، وجميعها نقاط سنتعرف إليها بالتفصيل في مقالنا.

4 أسباب تحفز رغبتك في الهروب من كل شيء

تحفّز أسباب عديدة رغبة الشخص في الهروب من كل شيء حوله؛ ومن أهمها:

1. الرغبة في إيقاف الألم المصاحب للمشاعر المزعجة

ييدو الهروب من الواقع أحياناً وكأنه أفضل حل لوقف الألم الذي نشعر به جراء التعرض لأزمة بعينها، فنعتقد أن الراحة التي ستحقق لنا من وراء هروبنا ممتعة وننسى ما ستخلفه من متاعب لاحقة.

2. معاناة الملل والرغبة في الهروب من الروتين القاتل

يفتقد الكثيرون الشعور بالحيوية والمتعة في حيواتهم نتيجة أسباب مختلفة؛ مثل وجودهم في علاقات غير مُرضية، أو عملهم في وظائف لا يفضلونها؛ وهذا ما يجعلهم يتطلعون إلى صناعة عالم خيالي يخفف عنهم الملل الناتج من الاختيارات السابقة.

3. الرغبة في السيطرة

دعونا نتفق أنه غالباً لا يوجد شخص يحبّذ الشعور بأن الأمور تخرج عن سيطرته بالكامل؛ لذا يبدو قرار الهروب وكأنه ممارسة لحرية الابتعاد عن مصادر التوتر واستعادة السيطرة على الأحداث، ولو لفترة مؤقتة.

4. تزييف العقل للواقع في بعض الأوقات

عندما نلجأ إلى التخيل أحياناً، قد يصعب على عقولنا فصل الواقع عن الخيال بدقة؛ ما يجعلنا نرى الهروب وكأنه واقع مُعاش بديل من واقعنا المليء بالضغوط فنستمر فيه لفترة زمنية ليست بقليلة.

اقرأ أيضاً: أيهما أهم؛ السعادة أم الرضا؟ إليك الإجابة الوافية

كيف يمكن للهروب من المشكلات أن يضرك؟

"الهروب من مواجهة المشكلات يؤدي إلى تعمُّقها، فخسائر المواجهة غالباً أقل من خسائر الهروب".

يؤكد ذلك الاستشاري النفسي محمد القحطاني، وتشاركه في رأيه المعالجة النفسية بيانكا رودريغيز (Bianca Rodriguez) التي ترى أن فكرة الهروب بعيداً عن المشكلات ليست مجدية نهائياً وتُحدث نتائج عكسية، فبدلاً من دورها المُتخيَّل في تهدئة الشخص، فإنها في الحقيقة تُفاقم مشكلاته وتؤذي علاقاته بمن حوله وعلاقته بنفسه أيضاً. وترى رودريغيز أنه مهما كانت صعوبة المشكلة وطبيعتها، فالهروب منها  لن يسهم في حلها؛ إنما الأجدى تحليلها والبحث عن جذورها وعلاجها.

اقرأ أيضاً: لماذا من الضروري أن تختلي بنفسك؟

9 إرشادات فعّالة لتوقف رغبتك في الهروب مما يدور حولك

عندما ترغب في الهروب من مشكلاتك العويصة ومشاعرك المزعجة، فربما تفتقد حينها الحس العقلاني الذي يجعلك قادراً على إدارة معركتك؛ لكن يمكنك باتباع بعض الإرشادات التالية أن تتغلب على رغبتك في الهروب:

1. أقدِم على ما تخاف

نحن ندرك في الغالب الأسباب الحقيقية وراء معاناتنا؛ مثل عملنا في بيئة غير صحية أو ممارساتنا لسلوكيات مدمرة أو وجودنا في علاقة غير مُرضية. لذا؛ إن كانت معاناتك مستمرة وتدفعك إلى الهروب من واقعك، فلا تتردد حينها في اتخاذ قرار متوازن يجعلك تلغي سبب هروبك من جذوره.

2. أحِط نفسك بأشخاص داعمين

واحد من أهم أسباب تكاثر الصعاب علينا وتعاظمها هو غياب الدعم المجتمعي، وللتغلب على هذا الإشكال، يمكنك إذا كنت في العمل أن تبحث عن زميل يدعمك ويخفف عنك، أما خارج العمل فابحث عن أصدقاء يقلل تنزهك معهم توترك، وهكذا ستجد أن ضغوطك الكبيرة تفتَّتت فلم تَعُد تُثقل كاهلك.

3. جرّب الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة

يمكن أن يتسبب بعض التفاصيل اليومية الصغيرة المزعجة في تراكم الضغوط علينا؛ لذا راقب روتينك اليومي واكتشف السلوكيات التي تحفز الضغط النفسي في داخلك وحاول تغييرها.

4. اكتشِف الإيجابيات مِن حولك

أحياناً نشعر بالرغبة في الهروب من واقعنا لأننا أصبحنا نرى حياتنا بأكملها باللون الأسود؛ لذا سيكون من المجدي حينها أن نعيد اكتشاف الإيجابيات المحيطة بنا حتى ولو كانت بسيطة، ونمارس الامتنان تجاهها.

5. تحلّ بالصبر

ترتبط الرغبة في الهروب بمحاولتنا إيجاد حلول فورية لأزماتنا الحياتية؛ لكن كما تعلم فلا يوجد شيء يحدث بين عشية وضحاها، فاجتهد قدر الإمكان لتتمرس على الصبر، وتيقَّن من الناحية الأخرى أن دوام الحال من المحال.

6. عِش حياةً أبسط

ربما يكون أحد أسباب رغبتك في الهروب من مشكلاتك هو عدم قدرتك على الوصول إلى الحياة التي تطمح إليها، وبخاصة من الناحية المادية؛ لذا سيكون الحل في هذه الحالة هو تقليل طموحاتك بعض الشيء وجعل حياتك أبسط لتسعد بها.

7. افعل ما يجعلك سعيداً

يعيش الكثيرون حياة رسمها آخرون لهم؛ ما يجعلهم غير سعداء بالمرة، فيستنزفون عمرهم في محاولات مستمرة للهروب نتيجة شعورهم بالملل والضيق، وفي هذه الحالة سيكون من الأولى أن يضع الشخص توقعات الآخرين جانباً ويفعل ما يُسعده.

8. مارِس التأمل

من المفيد عندما تشعر أنه لا يوجد شيء مُجدٍ نهائياً، أن تتمهل قليلاً وتمارس التأمل وتتفكر فيما أوصلك إلى هذه الحالة، وبنسبة كبيرة، ستجد إجابات شافية.

9. اطلب مساعدة الطبيب النفسي عند الحاجة

يقف بعض الاضطرابات والمشكلات النفسية وراء الرغبة في الهروب من الواقع نتيجة الشعور بالعجز؛ لذا إذا لم تفلح محاولاتك للتوقف عن الهروب، فلا تتردد أن تطلب مساعدة الطبيب النفسي من أجل تشخيص حالتك وعلاجها.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بأنك منفصل عن الواقع وغريب عن ذاتك؟ إليك سبب ذلك والحل

أخيراً، أود أن أقول لك اطمئن، فمهما ساءت الأحوال، غالباً ما ستكون ثمة حلول، سواءٌ كانت قريبة أم بعيدة المدى؛ لذا لا تيأس، وتَشجَّع لمواجهة الحياة بروح صبورة، فهمها كانت وطأة أزماتك ستجد أن سلبيات الهروب من المشكلات لا نهاية لها، والأجدى مواجهتها.

المحتوى محمي