"تحدث متلازمة انقطاع النفس النومي، عندما تسترخي عضلات مجرى الهواء العلوي في أثناء النوم وتضغط على مجرى الهواء؛ ما يمنعك من الحصول على ما يكفي من الهواء. قد يتوقف تنفسك مؤقتاً لمدة 10 ثوانٍ أو أكثر في كل مرة حتى تظهر استجاباتك اللاإرادية وتبدأ في التنفس مرة أخرى". هذا ما يشرحه اختصاصي أمراض الرئة والنوم في مركز جونز هوبكنز (Johns Hopkins) لاضطرابات النوم، جوناثان جون (Jonathan Jun) عن واحد من أكثر اضطراب النوم المرتبطة بالتنفس شيوعاً، والذي يتميز بالانسداد المتكرر لمجرى الهواء خلال النوم.
على الرغم من أن انقطاع النفس النومي حالة شائعة تسبب الذعر الشديد لمن يختبرها؛ فإن أغلب المصابين لا يستفيدون من العلاج لأنه غالباً لا يتم تشخيصها. ويعتقد العلماء أن ما بين 4-9% من البالغين في منتصف العمر قد يعانون من متلازمة انقطاع النفس النومي (Sleep Apnea)، وهذا ما يدحض الاعتقاد الشائع بأنها حالة تصيب كبار السن فقط.
وإن كانت النساء الفئة الأكثر عرضة للإصابة في أثناء الحمل وبعد سن التجدد (انقطاع الطمث)، فتصل نسبة الرجال الذين يصابون بانقطاع النفس النومي إلى أربعة أضعاف مقارنة بهن!
الأسباب وعوامل الخطر المرتبطة بانقطاع التنفّس في أثناء النوم
يُعد كل من الوزن الزائد والسمنة السببين الأكثر شيوعاً لانقطاع النفس النومي عند البالغين حسب المعلومات الصادرة عن الخبراء من ويب إم دي (Web Md)؛ حيث تتسبب عضلات الحلق واللسان في انسداد مجرى الهواء في أثناء النوم وذلك لأنّها تكون أكثر استرخاءً حينها.
فزيادة الوزن بنسبة 10% فقط عن الوزن الطبيعي تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بمقدار 6 مرات، وهو يمثّل بذلك واحداً من أهم عوامل الخطر. وتنضم إلى هذه القائمة عوامل أخرى مهمة أيضاً تتمثّل في حالات كتضخم الأطراف بسبب الهرمونات، وقصور الغدة الدرقية، والحساسية، والحالات الطبية التي تتسبب في احتقان المسالك الهوائية العلوية، والحاجز المنحرف في بنية الأنف، إضافة إلى التدخين وتعاطي الكحول أو المخدرات كعوامل خطر أخرى محتملة.
يشير الخبراء أيضاً إلى عامل آخر فيزيولوجي في طبيعته ويتعلّق بحجم الرقبة؛ حيث ترتفع نسبة التعرّض للإصابة بالنسبة للرجال الذين يزيد محيط عنقهم عن 17 بوصة (43 سم) والنساء اللواتي يزيد محيط عنقهن عن 15 بوصة (38 سم).
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل حول انقطاع النفس النومي
الأعراض المصاحبة للإصابة بمتلازمة انقطاع النفس النومي
وفقاً للمؤسسة الوطنية الأميركية للنوم (Sleep Foundation)؛ هناك نوعان من متلازمة انقطاع النفس النومي: انقطاع النفس الانسدادي النومي (Obstructive Sleep Apnea)، ويتميّز بعدم تدفق الهواء داخل الأنف أو الفم أو خارجه، على الرغم من محاولة التنفس. أما النوع الثاني فهو الأقل شيوعاً، ويُدعى انقطاع النفس النومي المركزي (Central Sleep Apnea)، ويحدث عندما يفشل الدماغ في إرسال الإشارات الصحيحة إلى العضلات لتبدأ عملية التنفس. لكن كلا النوعين يشتركان في عرَض التنفس غير الطبيعي في أثناء الليل، وتأثيره في النوم في أثناء النهار.
ويحدّد الخبراء من المؤسسة الوطنية للنوم أعراض انقطاع النفس الانسدادي النومي في التالي:
- النوم المفرط خلال النهار.
- الشخير بصوت عالٍ ويتخلله أصوات اللهث أو الاختناق أحياناً.
- الصداع في الصباح الذي قد يستمر لعدة ساعات بعد الاستيقاظ.
- جفاف الفم عند الاستيقاظ.
- النوم المضطرب مع فترات من اليقظة في أثناء الليل.
- زيادة الحاجة للنهوض من السرير للتبول.
- التهيج أو الإحباط.
- التركيز المنخفض.
أما بالنسبة لانقطاع النفس النومي المركزي، فأعراضه تتضمن التالي:
- أنماط التنفس غير الطبيعية؛ مثل التنفس ذي الوتيرة البطيئة تارة والسريعة تارة أخرى، والتوقف المؤقت في أثناء النوم.
- النوم المفرط خلال النهار.
- الاستيقاظ ليلاً.
- الضيق المفاجئ في التنفس أو آلام في الصدر ليلاً.
- صعوبة التركيز.
- الصداع عند الاستيقاظ.
مخاطر متلازمة انقطاع النفس النومي
لا تنبغي الاستهانة بأعراض اضطراب متلازمة انقطاع النفس النومي، فالشخير بصوت عالٍ والاستيقاظ المتكرر متبوعاً بالنعاس المفرط خلال النهار علامات تحذيرية تستوجب الحصول على التقييم الطبي الصحيح. ويحذّر المختصون من إهمال الحالة لأن ذلك يمكن أن يقود إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والحوادث والوفاة المبكرة.
ويؤكّد خبير النوم من مركز جونز هوبكنز، جوناثان جون هذه المخاطر؛ غير أنه يربطها بالسمنة كسبب رئيس حيث أشار إلى وجود العديد من الدراسات التي ربطت بين توقف التنفس في أثناء النوم وأمراض أخرى مثل مرض السكري من النوع الثاني، والسكتة الدماغية، والنوبة القلبية. فيقول: "أظهر مختبرنا وغيره أن انقطاع التنفس في أثناء النوم مرتبط بمخاطر أعلى للإصابة بداء السكري بشكلٍ مستقّل عن السمنة، وأن انقطاع النفس النومي يمكن أن يزيد من مستويات السكر في الدم".
خيارات العلاج المتوفرّة
يشدّد جون على ضرورة تلقي العلاج بالنسبة للمصابين بانقطاع التنفس في أثناء النوم، وذلك تجنّباً للضرر الذي يحدث مع مرور الوقت والذي قد يصل إلى الوفاة؛ غير أن ضرورة تلقي العلاج تعتمد على مدى شدّة الأعراض حيث يحدّد ذلك مؤشر توقف التنفس في أثناء التنفس (AHI) الذي يقيس عدد فترات توقف التنفس التي يمر بها الشخص في الساعة خلال نومه.
قبل تحديد العلاج، يضع الأطباء نصب أعينهم وجود عوامل خطر لدى المريض؛ مثل أمراض القلب إلى جانب نتائج مؤشر توقف التنفس التي تحدّد إن كان انقطاع النفس النومي من النوع الخفيف أو الحاد، فهذا الأخير يستدعي استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)؛ وهو جهاز يقوم بإدخال الهواء المرطب عبر الأنف ما يخلق ضغطاً هوائياً لإبقاء الحلق مفتوحاً في أثناء النوم، لمنع حدوث توقف التنفس.
قد نستبعد علاقة اضطرابات النوم مثل متلازمة انقطاع النفس النومي بصحة القلب أو حتى تأثيرها في عدد السنوات التي يمكن أن يعيشها الشخص؛ لكنّ هذا بالفعل ما يؤكده الخبراء!
ويستوجب ذلك طلب التشخيص الدقيق لمن تتوفّر فيه أعراض انقطاع النفس النومي الحاد، فالعلاج متاح لمنح نوم هادئ ومريح وحياة أطول.