ما هي الفوائد النفسية لمبدأ “الموظف أولاً”؟ وكيف تطبقه؟

6 دقائق
الموظف أولاً
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أذكر أنني خلال سنوات الدراسة الجامعية كنت أعمل خلال الإجازة الصيفية من أجل اكتساب المهارات الحياتية وتحقيق استقلالية مادية تسمح لي بدفع المصروفات، ومما لا يغيب عن بالي من تلك الأيام القاعدة الأساسية التي كانت تقال لي في أول يوم عمل: "الزبون دائماً على حق"، لذا فمهما فعل العميل تكون الغلبة دائماً له، لكن يبدو أن هذه القاعدة أخذت في التراجع؛ فمؤخراً ظهر مبدأ ثوري جديد هو "الموظف أولاً".

يعني هذا المبدأ إعطاء الأولوية لرفاهية الموظفين ورضاهم وتطورهم، أي إنهم يصبحون محور عملية صنع القرار في الشركة، فتقدر احتياجاتهم وآراؤهم وتدمج على نحو واضح في السياسات الإدارية، ما ينعكس عليهم في تعزيز شعورهم بالانتماء والثقة والتمكين، فيصبحون أكثر قدرة على المشاركة وتتضاعف إنتاجيتهم ما يعود في النهاية بالنفع على الشركة التي يعملون بها، لكن كيف يمكن نقل هذا المبدأ من الحيز النظري إلى العملي؟ وما هي الفوائد النفسية التي سيحظى بها الموظف؟ الإجابة بالتفصيل في المقال.

لماذا ستتحسن الصحة النفسية للموظفين عند تطبيق هذا المبدأ؟

حسناً، حتى نفهم الأمر ببساطة سنذهب إلى جزئية محددة؛ هي أن الموظف الذي لا يشعر بالتقدير أو الدعم من شركته غالباً سيكون في حالة مزاجية سيئة تنعكس على جودة أدائه وسلوكياته مع العملاء، وهو ما يؤدي تباعاً إلى شيوع مناخ سلبي ينتج عنه تراجع ولاء العملاء، أي -ببساطة- إن سعادة الموظف مكون من مكونات سعادة العميل.

وهذه السعادة يمكن تحقيقها بالعمل على مسارات متوازية أهمها تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية؛ إذ إن الشخص الذي يجد وقتاً للالتزام بمتطلباته الأسرية سيزداد شعوره بالرضا عن حياتهم، ومن ثم يذهب إلى العمل وهو في حالة نفسية أفضل.

بالإضافة إلى الحرص على أن تكون ثمة مساحة لهواية يمارسها الموظف أو نشاط ما يهتم به بعد العمل، والهدف من وراء ذلك خفض مستويات توتره ومضاعفة قدرته على مواجهة تحديات العمل.

ومن الجدير بالذكر أن مبدأ "الموظف أولاً" يحقق نوعاً من الأمان النفسي لمن يعمل وفقاً له؛ فهو لا يخشى أن تستغني عنه مؤسسته على نحو مفاجئ، أو تدير له ظهرها نتيجة وقوع خطأ منه، أو جراء تقديم أحد العملاء شكوى بخصوص أدائه، هذا الأمان يؤدي إلى تراجع معدلات القلق ومن ثم عيش حياة أكثر هدوءاً.

اقرأ أيضاً: هل تعد اختبارات الشخصية دقيقة فعلاً في اختيار الموظف الأفضل؟

كيف تطبق مبدأ "الموظف أولاً" في شركتك؟

إذا كنت تعمل مديراً في إحدى الشركات وتريد الاستعانة بمبدأ "الموظف أولاً" لتحسين بيئة العمل، فهناك العديد من الاستراتيجيات الفعالة التي ستساعدك، أهمها:

  1. ضع رؤية وقيماً واضحة: احرص على أن تكون القيم الأساسية للشركة تعطي الأولوية بوضوح لرفاهية الموظفين ونموهم ورضاهم.
  2. تواصل بشفافية: اجعل قنوات التواصل دائماً مفتوحة بصدق حتى يستطيع الموظفون التعبير عن مخاوفهم ومشاركة ما يدور في أذهانهم، فالشفافية تبني الثقة المتبادلة وتعزز الشعور بالانتماء.
  3. مكن موظفيك: يعني ذلك أن تمنحهم استقلالية اتخاذ القرارات بالتوازي مع تعزيز شعورهم بالمسؤولية والمساءلة، وبمرور الوقت ستجد أن قدرات موظفيك قد تطورت بدرجة كبيرة.
  4. أسعدهم بالمكافآت: طبق نظاماً واضحاً لتقدير إنجازات الموظفين والاحتفال بها، واجعل أشكال التقدير متنوعة بين التقدير المعنوي والتقدير المادي، حتى تزيد تحفيزهم.
  5. طورهم مهنياً: استثمر في تدريب موظفيك واحرص على صقل مهاراتهم باستمرار، فهذا لن يعود بالنفع عليهم فقط، إنما أيضاً ستلمسه في أداء مؤسستك.
  6. ساعدهم على عيش حياة متزنة: شجع موظفيك على إعطاء الأولوية لتحقيق التوازن الجيد بين الحياة المهنية والشخصية، وافسح لهم مساحة من المرونة تعينهم على إدارة مسؤولياتهم الشخصية دون الإخلال بمهام عملهم.
  7. حطم مدرسة الرأي الواحد: أوجد آليات محددة تمكن موظفيك من مشاركة آرائهم وإبداء ملاحظاتهم، لتشعرهم أنهم يسهمون بوضوح في صناعة نجاح الشركة.
  8. قدم لهم ما يدعم صحتهم: يشمل ذلك توفير الموارد المالية والبرامج التأمينية والمبادرات الداعمة التي تعين الموظف على أن يعيش حياة صحية أكثر من الناحية الجسدية والنفسية.
  9. احرص على تقييم نجاح المبدأ باستمرار: أخضع ثقافة مؤسستك للتقييم الدائم بهدف مراقبة مدى انسجامها مع مبدأ "الموظف أولاً"، وكن مستعداً لتطويرها لتتمحور حول موظفيك.

اقرأ أيضاً: هل تريد تصفية ذهنك خلال العمل؟ جرب اليوغا في مكانك

الفائدة ستصل أيضاً إلى عملائك وأرباحك!

يشير المختص في علم نفس العمل مانع بن ناصر آل حيدر إلى أن الشركة إذا وفرت برامج لدعم الموظفين والعناية بهم بمختلف الأشكال، فهذا لا يعني أنها قدمت أشياء إضافية تتفضل بها عليهم، إنما الأمر ببساطة أشبه بوجود مشكلة تستوجب الحل، إذ إن التركيز على رفاهية الموظف يؤدي إلى زيادة الأرباح.

هناك أيضاً عامل مؤثر وهو أن الموظف الذي لديه ولاء مرتفع لشركته وإحساس قوي بالرغبة في تحقيق مصلحتها، سينقل هذا الشعور بصورة تلقائية إلى العميل ويساعده على بناء أفضل تجربة ممكنة ومن ثم يزداد ولاؤه أيضاً، لتكون المحصلة بيئة إيجابية للموظفين والعملاء.

على الجانب الآخر تعد تكلفة تجاهل الموظفين باهظة نوعاً ما، فهي تؤدي إلى معدلات دوران مرتفعة ومن ثم إجراء عمليات توظيف بمبالغ مادية ليست بالقليلة، إلى جانب ضعف أداء الموظفين وشعورهم بعدم الرضا، وكذلك عدم رغبتهم في اقتناص الفرص المناسبة التي تسهم في تقدم الشركة، ومن ثم تكون النتيجة إنتاجية باهتة مع أرباح ضعيفة.

اقرأ أيضاً: الضغوط الاجتماعية في المنزل: كيف تؤثر على العمل في المكتب؟

المحتوى محمي