ما الذي تكشفه ضحكتك عن طبيعة شخصيتك وعواطفك؟

2 دقائق
الضحك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: عندما نضحك فإننا نعتقد أننا نفعل ذلك عفوياً دون أن ننتبه إلى الرسائل التي نوجهها للآخرين. لكن التركيز على هذه الرسائل يكشف أن الضحك شكل من أشكال التواصل غير اللفظي التي تعكس جوانب معينة من شخصياتنا وطبيعة عواطفنا. هذا ما أظهرته دراسات حديثة ركزت على نبرة الضحك وحدته لتحديد السمات الشخصية.

لا يمكن أن تكون طريقة ضحكك طبيعية أو محايدة مهما حاولت جعلها كذلك، لأنها تعبّر في الواقع عن استجابة لمشاعر عميقة وتكشف بوضوح الأفكار التي تدور في ذهنك.

لا نعبّر عادة عمّا نفكر فيه من خلال الكلام فقط، بل نستخدم أيضا إشارات غير لفظية مثل نبرة الصوت والنظرات وتعابير الوجه وحركات الجسد. كما تكشف بعض سلوكاتنا عن طبيعة شخصياتنا في وقت وجيز. وهذا ما ينطبق على طريقة ضحكنا. يحدد المختص في سلوك الضحك باعتباره تواصلاً غير لفظي جون تشارلز سيمون (John Charles Simon) في تصريح لموقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) الأنواع الممكنة لهذا الشكل من التعبير. ويعدّ الضحك، وفقاً لسيمون ولدراسات عديدة، سلوكاً معقداً أكثر مما يبدو عليه. ويمكّن فهم هذا السلوك جيداً من معرفة ما يفكر فيه الآخر فعلاً عندما يضحك.

3 أنواع من الضحك في 3 مواقف

وفقاً للأبحاث المختلفة التي اهتمت بسلوك الضحك ثمة 3 أنواع منه: ضحك الانتماء، وضحك التهدئة، وضحك السيطرة. ويلاحظ الباحثون في دراسة صدرت سنة 2021 حول موضوع تصنيف أشكال هذا السلوك أن ضحك الانتماء يشمل: "الضحك باعتباره تعبيراً عن المرح ووسيلة لبناء الروابط الاجتماعية وعلامة على الرغبة في التعاون".

أما ضحك التهدئة فهو الذي يُوظَّف للتخلص من شعور معين بالانزعاج. ويوضح الباحثون: "هذا الضحك يمكن أن يخفف التوتر الناتج عن موقف أو خلاف معين، ويريح المعنيين به جميعاً". أما النوع الثالث، فيهدف إلى فرض الهيمنة، وخاصة من خلال السخرية من الآخر. وترى الدراسة التي نشرها برنامج جوزيف وارتون سكولرز العلمي (Joseph Wharton Scholars) أن الخصائص الصوتية غير كافية للتمييز بين هذه الأنواع الثلاثة، وأن تحديد نوعية الضحك يتطلب الرجوع إلى سياقه الاجتماعي.

الضحك يكشف عن مشاعر جيّاشة

يرى جون تشارلز سيمون أن: "الضحك كباقي أشكال التواصل الأخرى، يرتكز على العلاقة بين المرسل والمتلقي، وينقل مثل الإشارات غير اللفظية الأخرى معلومات معينة حيث يعبر عن حالتنا العاطفية وعن تصورنا للعالم المحيط بنا".

وفي دراسة منشورة في دورية السلوك غير اللفظي (Journal of Nonverbal Behavior) أوردتها صحيفة نيويورك بوست (New York Post) درس باحثون الكيفية التي يمكن أن يكشف بها الضحك عن مشاعرنا.

وأكدت الدكتورة والمؤلفة المشاركة في الدراسة سالي فارلي (Sally Farley) في بيان لها أن: "الضحك ليس مسألة فكاهة فقط، بل هو تعبير صادق عن الانتماء".

واستنتج الباحثون بعض الخلاصات من خلال تحليل مضامين المكالمات الهاتفية التي جرت بين المشاركين في الدراسة وبين أصدقائهم أو بينهم وبين شركائهم العاطفيين. وتبيّن أن الضحكات المسجلة في الحوار بين الأصدقاء "أكثر قوة وارتياحاً وعفوية"، مقارنة "بالضحكات العاطفية".

ولاحظ الباحثون أن الضحكات العاطفية "أنثوية وطفولية وأكثر خضوعاً وأقل متعة". ووفقاً للباحثين فإن الضعف الذي يسم علاقة الحب في بداياتها يجعل الضحك الصادر عن الشريكين أكثر توتراً.

كيف تفرق بين الضحك الحقيقي والمصطنع؟

إذا كان سلوك الضحك قادراً على كشف المشاعر العميقة كالحب والصداقة فهل يمكنه أن يكشف أيضاً المشاعر المناقضة لها؟ هذا ما حاولت العديد من الدراسات إظهاره، حيث اهتم الأستاذ بجامعة كاليفورنيا (UCLA) غريغ براينت (Greg Bryant) بالاختلافات القائمة بين الضحك الأصيل والضحك المصطنع، وكيفية التمييز بينهما.

وصرح براينت للإذاعة الوطنية الأميركية (NPR) قائلاً: "أعتقد أن هناك عدداً من الخصائص الصوتية التي ينتبه إليها الناس دون وعي في الضحك، مثل طبقة الصوت ودرجة قوته، لكن يبدو أن لهذه الاختلافات علاقة أيضاً بمسألة التنفس".

ولذلك أظهرت التجارب التي أُجريت في هذه الدراسة أن الضحك المصطنع يتميز بزيادة في النفَس. ووفقاً للباحثين فإن الضحك الحقيقي والضحك المصطنع: "يصدران عن نظامين صوتيين مختلفين".

ولهذا يشبه صوت الضحك المصطنع صوت الكلام، وفقاً لما أورده الموقع الإلكتروني لجامعة كاليفورنيا، بينما يبدو صوت الضحك الحقيقي، الذي تتحكم فيه عواطفنا، أكثر حدة وقوة في شكل "دفقات صوتية سريعة وغير متقطعة".